وداد وطني Ýí 2010-10-03
13
مرض الحصبة وأهل الحسبة...!!!
مرض الحسبة... مثل مرض الحصبة.. حيث نجد أن الحسبة مرضا آخر قابلا للعدوى والانتشار والتكرار!! خصوصا في مناخ ثقافي واجتماعي بالغ السوء كحالنا هذا..
فالحسبة بعيدا عن التعريفات الفقهية المعقدة هو زعم نفر من البشر أن لهم تفويضا إلهيا يحكمون من خلاله على غيرهم في الفكر والاعتقاد، ويستغلون هذا التفويض الإلهي المزعوم لتحقيق اطماع ذاتية مادية كانت أو اجتماعية..
ففي حقائق الاسلام لا وجود للحسبة ضمن حقوق الله على عباده!!
وتوضيح ذلك.. ان فقهاءنا قسموا الحقوق الى قسمين:
حقوق تؤدى تجاه الله "فى الإعتقاد والعمل" من العباد الى الله..
و "حقوق تؤدى تجاه عباده" من العباد الى العباد..
فأما التي تؤدى لله في "العقائد" فهي الايمان بالله تعالى إلاها واحدا لا شريك له وليس له ولي ولا ولد ولا شفيع.. وحقوقه تعالى "في العمل" كالصلاه والزكاة والحج والصيام والذكر والتسبيح.. هذه هي حقوق الله تعالى على العباد.. ونلاحظ أن هذه الحقوق لا محل فيها للحسبة!! لانها تستلزم الاخلاص القلبي الذي لا يحكم عليه الا الله سبحانه الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور!!
ومن هنا وبكل بساطة فان الله تعالى وحده هو الذي شاء ان يكون البشر جميعا احرارا في الايمان او في الكفر, ومنع الاكراه في الدين أي لا اكراه في دخول الاسلام.. ولا اكراه في الخروج منه.. ولا اكراه في تأدية عباداته.. الى ان يأتي يوم القيامة، وحينئذ يأتي الاختبار بعد هذا الاختيار..
ولا أبالغ اذا قلت ان معظم أيات القرآن تؤكد على حرية البشر المطلقة في تأدية حقوق الله تعالى في العقيدة وفي الشعائر التعبدية!! وتؤكد على أن الحكم على الناس لله وحده في يوم تشخص فيه الإبصار..
وانه ليس لبشر ولا لنبي ولا لرسول أي تدخل في هذا!! بل ان عليه مجرد التبليغ فقط !! وبالتالي فان الذي يمنح نفسه سلطة دينية كهنوتية انما يضع نفسه فوق الرسول!! او يزعم لنفسه الالوهية وبذلك يكون خارجا عن الاسلام الذي لا مجال فيه للكهنوت فيه..
وعليه.. آمل منكم استقراء بعضا مما قاله تعالى حول حرية العباد في عبادته تعالى.. وتبصروا في كلامه عز وجل لرسله إذا واجهوا الإعراض من العباد.
يقول تعالى:
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)(256) البقرة
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) (29) الكهف
(مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) (81) النساء
(وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ) (107) الانعام
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ) (48) الشورى
(فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (20) آل عمران
(وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) (40) الرعد
(كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (35 ) النحل
(وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (18) العنكبوت
(وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (17) يس
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) (21-22) الغاشية
وغيرها كثير...
هذا في ما يخص حقوق الله تعالى.. اما حقوق العباد او حقوق الانسان فمن اجلها شرع الله عقوبات دنيوية لحفظها.. فهناك عقوبات لحفظ حق الحياة وحق المال وحق العرض الخ..
وبالتالي فان حقوق الافراد تستوجب التدخل لرفع الظلم عن المظلوم.. وهنا تكون الحسبة لإقرار حقوق الافراد اذا تعرضت حقوقهم للانتهاك من حاكم مستبد أو شرطى فاسد أو قاض مرتشى او شيخ متسلط..
والاشكالية أنك لا تجدهم هنا!! بل أنهم "من يسمون بأهل الحسبة" يرفعون دعاوي الحسبة في مجال حقوق الله تعالى التي اكد القران الكريم على حرية البشر المطلقة فيها!! وانه ليس لاحد في هذه الدنيا ان يتدخل فيها!! ولا يتدخلون في حقوق العباد المسلوبة منهم محتسبين لرفع ظلم عن مظلوم او للدفاع عن حقوق الانسان الا اذا كان الفرد المظلوم من المنتمين اليه!!
ونخلص من هذا الى توصيف واقعي لمرض الحسبة وهو ان المتطرفين (المطاوعة مجازا) قد اتخذوا الحسبة لارهاب خصومهم ووجد من خلال شعار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أرضا خصبة لممارسة هذا الاستبداد الديني.. تماما كما كان يُـفعل إبان القرن السادس عشر عندما كانت اسبانيا أكبر قوة كاثوليكية في العالم، حيث كانت إسبانيا نموذجاً لدولة دينية سلطوية، تقام فيها محاكم التفتيش فتحكم بحاكمية تسمى ظل الله في الأرض أو قانون الحق الإلهى!! وللقضاء على الفساد!! الذى هو مجرد اختلاف الكاثوليك مع غيرهم من المذاهب والاعتقادات المسيحية الأخرى!! وخاصة البروتستنتية ناهيك عن الاستبداد الذي كان يمارس على أصحاب الديانات الأخرى كالمسلمين ومنعهم من حرية ممارسة ديانتهم..
كذلك كان يحاكم كل من لا يحضر الى الكنيسة يوم الأحد لأداء واجب الرب!!
وكما ترون فإن التشابه عظيم بين ما تقوم به الهيئة عندنا ومحاكمة التفتيش الآنفة الذكر!! فكلاهما يزعم أنهم وكلاء الله في الأرض!! وذلك يجعلهم في موقع التناقض مع حقائق الاسلام الكبرى التي تؤكد على ان الله تعالى وحده هو صاحب الحق في الحكم على عقائد الناس وعلى ما يخص حقوقه تعالى!! وانه تعالى لم يعط هذا الحق حتى للانبياء والرسل عليهم السلام فكيف بنا نحن المساكين.
(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)؟! (99) يونس
مرض الحسبة... مثل مرض الحصبة.. حيث نجد أن الحسبة مرضا آخر قابلا للعدوى والانتشار والتكرار!! خصوصا في مناخ ثقافي واجتماعي بالغ السوء كحالنا هذا.. "انتهى بل إن الحسبة أشد خطرا على الأمة من الحصبة لأنه الحبسة لا تنفع معها أية مسكنات ولا انتي بيوتك ، فكل تلك الوسائل أثبتت فشلها الذريع والسبب في ذلك يعود إلى السياسة ، إذ أن الأنظمة في معظم قضايا الحسبة تجري اتفاق مستخدمة بعض الأفراد لكي يظهروا في الصورة ، وإذا دققنا النظر في معظم قضايا الحسبة على المشاهير ستجد أن لهم موقفا أو اتجاه ما مناقض للأنظمة فاستشراء قضايا الحسبة في مجتمعاتنا العربية، دليل على التخلف السياسي والحضاري وليس له علاق بالدين ..
دعوة للتبرع
لغة البرزخ: كما قلتم نحن مع الجن لسن في النفس المست وى ...
الأوثان: ما معنى أوثان ا في قوله تعالى {وَقَ لَ ...
هذا كفر بالقرآن: ما هى حقيقة الخلا ف فى الايت ين الاخي رتين ...
حتى يغيروا: ما المقص ود بالنف س في الآيه ان الله لا يغير...
more
السلام عليكم ورحمة الله كما تفضلت في مقالك الكريم واوضحت ان هناك أمراضا تصيب الانسأن والمجتمع ومن هذه الأمراض أمراض جسدية تصيب الجسد البشري مثل مرض الحصبة الذي تفضلت وذكرته مثلا على ذلك .
ولكن نحن نعلم أن بعض الأمراض الجسدية عندما يصاب بها الانسان يأخذ مناعة منها مدى الحياة ومرض الحصبة من هذا النوع فعند الاصابة به في سن الطفولة أو للمرة الأولى في أي مرحلة عمرية تكون الأعراض عنيفة ومع ذلك يتعافى الجسد ويكون أجسام مناعية مضادة لهذا المرض وعندما يهاجم الفيروس المسئول عن نقل المرض مرة ثانية تقوم كتائب الاستطلاع بالجسد من تحديد هويته بسرعة شديدة والفتك بالفيروس في الحال !
أما في مرض الحسبة فالمشلكة أن العقول المسلمة لا تأخذ مناعة ولا تحصين ضد كهنوت الدين وضد محاكم المستبدين التي ترضى أن يرفع بساحتها قضايا من هذا النوع ..
وأقرب مثل صارخ لدينا في العصر الحديث هو قضية الدكتور الفقيد / نصر حامد ابو زيد وزجته والتفريق بينهما عبر قضية حسبة رفعها كهنوت الدين والقانون وكسب القضية في ظل قضاء فاسد .. مسخر لأمر الحاكم ولأمر الكهنوت ..