المقال الذي اعتقل بسببه الدكتور أسامة عكنان

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٨ - مايو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً.


المقال الذي اعتقل بسببه الدكتور أسامة عكنان

إستراتيجياتها في هذا البلد، وهو – أي العراق – مقبلٌ على كوارث مجتمعية قد لا تقل بشاعة عما يحدث في سوريا إن لم يتمكن الحكماء فيه من تدارك الأمر قبل فوات الأوان (!!أولا:: النظام السوري أبشع نظام عرفته البشرية ولا يقل عن النازية والفاشية والتتارية(!!)


ثانيا: داعش ومشتقاتها نماذج غير مسبوقة للتوحش والهمجية المتمسحة بالدين(!!)
ثالثا: المعارضة السورية المسلحة: أسوأ من يمكنها أن تمثِّلَ شعبا يتوق إلى الحرية، منذ أن عسكرت انتفاضة الشعب السوري وحولتها من مشروع ثورة داخلية لا وصاية لأحدٍ عليها، إلى حرب مدمرة استقدمت كل المتكالبين لتكون لهم حصصهم في الدم والدمار السوريين، بحجة أن النظام قتل السوريين وقمعهم.. إلخ، وكأن السوريين أول شعب يقمعه ويقتله نظام دكتاتوري مستبد(!!)
رابعا: إيران دولة تحمل مشروعا توسعيا همجيا ومتغولا على حساب العرب، لا يختلف في جوهره عن أيِّ مشروع احتلال واستعمار تعرضت له الأمة العربية ماضيا وحاضرا، وهو مشروع لا علاقة له بحقوق الإنسان ولا بالمستضعفين ولا بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد، وكل هذه الأيقونات مجرد أدوات يستخدمها ذلك المشروع لتحقيق طموحاته وأطماعه اللاإنسانية التي تقتات على أكاذيبها كل طحالب المعارضات العربية(!!)
خامسا: حزب الله نموذج بائس من نماذج الأدوات الأكثر انصياعا لتوجيهات وأوامر مستخدميها، ولا يختلف عن أيِّ مشتق داعشي من حيث تدجيله ومتاجرته وشعوذته باسمالدين، ويستخدم الرصاصات التي أطلقها على إسرائيل مبررا لقتل من يعارض إيران والنظام السوري في سوريا ولبنان، بل وفي أي مكان يقدر عليه(!!)
سادسا: روسيا دولة تحرقُ مستقبلها مع الأمة العربية بأيديها، بسبب الذهنية المافيوية الفوقية للنخبة الروسية الحاكمة، مع أنها قَبِلَت بدور البلطجي الذي يتوافق مع شيخ المنصر وسياساته وإستراتيجياته فقط مقابل "مَبْوَلَةٍ" قميئةٍ على شواطئ البحر المتوسط، لحساب المشروع "الأوراسي" المرتبك والمتخبِّط، بسبب حرصها – أي روسيا – على امتلاك "فلسفة" لن تمتلكها، منذ أن اختارت الليبرالية، وتنازلت عن الشيوعية، ما اضطرها إلى تلفيق فلسفة تبعث على التقيؤ، تتنازل عن بعض العدالة لصالح ليبرالية مشوَّهة، وعن بعض الحرية لصالح اشتراكية أكثر تشوُّها، أجبرتها على أن تقبل بواقعة أن "الأوراسية" لن تستطيع أن تكون أكثر من ضربٍ من ضروب التحالفات السياسية والعسكرية المفرَّغة من أيِّ مضامين فلسفية وأيديولوجية حقيقية، ما يجعلها غير قادرة على إقناع المتحالفين وفقها وعبرها بأنها بديل مناسب للشيوعية التي انهارت، واللليبرالية التي تغولَّتن وهذا ما يعرقل آفاق تجسيدها موضوعيا على الأرض منذ أن أنشأها ودعا إليها، المفكر الروسي "ألكسندر دوغين"، عقب انهيار الاتحاد السوفييتي(!!)
سابعا: تركيا دولة تتحرك بدهاء لاستعادة أمجاد تاريخية، وتراهن على تغوُّل وتوحُّش إيران الذي يُنَفِّر العربَ منها ويرسِّخُ القطيعة بينها وبينهم، وتستغل بلطجة روسيا التي بدأت بسببها تخسر العرب هي أيضا، وتهتم كثيرا بانخفاض مستوى التناقض العربي التركي اثنيا ومذهبيا إذا ما قورن بالتناقض العربي الإيراني على الصُّعُد نفسِها ماضيا وحاضرا(!!)
ثامنا: أوربا قارة مرتبكة وتائهة وغير قادرة على حسم سياساتها بشكلٍ صارم على الصعيد العالمي والمشرق عربي، بسبب معاناتها من تناقضات داخلية، أوربية جرمانية لاتينية سلافية في جانب – أنغلوساكسونية في الجانب الآخر، وبسبب عدم قدرتها على التحرر من الهيمنة الأميركية، وهي تحاول رسم سياساتها الشرق أوسطية المستقلة، عربيا، وكرديا، وإسرائيليا.. إلخ(!!)
تاسعا: السعودية تمثل ذروة سنام الوظيفية العربية تاريخيا، بدأت تحكمها فئة شابةٌ من "آل سعود" لها طموحاتها الخاصة على صعيد شكلِ المجتمع الداخلي، ونفوذ الدولة الإقليمي، وعلاقاتها مع الكبار سواء كانوا "أوربيين"، أو "أميركيين"، أو "روس"، أو غيرهم. فراحت هذه الفئة الجديدة من "آل سعود" تجنح إلى "الَّلَبْرَلَة النسبية للإسلام الوهابي" الذي يُعتبر مرجعيتَها الأم، لجهة تجسيد الطموح الأول، وراحت تجنح إلى المبادرة في تجسيد تناقضاتها مع "إيران" وفي تجسيد مواجهتها ومقاومتها للنفوذ الإيراني الإقليمي عمليا بالتدخل العسكري المباشر، وخلق التحالفات العسكرية والسياسية الإقليمية، لجهة تجسيد طموحها الثاني، كما أنها راحت تتَّخِذُ مواقفَ سياسية جديدة دوليا إزاء الكبار، تُجَسِّد حالةً من الدفع باتجاه التخفيف من اعتمادها سياسيا وعسكريا على الولايات المتحدة، والدفع باتجاه خلق هوامش استقلال حقيقية عنها، لجهة تجسيد طموحها الثالث. وهو ما خلق حالة من البلبلة لدى المواطن العربي الذي تعوَّد من هذه الوظيفية الرائدة في وظيفيتها، على حالة متفردة من التبعية لأميركا، حالت دونه ودون القدرة على تكوين وجهة نظر حقيقية وقاطعة تجاه سياساتها الجديدة، لجهة هل هي تمثل "بدء معالم صحوة عربية واستقلال عربي، وإن يكن نسبيا عن قرارات الأميركيين وغيرهم"، أم "هي مجرد لعبة ضمن سياسة الأدوار الوظيفية تُمَرِّرُ من خلالها الرياض الدور الجديد المنوط بها إمبرياليا وصهيونيا في قوالب مبهرة من مظاهر الاستقلال والتمرد، ومشعرةً الشعوب العربية بشيء جديدٍ ومختلف في سياساتها الداخلية والخارجية، ما يجعل العرب يمنحونها فرصة اختبارٍ لمصداقيتها تُضَيِّعُ من عمر تاريخهم عقودا جديدة مقبلة" (!!)
عاشرا: العراق دولة تتخبط وتعاني من الفشل الذريع على كلِّ الصعد، بعد أن أصبحت الذهنية التحاصُصِيَّة والميليشياوية المتماهية مع أبشع أنواع الفساد الثقافي والمالي والإداري، جزءا لا يتجزأ من طبيعة حكامِها وأحزابها ونُخَبِها الرئيسة، وغدت هذه الدولة نهبا لتنافسِ غير مَخْفي ولا مسبوق بين "إيران" و"الولايات المتحدة"، اللتين راحتا تستثمران "داعش" لخلق التوازنات المطلوبة، كلٌّ بطريقتها ووفق ما تفرضه متطلبات إستراتيجياتها في هذا البلد، وهو – أي العراق – مقبلٌ على كوارث مجتمعية قد لا تقل بشاعة عما يحدث في سوريا إن لم يتمكن الحكماء فيه من تدارك الأمر قبل فوات الأوان(!!)
حادي عشر: لبنان ليست دولة، بل هي مجرد "حاوية فضلات"، يستطيع من يطلع على فسيفساء الفضلات الموجودة فيها قراءة المشهد في كلٍّ من سوريا والعراق والسعودية وإيران وفلسطين، وهي بحكم طبيعتها الهَشَّة هذه لا تملك سوى أن تنتظر مُخرجاتِ تناحرِ التماسيح في تلك الدول، لتلوِّنَ جلدَها مثل الحرباء تجاوبا مع ألوان البيئة الجديدة(!!)
ثاني عشر: مصر يحكمها نظامٌ مريض يعاني من الفُصام الوطني والسياسي، ومن شيزوفرينا المصالح، ومن فوبيا مدنية الدولة، مُسَوِّقا مخاوفَه وأمراضَه تلك من خلال تخليق حالة إرهاب داخلية ومحاربتها، بحجة الدفاع عن الدين وعن الوطن أمام المصريين كي يضمن ولاءهم له عبر السكوت عن كلِّ مثالبِه المدمرة، ما أدخل الدولة في انفاق من الانحدار لا تبَشِّر بخير، خاصة بعد ظهور معالم فقدان السيطرة على "المخلوق الإرهابي" من قبل خالقه الذي هو "النظام"، لأسباب لا علاقة لها إلا بالسياسة وبالاقتصاد اللذين لا يبدي عسكر مصر أيَّ استعداد لإحداث أي تغييرات جوهرية فيهما. ولم تنفع مع هذا النظام حتى الآن كلُّ جرعات الإنعاش التي حقنه بها الخليجيون، ويُعتبَر من أسوا الأنظمة الحاكمة في العالم الثالث، بسبب افتقاره إلى رجال دولة حقيقيين يعرفون أن الدولة التي تريد أن تقيم علاقات إقليمية متوازنة مع الجوار، لا تستخدم أزمتها الداخلية قميصَ عثمان لإقامة تلك العلاقات، فلا أحد في العالم معنيٌّ بتنبني وجهة نظر مصر في مكونات أزمتها الداخلية، وعليها أن تفكر في ترتيب علاقاتها الإقليمية بعيدا عن فرض أزمتها وتصورها لها كمدخل لعلاقاتها مع الجوار ومع العالم. فمصر هي الدولة الوحيدة التي تعاني من مشكلة سوَّقَتها على أنها "مشكلة إرهاب" في حين أنها ليست كذلك، وأن بإمكانها حلها بعيدا عن ربطها بقضايا الإرهاب الإقليمية. وهو ما جعل النظام العسكري في مصر ولكي يندمج في قضايا الإقليم يعملُ جاهدا على تضخيم مشكلة الإرهاب لديه لتصبح جزءا لا يتجزأ من الإرهاب الإقليمي والعالمي، ليتمكن من ثم من أن يُسَوِّقَ قضيتَه الداخلية في هذا السياق بعيدا عن اضطراره لتقديم تنازلات حقيقية ومنتجة مجتمعيا وسياسيا واقتصاديا. والمشكلة التي يتخوف منها السعوديون هي ألا تكون القيادة المصرية قد فهمت أن التوجهات السعودية الأخيرة نحو مصر ترجع إلى ضرورة أن تقوم تلك القيادة بالاستفادة مما تمَّ تقديمه لإعادة إنتاج المجتمع المصري بشكل متوازن، ليكون لمصر دور فعال في مستقبل الإقليم في ضوء الرؤية السعودية، وأن تظن تلك القيادة أن ما حصل من تقارب سعودي مع مصر يرجع إلى عدم القدرة على الاستغناء عن مصر بشكل مطلق، وأنه تنازل من قبلهم فرضته عليهم القيادة المصرية ليقبلوا برؤيتها لأزمتها الداخلية، فتفقدُ كلُّ محاولات السعودية في هذا الاتجاه قيمتَها، وتخسر مصر اندماجها الطبيعي في الإقليم بكل متطلباته التي فرضتها سيرورات الأحداث في سوريا والعراق واليمن والخليج.. إلخ، والتي على رأسها الخروج نهائيا من إدارة أزمتها الداخلية باعتبارها أزمة مع الإسلام السياسي ومع الإرهاب المصنَّع محليا وفقط، لأن هذا التوصيف للأزمة المصرية الداخلية فقد كلَّ حجَجَه وكل أوهام أنه مقنعٌ للآخرين(!!)
ثالث عشر: الضفة الغربية تحضن الفقرات الأخيرة من مشروع "أوسلو" الراهن الناتج عن قرار "فك الارتباط"، وتحاول أن تَمْزُطَ من عنق زجاجة المصير المحتوم قبل حلول الهاوية، وهي تنظر بعينٍ إلى تل أبيب مستجديةً، وبالأخرى إلى عَماَّن مرعوبةً خائفةً، ومصيرُها مفتوحٌ على كلِّ الاحتمالات دون رجحانِ أحدها على الأخرى(!!)
رابع عشر: في اليمن تحاول إيران من خلال توجيهها لأسلوب الحوثيين في إدارة لحظات التقاط الأنفاس السياسية مرة في جنيف ومرة في الكويت، أن تقنعَ الرياض بأن الحوثيين لهم سند دولي هو إيران وأنهم ليسوا وحيدين كما يتصور السعوديون، وبأن عليها – أي الرياض – أن تفاوضه وتدخله – أي هذا السند الإيراني – في أيِّ حلِّ مرتقب في اليمن، مثلما تفعل عندما تفرض نفسها هي وتركيا أطرافا خارجية مساندة للمعارضة السورية المسلحة التي بدونهم لا تساوي شيئا. أي أن إيران وإدراكا منها لأهمية السند الخارجي إستراتيجيا في معادلات الصراع الداخلية في الإقليم العربي وخاصة في "سوريا"، و"لبنان"، و"اليمن"، و"العراق"، ولأنها فقدت زمام المبادرة في اليمن بشكل كبير بعد التدخل السعودي وإنجازات السعودية هي ونظام عبد ربه منصور هادي على الأرض، فإنها تلعب بما تتمكن من اللعب به، وهو استغلال عنصر الوقت وما تبقى من سلاح في حوزة الحوثيين لإطالة أمد الأزمة والحرب، ربما يساعد ذلك على اضطرار السعودية لإدخال إيران طرفا في الحل في اليمن، وهو ما نستبعده تماما بسبب أن موازين القوة على الأرض وفي الدبلوماسية الدولية لا تجبر السعوديين على ذلك، وبسبب ما يمكننا استقراؤه من توجهات واضحة في سياسات السعودية في ظل الحكام الجدد من "آل سعود"، ومع ذلك فليس أمامنا إلى متابعة سياسة عض الأصابع بين الرياض وطهران في جزئيةِ "من يتحمل أكثر إطالة أمد الحرب في اليمن" (!!)
خامس عشر: لن نطيل كثيرا في الحديث عن إسرائيل والولايات المتحدة، فحتى الآن لا تبدو هناك من فائدة حقيقية بدون خسائر لغيرهما، كما لا يبدو أيُّ مشاركٍ في رسم السياسات الإقليمية متحركا خارج الدائرة المقرَّرَة أميركيا بشكل جوهري، وإن كانت هناك محاولات من قبل كل من "روسيا" و"إيران" بالدرجة الأولى، و"السعودية" و"تركيا" و"إسرائيل" بدرجة أقل – وهي الأطراف الخمسة الرئيسة المتنافسة في الإقليم – لقضم ما يستطاع قضمه من الكعكة المخصَّصَة للأميركيين، وهو ما يبدو أن الولايات المتحدة تقبل به وتتغاضى عنه، مادام لن يؤثر على الحصص التنافسية الإقليمية بشكل تراجيدي تَفْقِدُ من خلاله واشنطن السيطرة على الأمور(!!)
سادس عشر: أما الأردن الهادئ الآمن المستقر الذي يُسَوِّق قادته للعالم أنه واحة الحرية والديمقراطية والتناغم بين الشعب والنظام، والذي تحوَّل إلى نظامِ حكمٍ يجسِّد أسوأ أنماط "المَلَكِيَّة المطلقة" في العالم، تمهيدا لظهور الحكومات البرلمانية المفرَّغَة من أيِّ مضمون والمنشغلة بالخدمات مثلها مثل المجالس البلدية، فله وحده قصةٌ تتجمَّع في قلبها وفي حبكتِها كلُّ القصص الخمسة عشرة السابقة، وهو ما سنفرد له جولاتٍ مستقلة في وقت لاحق وعبر مقالاتٍ لاحقة(!!

=

رابط المقال الأصلى . لربما تكون هناك مُشكله فى ترتيبه  بسبب عدم سماح الموقع الأصلى من نسخه مُرتبا .

http://www.moubadarah.com/modules.php?name=News&file=article&sid=3404#.VzQIfCHzvSc.facebook

اجمالي القراءات 3240
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق