شاكر وشكور

الخميس ٠٩ - مارس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
سؤالان : 1 ـ هل الله يشكر عباده ؟؟؟ 2 ـ هل ( شاكر ) و ( شكور ) من أسماء الله الحسنى ؟ يعنى أسمى ابنى عبد الشاكر أو عبد الشكور ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

اسلوب المشاكلة

أسماء الله جل وعلا وصفاته لا يمكن التعبير عنها بما يفهمه البشر ، لأنها فوق إدراكات البشر. إدراكات البشر محدودة ومحددة بما تدركه عقولهم وحواسُّهم  وزمانهم ومكانهم . الله جل وعلا فوق الزمان والمكان وفوق كل تصور . لذا يأتى التعبير عن صفاته وأسمائه بما يسمى فى البلاغة العربية باسلوب المشاكلة ، أى على ( شكل ) يفهمه البشر لتقريب الصورة . من ذلك قوله جل وعلا :

1 ـ (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الانفال )

2 ـ ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17) الطارق ).

3 ـ ومنه وصف وإسم شاكر وشكور .

ثانيا :

 بين شاكر وشكور

( شاكر ) إسم فاعل من الفعل ( شكر ). و ( شكور ) صيغة مبالغة من ( شاكر ) على وزن ( فعول ).

ثالثا :

( شاكر ) وصفا للبشر :

1 ـ تكرر كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه قوله جل وعلا فى سورة آل عمران ( وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) ، ( وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) ).

2 ـ وجاء وصفا لابراهيم عليه السلام . قال عنه جل وعلا : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ) (121) النحل )

3 ـ وجاء أمرا للنبى محمد فى حياته ، قال له ربه جل وعلا : ( بَلْ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ (66) الزمر ). لم يصفه ربه جل وعلا بأنه كان شاكرا مثلما قال عن ابراهيم ، لأن ابراهيم مات وتحددت درجته ، أما محمد فقد كان لا يزال حيا ، فنزل عليه الأمر بالشكر وليس الوصف بالشكر .

رابعا :

( شاكر ) وصفا لرب العزة جل وعلا :

قال جل وعلا عن ذاته العلية :

1 ـ ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة )

2 ـ ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) النساء )

فيهما جاء إسم ( شاكر ) مقترنا باسم ( عليم ).

 خامسا :

( شكور ) وصفا للبشر :

1 ـ تكرر مجىء وصف ( شكور) مقترنا بوصف ( صبّار). وهما صيغة مبالغة من ( صابر ) و ( شاكر ).

قال جل وعلا : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) ابراهيم ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) لقمان ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) سبأ ) ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) الشورى ).

2 ـ وقال جل وعلا عن المؤمنين الشاكرين : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) سبأ )

3 ـ وفى وصف نوح عليه السلام قال جل وعلا : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً (3) الاسراء ) . نلاحظ الفرق بين وصف ابراهيم بأنه ( شاكر ) ووصف نوح بأنه ( شكور ) . أى كان نوح أكثر شكرا لربه من ابراهيم عليهما السلام.

سادسا :

وصف رب العزة جل وعلا بانه ( شكور ) ضمنيا وليس صراحة .

قال جل وعلا :

1 ـ ( وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (19) الاسراء )

2 ـ ( إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (22) الانسان )

هنا السعى الحميد مشكور عن الله جل وعلا ، أى أنه جل وعلا يشكره ، أى هو جل وعلا شكور له .

سابعا :

وصف ( شكور ) صريحا لرب العزة جل وعلا :

1 ـ جاء مقترنا بالغفران . قال جل وعلا : ( وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) الشورى).

2 ـ ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) فاطر )

2 ـ وجاء مقترنا بأنه جل وعلا عزيز غفور . قال جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) فاطر)

3 ـ وجاء مقترنا بأنه جل وعلا ( حليم ) . قال جل وعلا : ( إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن ).

أخيرا

( شاكر ) و ( شكور ) من أسماء الله جل وعلا الحسنى . فقد إقترنت بأسماء حسنى له جل وعلا ، مثل حليم وعزيز وغفور وعليم .



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1450
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5058
اجمالي القراءات : 55,356,792
تعليقات له : 5,384
تعليقات عليه : 14,719
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


ضرب الطفل: قرأت كتابك عن الطفل فى الإسل ام وحقوق ه ولكن...

إقرأ كتاب الصيام : إذا صمت في هذه الأيا م الطوي لة مع...

فكرة رائعة .!: إن كان بإمكا نكم أن تفتحو ا بابا خاصا في...

الغش فى مصر : ما رأيك فى الغش المنت شر فى مصر الآن ؟ ومتى تصل...

مسألة ميراث: توفيت زوجة وتركت زوج واخوا ن شقيقا ن وليس...

زكاة فوائد البنوك: قرأت رد لك على الزكا ة المال ية وقلت إنها على...

أجبنا على هذا : عليكم السلا م .... استاذ نا العزي ز احمد صبحي...

حظر المخدرات : لم يأت تحريم المخد رات فى القرآ ن . فهل يجوز...

لا معارك قبل بدر: فى السير ة كلام عن غزوات تمهيد ية قبل غزوة...

أكرمك الله جل وعلا.!: دائم ا الحمد لله رب العال مين. السلا م ...

ولائم لسيدنا الشيخ : فى قريتن ا أعياد سنوية إحتفا لا بشيخ طريقة...

عجل أبيس: لماذا لايكو ن هو العجل المرم وز لة بالثو ر ...

المنافقون والفتوحات: موضوع المنا فقون شغل بالي كثيرا و القرآ ن ...

نتمنى ..ولكن .!!: هل يمكن للموق ع نشر وترجم ة كتب ومقال ات من...

علقة ساخنة لازمة : لا حياء فى الدين ، وشكرا على صراحت ك . وأنا...

more