رهائن / رهينة

الثلاثاء ٠٣ - يناير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
أعيش فى ولاية أمريكية متهمة بالتعصب . ومن سنوات إرتكب أحد العرب جريمة ارهابية وهرب ، وكنا نتوقع أن يأخذ البوليس أهله رهائن لارغام المجرم الهارب على تسليم نفسه . ولكن هذا لم يحدث ، استجوبوا الأهل لأخذ معلومات وانتهى الأمر ، وظل الاهل يمارسون يحياتهم بلا تضييق الى أن أوقع البوليس بالجانى . وفى المحاكمة لم يستطع أهله توكيل محامى فعينت المحكمة محامى له وألزمته بأن يجتهد فى الدفاع عن موكله . ليس فى الغرب أن يسجن البوليس شخص لارغام ابوه المطلوب فى جريمة على تسليم نفسه . والمتهم برىء حتى تثبت إدانته فى المحكمة . أما فى بلاد المسلمين فالبرىء متهم طالما يرى البوليس هذا ، وبالتعذيب يعترف بما يريده البوليس ، والتلفيق سيد الأدلة ، وتلفيق التهم للأبرياء تجارة رابحة للبوليس وللترقى . كل هذا جريمة شنيعة لكن الأشنع منه تعرض أقارب المعارضين فى الخارج الى السجن والتعذيب إنتقاما من المعارضين ، يعنى طالما لا نقدر على منعكم من الكلام فنأخذ أهاليكم رهائن لنجبركم على السكوت . هل تسمح بتوضيح موضوع الرهائن فى القرآن الكريم ، أنا أعلم أن الله سبحانه وتعالى حرّم الظلم والبغى ولكن أريد المزيد من التعلم من القرآن .
آحمد صبحي منصور :

شكرا ، وأقول :

1 ـ سبقت لنا مقالات عن أن لا تزر وازرة وزر أخرى ، أى لا يتحمل أحد وزر أحد غيره ، وأن الجريمة شخصية على الجانى أو الجُناة لا يؤاخذ بها غيره أو غيرهم . وقد جاءت قاعدة ( ألّا تزر وازرة أخرى ) وتكررت فى سياقات قرآنية متنوعة . قال جل وعلا :

1 / 1 : ( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) الانعام )

1 / 2 : ( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )(15) الاسراء )

1 / 3 : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18) فاطر)

1 / 4 : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) الزمر )

1 / 5 : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى (41) النجم )

2 ـ وفى القرآن الكريم تقسيمات تشريعية لمن يقع فى الجريمة والمعصية والذنوب :  

2 / 1 : فالذى يقع فى السوء ثم يستغفر ويتوب يغفر له الله جل وعلا : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110) النساء )

2 / 2 : والذى يقع فى الإثم هو مؤاخذ به دون غيره من الناس : ( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) النساء )

2 / 3 : الذى يقوم بتلفيق جريمته لبرىء هو مرتكب لجريمتين : البهتان والإثم :  ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112) النساء )

3 ـ الذى يحدث فى بلاد المحمديين ظلم عديم النظير . المجرمون العاديون من غير أصحاب النفوذ هم فى السجون أفضل حالا من المساجين الداعين للاصلاح والمطالبين بحقوقهم المشروعة . هم لم يرتكبوا جريمة ، بل إن الدستور يضمن لهم حرية الفكر والقول بسلام . لكن المستبد يؤرقه خوفه منهم فيسجنهم ويعذبهم . إذا لم يستطع الايقاع بمعارض فى الخارج سجن أقاربه وعذبهم .

4 ـ الذى لا يعرفه المستبد وأعوانه أنه إذا كان يأخذ الأبرياء رهائن فإنه سيأتى يوم القيامة يحمل أوزاره فوق ظهره ، إذ لم يؤمن بالآخرة ويوم الحساب ولقاء الله جل وعلا . قال جل وعلا : ( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الانعام ) غرّته الحياة الدنيا ونسى الموت الذى يقترب منه بسرعة 24 ساعة فى اليوم . ثم ستكون خسارته الكبرى وهو فى جهنم فى عذاب خالد لا خروج منه ولا تخفيف فيه . إنه الخسار الحقيقى الذى قال عنه رب العزة جل وعلا يعظنا مقدما :

4 / 1 : (  قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)   الزمر ).

4 / 2 : (  وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (46) اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47)  الشورى )

5 ـ مصطلح ( رهن رهينة )جاء فى القرآن الكريم ليدل على أن كل فرد سيكون رهينا بعمله ، إن خيرا وإن شرا . إن كان عملا صالحا يتم جزاؤه به ، وإن كان عملا مجرما يتم تعذيبه به . قال جل وعلا :

5 / 1 : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) الطور 21 )

5 / 2 : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر 38 ).

6 ـ لهذا فمهما بلغت سطوة المستبد فإياك أن تحسبن الله جل وعلا غافلا عنه ، أيام قليلة تتناقص ويلقى مصيره . إقرأ قوله جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52) ابراهيم ). 



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2643
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5322
اجمالي القراءات : 65,601,248
تعليقات له : 5,519
تعليقات عليه : 14,916
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


صوم النساء: عندي ثلاثة أسئلة خاصة، يخصن عالم النسو ان ...

مصحف النبى: هل هناك وجود لأصل ما خطه الرسو ل (صلع) من...

( أيوب ) عليه السلام: الاخو ة الكرا م مقالة قصة ايوب ، وهي تحمل...

الركاز والزكاة : يقولو ن أن الركا ز هو المعا دن المست خرجة ...

الشيعة والارض والشمس: ورد في كتاب الكاف ي عن جعفر الصاد ق ان الارض...

تسيمون / يسوم: السلا م أستاذ ، لم أجد تفسير ا لكلمة "...

زوجتى تضربنى .!!: زوجتى تضربن ى وسيئة الخلق وعصبي ة وأخاف...

تأبين الميت : قوله جل وعلا ولاتص ل على احد منهم مات ابدا...

مسألة ميراث: ماتت امرأة وتركت بنت واخت واولا د الاخ من...

أُممُّ أمثالكم .!: قال جل وعلا عن المخل وقات من طيور وحيوا نات ...

النقاب الملعون: فى فترة ضلال تنقبت وادمن ت الزوا ج بأكثر من...

سؤالان : زواج المتعة: السؤا ل الأول : ی ا دکتور ، ما رأی ;ک ...

أفّ ..!!: إن ما يقال لنا منذ كنا صغارا عن كلمة أف...

فى صلاة الجماعة: _في صلوةا لجماع ةالتي يرفع الإما م صوته...

الدواب: ارجو بيان من هم الدوا ب في الاية رقم 55 من سورة...

more