الرصيف" دولة الباحثين عن مساحة للرزق بمصر

اضيف الخبر في يوم الإثنين ١١ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: إيلاف


الرصيف" دولة الباحثين عن مساحة للرزق بمصر

فتحي الشيخ من القاهرة: منذ سنوات تحول الرصيف في الكثير من شوارع مصر الى ملكية خاصة للباعة الجوالين. ومع استقرار أوضاع أصحاب هذه الملكية، فكروا في إعلان دولتهم الصغيرة على الرصيف في رحاب الدولة الكبيرة، وفي ظل البطالة التي تضرب مصر والتي وصل عدد المصابيين بها الى 2،5 مليون شخص، فكر عدد من ابناء مصر في تجربة البحث عن الرزق على الرصيف لينضموا الى دولته المتنامية و مع زيادة عددهم بدأت تنشاء القوانين الخاصة بالرصيف بواسطة المسيطرين عليه والتي تنظم العلاقة بين اهله، و مع وجود فرصة دائما للتوسع على الرصيف وامكانية تزاحم افراد هذه الدولة على الرصيف كل امام فرشته التي لا تتعدي المتر طالما هناك فرصة للرزق بالنسبة للجميع، ازداد عدد حاملي جنسية دولة الرصيف في مصر.

عيد رشدي، 32 ‏سنة، ‏شاب رسمت الشمس سمرتها على وجهه من اللقاء الممتد بينهم كل يوم، اتي من قريته في محافظة بني سويف احد محافظات صعيد مصر من ثمان سنوات بحثا عن فرصة للعمل و قام احد اقربه بايجاد عمل له بجواره حيث يقف امام مجمع التحرير ليبيع نظارات ومن يومها انتقل الى اكثر من مكان حتي استقر به الحال على رصيف شارع 26 يوليو، يقول عيد كنت اظن فى البداية أن‏ ‏كل‏ ‏مشاكل‏ ‏البائع‏ ‏الجائل‏ ‏هي‏ ‏مطاردة‏ ‏شرطة‏ ‏المرافق‏ ‏ولكن‏ ‏الرصيف‏ ‏عالم‏ ‏آخر‏.. ‏اكبر‏ ‏العقبات‏ ‏بعد‏ ‏المرافق ‏هم‏ ‏أصحاب‏ ‏المحلات‏ ‏التي‏ ‏نقف‏ ‏أمامها‏.. ‏إما‏ ‏أن‏ ‏ندفع‏ ‏لهم‏ ‏إيجارا‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏الوقفة‏ ‏أو‏ ‏يطردوننا‏.. وهناك بعض الاماكن مثل امام مجمع التحرير هناك اشخاص يأخذوا منا اتاوة مقابل تركنا نبيع و عدم اثارة المشاكل وما‏ ‏إن‏ ‏ننته‏ ‏من‏ ‏كلتا‏ ‏المشكلتين‏ ‏حتي‏ ‏يظهر‏ ‏لك‏ ‏بائع‏ ‏متجول‏ ‏مثلك‏ ‏يختلق‏ ‏لك‏ ‏المشاكل‏ ‏حتي‏ ‏ترحل‏ ‏من‏ ‏جانبه‏ ‏ظنا‏ ‏منه‏ ‏أنك‏ ‏تقاسمه‏ ‏في‏ ‏رزقه‏.


زكريا محمود 47 سنة يقول انا اقف هنا امام المجمع في فصل الشتاء:

 فقط لاني اعمل نقاش ويكون العمل قليل في هذا الوقت لهذا اقف هنا ابيع لعب اطفال لحساب احد الاشخاص مقابل اجر يومي ويكون الرصيف هو الحل امامي لقلة فرص العمل، و اشار زكريا لاحد الاشخاص امام المجمع قائلا هذا صاحب الفرشة وله اكثر من فرشة اخري هنا وعندما اتيت اليه قام بايجاد عمل لي، اقتربنا من الشخص الذي اشار اليه... اربعيني العمر يدور بعينيه في المكان ويشير للبعض باشارات غير مفهومة لنا ولكن يبدوا انها مفهومة لمتلاقيها الذي يهز راسه علامة الايجاب، لم يشاء ان يذكر اسمه و كان لايريد الحديث الى ايلاف في البداية ولكن في النهاية قال نحن نسعي علي رزقنا و هناك بيوت مفتوحة من وراء هذا، هناك بالفعل من يأخذ مقابل السماح للبعض بالبيع هنا و السيطرة على اى مشكلة تحدث كذلك عن طريقه يتم معرفة ميعاد الحملات التي تقوم بها شرطة المرافق ضدنا عن طريق افراد تابعين له يكونوا ناضورجية له.


في دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر عن اشكال العرض على الرصيف اكدت ان‏ ‏العربات‏ ‏التي‏ ‏تجر‏ ‏باليد‏ ‏تبلغ‏ ‏نسبتها‏ 70% ‏من‏ ‏الوسائل‏ ‏المستخدمة‏ ‏لعرض‏ ‏السلع‏ ‏يليها‏ ‏فرشة‏ ‏الارض‏ ‏حوالي‏ 23% ‏ثم‏ ‏الاكشاك‏ ‏والحقائب‏ 7%!!!


‏ اعتاد المارة في مصر على وجود دولة الرصيف على الرغم من احتلالها مكانهم على الرصيف بل راى البعض في وجوده مصلحة لهم وهو ما يفسره ياسر عبد الغني 36 سنة موظف قائلا اسعار الرصيف اقل من اسعار المحلات بشكل كبير وكل السلع تعتبر موجودة على الرصيف هناك بعض الناس لا يستطيعوا التسوق في المحلات لذلك يكون الرصيف هو البديل المناسب لهم، واذا اردت التحدث عن انهم يأخذوا مكان المارة على الرصيف، في رايي انهم افضل من غيرهم من اصحاب معارض السيارات والمقاهي الذين يفعلوا نفس الشيء، هم على الاقل ليس لديهم بديل لهذا ونستفيد مهم.
 
دولة الرصيف ليس هناك رقم محدد لعدد سكانها ولكن هناك تقرير لمكتب الامم المتحدة للشئون الانسانية لعدد الباعة الجائلين يقدرهم ب 300 الف شخص في القاهرة وحدها و باعتبار ان هؤلاء الاشخاص يعيلوا اسرهم سوف يتضاعف الرقم ليصل الي 2 مليون نسمة يستفيدوا من وراء هذه التجارة ويقدر الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي راسمال هذه الدولة باكثر من 20 مليار جنيه تدور بين السلع المختلفة التي تباع علي الرصيف و التي لا تخضع لاي سيطرة من جانب الدولة ولهذا يصفها براسمال خفي وتكون اغلب السلع المتدوال فيه من السلع الاستهلاكية، و يضيف عبد العظيم لايلاف ان من‏ ‏يبيعوا هذه السلع ‏ليسوا‏ ‏ملاكا‏ ‏لها‏ ‏بل‏ ‏هم‏ ‏يعملون‏ ‏لصالح‏ ‏تجار‏ ‏كبار‏ ‏وبالتالي‏ ‏فهو‏ ‏اقتصاد‏ ‏رأسمالي‏ ‏يعتمد‏ ‏علي‏ ‏وجود‏ ‏مالك‏ ‏كبير‏ ‏ثم‏ ‏عمالة‏ ‏صغيرة‏ ‏محدودة‏ ‏الدخل‏ ‏تعمل‏ ‏لحسابه‏، ‏كما‏ ‏أن‏ ‏سلع‏ ‏هذا‏ ‏الاقتصاد‏ ‏سلع‏ ‏تبحث‏ ‏عن‏ ‏الزحام‏ ‏وعن‏ ‏الزبون‏ ‏البسيط‏ ‏والمتوسط‏ ‏الحال‏، ‏وهي‏ ‏سلع‏ ‏غير‏ ‏مضمونة‏ ‏يغلب‏ ‏عليها‏ ‏الغش‏ ‏وبلا‏ ‏ضمان.


بالطبع لا يدرك كل بائعي الرصيف انهم يطلق ضدهم هذه الاتهامات الكبيرة من اقتصاد خفي وبضاعة بلا ضمان واحتلال رصيف، ولكنهم يدركوا ان عليهم السعي صباح كل يوم الى الرصيف بحثا عن الرزق.

اجمالي القراءات 1666
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق