تعليق: عن أَهْلَ الذِّكْرِ، وما تشابه منه > > { تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (8)[50] | تعليق: نعم ، ويا ما فعل بتلك القلوب ذلك العجل. | تعليق: شكرا لكم أستاذي يحي فوزي على التعليق. | تعليق: إن كتاب القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا يؤمن به إلا المؤمنون المخلصون العبادة لله تعالى وحده، | تعليق: تعليق ( الجزء الثاني) | تعليق: تعليق (01) | تعليق: يتبع.../... | تعليق: يتبع.../... | تعليق: تعليق من CHATGPT على المقال المتواضع. | تعليق: كم رواتب حُكام العرب ؟؟؟ | خبر: سد النهضة وتغيّر المناخ.. “عربي بوست” يتتبع بالبيانات كيف تواجه مياه مصر تهديداً مزدوجاً؟ | خبر: شركات الأدوية تطالب برفع أسعار 1000 صنف والصيدلي يتحمل الخسائر وحده | خبر: انتقادات حقوقية ضد مصر لتجاهلها توصيات أممية بشأن التمييز وانتهاكات حرية الدين | خبر: تشاؤم واسع يسود الأسر المغربية بشأن الأسعار والمعيشة والتشغيل | خبر: إضراب 30 سجيناً سياسياً عن الطعام في مصر... وتسريب رسائل صادمة | خبر: إيكونوميست: الهجمات الحوثية ضد السفن تعود من جديد وصعوبات في منعها | خبر: صندوق النقد ينتقد هيمنة الجيش على الاقتصاد المصري وتصاعد الديون | خبر: دول الساحل تشتعل مجددا ونصرة الإسلام والمسلمين تهدد عواصمها | خبر: دول الخليج تنفق 1.33 مليار دولار على الساعات السويسرية في 6 أشهر | خبر: حرائق الكهرباء في مصر... بنية هشة وسرقات وهجرة العمالة الماهرة أسباب لتفاقم الأزمة | خبر: فرنسا تُسلّم آخر قواعدها العسكرية في السنغال | خبر: الولايات المتحدة ترحّل مهاجرين لدولة أفريقية وسط مخاوف حقوقية | خبر: مئات القرى العراقية الحدودية مع تركيا تنتظر عودة الحياة إليها | خبر: تحقيقات حول محاولات تجسس على كبار المسؤولين في مصر | خبر: مصر: 51 ألف عيادة وصيدلية تطلب تعطيل قانون الإيجارات الجديد |
رقم ( 6 )
رابعاً: الجذور الدينية والتاريخية

رابعاً: الجذور الدينية والتاريخية
للقائلين بحذف الأحكام تحت دعوى النسخ
فى عصر الرسول عليه السلام كره المشركون ما أنزل الله وطالبوا بالإتيان بكلام آخر غير القرآن، أو بحذف بعض القرآن، وجاء الرد بأن النبى لا يملك ذلك وأنه متبع للوحى يخاف عذاب يوم عظيم.


يقول الله تعالى﴿وَإِذَا تُتْلَىَ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيّنَاتٍ قَالَ الّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـَذَآ أَوْ بَدّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أُبَدّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيَ إِنْ أَتّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَىَ إِلَيّ إِنّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ (يونس 15).
وفى سورة الإسراء يقول تعالى عن محاولات المشركين ضد القرآن والنبى ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاّتّخَذُوكَ خَلِيلاً. وَلَوْلاَ أَن ثَبّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً. إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً﴾ (الإسراء 73: 75).
إن حفظ الله للقرآن حال دون محاولات المشركين التأثير على النبى إذ ثبته الله وقواه فباءت محاولاتهم فى تحريف القرآن أو حذف بعض آياته بالفشل. إذن كان مشركو مكة أول من دعا لحذف الآيات، ولم يستخدموا تعبير النسخ بالمفهوم الخاطئ الذى يعنى الحذف، وجاء الرد بأن الرسول لا يملك أن يبدل كلام الله وأن حفظ الله للقرآن فوق كيد المشركين.
وتردد فى القرآن أن كلام الله لا مجال فيه للتبديل أو الحذف أو الإضافة يقول تعالى ﴿وَتَمّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاّ مُبَدّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (الأنعام 115).
ويقول تعالى لرسوله ولنا: ﴿وَاتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبّكَ لاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ (الكهف 27).وتكرر نفس المعنى فى مواضع أخرى ﴿وَلاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ (الأنعام 34). ﴿لَهُمُ الْبُشْرَىَ فِي الْحَياةِ الدّنْيَا وَفِي الاَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (يونس 64). ويكفى أن رب العزة يقول عن القرآن الكريم: ﴿الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِن لّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ (هود 1).
فكيف يكون القرآن محكماً فى آياته ثم يأتى من يقول أن آياته فيها المحذوف حكمه والباطل تشريعه ويسمى ذلك نسخاً؟؟ لا يقول ذلك الا من كان عدوا للقرآن غير مؤمن به .!!
وبعد عصر النبوة والخلافة الراشدة انشغل المسلمون بالفتوحات والصراعات الداخلية إلى أن استقرت أمورهم نسبياً فى العصر العباسى حيث تم صبغ المجتمع المسلم بطابع ثقافى دينى استمر حتى يومنا هذا.
والدليل على تبعيتنا للعصر العباسى أن أئمتنا فى الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام والفلسفة هم أبناء العصر العباسى، وإن أسفار التراث المقدسة هى ما كتبها العصر العباسى خصوصاً ما اتصل منها بالحديث والتفسير والتصوف والتشيع.
وفى العصر العباسى أتيح لأبناء أهل الكتاب والمجوس الذين أسلموا أن يقودوا الحركة العلمية بما لهم من تراث ثقافى سابق، ولا يستطيع أحد أن ينكر دور "الموالى" فى ريادة الحركة العلمية منذ بدايتها إلى تطورها ونضجها. وفى العصر العباسى الثانى بالذات انتسب أولئك الموالى لأسماء عربية وإلى "ولاء" القبائل العربية المشهورة، وأهملوا أصولهم القديمة وأصبحوا ضمن النسيج الذى قام عليه المجتمع المسلم، وكانوا فيه أعمدته العقلية والثقافية. ومن الطبيعى أن تعود من خلالهم المفاهيم القديمة التى كانت سائدة قبل الإسلام واستترت فى فترة الفتوح، وبعد كمون عادت للظهور مستترة بأحاديث منسوبة للرسول وبتأويلات للقرآن فأمكن تطويع العقائد الإسلامية الأصلية لأهواء المسلمين الجدد أبناء أهل الكتاب وأصحاب الثقافة القديمة.
ومن خلال اختراع الحديث والتفسير كان علاج الفجوة بين ما يقوله القرآن وبين ما يؤمن به المسلمون الجدد فى العصر العباسى، فما لا يتفق مع القرآن مع هواهم كانوا يعطلون حكمه بدعوى أنه "منسوخ" وما يريدون إضافته للإسلام كانوا يخترعون له حديثاً ينسبونه للنبى عليه الصلاة والسلام، أو يقوم "التفسير" أو "التأويل " بذلك حين يضعون آراءهم ليغيروا بها معانى الآيات، وبمرور الزمن تصبح آراء المفسرين حكماً على كلام الله، ولا تقوم الآية القرآنية بمفردهم دليلاً إلا إذا كان معها ما يؤكدها من كلام المفسرين.وهذا لايزال سائدا حتى الآن يؤكد الاعتقاد السائد لديهم ان القرآن لايكفى فى الهداية ولا بد معه من كتب الأئمة من أحاديث أو تفسير لنفهم من خلالهم كلام الله تعالى طبقا لاعتقادهم حتى لو خالف وضوح الآيات القرآنية .
على أن مفهوم النسخ- معنى الحذف والتبديل والإلغاء- له جذور فى التاريخ الإسرائيلى، حيث تفنن بعض اليهود فى التحايل على أوامر الله والتحايل على أحكام التوراة. هذا مع أن الله أخذ عليهم العقد والميثاق ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءِكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مّن دِيَارِكُمْ ثُمّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾ (البقرة 84).
وبعد الإقرار والشهادة يذكر القرآن كيف كانوا ينقضون العهد ويبطلون الأحكام حسب أهوائهم لتتمشى التوراة مع مصالحهم، يقول الله تعالى فى الآية التالية: ﴿ثُمّ أَنْتُمْ هَـَؤُلآءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مّنْكُمْ مّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَىَ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدّونَ إِلَىَ أَشَدّ الّعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ (البقرة 85).
أى أنهم أبطلوا العمل ببعض الآيات وآمنوا ببعضها، أو بتعبير القرآن ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾.أو بتعبير العصر العباسى قالوا أن هذه الآية الأخرى منسوخة وذلك لأن الأحفاد فى العصر العباسى سلكوا مسلك أجدادهم شبراً شبراً.
وفى عصر أبى جعفر المنصور ثانى الخلفاء العباسيين ظهر العالم اليهودى أبو عيسى ابن يعقوب الأصفهانى، الذى ابتكر فى اليهودية مصطلح النسخ فى التوراة بمعنى الحذف والإلغاء للأحكام، وتبعه جماعة عرفوا بالعيسوية، وأولئك العيسوية وزعيمهم كانوا أول من استخدم مصطلح النسخ بمعنى الحذف وإلغاء الحكم. ولم يوافق أغلبية اليهود فى العصر العباسى على ما ذهب إليه العيسوية فى ذلك المعنى الجديد لكلمة النسخ- لأسباب لا محل لذكرها هنا- وكانت طائفة الشمعونية اليهودية أظهر من أنكر وجود النسخ- بمعنى الحذف فى التوراة.
والذى يهمنا هنا أن الجدال بين اليهود حول مصطلح النسخ الجديد وعلاقته بنصوص التوراة أمتد إلى حلقات العلم عند المسلمين فى العصر العباسى، حيث كان لليهود دور الريادة العلمية فى تاريخ الحضارة والفكر عند المسلمين، ويكفى أن نذكر من أساطير اليهود فى ذلك المجال كعب الأحبار ووهب بن منبه وأخاه وعبد الله بن سلام، وأولئك دارت حولهم ورايات الحديث والسنة والتفسير والقصص وتاريخ الأنبياء والأمم السالفة.
وكان طبيعياً بسبب هذه الريادة أن ينزع الدارسون المسلمون إلى تقليد كل ابتكار يهودى، ومن هنا انتقلت عدوى مدلول النسخ الجديد إليهم، ولكن واجهتهم مشكلة أن القرآن ليس كالتوراة، إذ هو نص محفوظ بقدرة الله، فوق محاولات التغيير والتحريف والإبدال ﴿إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر 9). ﴿إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِالذّكْرِ لَمّا جَآءَهُمْ وَإِنّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ. لاّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت 41،42)
والمتمسكون بدعوى النسخ بمعنى إبطال وإلغاء حكم الآية- تغلبوا على مشكلة كون القرآن محفوظاً من التحريف بادعاء أن النسخ عندهم فى المعنى وليس فى اللفظ، وفى الحكم وليس فى النص. وبذلك تحول القرآن فى رأيهم إلى مجرد نصوص يتلاعبون بها حسب الهوى، يبطلون أحكام بعضها، ويضربون بعضها ببعض، وبذلك اتسعت الفجوة بين المسلمين والقرآن بحيث أن التشريعات القرآنية الحقيقية ضاعت وسط دعاوى النسخ بمعنى الإلغاء مع الأقاويل المنسوبة للنبى والاجتهادات الفقية التى ارتدت ثوب الحديث، والتى أتيح لها أن تبطل الأحكام القرآنية.
 

لا ناسخ ولا منسوخ فى القرآن الكريم
صدر هذا البحث الصغيرعن النسخ فى القرآن الكريم ليرد على احدى الأكاذيب الكبرى فى التراث: أكذوبة النسخ فى القرآن الكريم بمعنى الحذف والالغاء. والذى كتب فيه السلف – غير الصالح – مؤلفات تبلغ الآف من المجلدات ، واختلفوا فيها كالعادة واضاعوا قرونا طوالا فى جدال اجوف فى قضية لا أصل لا فى حقائق الاسلام. ولأن النسخ بمعنى الحذف والالغاء يناقض القرآن والاسلام فان التدليل على هذه الحقيقة لا تحتاج الى اكثر من هذا البحث الصغير لكى تهدم باطلا استمر قرونا طويلة من الشجار والنزاع الذى ملأ آلاف المجلدات وأنهك أعمارعشرات المؤلفين من الأئمة الكبار الذين لم يجدوا من يناقشهم ويرد طعنهم فى الاسلام والقرآن.
more