الإنسان في القرآن الكريم - 8:
وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا – 8

خالد اللهيب Ýí 2013-03-08


أتابع البحث حول المعاني التي إرتبطت بكلمة الإنسان :

1-- الإنسان بخيل بطبعه، قتور، خُلقت به غريزة حب المال والتملك ، فالنفس الإنسانية تود لو أنها تملك كل ما في الأرض ومن كل شيئ، حتى إذا إمتلكت خزائن رحمة الله عز وجل وهي أكثر وأكبر من أن تعد أو تحصى ، لأمسكت خشية الإنفاق ، (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنسَانُ قَتُورًا(100) الإسراء .

بخل الإنسان ينسحب الى كل شيئ ، حتى الى نفسه ، فالبخل طبع مُؤصل به ، ولكن المؤمن يتصف ويتمسك بالكرم والكافر بالشح والبخل ، الإنسان لا يكرم أخيه الإنسان حتى ولو كان يتيما منفردا منعزلا في المجتمع أو فاقدا لأهلته وأهله ، كما أنه لا يحضّ ولا يدعو ولا يشجع على إطعام المسكين ولوكان من مال غيره ، والإنسان يأكل مال الوراثة ، أكلا لمّا بنهم دون تميز لما يأكله أوالنظر فيه ، أهو حلال أم حرام وكأنه يلمّهُ من الأرض لمّا ، ويُحب المال حبا كثيرا شديدا (جمّا) ، إذ يقول تعالى :(كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَّمًّا(19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا(20) الفجر .

الله سبحانه وتعالى هوالمعطي والمقسم للأرزاق عن هدف وبينة ورحمة وهداية ، و رحمته بالهداية أفضل مما يجمع الإنسان من عطام الدنيا ومتعها ،فجاء التساؤل والإستهجان من رب العالمين قائلا : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32)الزخرف.

المؤمن يعترف ويقرّ أن العطاء عطاء ربوبية من الله المنعم الوهاب ، فالإنسان لا يعطي من ماله ولا من مجهوده الذاتي بل مما وهبه وأعطاه واستأمنه عليه رب العالمين من المال ، وما أودع به من القوة وما سخر له من السلطان ، فنحن حراس على ما يهب لنا رب العالمين وليس لنا إلا ما عملنا من فعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لنجده أمامنا وقد سبقنا يوم الحساب ونحن يومئذ أحوج ما نكون إليه ، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35)وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ(37) عبس ، وليس لنا في حياتنا الدنيا إلا ما أكلنا وشربنا ولبسنا تاركين كل ما تبقى وراءنا والله عز وجل وحده يعلم كيفية التصرف به من بعدنا ، فهل أعطينا حق السائل والمحروم قبل إنتقالنا للوقوف بين يدي من لا يخفى عليه خافيه ، (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) 25 المعارج ، من لا يؤمن أن هنالك حق معلوم للسائل والمحروم ولا يؤديه لأصحابه ، فإنه لا يؤمن بالله عز وجل وقد كفر بما أنزل وأمر، فالله عز وجل لا يسألنا كم تركنا خلفنا من مال وجاه وسلطة لأبنائنا ، ولكن يسألنا ويحاسبنا عن إمتثالنا لأمره وشريعته وإعطائنا أصحاب الحق حقهم في أموالنا قبل مماتنا لا أن يدفعنا الكفروالظلم والبخل والحرص الى المثول للحساب وسجلنا أسود قاتم كوجوهنا يومئذ ، (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ(106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) آل عمران .

بينما الكافر يكتنزالمال ويحسب أن المال الذي في حوزته ، ماله الخاص ولم يجمع إلا من مجهوده وتعبه ولا دخل لمسألة التوفيق والعطاء من رب العالمين وهذا المال يغنيه عن الناس ورب الناس .

الكافر يؤمن أن قيمة الإنسان ومكانته مساوية لمقدار ثروته المادية والمال كفيل بتخليد ذكراه في الدنيا ،فهو(الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) 4 الهُمزة ، وما بُنيت النصب والقلاع والقصورالمترامية الأطراف والعالية الشاهقة عبر التاريخ والى الآن ولا المجمعات الإستثمارية والإستهلاكية الضخمة حديثا ، إلا لتُسحر النظر وتُرهب النفس ولتبق شاهدة على عظمة من أقامها من الحكام والتجار الكبار، أصحاب المليارات ، بدماء الشعوب وحياتهم .

نعم سيُذكرُ الظالم في الصحاف السوادء ويُكب في مزبلة التاريخ ، والشعب العربي (ومعه شعوب العالم الثالث ) ، يعاني من هذا الجور والظلم ، ومن الجشع والنهب ، خاصة من المؤسسات التجارية الدولية ، عبر التحكم بالأسعار وكمية المعروض من السلع الضرورية للإنسان ، مستخدمين صلتهم وقربهم من السلطات الحاكمة لتجاوز القانون والقرارات الحكومية ، فالقانون في هذه الدول ، وضع ليُطبق على الفقراء لا على الأغنياء ، فالسلطات الحاكمة الرسمية والمقنعة التابعة لها سرا ، تشارك كبار التجار والمستوردين بنسبة كبيرة من الأرباح وعلى الفقراء الكد والتعب لتأمين ضروراتهم وحاجاتهم ، كيف لا وقد أصبح كل شيئ ضروري ، لا يُستغنى عنه ، عبر الترويج والإعلان .

 وكم هي نسبة الشركات والمؤسسات المالية الوطنية والدولية ، التي بنت مصانع لتشغيل اليد العاملة في هذه البلاد؟ وكم هي نسبة من يستورد كافة السلع والخدمات ، آلا تستورد هذه الدول أساسيات أمنها الغذائي من القمح والزيوت وغيرها كثير وهي في إزدياد مستمر؟ ، هكذا عش وحررالقدس يا عربي وأنت واقع ما بين التطرف الديني الوهابي المكفر للناس والمجتمع وبين حكام وأغنياء العرب ، هؤلاء(اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) التوبة ، فلا يخافوا الله سبحانه وتعالى ولا يراعوا حق المواطنة وليس لديهم ضميرا حيا يردعهم وينهاهم عن الإستغلال والظلم ، ولا يرحموا ولا يكفوا عن تسلطهم و جبروتهم ولا يشبعوا ولا يكتفوا بما استغلوا ونهبوا.         

الظالم الكافر من الحكام وأصحاب السلطة، يحسب أن ذكراه مخلدة بأفضل الصفات والسيرة العطرة وفقا لما يعتقد ويؤمن و وفقا لما يسمع من حاشيته وبطانته وإعلامه ، فما أكثر المدهنيين الوصوليين الفاسدين من الإعلاميين والمقربين ، ولكن ستنقلب عليهم الأمور جميعا كما إنقلبت على غيرهم من قبل ، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) 82 غافر.

2-- الإنسان الكافرمستغن : ما أن يُعطي اللهُ سبحانه وتعالى الإنسان القوة والنعمة المادية والجسدية ولو بالحد الأدنى حتى تنمو لديه نزعة الإستغناء والتجافي والتكبر والتجبر عن الناس ورب الناس سبحانه و تعالى ، فالإنسان الكافرالمنقاد لميوله وغرائزه وهوى نفسه ، كلما أعطي زاد قوة و تجبرا حتى يطغى على الناس ظلما وعدوانا ، ناسيا أن الله هوالوهاب المعطي ، (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) العلق .

هذا ما نراه على مختلف مستويات الناس ، من الإنسان العادي الى حكام البلاد والعباد ، حيث يكون أكثر وضوحا و طغيانا، من فرعون الذي وصل الى أقصى مدى من الكفر وعدم الإتزان النفسي وأصبح يعتقد أنه رب الناس الأعلى الى أي طاغية من طغاة عصرنا الحديث ،وها نحن نرى إيمان طغاة العرب ، كيف يذبحون الشعوب بعتبارهم الأسياد والناس عبيدا وملكا لهم، (.سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) الشعراء.  

الإنسان الكافر بعد أن تتزين له الأرض وتقبل عليه و يظن أنه مالكها يتحول من إنسان متزن يحكم على الأمور بعقل واع الى إنسان آخرمختلف كلية، (.حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) يونس ، يتحول الى طاغية مستغن عن الناس و رب الناس سبحانه وتعالى ، ملؤه التجبر والبطر والإستغناء والتعالي والظلم الفاجر ، نهايته وماله وما جمع الى الزوال والحصاد ، فيحصدها رب العالمين ويأخذها أخذ عزيز مقتدر، كأنها لم تغنه بالأمس، ينطبق هذا الوصف على فتوة زقاق بحي شعبي فقيرالى رئيس دولة مفلسة ملؤها الفقر والجهل والظلم .

الإنسان المؤمن يعتقد ويؤمن ويعي أنه في كل أمره محتاج الى الله عز وجل ، فالله الغني ونحن الفقراء إليه وهذه حقيقة إيمانية و رحمة من الله سبحانه وتعالى ، لحاجاتنا ندعوه ونتضرع ، نخاف معصيته و انتقامه ، نرجوا ثوابه وغفرانه ، فحاجاتنا إليه سلسلة آنية دائمة لا تنتهي .

المؤمن الحصيف إذا ما أعطي وفقا لأي مستوى من مستويات المعيشة في المجتمع ، يبقى على صلة وتقرب وصلاة من الله رب العالمين ، كلما أعطي ومُكن في القدرة كلما زاد تواضعا و تقربا وصلة وإمتثالا لشريعة الله سبحانه وتعالى ( الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ(41) الحج ، يخافون من فتنة واختبار الله عز وجل لهم ، كما يخافون هوى أنفسهم وفتنة شيطانهم ، فهم (رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) النور ، بينما الإنسان الكافر لا يشعر بهذا ولا يعيه ولا يعلمه، يستغني ويتجبر ويظلم ويتمختر ، يهدر كالثور الهادر لا يقدرعلى ردعه وايقافه أحد .

هذا الإنسان الطاغية المستغني المنقاد لغرائزه وهواه ، يصاب بما يسمى جنون العظمة والتجبر ، بعظهم يتجبر على شبر من الماء ، كيف لا وهو ديك على مزبلته ، يؤمن أن لا بعث ولا حساب بعد الموت ، ولكن يوم القيامة والحساب ، ستجمع عظامه ويسوى بنانه وتظهر بصمته الدالة على ذاته ويحاسب حسابا عسيرا ، ( أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) القيامة ؟ الأية إعجازعلمي لدلالتها على خصوصية البصمات الفردية لكل إنسان بذاته ، حيث تأخذها المباحث الجنائية كدليل علمي في الإثبات والنفي .

3-- يريد الإنسان أن يكسب ويتمتع ويمتلك بلا حدود ولا رادع ، فلا يقف أمامه مانع ولا يصده حاجز، متمتعا لاهيا ويسأل ساخرا متى يوم القيامة ؟ (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى(33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى(34)ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى (36) القيامة ، وصف دقيق وبلاغة عالية لا تأتي إلا من الله العزيز الحكيم .

(ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) هذا التبجح والإزدراء والإستهزاء لدين الله عز وجل والإستعلاء ، يُعبرعنه الإنسان الكافر مُتهكما (..أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا(66) مريم ، يضحك ويسخر من الذين آمنوا بيوم البعث والنشور، وفي الآخرة يظهر الحق ويضحك الفائزون ، سبحان الذي أضحك وأبكى ، (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) المطففين .

4-- الكافرون يظنون بلا علم ولا دراية ، يتوهمون ويتمنّون أن يترك الإنسان سدى بلا حساب ولا ثواب ولا عقاب ، أن يكون الأمرعلى هذا النحو حيث يوافق وضعهم ، فهم المتحكمون الآمرون المالكون وقد اطمآنوا بالحياة وللحياة ، هذا يتفق مع أهوائهم و رغباتهم ومسيرتهم في الحياة الدنيا ، (إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (8) يونس ، إيمانا منهم في حياتهم الدنيا ، أن ما يهلكهم إلا الدهر وفعل الزمن والشيخوخة ، يتمنون أن لا يكون هنالك بعث ولا حساب ، فقد (.. قَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ(24)الجاثية .

5-- الإنسان بطبعه عجول، (خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ(37) الأنبياء ، يريد الإنسان أن يصل الى مبتغاه وهدفه بأسرع وقت ممكن ، الطفل يستعجل بلوغ مرحلة الرجولة ، والأب يستعجل بلوغ أبنائه مرحلة الأبوة ، الكل يركض لاهثا وراء أموره حتى لا يجد وقتا للإستمتاع بحياته ، وتنتهي حياته قبل أن يصل الى مبتغاه وأهادفه ، إذ ليس له هدفا واحدا محددا ، بل هي سلسلة من الأهداف المتتالية كلما حقق منها هدفا ظهرت أهداف أخرى أكبر وأشد وأصعب ويُمضي حياته لاهثا وراء السراب ، فلم يستمتع بحياته ولم يعط نفسه فترة تأمل وتفكر ليسأل نفسه الى أين أسير وما الهدف من كل هذا السعي والكد ، ( .. وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (11) الإسراء  .

يستعجل على رزقه، الغني لا يشبع والفقيرلا يأمن والكل يلهث راكضا وراء رزقه وهو آتيه سواءا ركض أم مشى الهون في سعيه ،(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23) الذاريات ، فالرزق مقسوم فعلى ما تستعجلون ،(وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6) هود.

 بسط الرزق بلا حساب وقدر ، كما يشتهي الإنسان ويتمنى ، هي فتنة تودي بصاحبها الى البغي في الأرض والعدوان في أغلب الأحيان ، إلا ما رحم ربي وآمن واتقى وعمل صالحا واكتفى ، ولكن رحمة من الله الرحمن الرحيم بعباده المؤمنين يبسط لهم الرزق بقدر محسوب وإلا وقعوا في المحظور والتهلكة وسوء المنقلب، (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) الشورى  .

الإنسان المؤمن المتقي المتوكل ، يرزقه الله سبحانه وتعالى  من حيث لا يحتسب وهو كافيه وحسبه ، (مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) الطلاق.

حال الكافر وأمرهُ ظلما لنفسه وغيره ، إذ يستعجل عذابه تمردا وكفرا ، يتحدى الخالق سبحانه وتعالى  ورسله عليهم السلام ، إيمانه مطلق راسخ بعدم وقوع العذاب ولا بيوم الحساب وكان أجدر به أن يعقل و يعي أو يحطات لنفسه إنما هوالكفرالصريح وهذا النبي صالح عليه السلام يقول للكافرين من قومه : (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) النمل ، والله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام ، (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(53) العنكبوت.

يتعجب رب العزة من تبجح الإنسان الكافر( أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (176) الصافات ، هان عليهم عذاب الله سبحانه وتعالى ، (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ(24) الأحقاف ، يُحاولوا أن يخففوا عن أنفسهم هول ما هو قادم إليهم إلا أنه واقع بهم وهوالعذاب الأليم ، وهذا التحذير والعذاب واقع على كل ظالم في كل وقت و كل من يستسهل الذنوب والمعاصي و لا يرعى شريعة الله سبحانه ولا يتقي ، ( فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) الذاريات ، فالعذاب الأليم قادم إن لم يكن في الدنيا فهو في الآخر أشد وأعظم .

6-- هذا الإنسان يفرح ويسعد برحمة وفضل الله رب الخلق جميعا إذ كتب ربنا على نفسه الرحمة التي وسعت كل شيئ ، برحمته وفضله أنزل إلينا القرأن الكريم فأصبحنا من المهتدين فلم نتبع الشيطان الرجيم  وفزنا الفوز العظيم ( ..فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ..)157 الأنعام ، ( ..وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً(83) النساء، وما أن يذوق الإنسان الكافر رحمة من ربه سبحانه وتعالى حتى تدخل الفرحة والبهجة قلبه ، والرحمة التي يسعد بها هي الرحمة المادية الحسية الدنيوية وليست المعنوية الإيمانية الأخروية .

رحمة الله سبحانه تصيب جميع خلقه المؤمن والكافر، هذا في الدنيا ، فهو الغفورالرحيم بعباده ، ( نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) الحجر، أما في الآخرة فهي تختص لعباده المتقين المؤمنين دون الكافرين ، (..وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(156) الأعراف ،

الإنسان المؤمن يسعد ويفرح برضى الله عز وجل في الدنيا والآخرة ويتمنى لقاءه جل وعلا ، فقد (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)المائدة .

 ولكن إن أصاب الإنسان الكافر، ما يسوءه من مصائب الدنيا يكفر برب الخلق سبحانه وتعالى رغم أنه هو المسبب والجاني على نفسه ،(.. إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ (48) الشورى .

الإنسان الكافر، ظالم لنفسه قبل غيره بتكذيبه وصدوده عن آيات الله عز وجل يحكم على نفسه مقدما في حياته الدنيا بسوء العذاب في الآخرة ، (..فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ (157) الأنعام .

 7-- الإنسان الكافر يفقد الأمل سريعا عند مصائب الدنيا وتسودّ الحياة في ناظرية فيقعد حزينا مكتئبا مفكرا ليصل الى نتيجة أن لا أمل في الخروج من أزمتة إلا بخسارة مادية كبيرة أوخسارة حياته الخاصة أو حياة من يُحب ، إذ يذهب الى أقصى اليأس والتشاؤم ، فهو يؤوس قنوط ، ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوابِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ(36) الروم ، (..وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا (83) الإسراء ، فنرى أكبر نسبة للإنتحار ومراجعة العيادات النفسية لدى الكافرين ، الذين لا يؤمنون بشيئ ولا على ربهم يتوكلون ولا لملاقات الله سبحانه وتعالى هم راغبون .

 الإنسان الكافر يقيس الأمور بمقياس العلم والعقل والمنطق والأخذ بالأسباب المادية وينسى أن هنالك رب للأسباب سبحانه وتعالى ، الذي لا يعجزه شيئ وهو فوق الأسباب ، والمؤمن لا يقنط من رحمة الله عز وجل ، يصبر على ما أصابه ، يأخذ بالأسباب ويعتمد على رب الأسباب ، فلا يسرف في التفكير والسعي ويجهد نفسه بل يتوكل على ربه المدبر ويركن إليه أمره.

وهذا النبي لقمان عليه السلام ينصح إبنه بالصبر على ما أصابه ، فالإنسان الؤمن والكافر ، مصاب ومختبر من ربه ، ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِوَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ(17) لقمان ، المؤمن همة غفران ربه سبحانه وتعالى وكيف يحوز على رضاه ومغفرته ، فلا يفقد الأمل والرجاء من رحمته ، لهذا جاءت الطمأنينة من الله الرحمن الرحيم للناس أجمعين ، رحمة بهم ،( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53) الزمر، الظالم لنفسه ، الكافر بربه هو من يقنط من رحمه الله عز وجل ، يؤكد ذلك قول النبي ابراهيم عليه السلام (.. مَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ(56)الحجر.

  8-- يتعجب رب العزة من جهل الإنسان وإنكاره وتبجحه وقلة رؤيته وهو قد خلق من نطفة ضعيفة تخرج من بين الصلب والترائب وهذا الخلق والتكوين يراه بأم عينيه كل يوم ، رغم هذا فإذا به خصيم مبين، ( أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (77) يس ، يدعي العلم ويكثرالمجادلة ويعلن الخصومة لله رب العالمين ، وكان أجدر به أن يخجل ويُطأطئ الرأس إجلالا وتعظيما كلما خطر على باله وذهنه خالقه رب العزة والقدرة والجلالة ، لا أن يفجر ويخاصم وهوالضعيف المحتاج إليه في كل وقت ولكنه الجهل وضعف اليقين ، فكان من الكافرين .

إذا مسهُ ضرٌ وأصابه سوءٌ لا يلجؤ إلا الى الله سبحانه وتعالى ، فالأنسان يعلم في قرارة نفسه أن لا ملجأ له إلا الى ربه عز وجل ، حتى الكافرون عند الشدائد والمحن يلجؤون إليه سبحانه وتعالى ، ولكن هذا الإعتراف واللجوء موقت يزول بزوال المحنة والشدة .

فالإنسان أضعف من أن يلتزم بشريعة الله عز وجل ، هواه ورغبته أقوى من نفحة إيمان وشدة ألمت به وقد تزول سريعا ، فيعود الى سابق عهده وغيه ، ناكرا جاحدا فضل ربه وخالقه ، ( وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (12) يونس .

المنافقون الكافرون ، يكفرون عند الرخاء ويؤمنون عند البلاء ويعودون الكرة والكرة ،( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً(137) بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)النساء ، يعتادون على الجحود وإنكار النعمة وكشف البلاء ، فهم المنافقون ، ينافقوا الله ويكأن الله سبحانه وتعالى لا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وهو الله الغفورالصبور ولكن الى حين ، فبشرهم بعذاب أليم .

والإنسان ينسى سريعا ما كان يدعو إليه في فترة محنته وشدته ، ( وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ(8) الزمر.  

9-- الإنسان الكافرظالم لنفسه ، جاحد بنعمة ربه ، جهول بغيه ، يعلم في قرارة نفسه وفي فطرته ، أنه مخلوق من قبل خالقه جل في علاه وهذه الفطرة تظهر عند النوائب وتشتد عند الشدائد ، إلا إنه يعيد تغطيتها وحجبها ارضاءا لشهواته وميوله ، مادام في هناء ورخاء في الحياة ، ينسى الإنسان أنه قد حمل الأمانة من قبل واختارحرية الإختيارفي العبادة أوالكفر، معتددا في نفسه العزم والصبر وها هو يقع في الظلم والجهل ، (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا (72) الأحزاب .

حتى أبينا آدم عليه السلام وهو في الجنة ونعيمها ، نسي ما عاهد الله عليه سبحانه وتعالى، ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا(115) طه ، فلم يكن لديه العزم الكافي ليدرأ عن نفسه وسوسة الشيطان وفتنته ، (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لّا يَبْلَى(120)فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)  طه.

فمن يركن الى الشيطان يستحوزعليه ويسيطر، فيرديه الى التهلكة وسوء المصير، ( اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ(19) المجادلة ، (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى(126) طه ، ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) البقرة .

فالإيمان والفوز بالجنة يحتاج الى الصبر والجلد ، فالجنة أكبر وأعظم من أن تُعطى هدية من دون تعب ، وقد خاطب رب العزة رسوله الكريم محمدا عليه الصلاة والسلام ، قائلا :(فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ..)35 الأحقاف ، كما خاطب الصابرين يوم القيامه على صبرهم في الحياة الدنيا ، قائلا : ( سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد .

ولكن للأسف اعتاد أكثر الناس الكفر والعصيان والشرك والنسيان ، (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ..(15) الزخرف ، فاتخذ الإنسان من الرحمة مطية للكفر والفجور ومن الصبر عزة و نفور حتى استحق دمغة العار والنكران ، فختم عليه العزيز الجبار وهوالرحيم الغفار ، بدمغة الفجار، (قتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ(7 ) عبس ، (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ(20) المدثر.

ولا يسعنا القول إلا كما أمرنا رب العالمين ، قائلين : (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) آل عمران .

وصدق الله رب العالمين .

أكمل البحث إنشاء الله تعالى في المقال القادم .

اجمالي القراءات 16398

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-12-18
مقالات منشورة : 1
اجمالي القراءات : 4,711
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 110
بلد الميلاد : 0000
بلد الاقامة : 0000