«ن. تايمز»: إعادة النظر في التحالف «المريع» بين واشنطن ومصر

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١٩ - ديسمبر - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الخليج الجديد


«ن. تايمز»: إعادة النظر في التحالف «المريع» بين واشنطن ومصر

عندما يزور نائب الرئيس الأمريكي «مايك بنس» مصر، يوم الأربعاء، فإنه سيسير على خطى عدد لا يحصى من المسؤولين الأمريكيين الذين توقفوا في القاهرة للثناء على «الشراكة الاستراتيجية» بين الولايات المتحدة ومصر.

مقالات متعلقة :

وقد أصبحت هذا الثناء نقطة خبيثة ومليئة بالسوء، وهو الأمر الذي خبرناه جميعا خلال سنواتنا في الحكومة، ولا ينبغي للسيد «بنس» أن يفعل ذلك هذه المرة.

إن المصالح الأمريكية والمصرية متباينة اليوم بشكل متزايد، ولعل قائمة الأهداف المشتركة بينهما صارت الآن أقل مما كانت عليه في السابق، يجب على السيد «بنس» أن يوضح لـ«عبدالفتاح السيسي»، رئيس مصر، أن البلدين بحاجة إلى إعادة تعيين العلاقة، بدءا بخفض كبير في المساعدات العسكرية الأمريكية.

وبالإضافة إلى إنقاذ أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، فإن هذا من شأنه أن يبعث برسالة مهمة إلى المتلقين الآخرين للمعونة الأمريكية بأن دعمنا لا يأتي بغير شروط، ومن شأن ذلك أيضا أن يساعد على كبح تشوه العلاقات المصرية الأمريكية.

لقد تم القضاء على أي شكوك في أن مصر قد توقفت عن أن تكون شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة مع الاتفاق الأولي الروسي المصري الأخير لمنح الوصول المتبادل إلى القواعد الجوية لبعضهم البعض. ولكن هذا هو مجرد مثال آخر على سلوك غير ودي للغاية من قبل صديق مزعوم. وفي ليبيا، قدمت مصر دعما عسكريا للجنرال «خليفة حفتر»، الذي اشتبك جيشه مع القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والحكومة المدعومة من الولايات المتحدة.

وفي مجلس الأمن التابع لـ«الأمم المتحدة»، وقفت مصر بجانب روسيا معارضة للولايات المتحدة بشأن قضايا من سوريا إلى (إسرائيل). وظهرت هذه السنة أنباء عن التعاون العسكري والاقتصادي المصري مع كوريا الشمالية.

وحتى في ظل استمرار المواءمة بين الأهداف الأمريكية والمصرية، لم تستوعب واشنطن حقيقة جديدة: أنه بسبب انحلالها الداخلي، لم يعد لمصر ثقل إقليمي وازن يمكن أن يرسخ سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وقد ساهمت حكومة «السيسي» بقليل في الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق. وتجاهلت القاهرة باستمرار العروض الأمريكية لتدريب القوات المصرية من أجل المساعدة في هزيمة التمرد في سيناء. كما أن أهمية وصول الولايات المتحدة إلى المجال الجوي المصري؛ والامتيازات الأمريكية في قناة السويس مبالغ فيها بشكل كبير. وخلافا للفكرة السائدة، فإن البحرية الأمريكية هناك لا تتلقى امتيازات ذات أولوية.

كان هناك وقت استفاد فيه البلدان من فوائد متبادلة هامة، بما في ذلك دعم مصري موثوق به لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ولكن على مدى العقد الماضي قدمت الولايات المتحدة أكثر من 13 مليار دولار في شكل مساعدات أمنية إلى مصر، لم تولد إلا القليل من فرص العمل في صناعة الدفاع غير الملائمة للاحتياجات الدفاعية لمصر مما سمح للجيش المصري بالحفاظ على نظام رعاية يشوه الاقتصاد ويسبب الفساد.

وعبر فترة طويلة، سمحت الولايات المتحدة للحكومة المصرية بمعالجة المساعدات الأمنية كحق مكتسب بسبب السلام مع (إسرائيل). ولم تحمل الولايات المتحدة مصر مسؤولية كيفية إنفاق هذه الأموال، وما إذا كانت تخدم أهدافا أمريكية أوسع في المنطقة. وقد اتخذت إدارة «أوباما» خطوات أولية لجعل المساعدة العسكرية أقل سخاء وحدت من أنظمة الأسلحة التي يمكن أن تشتريها مصر بأموال أمريكية، وحجبت إدارة «ترامب» أو أعادت جدولة أكثر من 200 مليون دولار في شكل مساعدة عسكرية.

هذه هي البداية فقط، ويتعين القيام بالمزيد.

وفي ضوء تراجع أهمية مصر الاستراتيجية وتزايد سلوكها الإشكالي، يجب على واشنطن أن تخفض بشدة مساعداتها العسكرية السنوية بما يتراوح بين 500 مليون دولار و 800 مليون دولار من أجل مواءمة مواردنا مع أولوياتنا. ومن شأن خفض المساعدات المصرية أن يوفر بعض الأموال التي تشتد الحاجة إليها. إن التحرك للبدء في تخفيض المساعدات الأمنية لمصر إلى مستوى أكثر انسجاما مع القيمة الفعلية التي تستمدها الولايات المتحدة من هذه العلاقة سيكون مقبولا على نطاق واسع في الكونغرس الذي أصبح محبطا من القاهرة.

ومن غير المحتمل أن تغير مصر سلوكها استجابة لمحدودية المساعدات، وهي لن تنهي، على سبيل المثال، معاهدة السلام مع (إسرائيل) وكذلك لن تكف عن تعاونها في مكافحة الإرهاب مع الولايات المتحدة، وستواصل بالطبع محاربة الجهاديين المحليين.

ويقول دعاة توثيق العلاقة مع مصر أن خفض المساعدات سيجعل القاهرة أقل استعدادا لقبول التدريب العسكري الأمريكي، ولكن هناك أدلة ضئيلة على أن سنوات من الدعم السخي قد عززت الرغبة المصرية للحصول على فرص تدريبية إضافية في مجالات حيوية مثل مكافحة التمرد، وبدلا من ذلك، فإن تقليص المساعدة قد يساعد على استعادة بعض النفوذ لانتزاع الامتيازات من القاهرة، وفي حين أن عدم الاستقرار في مصر هو مصدر قلق مشروع، فإننا نخدع أنفسنا حين نفكر بأن المساعدات الأمريكية هي الفارق بين النظام والفوضى.

وبدلا من الاعتراف بأن أهمية مصر قد تضاءلت، فقد ضاعف الرئيس «ترامب» من العلاقة، ووعد بأن يكون «صديقا مخلصا» لمصر وأغرق «السيسي» بالثناء. وأطرق البيت الأبيض صمتا على انتهاكات الحكومة المصرية البغيضة لحقوق الإنسان، التي تغذي التطرف، مما يزيد من التهديد العالمي للإرهاب. ومن خلال الربط الوثيق بين الولايات المتحدة وحكومة «السيسي» وممارساتها القمعية، فإن الإدارة تعمل بهذا على دفع ملايين الشباب المصري المهمش لاعتبار الولايات المتحدة دولة معادية.

إن أمريكا تحصل على صفقة سيئة في مصر. هذه سخرية من الرئيس الذي يفتخر بنفسه كمفاوض. إن زيارة السيد «بنس» هي فرصة لفتح صفحة جديدة مع مصر، وجعل التزام الولايات المتحدة تجاهها يتناسب مع ما تتلقاه واشنطن في المقابل. وإذا فعلت إدارة «ترامب» ذلك، فإنها ستتخذ خطوة صغيرة ولكنها مهمة نحو استعادة مصداقية أمريكا وسمعتها المشوهة في المنطقة.

**أندرو ميلر، نائب مدير السياسات في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، ومدير سابق لملف مصر في مجلس الأمن القومي المصري ومحلل للشؤون المصرية في وزارة الخارجية. وريتشارد سوكولسكي، هو زميل غير مقيم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وعضو سابق في مكتب تخطيط السياسات بوزارة الخارجية.

اجمالي القراءات 951
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق