من اجل التنظير للمرجعية الامازيغية الإسلامية كما اسميها الجزء الخامس و الأخير

مهدي مالك Ýí 2023-11-02


    

 

من اجل التنظير للمرجعية الامازيغية الإسلامية كما اسميها الجزء الخامس و الأخير

الإسلام الامازيغي و التنوير الإسلامي اية علاقة و اية اعتراضات؟

مقدمة متواضعة                                   

المزيد مثل هذا المقال :

لعل التنوير الإسلامي كما اسميه له سياقه التاريخي و الهوياتي في المشرق العربي منذ القرن التاسع عشر الميلادي حيث كان هذا المجال الجغرافي خاضع لما يسمى بالخلافة الإسلامية في نسختها العثمانية التركية لان الاترك هم من اسسوا هذه الامبرطورية الدينية على نهج بني امية و بني عباس أي إراقة الدماء و انتهاك الاعراض من خلال توظيف ايات ملك اليمين في وطئ الجواري و اسريات الحروب خارج اطار الزواج الشرعي.

 و تطبيق الشريعة الإسلامية و حدودها الشرعية من قبيل حد القتل و حد السارق  الخ من هذه الحدود المذكورة في القران الكريم بدون ادنى شك غير ان هذه الحدود الشرعية لا تطبق الان في اغلب دول شمال افريقيا و الشرق الأوسط باستثناء السعودية الوهابية و ايران الشيعية و حكومة الطالبان في أفغانستان منذ صيف سنة 2020.

ان ولادة فكرة التنوير الإسلامي في هذه الجغرافية المشرقية في القرن التاسع عشر له مبرراته و أسبابه حيث ولدت هذه الفكرة في مصر على الخصوص  لدى فقهاء الدين ذوي النظرة التجديدية نحو الدين الإسلامي مثل  محمد عبدو و جمال الدين الافغاني و علي عبد الرزاق الخ بمعنى ان هذا التنوير الاولي كان يهدف الى نهضة الإسلام و المسلمين معا .....

لقد كان التنوير الإسلامي الاولي في المشرق العربي يدعو الى نظرة تجديدية نحو الدين الإسلامي و فكره السياسي و الاجتماعي تجاه المراة و تجاه الأقليات الدينية الخ من هذه المسائل في ظل وجود دولة الخلافة او بعد سقوطها في سنة 1923 حيث ربما كان الزعيم كمال اتاتورك ذو اتجاه علماني متطرف  بمفهومه الغربي حتى النخاع كاحتمال ضمن الاحتمالات الممكنة لان الوعي الديني السلفي كان يرى ان بسقوط الخلافة الإسلامية قد يعنى سقوط الإسلام و شريعته الحاكمة بحدودها الشرعية الخ من هذه الحجج الجوهرية التي ساهمت بشكل عظيم في تأسيس جماعة الاخوان المسلمين سنة 1928 في مصر و تأسيس المملكة العربية السعودية في سنة 1932 بدعم غربي كما يعلم العقلاء .......

و بالتالي فان يمكن القول ان التنوير الإسلامي كان يمارس التنظير لمفاهيم جديدة من قبيل تعليم البنات و تظهير الاحاديث النبوية من مما يشين او يهين الإسلام و رسوله الاكرم و الديمقراطية بمفهومها الغربي الخ من هذه المفاهيم الوافدة من الغرب المسيحي منذ غزوه العسكري لهذه الجغرافية المشرقية عبر مصر خلال القرن الثامن عشر الميلادي ...

و في المغرب فالامر يختلف جذريا بحكم هذا البلد العزيز قد استقل عن المشرق العربي منذ  سنة 123 هجرية الى حدود سنة 1956 ميلادية كما قلته و شرحته في مقالاتي الماضية حيث استطاع اجدادنا الكرام رحمهم الله الملائمة بين هويتهم الاصلية و دينهم الإسلامي الوافد من شبه الجزيرة العربية دون الدخول في متاهات السياسة المشرقية منذ الخلافة الاموية ....

فان اجدادنا قد انتجوا ما نسميه بالإسلام الامازيغي المبني على التصوف و على الاضرحة أي توقير أولياء الله الصالحين و ليس تقديسهم لان هناك فرق شاسع بين التوقير و التقديس حيث لا أقول ان هذه المسائل الدينية هي خالية مائة بمائة من الخرافات و من الشعوذة الخ...

غير ان هذه الأخيرة هي مسائل اصيلة في اسلامنا الامازيغي منذ قرون عديدة عبر التراب المغربي الشاسع آنذاك حيث وصل حدود هذا التراب الى مالي الحالية حسب قول الدكتور كلاب في احدى فيديوهاته الناجحة بمعنى ان نفود اسلامنا الامازيغي قد وصل الى هناك انذاك ...

و كما ان الإسلام الامازيغي هو مبني على الأعراف الامازيغية او القوانين الوضعية الامازيغية حيث شرحت في مقالي الماضي بالقول بعد قراءة هذا الكتاب القيم في تاريخنا الاجتماعي تحت ظلال حضارتنا الامازيغية الاسلامية اصبح اؤمن ان العلمانية هي شيء اصيل في مجتمعنا الامازيغي المتدين حتى النخاع اصلا من خلال القوانين العرفية الامازيغية او الوضعية التي لا تتعارض مع المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية بحيث ان هذه القوانين تحترم حقوق الانسان عموما و حقوق المراة خصوصا من خلال نظام الكيد و السعايا العرفي أي اقتسام الثروة بين الزوجان في حالة الطلاق و إعطاء المراة حقها المشروع بفعل كديها و عملها في الحقول الخ من هذه المسائل الإيجابية لصالح المراة قديما و حديثا رغم انني لا اتدخل في النقاش الدائر الان حول مدونة الاسرة لعدة اعتبارات موضوعية لكنني اتابع هذا النقاش  عن قرب  ..

ان هذه القوانين الوضعية الامازيغية لا تطبق الحدود الشرعية مثل حد القتل بديل صريح  الا و  هو عندما قرر الملك الامازيغي يوسف بن تاشفين القضاء على ملوك الطوائف بالاندلس لم يقتل المعتمد بن عباد لخيانته له و للاسلام بل نافه الى نواحي إقليم مراكش لقضاء حياته الباقية فيها بمعنى ان النفي من الأرض هو مذكور في القران الكريم بعد القتل الخ بمعنى ان هذه القوانين الوضعية الامازيغية قد اجتهدت في اطار النصوص الدينية حقيقة..

انني اريد الوصول هنا هو العلاقة التي جمعت بين الإسلام الامازيغي عندنا و التنوير الإسلامي بالمشرق العربي منذ القرن التاسع عشر الميلادي حيث ان هذه العلاقة هي تتمثل بالملائمة بين الدين الإسلامي و نصوصه و بين حاجات المؤمنين في أي زمان او مكان تحقيقا لمقولة ان الإسلام هو صالح لكل زمان و مكان أي ان اجدادنا لم يفعلوا أي اثم بتعطيل الحدود الشرعية و تعويضها بالقوانين الوضعية التي تصون الانسان و جسده الخ حسب اعتقادي المتواضع.

 بل فضلوا استخدام عقولهم للملائمة بين الامازيغية و الإسلام داخل القبائل الامازيغية التي أعطت اورع الدروس في الوطنية الخالصة و التشبث بالدين الاسلامي ابان الفترة الاستعمارية من خلال دلائل لا نهاية لها من قبيل شعر المقاومة لدى  فن احواش و فن الروايس و فن احيدوس الخ من هذه الدلائل الرمزية و الفعلية ..

غير ان الدولة المغربية بعد سنة 1956 اتجهت نحو الانكار التام لشيء اسمه  الامازيغية بكل ابعادها السياسية و الدينية الخ من هذه الابعاد الرمزية و الفعلية واتجهت كليا نحو التشريق و نحو التغريب على قدم المساواة أي ان الدولة المغربية وقتها  تريد تصفية مرجعيتنا الامازيغية الإسلامية الممتدة منذ انتصار اجدادنا الامازيغيين على جيوش بني  امية المارقة سنة 123 هجرية  الى سنة 1956 ميلادية بجرة القلم في تاريخنا الرسمي و في وعي  المغاربة الديني و السياسي لاجل بناء دولة عربية تابعة للمشرق العربي بشكل مطلق الى يوم القيامة ............

 

لكن هذه الدولة المستقلة تحكم بالعلمانية الفرنسية من خلال القوانين الوضعية التي وضعها الفرنسيين ذوي الديانة المسيحية حيث هنا أتساءل السؤال التالي الا و هو ما هو الفرق بين العلمانية الاصيلة و العلمانية الفرنسية المطبقة الى حدود  الان في  بلادنا ؟

اذن منذ استقلال المغرب الشكلي ظل اسلامنا الامازيغي مغيب بشكل مطلق رسميا على اقل  الا في بعض العادات القليلة للغاية مثل قراءة الحزب الراتب و اقامة المواسم الدينية المنتشرة في مختلف انحاء المغرب ..

 ان سبب هذا التغييب الرسمي لاسلامنا الامازيغي في اعتقادي المتواضع هو ان السلطة كانت تريد محو اية علاقة بين الامازيغية بشموليتها و الإسلام في بلادنا منذ سنة 1956 الى سنة 2004 كتاريخ لتنظير مصطلح الإسلام الامازيغي من طرف المرحوم احمد الدغرني في حوار صحفي مع جريدة تيلواح المحسوبة على ما يسمى بالتيار الإسلامي على حد علمي المتواضع أي ان المرحوم احمد الدغرني هو اول من اظهر هذا المصطلح الجديد القديم في ذلك السياق و الله  اعلم باعتباري مازلت اقرا الجرائد و الكتب آنذاك .

لقد أدى هذا التغييب للاسلام الامازيغي رسميا الى نتائج خطيرة من قبيل الجمع بين العروبة و الإسلام على مستوى خطاب الدولة الديني و السياسي لعقود طويلة  و تحصين ما اسميه الان بايديولوجية الظهير البربري خصوصا بعد سنة 1979 . و تأسيس ما يسمى بالحركة الإسلامية المغربية في أواسط سبعينات القرن الماضي بخلفية مشرقية تنظر الى كل ما هو مغربي اصيل نظرة الاحتقار و الدونية حيث لم اسمع شخصيا ان قيادي إسلامي في حزب العدالة و التنمية او في حركة التوحيد و الإصلاح او في جماعة العدل و الاحسان المحظورة قد أشاد بالعرف الامازيغي باعتباره تراث قانوني للامازيغيين المسلمين منذ 14 قرن الماضية..

 و لم اسمع قط طيلة مساري في الكتابة و النشر على الانترنت منذ أكتوبر 2005 ان قيادي إسلامي قد اعتبر ان الامازيغية بشموليتها هي ثقافة إسلامية اصيلة في وطننا الغالي  ..

و باختصار شديد لقد انخرطت في التنوير الإسلامي رسميا في سنة 2015 من خلال انضمامي لموقع اهل القران بالولايات المتحدة الامريكية لاسباب كثيرة و متعددة. 

و من بين هذه الأخيرة قد كنت أرى ان ما يسمى بالتيار الإسلامي ببلادنا وقتها كان يمارس لعبة التكفير على بعض نشطاء الحركة الامازيغية بسبب بعض القضايا الهامشية كما اعتبرها الان من قبيل قضية اسلم تسلم .

و سبب اعتباري هذه القضايا بالهامشية هو ان الفاعل الإسلامي طيلة تسع سنوات من التسيير الحكومي قد دمر او حطم الامازيغية بشموليتها بجميع الوسائل و الأسلحة من قبيل تاويل كلام بعض نشطاء الحركة الامازيغية  حول الإسلام و رسوله الاكرم بشكل مغطوط كما نعتقد امام العامة من الامازيغيين المتدينين و تشويه نضالنا الامازيغي منذ ستينات القرن الماضي  الى الان من خلال ربطه بالعلمانية بمفهومها الغربي و بالصهيونية و بالالحاد الخ من هذه الأشياء السلبية ..

انني أصبحت اؤمن بمنطق الأولويات امام هذا التيار الوهابي الخطير الذي بدا يحطم كل عاداتنا و تقاليدنا و فنوننا بدعوة انها تخالف مع صريح الدين الإسلامي و مع سلف الامة هناك في المشرق العربي مع تطبيق الشريعة الإسلامية و حدودها بمعنى اننا امام  تحريف عظيم لتاريخنا الاجتماعي و لاصالتنا الامازيغية الإسلامية الحقيقية من طرف هؤلاء القوم الجاهلين بوجود اسلام امازيغي مبني أصلا  على العرف الامازيغي و على اكرام المراة من خلال زوجة امير المسلمين يوسف بن تاشفين كمثال تاريخي صريح على اجدادنا بعد اسلامهم لم ينظروا الى المراة نظرة الشهوة الجنسية او نظرة الاحتقار بل نظروا اليها نظرة التوقير و التعظيم  ..

ان من بين أولويات هذه المرحلة هي التنظير للمرجعية الامازيغية الإسلامية كما اسميها و التعريف باسلامنا الامازيغي الأصيل في جميع ندوات الحركة الامازيغية في انتظار أي افق سياسي يتمثل في تأسيس حزب ذو المرجعية الامازيغية الإسلامية كما اقترح بكل التواضع لان استغلال الإسلام إيجابيا في الحياة بشكل عام هو امر مطلوب بعيدا عن تاثيرات المشرق العربي السلفية و الوهابية و العروبية منذ سنة 1930 الى الان.

و ليس معنى كلامي هذا انني اعتبر ان التنوير الإسلامي ببلادنا هو دون أهمية كبيرة لكنني اختلف مع بعض أفكار الأستاذ رشيد ايلال الذي لا يمثل الا نفسه و اتجاهه الموقر حيث اعتبر كل يدافع عن تراث اجداده الإيجابي فانه رجعي  الخ من أفكاره الموقرة ....

و خلاصة القول في هذا المحور الأخير ضمن هذا الموضوع الطويل ان من المستحيل الاستمرار في هذا الواقع المحيط بنا دون التنظير للمرجعية الامازيغية الإسلامية كاجتهاد شخصي قابل للصواب و الخطأ  و الكمال لله وحده ...

توقيع المهدي مالك

 

 

اجمالي القراءات 914

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-12-04
مقالات منشورة : 261
اجمالي القراءات : 1,252,157
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 29
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco