كيف أصبحت هولندا دولة بلا سجون ؟

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٤ - يوليو - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصر العربية


كيف أصبحت هولندا دولة بلا سجون ؟

 

أحلام حسنين 14 يوليو 2017 13:02

وطن بلا سجون .. ربما يكون ذلك حلم جميل يراود كل إنسان، أما في هولندا ليس فيها موطن للأحلام، ستحقق تلك الآمال على أرض الوقع، فتضحى بنهاية الصيف الجاري أرض بلا سجون، يصبح فيها "السجين" كلمة من الماضي. فالسجون التي كانت تعرف في السابق بأن نزلاءها لا يرون الشمس، أخذت الآن فرصة جديدة للحياة، حيث تحولت إلى فنادق ومكاتب وأماكن للمارسة الرياضة وشواطئ للتنزه"، هكذا أضحى حال السجون في هولندا بحسب موقع "دتش نيوز" الهولندي.

وتعتزم هولندا إغلاق 5 سجون بداية من الشهر المقبل حتى نهاية الصيف الجاري، وذلك بعد 4 سنوات من إغلاق 19 سجنا فى 2013 بسبب قلة المجرمين، وفق ما ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية. وفي العشر سنوات الماضية باعت الحكومة الهولندية المنشآت الإصلاحية "السجون"، لأن أعداد السجناء انخفضت من أكثر من 50 ألفا إلى حوالي 40 ألفا عام 2015، بحسب موقع "دتش نيوز" .

وتبقى جدران تلك السجون شاهدة على تحول مبانيها من قضبان تقيد من يقبع داخلها وظلام يحجب عن أعينهم ضوء الشمس إلى أماكن للترفيه، من بينها ذلك السجن الكائن في منطقة أوترخت الذي يرجع بناؤه إلى عام 1856، وتحول إلى مقهى، وافتتح فيه متحف للزائرين. وهناك بوسط مدينة ليوفاردن كان يوجد سجن لمدة تزيد على 400 عام، أغلقته السلطة الهولندية عام 2007، وتحول جزء منه إلى فندق، وبقية مبانيه تحولت إلى مجموعة من الاستديوهات للفنانين، والعام القادم سيصبح مكتبة مركزية للمدينة، وفق موقع "دتش نيوز" الهولندي.

"ولكن لماذا لجأت هولندا إلى إغلاق السجون؟"، سؤال تطرحه الأذهان بمجرد سماع هذا الخبر، وتدور إجابته بين الإحصائيات العالمية المتعلقة بانخفاض معدلات الجريمة في هولندا منذ عام 2004 وتقدمها الاقتصادي الذي تنافس به دول العالم أجمع .

وأما عن انخفاض معدلات الجريمة فيرجع إلى عوامل عدة، منها القوانين المرنة في تلك البلاد والتي تركز على إصلاح المتهم وإعادة تأهيله وليس معاقبته، وتقدم للسجناء خيارين إما الذهاب للسجن أوارتداء ما يشبه العلامة أو السوار الإلكتروني، وتقول الإحصائيات في هولندا إن نظام التتبع الإلكتروني للسجناء يوفر 50 ألف دولار للفرد سنويا.

وقدرت إحصائيات عدد السجون في هولندا في عام 2008 بنحو 15 ألف سجينا، انخفضت في السنوات التالية إلى ما يزيد عن الـ 9 آلاف سجين ببضع مئات، حتى قررت مؤخرا غلق السجون كافة ما عدا واحدا فقط تبقي عليه للطوارئ.

وبعدما أصبحت السجون في هولندا خاوية لجأت إلى استيراد سجناء من الدول الأخرى لسد فراغها، فاستضافت نحو 650 سجينا من بلجيكا، واستوردت 240 معتقلا من النرويج، بحسب صحيفة ديلي نيوز .

فبحسب ما أعلنه وزير العدل الهولندى أرد فان دير ستور، أمام البرلمان، فإن الإبقاء على السجون الفارغة دون إشغالها يكلف البلاد أثمانا باهظة بالنسبة لهذا البلد الصغير.

وتجري هولندا حاليا خطة تسمح للسجناء بالدخول والخروج من الزنزانة بكل حرية حتى التاسعة والنصف مساءا، بعد إعطائهم مفتاح الزنزانة وشاشة رقمية تمكنهم من تحديد مواعيد ومقابلات وطلب المشتروات من المحال، وذلك وفقا لتقرير موقع "دتش نيوز" الإخباري، أمس الخميس.

فهكذا أضحى حال السجون في هولندا، تستورد السجناء إليها، بعدما كانت تهجر الهولنديين للخارج بعد الفائض السكاني الذي وصل إلى 500,000 ، وذلك بعد الحرب العالمية 1945 .

وتعد هولندا التي تتبع النظام الملكي الدستوري البرلماني بحسب تصنيف مجلة الإيكونومست البريطانية عام 2010 الدولة العاشرة في قائمة الدول الأكثر ديمقراطية، واحدة من أكبر عشر بلدان رائدة في مجال التصدير في العالم.

ويحتل الاقتصاد الهولندي الاقتصاد 18 على مستوى العالم، وتحتل المرتبة العاشرة في قائمة أكبر بلدان العالم فيما يتعلق بالناتج المحلي الإجمالي الأعلى للفرد الواحد.

ويبلغ عدد العاطلين في هولندا، التي يقترب عدد سكانها من نحو 17 مليون نسمة، 456 ألف عاطل بنسبة 5.1%، وذلك وفق بيانات واردة  عن مكتب الإحصاء المركزي الهولندي، في شهر مايو 2017، والذي أظهر تراجع في معدلات البطالة في هولندا عن السنوات الماضية، حيث كان يقدر في عام 2016 بـ 6.4 % .

وتحدث عن تجربة هولندا في إغلاق السجون الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة، في مقال مطول بصحيفة المصري اليوم، مؤكدا أن الأمر لا يحتاج أكثر من إرادة، فبدلا من التفكير في بناء مزيد من السجون يمكن التفكير فى الحد من بناء السجون.

وقد تزايدت أعداد السجون في مصر في الثلاث سنوات التي أعقبت 30 يونيو 2013 ، فوصلت إلى 52 سجنا عام 2016 بعدما كانت 42 سجنا قبل عام 2013، بحسب بيانات لوزارة الداخلية.

وتابع سلامة في مقاله أنه بدلا من التفكير فى احتجاز مزيد من الناس يمكن التفكير فى إطلاق سراح المزيد، وبدلا من رصد المزيد من الأموال فى الموازنات السنوية للإنفاق على السجون يمكن رصد هذه الأموال فى بنود تربوية وتعليمية من شأنها الحد من الجريمة بشكل عام.

ويوضح الكاتب الصحفي أن معظم سجناء العالم الثالث هم نتاج خلافات مع أنظمة الحكم، "ظلم واضطهاد أو تلفيق قضايا، أو اختلاف في وجهات النظر، أو قد يكون بسبب تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعى، أومظاهرات احتجاج، أو محاولة تزاحم على كرسى الحكم".

ورأى أن الوضع فى حالة دول العالم الثالث يحتاج إلى التعامل مع خريطة متشابكة الشكل والمضمون، تبدأ من رأس السمكة وليس العكس، ذلك أن الإرادة هنا تتعلق بالسلطة السياسية، تتعلق بتحقيق العدالة والمساواة، وبالنهوض الاقتصادى، والقضاء على البطالة، على الفقر، على الجوع، على التشرد، على العشوائيات.

اجمالي القراءات 1798
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more