عُقدة التعامل مع الخارج عند الدولة المصرية

سعد الدين ابراهيم Ýí 2011-08-20


يكاد المجلس العسكرى، ومعه حكومة د. عصام شرف أن يقع فى نفس المُمارسة الغوغائية التى كان يُمارسها نفس الرئيس المخلوع، وهى اتهام المُعارضين بالتعامل مع الخارج!

وهناك إيحاء بأن هذا «التعامل»، ينطوى على «عمالة» للخارج. وقد أُلصقت هذه التهمة بثوّار التحرير منذ الأيام الأولى لثورة ٢٥ يناير، بواسطة نظام حُسنى مُبارك. ولحُسن الحظ لم يُصدّقها أحد. ومع ذلك نجد المجلس العسكرى يُردّد نفس التُهمة بعد ستة شهور من الثورة على المُتظاهرين فى ميدان التحرير.

والسؤال الذى نبدأ به: ألا يتعامل المجلس العسكرى نفسه مع الخارج؟ ألم يكن اللواء ممدوح شاهين فى واشنطن فى أول أيام الثورة (٢٥ يناير٢٠١١)؟ وألم يكن الفريق محمد العصّار مُمثل المجلس، فى واشنطن خلال الأسبوع الأول من يوليو ٢٠١١؟ أليس ذلك نفس نمط نظام حسنى مُبارك فى الحج إلى واشنطن، ومع ذلك كانت أجهزته لا تتوقف عن ابتزاز مُنظمات المجتمع المدنى إذا فعلت الشىء نفسه.

وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا الإمعان فى استخدام التعامل مع الخارج «كفزّاعة» للضغط على شباب الثورة أو منظمات المجتمع المدنى؟ ولماذا الإمعان فى استخدام التمويل الأجنبى كفزّاعة، فى الوقت الذى تقبل فيه الحكومة المصرية نفس هذا التمويل الأجنبى لسد العجز فى ميزانيتها، منذ عهد الرئيس عبدالناصر، ومروراً بعهدى الرئيسين السادات، ومُبارك؟ بل هى تعمل ليل نهار على اجتذاب الاستثمارات الخارجية.

إن عالم القرن الحادى والعشرين أصبح «قرية كونية». وكأى قرية فى ريف مصر، لم تعد هناك أسرار خطيرة تخفى على أحد، لأكثر من أيام، أو أسابيع أو شهور. ولذلك فإن مسألة التعامل مع الخارج، سواء على مستوى الحكومات أو مُنظمات المجتمع المدنى ستستمر، بشكل أو بآخر، حتى لو كره الكارهون.

إن المُهم فى هذا الأمر هو «شفافية» هذا التعامل، لكى نعرف ما إذا كان «مشروعاً»، فى ظل القوانين الوضعية للوطن. وإذا كانت بعض أنماط هذا التعامل غير مرغوبة، ولا يوجد قانون يُجرمها، فلنستحدث مثل هذا القانون، حتى لا تظل هذه المسألة بمثابة لغم أرضى، لا يعرف نشطاء المجتمع المدنى متى ينفجر فى وجوههم.

وتتصل بذلك مسألة «المُزايدة الوطنية». فهل مثلاً، د. عصام شرف، أو د. جودة عبدالخالق، أو السفيرة فايزة أبوالنجا، أكثر وطنية من أى من نشطاء المجتمع المدنى؟ هل كان الرأى العام المصرى يعرف شيئاً عن هذا الثالوث منذ عام مضى؟ هل ساهم أى منهم قبل أن يأتى إلى السُلطة فى إنشاء منظمة مجتمع مدنى، أو المُشاركة فى أنشطتها؟

إن الذى أتى بوزارة شرف، ومنهم وزير التضامن، إلى السُلطة ثورة شباب ٢٥ يناير، الذين يغمز ويلمز المجلس العسكرى بعمالتهم للخارج، دون دليل أو قرينة؟ ولذلك فإن هذا الكاتب يؤكد أن شباب الثورة لا يقلّون وطنية عن غيرهم ممن يلبسون الزى العسكرى، ولا يقلّون تديناً عن أى سلفى، حتى لو كانت لحيته مترين!

إن إحدى مآثر شباب ٢٥ يناير هى أنه نأى بنفسه عن مُمارسات «التخوين» و«التكفير» و«التسفيه» و«الاستبعاد».. لقد كان «ميدان التحرير» فضاءً رحباً يتسع لجميع المصريين.. حتى الذين لم يُشاركوا فى ثورة يناير، وجاءوا له فى ٢٨ يوليو ـ أى «بعد الهنا بستة أشهر» اتسع لهم الميدان.. وكذلك اتسع لمن خرجوا من السجون من نشطاء جيل سابق من «الجهاديين» و«التكفيريين»!

إن للرئيس الأمريكى الراحل جون كيندى قولاً مأثوراً، هو «أن النجاح له ألف أب، أما الفشل فهو يتيم». ونحن نسمع ونرى أطرافاً عديدة تدّعى «أبوتها» أو «أمومتها» لثورة ٢٥ يناير. ولا بأس ولا ضرر فى ذلك، فكل الثورات فى التاريخ هى ظواهر تراكمية. فقد مهّد لكل ثورة مُفكرون ونشطاء وشُهداء عديدون، وفقط قد نعرف أسماء قلة قليلة منهم. فلا يمكن لأى مُراقب أن يذكر أو يتذكر أكثر من مائة اسم من المليون الذين ملأوا الميدان، ناهيكم عن الملايين الأخرى التى احتشدت فى ميادين الإسكندرية والسويس والمنصورة والمنيا وأسوان.

إن الثورة هى عبقرية شعبية جماعية، فيها من التلقائية الشىء الكثير، ومن التخطيط الشىء اليسير. ولكنها فى كل الأحوال عمل داخلى محض. فالثورات لا تستورد، ولا تُصدّر، والثوار لا يُشترون ولا يُباعون. ومن يقل بغير ذلك فهو إما جاهل بالتاريخ والاجتماع، وإما جاحد لدماء الأبرياء والشهداء.

اجمالي القراءات 8080

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   فتحي مرزوق     في   الأحد ٢١ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[59669]

ظاهرة خطيرة ولابد من العمل على القضاء عليها

الجهل بالتاريخ وبالحقائق المعروفة لدى المفكرين ولدى من يملك معلومات قليلة من هذا القبيل أصبح ظاهرة منتشرة عند عامة الشعب الذي أثر التفكير التخويني عليه ، فكل من يعيش بالغرب وله علاقات معهم فعليه علامات استفهام وتدور حوله الشكوك .


وهذه الظاهرة  الخطيرة لابد أن تنتهى مع ثورة 25 يناير التي أظهرت من هم العملاء الحقيقيون للغرب ومن هم السارقون لأقوات الشعوب 


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-03-23
مقالات منشورة : 217
اجمالي القراءات : 2,323,358
تعليقات له : 0
تعليقات عليه : 410
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt