رقم ( 3 ) : القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون
عن التاريخ ومنهج ابن خلدون فى المقدمة والباب الأول منها

عرض مقدمة ابن خلدون: عن التاريخ  ومنهج ابن خلدون فى المقدمة والباب الأول منها

كتاب ( مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية )

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون :  

مقالات متعلقة :

   طبيعة العمران في الخليقة وما يعرض فيها من البدو والحضر والتغلب والكسب والمعاش والصنائع والعلوم ونحوها ، وما لذلك من العلل والأسباب

عن التاريخ  ومنهج ابن خلدون فى المقدمة

       حـقـيــقة التاريخ

        هو خبر عن الإجتماع الإنساني ، وهو عمران العالم وما يحدث فيه من أحوال وتقلبات إجتماعية وسياسية وإقتصادية وعلمية وصناعية .

       أسباب الكذب في الأخبار التاريخية

      والكذب يتطرق للأخبار التاريخية لعدة أسباب منها :

      1- التشيع لرأي أو مذهب .

      2- الثقة بناقل الخبر دون تمحيص وتعديل .

      3-الغفلة عن الهدف والمقصد من الخبر .

      4- الاستعداد للتصديق ، أو توهم الصدق .

      5- الجهل بتطبيق الأحوال على الوقائع ، أي الإحتكام إلى الظروف التاريخية العامة والخاصة .

     6- التزلف للأكابر بالثناء والمدح والمبالغة ونشر الأكاذيب عن تحسين الأحوال .

     7- وأهم الأسباب : الجهل بطبائع الأحوال في العمران .

 أمثلة لأكاذيب تاريخية مرجعها الجهل بطبائع العمران

     إذا كان السامع عالما بطبائع الحوادث والأحوال صار قادرا على تمحيص الخبر وتمييز صدقه  من كذبه . وإلا فهو يقتنع بالخرافات التي نقلها المسعودي والبكري .

    فقد ذكر المسعودي أن الإسكندر عندما صدته دواب البحر عن بناء الإسكندرية اتخذ تابوتا من الخشب وفي باطنه صندوق من الزجاج وغاص به إلى قعر البحر حتى رسم صور تلك الدواب الشيطانية التي رآها في جوف البحر ، ثم نحت تماثيل لها ونصبها على البحر ففرت . وما قاله في تمثال الزرزور في روما والذي تجتمع له طيور الزرازير في يوم معلوم كل سنة ، وما نقله البكري في بناء حديقة خرافية إسمها ذات الأبواب تشتمل على 10آلاف باب ، وما نقله المسعودي عن مدينة النحاس في صحراء سجلماسه ، وليس لها أثر .

 غرض علم العمران : منهج النقد التاريخي

      نقد وتمحيص الأخبار والروايات يكون بمعرفة طبائع العمران بفحص الخبر في حد ذاته وليس بنقد الرواة أولا . فإذا كان الخبر يحتمل الصدق في ذاته ننظر بعدها في نقد حال الرواة وإلا فلا . والمطابقة هي أساس التحري في صدق الواقعة التاريخية أو كذبها ، أي بإمكان وقوعها في عصرها ، وتلك المطابقة تسبق صياغة الخبر . وتأتي المطابقة بتمييز ما يمكن حدوثه في الاجتماع البشري بالطبع ونقيس عليه ، ونستبعد ما يكون عارضا ، وهذا هو غرض علم العمران .

  إبتكاره علم العمران

       قال عنه أنه علم مستحدث الصنعة ، ويختلف عن علم الخطابة المتصل بعلم المنطق والذي يهدف لإستمالة الجمهور ، كما يختلف عن علم السياسة المدنية التي تهدف إلى قيادة الناس بالأخلاق والحكمة لما يصلح شأنهم .

      وعلم العمران بهذا لم يسبق إليه أحد من قبل إبن خلدون – هكذا يرى – أو ربما كتبوا فيه ولم يصل إليه العلم بذلك من أهل الأمم التي ضاعت مؤلفاتها وتراثها كالفرس والفراعنة والكلدانيين ، إذ لم يصل إلينا إلا علم اليونانيين .

 أسباب تغافل العلماء عن هذا العلم

     وقد اهتم العلماء بثمرة العلم ، ولذلك أهملوا هذا العلم لأن ثمرته في الأخبار والروايات فقط ، وإن كانت موضوعاته شريفة ، ولكن لأن ثمرته تصحيح وتعليل الأخبار التاريخية فقط ، لذلك فقد هجروه .

  مسائل من علم العمران أشار إليها بعض العلماء

     وجاءت إشارة إلى بعض مسائل هذا العلم في سياق العلوم الأخرى . فقد تكلموا في إثبات النبوة ببرهان هو أن البشر في تعاونهم يحتاجون إلى حاكم أو وازع . ومثل هذا الدليل أوالبرهان يأتي في الحاجة إلى اللغات للتفاهم وفي تعليل الأحكام  الشرعية وتحريم الزنا والقتل والظلم ، وكل ذلك للمحافظة على المجتمع أو العمران .

  الإشارة إلى مسائل من هذا العلم في كلمات للحكماء القدماء

     وذلك كقول الموبذان بهرام بن بهرام : إن الملك لا يتم عزه إلا بالشريعة ، ولا تقوم الشريعة إلا بالملك . ولايقوم الملك إلا بالرجال ، ولايقوم الرجال إلا بالمال ، ولا يأتي المال إلا بالعمارة ، ولاتزدهر العمارة إلا بالعدل . وهوقريب من مقالة أنو شروان الملك بالجند والجند بالمال والمال بالخراج والخراج بالعمارة والعمارة بالعدل , والعدل بإصلاح الولاه ، وإصلاح الولاه باستقامة الوزراء . والأساس في ذلك بأن يتفقد الملك الرعية بنفسه واقتداره على تأديبها حتى يملكها ولا تملكه .

     وتردد نحو ذلك في كتاب السياسة لأرسطو ، وفي الكتاب جزء منه يصلح لعلم العمران . وتعرض إبن المقفع في رسائله لكثير من قضايا السياسة ، وطاف أبوبكر الطرطوشي في كتابه سراج الملوك بالأبواب التي ذكرها إبن خلدون إلا أنه لم يصب الهدف واقتصر على إيراد الأحاديث والأقاويل والمواعظ .

 إبن خلدون وحده وهو مخترع علم العمران

     إلا أنه وحده قد أطلعه الله على ذلك العلم من غير تعلم من السابقين

  منهج الكتاب

          يعرض ما يحدث للبشر في إجتماعهم في الملك والكسب والعلوم والصنائع عن طريق البرهان والإثبات .

أسباب تميز الإنسان على الكائنات

        إذ قد تميز الإنسان عن سائر الحيوان بالعلوم والصنائع والحاجة إلى الحاكم أو الوازع والسعي في المعاش والعمل في تحصيله والعمران بالإنس بالعشيرة وقضاء الحاجات .

أنواع العمران

       وهو نوعان : بدوي وحضري.

       وجاء تقسيم الكتاب على أساس العمران

       الباب الأول  :العمران البشري إجمالا وأصنافه وقسطه من الأرض .

       الباب الثاني : العمران البدوي والقبائل الوحشية .

       الباب الثالث : الدولة والخلافة والملك والمراتب السلطانية.

       الباب الرابع :  العمران الحضري والبلدان والأمصار.

       الباب الخامس : الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه .

        الباب السادس : العلوم واكتسابها .

  أساس ترتيب الأبواب

      وقدم العمران البدوي لأنه السابق للعمران الحضري ، وقدم المعاش لأنه ضروري طبيعي وليس من الكماليات ، وجعل الصنائع مع الكسب لأنها منه .

 

 

 

 

 عرض مقدمة ابن خلدون:الباب الأول :عن العمران البشرى( 1 : 5 )

 كتاب ( مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية  )

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون : 

 الباب الأول: في العمران البشري على الجملة ، وفيه مقدمات

                                            المقدمة الأولى:

  أسباب ضرورة الإجتماع الإنساني

         الإنسان مدني بالطبع ويحتاج إلى الإجتماع بغيره من بني جنسه لأنه يحتاج أصلا إلى الغذاء ولايستطيع الفرد الواحد أن يوفر لنفسه الطعام ، لذا يحتاج إلى غيره للتعاون معه ، وكذلك في الدفاع عن نفسه . وقد امتاز الإنسان على الحيوان بالفكر وباليد وبهما معا سيطر على الحيوانات ، والحيوان أقوى من الإنسان ، ولكن إجتماع الإنسان ببني جنسه أمكنه من التعاون في إختراع السلاح وفي الدفاع ,وبذلك إستحق خلافة الله في الأرض .

حاجة العمران إلى ملك حاكم

      وهذا الإجتماع إذا تم به عمران العالم فلابد له من حاكم وازع يحكم بينهم ، وذلك الحاكم قد يوجد في الحيوان بالفطرة أما في الإنسان فيوجد بالفكرة والسياسة ، وتكون له الغلبة فالسلطة على الناس .

 بين الحاكم والنبي   

       ويبرهن الفلاسفة بنفس البرهان على ضرورة النبوة ، أي احتياج البشر إلى وازع ، ثم يؤسسون على ذلك الحكم بشرع الله عن طريق نبي متميز على غيره من البشر. ويرى ابن خلدون ضعف هذا البرهان لأن أهل الكتاب أقلية بالنسبة لباقي البشر ، وكان للأكثرية ممن ليس لهم كتاب حضارة ، كما أن حياة البشر قد تتم بدون النبوة وعن طريق الحاكم ، ذلك فإن اثبات النبوة ليس بالدليل العقلي وإنما بالدليل الشرعي.

                                    المقدمة الثانية

                                  قسط العمران من الأرض

                           وما منه من الأشجار والأنهار والأقاليم

       في هذه المقدمة الثانية جمع إبن خلدون المعارف الجغرافية المتاحة عن العالم المعروف وقتها . ومنها أن الأرض كروية والبحار تحيطها من جميع الجهات ، وأن الأرض المأهولة بالسكان أقل من الجزء غير المأهول ، وتتركز أغلبية البشر في الجزء الشمالي من خط الإستواء الذي يقسم الأرض قسمين من الغرب والشرق . ومساحة الأرض تنقسم إلى 360 درجة، والدرجة 25 فرسخا ،والفرسخ12 ألف ذراع أو 3 أميال. والميل 4 آلاف ذراع ، والذراع 34 إصبعا ، والإصبع 6 حبات شعير ملتصقة مصفوفة . وبين القطبين الشمالي والجنوبي 90 درجة ، والجزء المعمور شمال خط الإستواء 64 درجة والباقي خلاء للبرودة والجليد ، أما جنوب خط الإستواء فهو خلاء كله لشدة الحرارة .

     وقسموا المعمور من الأرض إلى سبعة أقسام سموها الأقاليم السبعة وجعلوها متساوية في العرض مختلفة في الطول .

        ويتفرع من البحر المحيط  البحران المتوسط والأحمر . وتكلم عن البحر الرومي ( البحر المتوسط) ويخرج منه بحران أحدهما البحر الأسود ، ولم يذكر له إبن خلدون إسما واقتصر على ذكر المدن والأمم المحيطة به ، والآخر " بحر البنادقه" أو البحر الاردياتيكى . وتكلم عن البحر الأحمر الذي ينساب من البحر المحيط ، ووصف بدايته من باب المندب إلى السويس ، ثم سار من باب المندب إلى سواحل بحر العرب وشرق أفريقيا وسواحل الهند والصين ، وأشار إلى بحر آخر متقطع في أرض الديلم يسمى بحر جرجان وطبرستان ، ويقصد به بحر قزوين .   

        وأشار إلى الأنهار في ذلك الجزء المعمور . وبدأ بالنيل وقال إنه ينبع جنوب خط الإستواء بـ 16 درجة من جبل القمر حيث يصب في بحيرتين هناك ، ثم تخرج أنهار من البحيرتين فتصب كلها في بحيرة واحدة عند خط الإستواء ويسير شمالا ويمر  ببلاد النوبة ثم بلاد مصر .

       وأما الفرات فينبع في أرمينية ويمر جنوبا في أرض الروم ( آسيا الصغرى ) ثم يمر بصفين إلى أن يصب في البحر الحبشي ، أي الخليج .

      وينبع دجلة من بلاد خلاط في أرمينية ويمر بالموصل وأذربيجان وبغداد إلى أن يصب في بحر فارس . أما جيحون فيبدأ من بلخ وتصب في أنهار عظام ويصب شمالا .

     وقد اعتمد إبن خلدون في النقل على كتاب بطليموس " الجغرافيا " وكتاب الشريف الإدريسي الحمودي " نزهة المشتاق " الذي ألفه لملك صقلية روجار بن روجار ، وقد إستولى روجار على صقلية وكانت تابعة لإمارة مالطه الأندلسية ، ثم رحل إليه الشريف الإدريسي وجمع له كتب الجغرافيا والتاريخ العربية ، ومنها كتب المسعودي وإبن حوقل وإبن خرذدابه والقدري وإبن إسحق المنجم وبطليموس وغيرهم ، وكتب له نزهة المشتاق .

والواضح أن إبن خلدون نقل عن الإدريسي والمسعودي وبطليموس ، وأسهب في وصف الأقاليم السبعة المأهولة في الأرض ، فلم يكن العالم الجديد في الأمريكتين واستراليا قد تم إكتشافه بعد . كما أنه تجاهل الحديث عن أهل الصين واليابان وجغرافيتهما ضمن العالم المأهول ، وتوافرت لديه معلومات عن السود في النصف الجنوبي من أفريقيا ، وسماهم السودان .                                            

                                               المقدمة الثالثة           

                                  في المعتدل من الأقاليم والمنحرف

                         وتأثير الهواء في ألوان البشر والكثير من أحوالهم

 المعتدل هو المسكون أكثر في الأرض وهو أعدلها في المناخ وفي البشر

       المعمور في الأرض هو في وسطها ، وتتدرج الحرارة من الشمال والجنوب . وهما متضادان في الحرارة والبرودة ، ويكون الوسط معتدلا ، وعليه فالإقليم الرابع أعدل العمران ، وما يليه أقرب إلي الإعتدال .

الحضارة في المناطق المعتدلة

      ولهذا كانت العلوم والصنائع والملابس والمباني والأقوات والحيوانات في الأقاليم المعتدلة. وسكانها من البشر أعدل أجساما وألوانا وأخلاقا وأديانا حتى توجد فيها النبوات ، وتوجد لديهم المعادن الطبيعية ويتعاملون بالذهب والفضة . وهؤلاء هم أهل المغرب والشام والحجاز واليمن والعراق والهند والسند والصين والأندلس والفرنجة والجلالقة والروم واليونان .

البدائية في المناطق غير المعتدلة في السود ( جنوبا ) والصقالبة ( شمالا)

     أما الأقاليم البعيدة عن الإعتدال مثل الأقاليم الأول والثاني والسادس والسابع فمبانيهم من الطين والقصب وأقواتهم من الذرة والعشب وملابسهم من الجلود وأوراق الشجر ، وأكثرهم عرايا . وفواكههم غريبة . ومعاملاتهم بغير الذهب والفضة ، وأخلاقهم أقرب للحيوان ، وبعضهم يسكن الكهوف والغابات ويأكل العشب وربما يأكل البشر ، ولا يعرفون ديانة إلا إذا كان قريبا من أهل البلاد في الأقاليم المتحضرة مثل أهل الحبشة ومالي وكوكو والتكرور في أفريقيا ، والنصارى في شمال أوربا  من الصقالبة والترك .

     والعرب في الجزيرة العربية في الإقليم الأول والثاني – حسب هذا التقسيم – ولكن أحاط بها البحر فترطب هواؤها وأصبحت معتدلة نسبيا بسبب البحر .

المناخ الحار أو البارد هو تعليل السواد في الزنوج والبياض في أهل الشمال

    وليس ذلك السّواد  في السّود بسبب دعوة نوح على إبنه حام الذي ينتسب له السود ، ولكن بسبب حرارة الشمس طوال العام ، وهو نفس السبب في بياض أهل الشمال ، حين تضعف الحرارة ويشتد البرد طوال العام فتبيض ألوان أهلها وتنتهي إلى الزعورة ، ويتبع ذلك زرقة العيون وبرش الجلود ، ويتوسط أهل الإعتدال في اللون الذي يتبع الهواء أو المناخ ، ويرى إبن خلدون أن السود إذا عاشوا في المناطق الشمالية لا يلبث أن يبيض أحفادهم ، وكذلك أهل الشمال إذا عاشوا في المناطق الحارة لا يلبث أن يسود أبناؤهم . ويستشهد بقول إبن سينا :

              بالزنج حر غيّر الأجسادا             حتى كسا جلودها سوادا

              والصقلب اكتسبت البياضا            حتى غدت جلودها بضاضا

رد على النسابين الذين رأوا أن الأنساب هي الأصل في التمييز بين ألوان البشر

      قسم النسابون البشر بحسب اللون إلى ولد حام وهم السود والزنوج ، وولد يافث وهم أبناء الشمال أو الجنس الأبيض ، وولد سام وهم الجنس المعتدل في الأقاليم الوسطى المعتدلة .

     ومع تسليمه في صحة النسب إلا أن إبن خلدون يرى أن التمييز بين البشر لا يقع بالنسب فقط ، لأن ذلك قد يصح في جيل أو أمة بعينها كما للعرب وبني إسرائيل والفرس . ويكون أيضا بالجهة والسمة كالزنج والحبشة والصقالبة والسودان . ويكون بغير ذلك من أحوال الأمم وخواصهم ومميزاتهم . ويرى أنه من الغلط  تعميم النسب  في أهل جهة معينة من الجنوب أو الشمال .

                                               المقدمة الرابعة

                                أثرالهواء في أخلاق البشر

تعليل الطيش والخفة والطرب لدى ( السودان ) وأهل السواحل

    عنده يشتهر ( السودان ) بالخفة والطيش والطرب وحب الرقص والحمق ، ويرى إبن خلدون السبب في إنتشار الروح الحيواني لأن الحرارة تنتشر في الهواء ، ويزيد البخار فيحدث في البشر إنتشاء وفرح وسرور كما يحدث في المخمور ، وكما يحدث في المتنعمين في الحمامات . ولذلك فالزنوج أميل  للطيش والفرح والرقص ، ومثلهم إلى حد ما أهل السواحل .

      وأهل السواحل أكثر خفة من أهل البلاد الداخلية وأهل التلال والجبال حيث يسود بين الآخرين الحزن والحرص وخوف العواقب والتحسب للأزمات عكس أهل السواحل الذين لا يفكرون في العواقب ، ويجعل أهل مصر مثل أهل السواحل . ويجعل أهل فاس مثلا لأهل البلاد الداخلية..وانتقد إبن خلدون رأي المسعودي الذي يرى ضعف عقول ( السودان ) هو الأساس في طيشهم .

                                        المقدمة الخامسة

                              إختلاف أحوال العمران في الخصب

                  والجوع وماينشأ عن ذلك من الآثار في أبدان البشر وأخلاقهم

أنواع الأقاليم المعتدلة من حيث الخصب والفقر

      منها ماهو خصب يتوفر فيه الحبوب والفواكه ، ومنها الجرداء في الصحراء حيث يتغذى سكانها على الألبان واللحوم ويعانون من شظف العيش .

أهل الصحراء أفضل من أهل المدن والريف

       وأهل الصحراء أحسن صحة وأصفى ذهنا وأخلاقا وأكثر قبولا للمعارف من أهل التلال ، لأن كثرة الأغذية ورطوباتها تولد في الجسم فضلات رديئة ينشأ عنها أخلاط فاسدة عفنة ، ويتبع ذلك إنكساف الألوان وقبح الأشكال من كثرة أكل اللحم ، وتغطي الرطوبة على الأذهان بأبخرتها الرديئة . والدليل أن الحيوان الوحشي أجمل من حيوان الزراعة ، وكذلك أهل الحضر والريف تجدهم فيهم بلادة وخشونة في أبدانهم مثل البربر المتنعمين في مقابل المتقشفين من قبائل المصامدة والسوس في الصحراء ، وهم أحسن حالا في الجسم والعقل ، والمتعود على التقشف والجوع تجده أفضل من المتنعم بالطيبات .

المتعبدون في أهل التقشف أفضل من أهل الترف

     وفي حالة التدين تجد المتعود على التقشف أحسن دينا وأكثر إقبالا على العبادة من أهل الترف ، بل نجد أهل الترف قليلين في المدن .

المترفون أسرع للموت في المجاعات

      وفي حالة المجاعة يسرع الهلاك إلى المتنعمين في الحضر بينما لا تنال من أهل التقشف ، لأن المتنعمين ما تعودوا الجوع فيتساقطون سريعا ، أما من تعود على التقشف في العيش فيستطيع تحمل المجاعة ، وهكذا فالذي يقتل المترفين في المجاعات ليس المجاعة وإنما قتلهم تعودهم على الشبع السابق لا الجوع اللاحق .

التدرج ضروري لتقبل النفس للجوع

    النفس إذا تعودت على شئ صار من طبيعتها ، فإذا تعودت الجوع بالتدريج والرياضة أصبح عادة طبيعية لها . وهذا التدرج ضروري حتى إذا شاء أن يعود إلى الشبع والإمتلاء فلابد أن يعود إليه بالتدريج .

أمثلة لمن يستطيع الجوع مدة أطول

     ويقول إبن خلدون أنه " شاهدنا من يصبر على الجوع أربعين يوما وصالا وأكثر " ورأينا كثيرا من أصحابنا أيضا من يقتصر على حليب شاة من المعز يلتقم ثديها في بعض الأنهار أو عند الأفطار ويكون ذلك غذاءه ، واستدام على ذلك خمس عشرة سنة وغيرهم كثير ، ولا يستنكر ذلك ".

الجوع أفضل للبدن وللعقل

     لأن له أثرا في صلاح الأجسام وصفاء العقول ، أما المترفون فليس لديهم القدرة على الصبر والإحتمال . أما البدو المتقشفون فتنشأ أمعاؤهم كأمعاء الإبل في تحملها على الطعام الغليظ الذي لو تناوله المترفون ما تحملوه .

 

عرض مقدمة ابن خلدون:الباب الأول:(6):الغيب والنبوة والوحى والكهانة

    

كتاب ( مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية )

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون : 

تابع  الباب الأول:في العمران البشري على الجملة وفيه مقدمات

                                                 المقدمة السادسة

  أصناف المدركين للغيب من البشر بالفطرة أو بالرياضة ، ومقدمة الكلام في الوحي والرؤيا

     الله سبحانه وتعالى إختار الأنبياء وفضلهم بالوحي وجعلهم وسائل بينه وبين عباده لهدايتهم وزودهم بالخوارق والغيبيات دليلا على النبوة ، وخصائصها هي الوحي والعصمة والدعوة للحق وأن يكون ذا حسب في قومه ، وأن تكون له خوارق : _

خصائص النبوة ( الوحي)

    وحين يأتي الوحي للنبي يغيب عن الحاضرين كما لو كان مغشيا عليه ، والواقع إنه استغرق في لقاء ملك الوحي بما يخرج عن مدارك البشر ، ثم يعود النبي إلى إدراكه البشري ، والوحي يكون إما بأن يستمع إلى دوي من الكلام فيتفهمه ، أو يتمثل له الملك في صورة شخص يخاطبه بالوحي الإلهي . ثم تنجلي عنه تلك الحالة وقد وعى ما ألقي إليه من الوحي ، واستشهد إبن خلدون على ذلك بأحاديث عن الوحي " يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده على ، فيفصم عنى وقد وعيت ما قال ، وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي مايقول " ، وحديث عائشة " كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا " . وآية " إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا "                                      

     ولذلك كان المشركون يتهمون الأنبياء بالجنون ، ويزعمون أن للنبي تابعا من الجن, بسبب ما شهدوه من حالات الأنبياء عند الوحي .

العصمة

  يرى انها  تكون قبل الوحي ، وهي إتباع الخير وإجتناب الشر والرجس . واستشهد برواية أن النبي قبل البعثة سقط إزاره وهو يحمل الحجارة لبناء الكعبة ، فانكشف فسقط مغشيا عليه حتى استتر ، ورواية أخرى أنه عزم على حضور وليمة عرس ولعب فغشاه النوم  إلى اليوم التالي ولم يحضر . بل إنه كان لايقرب البصل والثوم .

الدعوة للحق

      أي دعاء النبي إلى الدين والعبادة من الصلاة والزكاة والعفاف . واتخذت خديجة من ذلك حجة على نبوة النبي حين جاءه الوحي لأول مرة ، واستدل هرقل أمام أبي سفيان بذلك على صحة نبوة النبي حين أرسل له النبي يدعوه للإسلام .

أن يكون ذا حسب في قومه

     واستدل بحديث " ما بعث الله نبيا إلا في منعة من قومه " وقول هرقل لأبي سفيان عن النبي : " كيف هو فيكم " ؟ فقال أبوسفيان : " هو فينا ذو حسب " والسبب أن يكون في حماية من أهله وقومه .

أن يعطى الخوارق

     وقوع الخوارق لهم يشهد بصدقهم . والخوارق أفعال يعجز البشر عن مثلها فسميت معجزة ، وهناك اختلاف في المعجزة ، المتكلمون يرون أنها بقدرة الله لا بفعل النبي ، وهو يتحدى بها المنكرين ، وذلك بإذن الله .

الاختلاف في المعجزة

      والتحدي هو الفارق بين الكرامة والسحر وبين المعجزة ، فليس في السحر ولا في الكرامة تحد . وقد منع أبو إسحق وغيره من وقوع الكرامة حتى لاتلتبس بالنبوة ، ويرى إبن خلدون جواز وقوع الكرامة وهي تختلف عن المعجزة في موضوع التحدي . ويرى المعتزلة إنكار وقوع الكرامة لأن الخوارق ليست من أفعال العباد ، وأفعال العباد معتادة وليس فيها خوارق ، ويستحيل أن تقع الخوارق على الكاذب لأن ذلك يعني الخداع والضلال وذلك لا يجوز من الله تعالى .

رأي الحكماء

    ويرى الحكماء أن الخوارق من صنع النبي بالفعل الذاتي ، والنفس النبوية عندهم لها خواص ذاتية منها صدور الخوارق بالقدرة الذاتية عنها وبدون شرط التحدي . والخوارق شاهد التصرف للنبي في الكون ، والنبي مجبول على الخير ممنوع من الشر. وخوارق النبي مخصوصة مثل الصعود للسماء واختراق الأجسام وإحياء  الموتى وتكليم الملائكة . أما خوارق الولي فأقل من ذلك مثل تكثير القليل والحديث عن المستقبل ، ولايستطيع الولي الإتيان بخوارق النبي .

رأي إبن خلدون في معجزة القرآن

     ويقرر إبن خلدون أخيرا أن أعظم المعجزات وأشرفها وأوضحها هو القرآن الكريم، والقرآن بنفسه هو الوحي وهو الخارق المعجز ، وإعجازه في داخله ولا يحتاج إلى دليل على صدقه من خارجه ، ففيه يتحد الدليل والمدلول . واستشهد بحديث : " ما من نبي من الأنبياء إلا وأوتى من الأنبياء ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحى إلى ، فأنا أرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة  ".

 تفسير حقيقة النبوة ، كما شرحه كثير من المحققين وحقيقة الكهانة ، ثم الرؤيا  ثم شأن العرافين وغير ذلك من مدارك الغيب

                                         تفسير حقيقة النبوة

قيام الكون وما فيه على أساس النظام والترتيب

    يقوم العالم  بمخلوقاته على نظام محكم متصلة حلقاته.  يبدأ ذلك بالعالم المادي ، وأول ما فيه عناصره من الأرض ثم الماء ثم الهواء ثم النار ، وكل منها يتصل بالآخر ويتحول إلى الآخر صعودا وهبوطا إلى أن ينتهي إلى عالم الأفلاك ، وهو  أرق مما سبق ، ويتصل ببعضه على هيئة لا يدرك الحس منها إلا الحركات فقط ، وعن طريق الحركات يهتدي الناس إلى معرفة مقاديرها وأوضاعها .

نظرية التطور " أو التدرج " من النبات إلى الحيوان فالإنسان

     ثم هناك ترتيب في عالم التكوين ، يبدأ من المعادن إلى النبات ثم الحيوان على هيئة بديعة من التدريج . فنهاية التطور في المعادن يؤدي إلى النبات . مثل الحشائش وما لا بذور له ، ونهاية التطور  في النبات يتصل بأبسط الحيوانات مثل النخل والعنب واتصاله بالحلزون والصدف وليس لهما إلا قوة اللمس فقط .

     ومعنى ذلك أن نهاية التطور في المعدن لديه الإستعداد للتحول للصورة الدنيا للنبات ، وهكذا في تحول أعلى درجات النبات إلى أدنى صورة للحيوانات . وينتهى التطور والتدريج إلى الإنسان صاحب الفكر حيث تجتمع فيه بداية الحس والإدراك إلى نهاية الفكر والرأي والفعل .

نظرية التطور أو التدرج من الإنسان إلى الملائكة

     وهناك آثار متنوعة لهذه العوالم المختلفة ، ففي العالم المادي آثار من حركات الأفلاك والعناصر ، وفي عالم التكوين آثار من حركة النمو والإدراك تشهد كلها بأن لها مؤثرا آخر للأجسام ، وهذا المؤثر روحاني إلا أنه يتصل بتلك المكونات ، وذلك المؤثر الروحاني هو النفس المدركة والمحركة ، وفوقها الملائكة ، وهي إدراك صرف وتعقل محض ، ومن الملائكة تأتي للنفس قوة الإدراك والحركة.

     وعليه – وطبقا لنظرية التدرج-  فإن لدي النفس إستعدادا للتحول إلى الطبيعة الملائكية في وقت من الأوقات وفي لمحة من اللمحات ، وذلك بعد أن تكتمل روحانيتها ويكون لها إتصال بالأفق الملائكي بنفس ما يحدث من تطور الأدنى للأعلى في الحلقات السابقة ، والطبيعة البشرية متصلة بعالم المادة عن طريق الجسد ، وعن طريق النفس يمكن أن ترقى إلى عالم الملائكة . وحينئذ تكتسب المدارك العلمية وتعلم الغيب ، حيث توجد الأحداث في عوالم الملائكة مجردة عن زمن الحدوث .

دور النفس بالنسبة للجسد

    والنفس البشرية – رغم أنها لا تظهر للعيان – إلا أنها المسيطرة على الجسد وأعضائه وتصرفاته . وقوي النفس تكون بالفعل (الفاعلية ) بحركة اليد والقدم واللسان ، وتكون بالإدراك (المدركة ) ، والإدراك يرتقي إلى أن يصل للقوة العليا منها ومن المفكرة أو الناطقة .

الحس المشترك في النفس

     وهناك تلازم بين القوى الفعلية الحسية والقوى المدركة ، فالإنسان يسمع ويبصر ويحس بالقوى الفاعلية في حواسه ، ولكن إحساسه المادي يأتي متفرقا حسب حركة كل حاسة من حواسه, ولكن القوى المدركة في الباطن تدرك المحسوسات مبصرة ومسموعة وملموسة وغيرها في حالة واحدة ، وهذا ما يعرف بالحس المشترك وهذا الحس المشترك يؤدي إلى الخيال .

الخيال بعد الحس المشترك

    والخيال هو قوة تمثل الشيئ المحسوس في النفس مجردا عن المادة ، ويوجد الخيال والحس المشترك في البطن الأول من المخ . ومقدمة البطن الأول للحس المشترك ، ومؤخرة البطن الأول للخيال .

الواهمة بعد الخيال

    ويرتقي الخيال إلى الواهمة التي تدرك المعاني المتعلقة بالشخصيات كعداوة فلان  لفلان ورحمة الأم وحنان الأب ، وترتبط الواهمة بالحافظة .

الحافظة مستودع المدركات

    والحافظة هي مستودع كل المدركات المتخيلة وغير المتخيلة ، وتوجد الواهمة في أول البطن المؤخر للمخ ، وتوجد الحافظة في نهاية البطن المؤخر للمخ .

قوة الفكر

     وكل ذلك يرتقي إلى قوة الفكر التي تقع في منتصف المخ ، وفيها قوة التعقل والنزوع للآرتقاء والتشبه بالملأ الأعلى الملائكي الروحاني ، وهي تتحرك دائما نحوه ولكن بغير الحركة المادية ، وقد يحدث أن تتحول تلقائيا إلى الملأ الملائكي بفطرتها .

أنواع النفس البشرية من حيث سموها للعالم العلوي

    والنفس البشرية من حيث سموها للعالم العلوي  على ثلاثة أصناف :

1- صنف عاجز بالطبع عن السمو للملأ الأعلى فهو يميل دائما للإنحدار إلى أسفل ، نحو المدارك الحسية والخيالية وتركيب المعاني من الحافظة والواهمة في نطاق الإدراك البشري الجسماني ، وهذا هو مجال العلماء .

2- صنف يتوجه بالحركة  الفكرية نحو العقل الروحاني ، والإدراك الذي لا يحتاج إلى الحواس الجسدية فيتسع نطاق إدراكه ليسبح في المشاهدات الباطنية الوجدانية اللا محدودة . وهذا هو مجال الأولياء أصحاب العلم اللدني ، ويتمتع بها أهل السعادة بعد الموت وأثناء البرزخ .

3- صنف يتحول بطبيعته إلى العالم العلوي حيث يصير في لمحة من اللمحات ملاكا من الملائكة ويشهد الملأ الأعلى ، وهذه درجة الأنبياء ، وهم ينسلخون إلى الملأ الأعلى حين الوحي .

    ولذلك نزههم الله تعالى عن موانع البدن ماداموا في أجسادهم البشرية ووجههم بالعصمة وحببهم في العبادة ليكونوا أهلا للملأ الأعلى وينسلخوا عن البشرية ، إذا أرادوا, بتلك الفطرة التي أوجدها الله فيهم .

أنواع الوحي

    وحين التحول للملائكية ، فالنبي يتلقى الوحي ليعود به على مداركه البشرية .

1-        فتارة يسمعه دويا كأنه من رمز الكلام يأخذ منه المعنى ، ولا ينتهي الدوي إلا وقد وعاه النبى وفهمه . وهذه رتبة الأنبياء غير المرسلين .

2-        وتارة يتمثل له الملك  رجلا فيكلمه ويعي ما يقول ، وذلك في لمح البصر أو هو أقرب حيث لا زمان . فالوحي هو الأسرع حيث يحدث في لمح البصر ، وتلك رتبة الأنبياء المرسلين وهي أكمل من رتبة الأنبياء غير المرسلين .

الوحي وحواس النبي

     ويعود النبي بالوحي على مداركه البشرية على السمع . وعندما يتكرر الوحي ويكثر التلقي ويصبح سهلا يعود الوحي على الحواس كلها خصوصا البصر .

شدة الوحي على النبي

     وأشار القرآن إلى شدة الوحي وصعوبته " إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " وأخبرت عائشة أن جبين النبي كان يتفصد عرقا من شدة الوحي ، ولذلك كان يحدث له إغماء وغيبوبة وغطيط.

الســـبب

     والسبب في ذلك انسلاخ النبي عن بشريته وتحوله إلى الملائكية وتلقي كلام النفس ، لذلك قال النبي عن الوحي لأول سورة في القرآن " فغطني حتى بلغ مني الجهد ".

الدلـيـــل

     والاعتياد يؤدي إلى السهولة بالقياس إلى ما قبله ، ولذلك كانت تنزل سورة القرآن حين كان بمكة أقصر منها وهو بالمدينة ، ولذلك نزلت سورة التوبة كلها أو أكثرها وهويسير على ناقته . وكان في مكة تنزل عليه السورة القصيرة في أوقات مختلفة ، واعتبروا ذلك علامات تتميز بها السور المكية عن المدنية .                                               تفســير الكهــــــــانة

بين الكهانة والنبوة في السمو للعالم الأعلى

     الكهانة من خواص النفس البشرية صاحبة الإستعداد للإنسلاخ من البشرية  إلى الروحانية بما فيها من إستعداد فطري ، إلا أن أصحاب الكهانة أقل من الأنبياء ، وهذا النقص الفطري يعوقها عن درجة الأنبياء فلا تتحرك قوتها العقلية عندما تنزع للسمو لعالم الملائكة ، فلا يبقى أمامها إلا التشبث بأمور جزئية محسوسة أو متخيلة كالأجسام الشفافة وعظام الحيوانات وسجع الكلام .

نوعية وحي الكهانة

     وبسبب هذا النقص والقصور عن الكلام كان إدراك الكهانة محصورا في الجزئيات أكثر من الكليات ، لذلك يكون الخيال لديهم أقوى حيث أن الخيال هو آلة الجزئيات ، ولا يقوى الكاهن على إدراك المعقولات لأن مصدر الوحي لديه من الشيطان .

سجع الكهـــان

     وفي أرقى أحواله يستعين الكاهن بالسجع والموازنة ليكمل به إتصاله الناقص بالعالم العلوي ، وربما صدق وربما كذب ، وربما يستعين بالظن والتخمين والتمويه . وأصحاب السجع هم أرقى الكهان بدليل حديث " هذا من سجع الكهان " وحديث إبن صياد الذي قال عن الوحي الذي يأتيه " يأتيني صادق وكاذب ، فقال له : خلط عليك الأمر " وهنا تفترق الكهانة عن النبوة ، فلا مجال للكذب في وحي النبوة .

الكهانة لم تنقطع بعد البعثة المحمدية

      وزعم بعضهم أن الكهانة قد انتهت بمنع الشياطين من إستراق السمع ، وليس ذلك بصحيح ، لأن علوم الكهان لا تأتي من الشيطان فقط ، وإنما تأتي من داخل نفوسهم التي تنزع للسمو بالعالم العلوي برغم ما فيها من نقص وقصور .

     والقرآن تحدث عن منع الشياطين فيما يتعلق بخبر البعثة النبوية فقط وكان ذلك وقت النبوة ، ولعل ذلك المنع تم رفعه ، وهذه المدارك البشرية للكهان أخمدت  في زمن النبوة وهي النور الأعظم ، ومن الطبيعي أن النور الأعظم للشمس يمحو نور الكواكب والنجوم .

الكهانة لا توجد مع كل نبوة ثم تنقطع

     وزعم بعضهم أن الكهانة توجد بين يدي النبوة ثم تنقطع ، وهكذا مع كل نبوة , وذلك لارتباط النبوة بوضع فلكي يقتضي وجودها ، ونقص الوضع الفلكي عن بلوغ كمال النبوة يقتضي وجود ما ينقص عن النبوة وهو الكهانة , وهذا بناء على أن بعض الوضع الفلكى يقتضى  بعض  أثره ، وإبن خلدون لا يري هذا . ثم أن هؤلاء الكهان إذا عاصروا النبوة فإنهم عارفون بصدق النبي حيث يوجد لديهم بعض الوجدان من أمر النبوة ، ولا يجعلهم يكذبون  النبي إلا طمعهم في أن تكون النبوة من نصيبهم ، ويكذبون بالنبي عنادا كما حدث لأمية بن الصلت وإبن صياد ومسيلمة . فإذا غلب عليهم الإيمان آمنوا وحسن إيمانهم كما حدث لطليحة الأسدي وسواد بن قارب .

 

 

 

عرض مقدمة ابن خلدون: تابع الباب الأول:(6):عن الرؤيا والكرامات والتنجيم

 كتاب ( مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية  )

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون : 

تابع  الباب الأول:في العمران البشري على الجملة وفيه مقدمات

                                                 تفسـير الرؤيـــا

حقيقة الرؤيا

     مطالعة النفس لمحة من صور الحوادث في ذاتها الروحانية ، فالنفس عندما تكون روحانية توجد فيها صور الوقائع بالفعل ، وتصير النفس روحانية عندما تتجرد عن الجسم والحواس البدنية ، ويحدث ذلك في لمحة منامية فتقتبس بعض غيب المستقبل وتعود به إلى مداركها وتتكون بذلك الرؤيا .

 متىتحتاج الرؤيا إلى تأويل وتفسير

    إن كان الإقتباس ضعيفا مشوشا إحتاجت الرؤيا إلى تفسير وتعبير ، وإذا كان الإقتباس قويا إستغنى عن التفسير والتأويل .

    السبب في وقوع الرؤيا باللمحة أن النفس ذات روحانية بالقوة مستكملة بالبدن وحواسه ومدركاته ، وتتحول ذاتها إلى تعقل محض ، ويكمل وجودها بالفعل فتصير ذاتا روحانية مدركة بغير الحواس ، إلا أن نوعها في الروحانيات أقل من نوع الملائكة وأهل السمو للملأ الأعلى والملائكة . 

      والإستعداد للرؤيا حاصل للنفس ما دامت في البدن ، ومنه خاص للأولياء ومنه عام لجميع البشر ، ومنه رؤيا الأنبياء .

رؤيــا الأنبيــاء

     هو الإستعداد للإنسلاخ من البشر إلى عالم الملائكة المحضة . ويتكرر هذا الإستعداد في حالات الوحي ، لذلك قال الحديث عن الرؤيا جزء من 46 جزءا من النبوة ، وفي رواية 43 ، وفي رواية 70 والمراد بالعدد هو الكثرة ،واختلفت التفسيرات في العدد والجزء من هذا العدد .

النوم يرفع مانع الجسد والحواس

     والحواس الظاهرة المادية هي أعظم موانع الإستعداد لملامسة العالم العلوي وما فيه ، وهي حجاب مانع ، ويمكن ارتفاع ذلك الحجاب بالنوم ، وعنده يمكن للنفس في لمحة أن تظفر بالمطلوب ، لذا يقول الحديث " لم يبق من النبوة إلا المبشرات "وهي الرؤيا الصالحة .  يراها الرجل الصالح ، أو ترى له ".

سبب إرتفاع حجاب الحواس بالنوم

     النفس تدرك بالروح الجسماني، وهو بخار لطيف بالتجويف الأيسر من القلب حسبما أشار جالنيوس في كتب التشريح ، وينبعث مع الدم إلى الشريان والعروق فيعطي الحس والحركة وسائر الأفعال البدنية . ويرتفع الجزء اللطيف منه إلى المخ  فيعدل من برده . وبهذا تدرك النفس الناطقة بهذا الروح البخاري حيث لا يؤثر اللطيف في الكثيف .. ثم أفاض إبن خلدون في التعليلات الفلسفية .

أنواع الرؤيا

     إن الرؤيا – كما جاء الحديث –  من الله أو من الملك أو من الشيطان والرؤيا الجلية الواضحة من الله ، والرؤيا التي تحتاج إلى تفسير تكون من الملك أما أضغاث الأحلام فهي من الشيطان وهي باطلة .

عمومية الرؤيا في البشر

     والرؤيا خواص للنفس الإنسانية موجودة في كل البشر على العموم . بل كل إنسان رأى في نومه ما صدر له في يقظته مرارا أكثر من مرة ، وتأكد له باليقين ، أن النفس مدركة للغيب في النوم . وإذا جاز ذلك في النوم فلا يمتنع في غيره من الأحوال ، لأن النفس المدركة واحدة وخواصها عامة في كل حال .

الحالوميــــة

      قد تقع للبشر رؤيا بدون قصد ولا قدرة في لمحة منام ، بل تتشوق لها النفس . وهناك أسماء يذكرها الشخص عند النوم فيرى المنام الذي يتشوق إليه ، ويسمونها الحالومية ، مثل حالومة الطباع التام ، وهي كلمات أعجمية معينة تقال باخلاص قبل النوم ويذكر حاجته فيرى ما يسأل عنه في النوم ، وهذه الكلمات هي( تماغس بعدان يسواد وغداس نوفنا غادس )

أثر الحالومية في إحداث الرؤيا

     ويذكر إبن خلدون أنه رأى بهذه الأسماء مرائي عجيبة وعرف بها أمورا غيبية كان يتشوق إلى معرفتها . ويرى أن هذه الحالومات تخلق في النفس إستعدادا لوقوع الرؤيا ، فإذا قوي الإستعداد رأي ما يتشوق إليه . ويقول القدرة على الإستعداد غير القدرة على الشئ .

أنواع من البشر يتكلمون بالغيب

      بعض الناس يتميز بمعرفة الغيب بالفطرة بدون صناعة ولا تنجيم (علم النجوم ) مثل العراف والناظرين في الأجسام الشفافة وقلوب الحيوانات وأكبادها وعظامها ومن يزجر الطير والوحوش ، وضرب الودع والحصى والحبوب والنوى والمجانين والنائم والمحتضر قبيل موته ، وشيوخ التصوف وكراماتهم في علم الغيب ، ويقول إبن خلدون أن هذه كلها موجودة في عالم الإنسان لا يستطيع أحد جحدها ولا إنكارها .

التفسير العادي لإبن خلدون لذلك

     ويحاول إبن خلدون تفسير ذلك بشرح إستعداد النفس لإدراك الغيب ، وهو تقريبا نفس الشرح السابق مع تفصيل أكبر إستخدم فيه تعبيرات الفلاسفة ، ثم أخذ في شرح أحوال وأنواع الناس أصحاب المقدرة على علم الغيب .

الناظرون في الأجسام الشفافة وقلوب الحيوانات .. الخ وضرب الودع

     جعلهم من قبيل الكهان إلا أنهم أضعف منهم رتبة ، لأن الكاهن لا يحتاج إلى عناء في رفع حجاب الحس ، وهؤلاء يعانون في رفع حجاب الحس لإنحصار المدارك الحسية كلها في نوع واحد وهو البصر فيعكف على المرئي البسيط حتى يبدو له ما يريد إدراكه من الغيب ، ويظل ينظر إلى السطح إلى أن يغيب عن البصر ، ويبدو فيما بينه وبين سطح المرآه حجاب كأنه غمام تتمثل فيه مداركهم تشير بالمقصود فيخبرون بما أدركوه ، وهم لا يدركون الصورة في المرآة وغيرها ، وإنما يتشكل لهم إدراك نفسي . ومنهم من يشعل البخور ويطلق التعزيمات فتتشكل لهم الصور في الدخان تحكي لهم ما يطلبون .

زجر الطيـــر

     أما زجر الطير والتطلع إلى إتجاهها عندما تطير ، والإستفادة بذلك في معرفة الغيب ، فذلك ينشأ من قوة في النفس تبعث على الحرص والفكر فيما زجر بسببه  الطائر ويؤديه ذلك إلى الإدراك .

المجانين

     والمجانين نفوسهم الناطقة ضعيفة التعلق بالجسد وبالحواس ، وقد يصيبه المرض أو الروحانية الشيطانية فيقع في التخبط ، وإذا غاب عن حسه أدرك لمحة من عالم نفسه وربما نطق بما رأى بدون قصد ، وإدراكه يختلط فيه الحق بالباطل .

العرافون

      ليس لهم الاتصال الذي للمجانين ، إلا أنهم يسلطون الفكر على الأمر الذي يبحثونه ويتعلقون بالظن والتخمين ، وبذلك يدعون العلم بالغيب .

نقد للمسعودي

      ويتيه إبن خلدون على المسعودي وينقده ، ويتهمه أنه نقل ما سمعه في هذا الموضوع من أهله ومن غير أهله ، وكان بعيدا عن الرسوخ في المعارف .

اعتقاد إبن خلدون في ذلك

      ويرى إبن خلدون أن هذه الإدراكات موجودة في البشر ، واستدل باعتماد العرب على الكهان في معرفة الغيب ، وفي الإحتكام للقضايا ، وأشار إلى بعض مستوى الكهان وقصصهم وأشعارهم.

المقتول والنائم يعرفان الغيب

     بعض الناس عندما يدخل في النوم يتحدث ببعض الغيب الذي يتوق لمعرفته ، وفي هذه اللحظة يفقد سيطرته على إختياره في الكلام ، وكذلك المقتول قبيل موته ، وقد حدث أن بعض الملوك قتل بعض المساجين ليتعرف من كلامهم قبيل الموت ما سيحدث له . ونقل إبن خلدون عن مسلمة في كتاب " الغاية تجربة "  هي أنه لو مكث شخص  أربعين يوما في برميل ملئ بدهن السمسم ، ويتغذى بالتين والجوز حتى يذهب لحمه ولا يبقى منه إلا العروق ، فحين يخرج من ذلك البرميل ويجف الدهن يستطيع الإجابة عن كل شئ ، وهذا من تفانين السحرة .

أصحاب الرياضات

     بعضهم يحاول بالمجاهدة بالرياضات الروحية أن يميت غرائزه وتغذية نفسه بالذكروالجوع، وإذا أشرف الجسد على الموت تكشفت له الحقائق الغيبية ، وهذا ما يحاولون الوصول إليه . ومنهم الحوكية في الهند أصحاب الرياضات السحرية ، وبذلك يتصرفون في العالم ، ولهم في ذلك كتب وأخبار عجيبة .

المتصوفة وعلمهم بالغيب (الكشف) وتصرفهم في الكون ( الكرامة )

      وهم أصحاب الرياضات الدينية ، ومقاصدهم محمودة ، ويقصدون الإقبال على الله ليحصل لهم الذوق ومعرفة الغيب ، ويجمعون بين الجوع والتغذية بالذكر الإلهي حتى يجتنبوا الشيطان. ويكون التصرف بالمعجزات بدون قصد في أول الأمر ، لأنه إذا قصد ذلك كانت رياضته بغرض آخر غير الله فأصبحت شركا لأنهم يقصدون المعبود ولا شئ سواه .

     وقد يحدث لهم كشف الغيب والكرامات ، وكثير منهم يفر من ذلك ولايهتم به . ويسمون ما يحدث لهم كشفا وفراسة فيما يخص علم الغيب ، ويسمون التصريف كرامات . وهذا من حقهم.

إبن خلدون يعتقد في كرامات الأولياء

     وهناك من ينكر كرامات الأولياء وكشفهم مثل أبي إسحق الإسفراييني وأبي محمد بن أبي يزيد المالكي حتى لا تلتبس المعجزة النبوية بالكرامة ، ويرى إبن خلدون أن هناك فارقا بينهما. وهذا يكفي لإثبات الكرامة .  واستشهد إبن خلدون على ثبوت الكرامة بحديث :" إن فيكم محدثين وأن منهم عمر " وقول عمر " يا سارية الجبل " حين نادى عمر في المدينة لأحد الصحابة في الفتوحات ، وهو سارية بأن يلزم الجبل ، وقال أن أبا بكر تنبأ لعائشة بأن لها اختا لها ستلدها زوجته بنت خارجه بعد موته .

إبن خلدون يعتقد في كرامات المجاذيب

    هم أشباه المجانين ، ومع ذلك صحت لهم مقامات الأولياء والصديقين ، وذلك معلوم من أحوالهم . ويفهمها عنهم أهل الذوق، مع أنهم غير مكلفين ، ولهم عجائب في الأخبار عن الغيب ، ولا يوافق إبن خلدون على إنكار الفقهاء على أولئك المجاذيب بحجة سقوط التكاليف عنهم ، وأن الولاية لا تحصل إلا بالعبادة . ويري إبن خلدون أن ذلك خطأ لأن الولاية لا تتوقف على العبادة ولا غيرها ، لأنها فضل الله يؤتيه من يشاء . ولأن النفس البشرية يخصها الله بما شاء من مواهبه ، وأولئك المجاذيب فقدوا العقل وهو مدار التكليف وتدبير المعاش ، ومن يفقد هذه الصفة لا يفقد نفسه فيكون موجود الحقيقة معدوم العقل التكليفى الذي هو معرفة المعاش . ولا يتوقف  إصطفاء الله عباده للمعرفة على شئ من التكاليف .

بين المجذوب والمجنون

     ويفرق إبن خلدون بين المجاذيب والمجانين في أن المجاذيب لا يخلو أحدهم من ذكر وعبادة ولكن على غير الشروط الشرعية ، ولهم وجهة ما . أما المجانين  فليس لهم وجهة ، والمجاذيب يخلقون على البلاهة من نشأتهم، أما المجانيين فيصبحون مجانين بعد مدة من العمر لعوارض بدنية طبيعية ، والمجاذيب لهم كرامات في الناس بالخير والشر لأنهم غير مكلفين بالخير واجتناب الشر . أما المجانين فليس لهم تصريف بالكرامات .

مدارك للغيب تأتي يقظة : عن طريق التنجيم

      المنجمون يقولون بالدلالات النجمية وأوضاعها في الفلك وآثارها في العناصر والهواء . ويقول : هؤلاء المنجمون ليسوا من الغيب في شئ ، إنما هي ظنون حدسية وتخمينات .

أصحاب الرمل

     وهم يضعون من النقط أشكالا ذات أربع  مراتب تختلف باختلاف مراتبها في الزوجية والفردية ، وفصل إبن خلدون القول في تلك الأشكال الرملية وطريقة إستعمالها ، ثم قال إن هذه الصناعة كثرت في العمران ووضعت فيها المؤلفات واشتهر فيها الأعلام . ويرى إبن خلدون أنها تحكم وهوى ، وليست من الغيب في شئ لأن الغيوب لا تدرك بصناعة أبدا ، وإنما تأتي من النخبة التي فطرها الله على الرجوع عن عالم الحس إلى عالم الروح ، ويستثني من ذلك إذا كان صاحب الرمل من أولئك الخواص وقصد أن ترجع النفس إلى عالم الروحانيات عن هذا الطريق . فشأنه شأن من يطرق الحصى ويضرب الودع وينظر في المرآة . وقال إن علامة هؤلاء الخواص أنه يعتريهم خروج على طبيعتهم كالتثاؤب والإغماء  عندما يعرفون الغيب .

أصحاب حساب النيم : الحساب العددي للكلمات والحروف

     وهي قوانين حسابية مذكورة في آخر كتاب السياسة لأرسطو يعرف بها الغالب من المغلوب من المتحاربين من الملوك ، وذلك عن طريق حساب الجمل حيث يكون لكل حرف قيمة عددية بالآحاد والعشرات والمئات والألوف ، وذكر إبن خلدون طريقة الإستعمال لحساب النيم .وقال أيضا أنها مدارك للغيب غير مستندة إلى برهان وتحقيق .

الزايرجة 

     وهي قوانين صناعية لاستخراج الغيوب ، وضعها أحمد السبتي الصوفي المغربي في أواخر المائة السادسة بمراكش . ووصفها إبن خلدون بالغرابة وأنها لغز ، ووصف طريقة العمل بها . وقال إنه رأي كثيرا من الخواص يتهافتون على استخراج الغيب منها ، ويقول أن ذلك لا يصح  لأن الغيب لا يمكن إدراكه بأمر صناعي أبدا . ويقول أن بعض الأذكياء قد يفهم منها بعض المجهول إذا عرف التناسب بين بعض الأشياء ، وإذا عرف التناسب تيسر عليه إستخراج الجواب بتلك القوانين .

                                                

كتاب ( مقدمة ابن خلدون : دراسة تحليلية )
كتاب ( مقدمة ابن خلدون : دراسة تحليلية )
تم نشر هذا الكتاب فى القاهرة عام 1998 ، وهو تحليل أصولى تاريخى لمقدمة ابن خلدون وتاريخه وعقليته ، ونعيد نشره هنا مع بعض تعديل وإضافة فصل جديد .
more