صحافيو العراق ممنوعون من محاربة الفساد بأمر قانوني

اضيف الخبر في يوم الأحد ١٩ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


صحافيو العراق ممنوعون من محاربة الفساد بأمر قانوني

صحافيو العراق ممنوعون من محاربة الفساد بأمر قانوني

 
  • احتفل العراقيون بالعيد الوطني للصحافة في ظل تشديد أمني متزايد يمنع الصحافيين من التحرك والتغطية الميدانية إلا بموافقات وتصريحات مسبقة، وفي حين يلقي المسؤولون الحكوميون بكلمات الفخر والإشادة بالصحافيين ويطلقون الوعود باتخاذ قرارات تضمن حرية الوصول إلى المعلومة، يبقى واقع الميدان على ما هو عليه إلى إشعار آخر دون تقدم ملموس.
العرب  [نُشر في 20/06/2016، العدد: 10312، ص(18)]
 
العمل الصحافي مغامرة تزداد خطرا في العراق
 
بغداد - تحول العمل الصحافي في بغداد إلى مهمة شاقة تحيط بها العقبات من كل جانب، خاصة في ظل معاناة الصحافيين من صعوبة التحرك والتنقل وحمل الكاميرات، بسبب المضايقات الأمنية، بينما تتحدث الحكومة عن دعمها لحرية الصحافة وعدم التضييق على الإعلاميين.

ويرى العاملون في الحقل الإعلامي أن اشتراط قيادة عمليات بغداد على الصحافيين موافقات أمنية وتصريحات للحركة والتغطية، فيه تحييد لحرية الإعلام وتضييق الخناق على حرية الصحافة وحرية التعبير، ومخالفة صريحة للمادة 38 من الدستور.

وعبر المدير التنفيذي لمرصد الحريات الصحافية زياد العجيلي عن وضع الصحافة في البلاد بالقول، إن “حمل الكاميرات في بغداد وتنقل الصحافيين أمر في غاية الصعوبة ويحتاج لموافقات أمنية وعسكرية، بينما حمل السلاح مسموح ولا يحتاج إلى موافقات تذكر”.

وأضاف العجيلي أن “حرية الصحافة مكبلة في بلاد العسكر، مشيرا إلى أن المخاطر التي تهدد الصحافيين مازالت متعددة الأشكال ما بين القتل والخطف والتهديد، وغلق العديد من المحطات التلفزيونية والمواقع الإخبارية، والتهديدات المباشرة وغير المباشرة للصحافيين وابتزازهم، في انتهاك واضح لحق الحصول على المعلومات ولمنعهم من كشف ملفات الفساد ومحاربة الفاسدين التي كانت العنوان الأبرز للتظاهرات والاحتجاجات السائدة، وهو الأمر الذي يشير إلى تصاعد متزايد في التضييق على الحريات الصحافية”.

ويأتي ذلك بالتزامن مع احتفالات العراق بالعيد الوطني للصحافة العراقية في الخامس عشر من يونيو، والذكرى الـ47 بعد المئة لصدور أول صحيفة عراقية والتي وعد خلالها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، بسن التشريعات التي تكفل سلامة الصحافيين وتعزز مكانة السلطة الرابعة، على حد تعبيره.

وأكد الجبوري في بيان “حرص مجلس النواب على توفير كل سبل الدعم الممكن من أجل ضمان حرية التعبير والحصول على المعلومة وتداولها بما يضمن المصلحة الوطنية عن طريق سن التشريعات التي تكفل سلامة الصحافيين وتعزز مكانة السلطة الرابعة كركيزة أساسية في الارتقاء بالمجتمع″.

 
زياد العجيلي: حمل الكاميرات في بغداد أمر في غاية الصعوبة بينما حمل السلاح مسموح به
 

إلا أن الصحافيين العراقيين لا يبدون تفاؤلا بالواقع الراهن وما ستؤول إليه الأمور في ظل العراقيل المتزايدة من قبل الجهات الأمنية والانتهاكات المستمرة خلال التغطية الميدانية، حيث ينص الدستور العراقي أساسا على جملة من البنود التي تضمن ممارسة الحريات الصحافية، إلا أنها تظل بعيدة عن التطبيق.

وجاء في المادة 38 من الدستور العراقي أن “تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون”.

وفي هذا السياق يفسر رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين إبراهيم السراجي ذلك بقوله إن “إلزام الصحافيين والإعلاميين مخالفة صريحة للدستور العراقي، وهو بمثابة خطوة لتكميم الأفواه وتقييد عمل الصحافيين دون مبرر ودون أي سند قانوني”. وأضاف السراجي أن “الجمعية بصدد إقامة دعوى قضائية ضد من أصدر هذا القرار غير الدستوري وغير القانوني، لأنه ارتجالي بحجة حفظ الأمن والنظام بينما هو يسيء إلى العراق كدولة تحترم حرية الصحافة”.

ويعتبر الوسط الإعلامي العراقي أن السلطات والأجهزة الأمنية أخفقت في القيام بدورها في حماية الصحافيين، ومارست هي الأخرى ضغوطا مكثفة عليهم، إلى جانب الحرب المعلنة عليهم من داعش، مما فاقم من صعوبة الوضع.

وطبقا لموقع “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، فإن “الصحافي العراقي مستهدف من جميع الأطراف المتنازعة دون استثناء، حيث باتت مهنة الصحافة موضوع انتهاك يومي دون أدنى اعتبار للدور المهني والإنساني الذي تقدمه، ثم إن (سلطتها الرابعة) التي مارستها في خضم الأحداث على مدار السنوات الثلاث الماضية، تواجه اليوم انتقاما ممن يضيقون ذرعا بحق الإنسان، داخل العراق وخارجه، في معرفة الحقيقة، وممّن يخرقون المواثيق والأعراف والمحرمات، إذا وجدوا أن هذا الخرق قد يخدم مصالحهم”.

ويقول الصحافي العراقي ملاذ الأمين، إن “القوات الأمنية في غالب الأحيان تمنع الصحافيين والإعلاميين من التغطيات الميدانية بحجة عدم الحصول على الموافقات الأمنية أو أن المنطقة حساسة ولا يسمح بظهورها على وسائل الإعلام الخارجي”.

وأضاف أننا “نعلم جيدا أن الأجهزة الحديثة والأقمار الصناعية بإمكانها تصوير مساحات شاسعة وفي أي بقعة من الأرض وبوضوح كامل، مشيرا إلى أن إيقاف أي عمل إعلامي للأسباب المذكورة آنفا يصيب الفريق بالإحباط ويثبط من عزيمة المشتغلين فيه لفترة وجيزة، لكن عناصر الفريق سرعان ما تواصل عملها بإصرار على ضرورة إنجاز الواجب”.

كما بينت المؤشرات السنوية لمرصد الإعلام العراقي مؤخرا أن مخاطر الأحزاب المتنفذة مازالت قائمة، خاصة تلك الأحزاب التي تمتلك أجنحة عسكرية تقوم بمراقبة الصحافيين ووسائل الإعلام بشكل غير مباشر وتبعث برسائل رعب عبر التصفيات والاختطافات للعاملين في المؤسسات المحلية والأجنبية، وفي أحيان أخرى توجه لهم تهديدات مباشرة بالموت في حال انتقدوها أو تطرق أحدهم لملفات فساد ضدهم.

ولاحظ المركز أن بعض الجهات الحزبية والحكومية كانت تمتلك فائضا ماليا يتيح لها السعي إلى شراء بعض الذمم في بعض المنابر الإعلامية، لكن الأزمة المالية جعلت تلك الجهات تميل إلى التهديدات المباشرة والضغط للحيلولة دون قيام المنابر الصحافية بانتقاد فسادها أو الكشف عن تورطها في ملفات فساد بدلا من إغراء تلك المنابر ماليا كما هو الحال في السابق.


اجمالي القراءات 1857
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق