رغم حيادها.. هل تخشى الكويت من السعودية عسكريًا؟

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٣ - أكتوبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه


رغم حيادها.. هل تخشى الكويت من السعودية عسكريًا؟

حافظت الكويت على الظهور كبلد خليجي متوازن في علاقاته السياسية مع كافة دول الخليج العربي والمنطقة، وأهمها السعودية التي اصطفت معها الكويت في الكثير من المواقف. لكن هذا الحال لا يخفي مدى التخوف الكويتي من مطامع السعودية تجاه سيادتها وأراضيها ومواقفها السياسية، إذ تتحرك الكويت خلال الفترة الماضية نحو تعاون عسكري يمكن أن نعتبره غير اعتيادي، يهدف لتحقيق توازن وحماية إذا ما تحققت تخوفاتها من تحركات سعودية ضدها، وكان أبرز هذه التحركات الاتفاق العسكري الذي وقعه الجيشان التركي والكويتي قبل أيام من أجل تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين.

هل تهدد السعودية الكويت؟

«الكويت تحتاج عاصفة حزم داخلية لتطهيرها من قذارة الإخونج وأذناب تنظيم الحمدين»، كانت هذه تغريدة قالها الأمير المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان «خالد بن عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود».

هذا التحريض قرأه بعض المسؤولين في الكويت في إطار مؤشّرات الأطماع التوسعية لدى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فالكويت التي لا تدعم الثورات العربية لا تأمن الرياض أو بالأحرى لا تأمن بن سلمان الذي قد يجعلها لتكون الهدف التالي للسعودية بعد قطر، وضمن هذا الإطار تأتي دعوة السياسي الكويتي وعضو مجلس الأمة السابق، ناصر الدويلة لإدخال الجيش التركي للكويت بشكل عاجل وسريع ردًا على التهديد السعودي السابق.

فقد خاطب الدويلة هذا الشهر النائب الأول وزير الدفاع الكويتي الشيخ ناصر صباح الأحمد قائلًا: «إن الأوضاع في المنطقة تتجه نحو الانفلات من كل عقل أو حكمة أو مروءة، اليوم جميع الشعب الكويتي مقتنع بضرورة إدخال الجيش التركي للكويت بأقصى سرعة لأنه هو المعادل الاستراتيجي الأضمن والآمن».

 

 

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته للكويت

وبالفعل تأثرت الكويت التي اتخذت عقب الأزمة الخليجية ضد قطر موقفًا محايدًا بتفكك مظلة مجلس التعاون الخليجي التي كانت مهمة بالنسبة لها، وأصبحت لا ثقل لها من الناحية الجيوسياسية أو الاقتصادية، لتكون المعادلة بالنسبة للكويت أنه كلما طال أمد الأزمة زادت الكلفة.

ويمكن المرور على أهم الخلافات السعودية الكويتية، بدءًا من الحديث عن مؤسس الدولة السعودية الحديثة الملك عبد العزيز بن سعود الذي قام في مطلع القرن العشرين باللجوء إلى الكويت إثر سقوط الرياض بيد دولة آل رشيد في شمال السعودية، ثم بعد عودته واستعادة الرياض أخذ بتوسيع حكمه حتى اقترب من الأراضي الكويتية لينتهي الصراع مع الكويت بتنازل الأخيرة عن ثلثي أراضيها الجنوبية للسعودية في الاتفاقية التي عرفت باسم اتفاقية العقير 1922، لكن الخلافات لم تنته بهذه الاتفاقية إذ سرعان ما فرض الملك عبد العزيز حصارًا اقتصاديًا خانقًا على الكويت لم ينته إلا بتوقيع الكويت تنازلات اقتصادية عام 1944 لمصلحة السعودية.

وبعد استقلال الكويت عن بريطانيا عام 1961، توجهت الكويت نحو استراتيجية تأمين وجودها بالاعتماد على القوى الكبرى من أجل حمايتها مع موازنة علاقاتها مع جيرانها، وهي الاستراتيجية التي تفاقمت الحاجة إليها بعد حربها مع العراق عام 1991، لكن الموقف المناصر للكويت من قبل الرياض والخليج في هذه الحرب أدى إلى تخفيف التوتر السياسي بين البلدين، وامتنانًا للسعودية والخليج نأت الكويت بنفسها في الأزمات العربية التي أعقبت حرب تحريرها عام 1991، ومنها أزمة قطر والسعودية عام 1995 وبين الإمارات والسعودية عام 2009.

الكويت معنية بعلاقة جيدة مع السعودية

في مايو (أيار) الماضي، سلمت الكويت المواطن القطري من أصل سعودي، نواف الرشيد للسعودية، وفيما أكد الإعلام الكويتي أن تسليم الرجل جاء لكونه مطلوبًا للسعودية، وتنفيًذا للاتفاقيات الأمنية بين الطرفين، أكدت عائلته أنه ليس له أي نشاط سياسي ضد الحكومة السعودية، وأنه يزور قطر بحكم أنه يحمل جنسيتها ويقوم بزيارة عائلة أمه هناك.

يأتي بالطبع هذا التصرف الكويتي كدليل على مدى التزام الكويت بالعلاقة الجيدة مع الرياض على الرغم من المخاوف المتعددة للكويت، ولذلك أيضًا كانت الكويت من أوائل الدول التي أعلنت وقوفها بجانب السعودية قبل حتى صدور الاعتراف السعودي بقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مؤكدة على رفضها بشكل تام لما أسمته بالحملة التي تتعرض لها السعودية، والمتمثلة بالاتهامات والادعاءات التي توجه لها على خلفية خاشقجى.

وجاء في البيان الكويتي الخاص: «انطلاقًا من العلاقات الأخوية الوطيدة بين الكويت والسعودية، فقد تابع مجلس الوزراء باهتمام قضية المواطن السعودي جمال خاشقجى، ونأسف لهذه الحملة التي تهدف إلى الإساءة للمملكة، والنيل من المكانة الرفيعة التي تتمتع بها على المستوى العربي والإسلامي والدولي».

وبالمجمل توصف العلاقات السعودية الكويتية بأنها حساسة وشائكة، فالسعودية هي أقرب حليف للكويت من إيران والعراق، لكن في الوقت نفسه تحاول الابتعاد عن الرياض قدر استطاعتها إذا ما شعرت أن القرب الشديد قد يأتي على حساب سيادتها، فهي معنية بقرار مستقل وبأن لا تصبح الكويت كالبحرين التي فقدت القدرة على خلق التوازن الداخلي والخارجي لها، فاضطرت للاعتماد الكلي على السعودية بعد احتجاجات عام 2011.

الكويت تتحرك نحو الاتفاقيات العسكرية

في فبراير (شباط) الماضي، استجابت وزارة الخارجية الأمريكية لطلب الكويت شراء طائرات للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، من طراز «King Air-350 ER» بتكلفة تقدر بـ 259 مليون دولار، وقد حصلت الكويت على هذه الطائرات المزودة أيضًا بمحرك احتياطي وأربعة أجهزة للاستشعار والتصوير بالأشعة تحت الحمراء، وأربعة رادارات إلكترونية، إضافة إلى 47 نظام إنذار صاروخي، و47 نظام توزيع مضاد للصواريخ.

 

 

رئيس أركان الجيش الكويتي اللواء الركن محمد الخضر يحضر اجتماع الدورة 15 لرؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي

كذلك توجهت الكويت نحو بريطانيا، إذ شهد هذا الشهر أيضًا الإعلان عن تمرين «محارب الصحراء» الذي سيجري خلال عام 2019 بين القوات الكويتية والبريطانية، وسيشارك فيه 120 عسكريًا بريطانيًا، كما أن هناك تعاونًا بين البحرية الملكية البريطانية والبحرية الكويتية.

لكن الأهم من هذا الإعلان هو الحديث البريطاني عن قيام لندن باستكشاف احتمالات وجود عسكري دائم لقواتها في الكويت، إذ نقل عن السفير البريطاني لدى البلاد مايكل دافنبورت قوله: «عندما تم الاجتماع في لندن ضمن اجتماعات لجنة التوجيه المشتركة بين بلدينا في متحف سلاح الجو، تقرر تشكيل مجموعتين مشتركتين بين البلدين لبحث هذا الأمر (الوجود العسكري الدائم)، وتم الاجتماع الأول بينهما في لندن واجتماعهما المقبل سيكون في الكويت لهذا الغرض إذ ستركز المحادثات على جانبين: الأول هو الجانب العملياتي لهذا الوجود والجانب الآخر هو اللوجستي وسيتم عرض نتائج اجتماع المجموعتين خلال اجتماعهما في ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الكويت ضمن اجتماعات لجنة التوجيه المشتركة».

وفي إطار تحقيق المزيد من الانسجام وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود توجهت الكويت أيضًا نحو التعاون العسكري مع تركيا، فقد شهد هذا الشهر توقيع خطة للتعاون الدفاعي بين رئاسة أركان الجيش الكويت ونظيرتها التركية.

 

 

اتفاقية التعاون العسكري بين تركيا والكويت

ففي وقت تعمل السعودية والإمارات والبحرين بشكل منفرد عن باقي دول الخليج تحاول الكويت رغم حيادها تقوية وضعها استعدادًا لأي تحرك قد يصيبها من هذا المثلث، وهي بلجوئها نحو تركيا تظهر توجهًا جادًا لتأسيس ميزان قوي في الخليج يجمعها بقطر والكويت، وبالرغم من الاعتقاد أن ما يقف خلف التعاون الكويتي التركي هو القرار الأمريكي بسحب أنظمة صواريخ باتريوت من الكويت والتخوّف من مواجهة لا تقدر عليها الكويت، إلا المحلل السياسي جلال سلمي يضيف إلى ذلك أسبابًا أخرى منها أن «الميزة المطلقة هي التي دفعت الطرفين لتحقيق التعاون المتبادل الذي يبدو أنه قد يصل لاعتمادية متبادلة وثيقة على المدى البعيد، ففي حين تملك الكويت كميات كبيرة من النفط الخام غير موجودة لدى تركيا، تملك تركيا قدرات عسكرية وأيدي عاملة وقدرات في إنشاء البنية التحتية لا تملكها الكويت، وهذا ما شكل مفتاح التعاون بين الطرفين».

ويضيف في مقاله «قراءة في اتفاقية الدفاع المشترك بين تركيا والكويت»: «يتجلّى الارتباط المشترك للطرفين في نقطة المواقع الاستراتيجية، في محاذاتهما للعراق وتشكيلهما منافذ بحرية دولية للعراق نحو الخارج، ويجمع الطرفين مصالح بينية متبادلة فيما يتعلق بالملف العراقي، حيث يشتركان في نقطتي مواجهة النفوذ الإيراني الشيعي المتنامي في العراق، واحتواء الأزمات الفاعلة في العراق الذي يحاذيهما، ويشكّل أهمية كبيرة لأمنهما القومي».

فيما يؤكد الباحث في الشأن الاستراتيجي للخليج العربي، مهنا الحبيل أن الاتفاق «سينقل العلاقات الاستراتيجية لأنقرة، مع ساحل الخليج العربي، إلى تعزيز جديد بعد القاعدة العسكرية التركية في قطر، والتي لعب قرار إنشائها وتفعيل الاتفاق الدفاعي فيها، دورًا مهمًا في منع تهديدات الاجتياح العسكري لقطر، من دول المحور الخليجي».

ويبين الحبيل أن الأمر لا يقتصر على الخشية من التوتر مع الرياض فقط، و«إنما في انكشاف جغرافيا الخليج العربي، لو حصل انهيار نسبي أو كلي للنظام السعودي، وأصبحت دول الساحل التي كانت مشيخات قديمة، في مواجهة هذا الانهيار دون غطاء الانتداب الإنجليزي السابق، فهذه الدول باستثناء عُمان، لا تملك أي قاعدة توازن قومي لتأمينها أمام خرائط الخليج المفاجئة، سواء في الشرق والشمال السعودي أو الجنوب العراقي المحتقن» وفق الحبيل.

ويضيف: «هنا يلعب الدور التركي محور توازن، خاصة بعد أن أفادته التطورات الأخيرة، وأصبح يُنظم علاقاته مع برلين وبقية أوروبا ثم واشنطن، وخاصة في الموقف من تصفية الشهيد جمال خاشقجي، وهو تطور مطمئن للكويت، والتي حرصت على تحييد الموقف السعودي، وسحب خصومته الشرسة قبل إقرار الاتفاق مع أنقرة».

اجمالي القراءات 1289
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق