أحاديث سحر الرسول.. تشكيك فى النبوة والوحى ...؟.!.

عبدالفتاح عساكر Ýí 2008-10-30






ابن عساكر المعاصر – يقدم من فكر الأصدقاء .
أحاديث سحر الرسول.. تشكيك فى النبوة والوحى ...؟.!.
للدكتورالطبيب احمد شوقي الفنجري . مواليد 1925م

نشر بمجلة روز اليوسف الأحد : 30/10 /2008م .
فى مقال سابق قدمنا بحثنا عن الأحاديث الموضوعة فى سائر كتب الحديث التسعة، وخاصة ما ورد فى البخارى ومسلم، حيث يعتبرهما علماء المسلمين أصدق المراجع الإسلامية بعد القرآن. وقلنا إن الرسول «صلى الله عليه وسلم» قد أمر كتاب الوحى بعدم كتابة أى حديث عنه ومن كتب شيئا فليمحه. وذلك لخوفه أن يختلط ; كلامه «صلى الله عليه وسلم» على المسلمين مع كلام الله تعالى والقرآن مازال ينزل . وقد ظل الحديث النبوى ينتقل بالذاكرة دون تدوين لمدة قرنين كاملين من الزمان.


فى هذه الأثناء نشط الكثيرون من واضعى الحديث المكذوب وهما نوعان: النوع الحاقد الكاره لانتصارات الإسلام وزوال نفوذهم ودولهم : وفى مقدمة هؤلاء الإسرائيليون والزنادقة. والنوع الثانى من العرب المسلمين.. وهؤلاء هم الأخطر.. وقد أقر بعضهم أنهم قد رأوا الناس يتساهلون فى دينهم وأنهم أرادوا خدمة الإسلام بهذه الإضافات من عندهم بقصد الترغيب والترهيب، بل إن بعضهم من الأعراب والبدو من أنصاف المتعلمين الذين يريدون نقل تقاليدهم الموروثة إلى الإسلام. وقد ذكرنا أن البخارى عندما ابتدأ سنة 210هـ فقد جمع 600 ألف حديث، ولكنه رفض أكثرها لشكه فى صحتها. واكتفى بعدد 5آلاف حديث فى كتابه. ونفس الشىء حدث مع كل من جاءوا بعده مثل مسلم وغيره. ومهما كان حرصهم ودقتهم فلابد أن يفلت منهم الكثير والكثير. وقد ذكر الألبانى أنه وجد فى كتب الحديث المعروفة الآن وهى 9 وجد 5 آلاف حديث موضوع. وفى المقال السابق تكلمنا عن حديث «إرضاع الكبير»، فى هذا المقال نتكلم عن حديث سحر الرسول «صلى الله عليه وسلم». سحر الرسول «صلى الله عليه وسلم» نص الحديث فى البخارى رقم 3038 عن عائشة : سحر النبى «صلى الله عليه وسلم» حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشىء وما يفعله. وذات يوم دعا ثم دعا ثم قال أشعرت أن الله أفتانى فيما فيه شفائى. فأتانى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلى. فقال أحدهما للآخر ما وجع الرجل قال مطبوب. قال ومن طبه. قال رجل من اليهود يقال له لبيد بن الأعصم صنع له عملا فقال أين هو ؟ قال : وضعه فى بئر كذا وكذا فخرج رسول إليها ثم رجع فقلت له استخرجته؟ قال لا ولكنى دفنت البئر عليه فشفانى الله».
نص الحديث فى مسند رقم 18467 عن عائشة: سحر النبى «صلى الله عليه وسلم» رجل من اليهود فاشتكى بذلك أياما فجاءه جبريل عليه السلام فقال إن يهوديا قد سحرك وعقد لك عقدا فى بئر كذا وكذا فأرسل إليها من يجىء بها فبعث رسول الله عليا رضى الله عنه فاستخرجها وجاء بها إلى الرسول فخللها. فقام رسول الله كأنما نشط من عقال وما ذكر ذلك اليهودي بعدها!! وفى البخارى: سحر رسول الله حتى كان يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن. وفى البخارى عن السحر : قال رسول الله «صلى الله عليه وسلم» من تصبح كل يوم سبع تمرات لم يضره فى ذلك اليوم سم ولا سحر! كانت هذه هى النصوص التى وردت فى كتب الصحاح والبخارى عن سحر الرسول «صلى الله عليه وسلم» والأحاديث كما ترى فيها تناقض. وخرافات وتتعارض مع القرآن وفيها إساءة منكرة إلى رسول الله. تناقض الحديث مع القرآن فالله تعالى يقول لنبيه فى سورة الحجر «والله يعصمك من الناس» ومعنى ذلك أن هذه العصمة والحماية من كل نوع من الأذى سواء بالقتل أو إتلاف الذاكرة بالسحر. والرسول «صلى الله عليه وسلم» كان كل يوم يصلى بالمسلمين فى مسجده بالمدينة أكثر من خمس مرات فى اليوم الواحد. وكان يقرأ سورا طويلة من القرآن وبعض السور الجديدة كان ينزل عليه قبل الفجر مباشرة ويثبتها الله فى ذاكرته، ويذكر المؤخرون أن الرسول لم يتغيب عن صلاة الجماعة يوما واحدا أو لحظة واحدة إلا فى آخر حياته وقبل أن يقبضه الله ويتوفاه. فمتى بالله حدث هذا السحر المزعوم والذى استمر أياما متتالية.. والذى كان فيها يفقد الذاكرة فيتصور أنه فعل الشىء ولم يفعله.. أو أنه أتى إحدى زوجاته وهو لم يأتها.. أو أتاها ونسى أنه أتاها.. وينسى بذلك الواجبات الشرعية كالغسل قبل الصلاة. ما هذا التخريف الساذج الذى يتعارض مع أى منطق ومع القرآن، وهذا الحديث ترديد لأفكار الكفار واتهامهم للرسول «صلى الله عليه وسلم» بأنه رجل مسحور : «إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا» - الإسراء 47 - وقولهم «قالوا إنما أنت من المسحرين. وما أنت إلا بشر مثلنا» - الشعراء 185 ، 186 - وليس غريبا من أى إسرائيلى حاقد أن يختلق هذا الحديث لكى يشكك فى عقل الرسول وذاكرته وفى صدق الوحي بالقرآن!! والادعاء الكاذب والمغرض أن اليهود بالذات كانوا يسيطرون على رسول الله «صلى الله عليه وسلم» وأنهم بالتالى كانوا يملون عليه بالقرآن والآيات كما ادعوا عليه أنه يتلقى قصص القرآن من أحد كهانهم السريان.. والله يرد عليهم بالعلم والمنطق فيقول : «لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين» - النحل 103 - ومعنى أعجمى أنه بعيد عن لغة العرب وليس بالضرورة أن يكون «فارسيا» كما فسرها البعض. والأحاديث فيها روايتان متناقضتان : إحداهما تقول أن الرسول قد ذهب إلى البئر كما ذكروه له وبحث عن هذا العمل أو السحر فلم يجده. فلما عاد سألته عائشة قائلة استخرجته
قال لا ولكنى دفنت البئر فشفانى الله. والثانية تزعم أن النبى بعث بعلى رضى الله عنه إلى نفس البئر فجاءه بالعمل فأتلفه فشفى. وهذا التناقض يدل على اختلاق الرواية والكذب!! التناقض مع العلم : فى هذا الحديث والرواية محاولة لصرف الناس عن اللجوء إلى الله.. وإلى العلم والطب إذا كانوا فى محنة أو مرض فبدلا من اللجوء إلى الله والطب يلجأون إلى الساحر أو المشعوذ ليبطل لهم السحر حسب زعم الجهلة والادعياء ومخاوى الجن!! وهذه الحيلة كانت قديمة فى جميع العصور الإنسانية!! وخاصة فى فترات الجهل والظلام والكفر بالله!! وقبل ظهور الأديان السماوية.. ثم تفشت فى العصور الوسطى فى أوروبا بعد سيطرة الكهان على المسيحية.. وكانوا يحرقون الأطباء بزعم أنهم يتدخلون فى قدر الله.. أيضا كان كهنة العرب يتوارثون هذه الأفكار فى الجاهلية وقبل ظهور الإسلام ولما جاء الإسلام أبطلها.. فكان أهل المريض يزورون الرسول ويطلبون منه شفاءه وكأنه ساحر يشفى المرضى بإشارة.. ولكن الرسول كان يذهب معهم ويدعو الله للمريض بالشفاء ثم يقول لهم «ادعو له الطبيب» فيقولون له «وأنت تقول ذلك يا رسول الله» أى لماذا لا تشفيه أنت ؟؟ فيقول لهم نعم : «تداووا عباد الله.فإن الله تعالى لم ينزل داء إلا جعل له دواء.. علمه من علم وجهله من جهل. فإذا أصاب الدواء الداء برأ المريض بإذن الله».. وبهذه الكلمات الرائعة وضع الإسلام قاعدة علمية للاعتراف بالطب والأطباء بدلا من السحرة والمشعوذين. وللأسف أن الشعوب الإسلامية فى فترة الجهل التى نمر بها اليوم والبعد عن الإسلام قد رجعت إلى الوراء وعادت إلى أسلوب السحرة القديم. ومحاضر الشرطة اليوم وخاصة فى الأرياف مليئة ببلاغات عن نصابين من ذوى اللحى الكبيرة وادعياء الدين الذين يوهمون الفقراء والجهلة من المسلمين أن المحنة التى يتعرضون لها أو الابن الغائب أو المريض أن رجلا قد صنع لهم سحرا وعملا ودفنه فى مكان معين وأن عليهم إحضاره إليه لكى يتلفه. ويكون هو نفسه قد دبر هذه المكيدة وكتب العمل بيده وأخفاه فى هذا المكان المهجور ويتقاضى على ذلك منهم أجرا كبيرا. ثم يختفى دون أن يحقق لهم مطلبهم فلا يجدون ملاذا لهم إلا الشرطة.. ولو أنهم كانوا يؤمنون بالله حقا لما لجأوا إلا إلى الله بالدعاء الخالص والعمل الصالح والطب المعاصر. ورسولنا الكريم.. القائد العظيم والمؤمن بالله لا يمكن أن يصدق ما يدعيه واضع الحديث من أن رجلا يهوديا يسمى لبيد بن الأعصم قد صنع له عملا وسحره وأنه ظل يشكو من هذه الحالة عدة أيام حتى استطاع أن يخرج هذا العمل ويتلفه فهل يترك الله نبيه وهو ينزل عليه القرآن وهو فى هذه الحالة. إن هذا كلام عظيم وخطير ويهدف إلى الإساءة إلى الرسول «صلى الله عليه وسلم» واتهامه «صلى الله عليه وسلم» بأنه كان يهذى ويخرف بفعل رجل يهودى يريد هدم الإسلام والتشكيك فى الوحى والنبوة وفى وعى الرسول وحكمته. ولا شك أن هذا الادعاء يتعارض مع تعاليم الرسول وأوامره إذ يقول «من جاء ساحرا أو عرافا فسأله عن شىء فقد كفر بما أنزل على محمد» رواه مسلم. ويقول : ليس منا من تطير أو تطور له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» رواه الرزاز. وإننا لنتعجب حقا من بعض كتاب المسلمين وبعض المتطرفين الذين مازالوا يدعون أن حديث البخارى صحيح وأنه لا يمكن إنكاره.. وقد قرأت كتابا لأحد كبار المسلمين ويقول فيه أن الرسول بشر كسائر خلق الله وأنه بذلك يجوز عليه أن يمرض أو يسحر ويفقد الذاكرة. وزعم أن بعض الأنبياء قد تعرضوا للسحر مثل نبى الله موسى الذى سحره كهنة الفراعنة. «فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى».. وهذا تشبيه خاطئ ومضلل فالكهنة لم يسحروه ولم يجعلوه ينسى أو يفعل ما لا يعى.. أو يأتى النساء وهو لم يأتهن.. وإذا كان قد خيل إليه أول الأمر أن حبالهم تسعى فقد طمأنه الله فى الحال «فألقى موسى عصاه فإذا هى تلقف ما يأفكون»، فموسى لم يتعرض للسحر لأن الله معه والله يقول له «يا موسى لا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون». فكيف يزعمون أن كاهنا يهوديا استطاع أنه يسحر النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» وجعله يفعل ما لا يريد وينسى ما يفعل، إن هذا الادعاء لشىء محزن حقا أن يصدقه بعض رجال الدين المسلمين لمجرد أنه ورد فى البخارى ولا يقولون أن البخارى بشر وقد يكون أخطأ فى نقل الحديث الموضوع وكتبه فى صحيحه. وأخيرا فإن ترك مثل هذا الحديث فى الكتب الصحاح والبخارى بالذات يجعل أعداء الإسلام والمتربصين به يتصورون أن الإسلام دين الدجل والشعوذة والسحر.. وأخطر من هذا أنه يجعل المسلمين الجهلة والسذج وما أكثرهم اليوم يلجأون بهذه الكثرة إلى المشعوذين والسحرة بدلا من العلم والطب الحديث لشفاء مرضاهم أو البحث عن ضالتهم.
وإلى حديث آخر

اجمالي القراءات 16931

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   الصنعاني =     في   الخميس ٣٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[29166]

الغرانيق العلى

أنظروا تفسير الطبري وابن كثير وتفسير الجلالين


ماجاء في تفسير قوله تعالى {وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته والله عليم حكيم }




لما رأى رسول الله ( ص ) من قومه ما شق عليه من مباعدة ما جاءهم به من الله تمنى في نفسه أن يأتيه من الله ما يقارب بينه وبين قومه ، وكان يسره ، مع حبه قومه وحرصه عليهم ، أن يلين له بعض ما قد غلظ عليه من أمرهم ، حتى حدثت بذلك نفسه وتمناه وأحبه ، فانزل الله عليه : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) فلما انتهى إلى قوله : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ) ألقى الشيطان على لسانه لما كان تحدث به نفسه ويتمنى ان يأتي به قومه : ( تلك الغرانيق العلى ، وان شفاعتهن ترتضي - أو - ترتجى ) .



فلما سمعت ذلك قريش فرحوا وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم ، فأصاخوا له ، والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاءهم به عن ربهم ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل ، فلما انتهى إلى السجدة فيها وختم السورة سجد فيها ، فسجد المسلمون بسجود نبيهم تصديقا لما جاء به ، واتباعا لأمره ، وسجد من في المسجد من المشركين من قريش وغيرهم لما سمعوا من ذكر آلهتهم ، فلم يبق في المسجد من مؤمن ولا كافر إلا سجد ، سوى الوليد بن المغيرة ، فانه كان شيخا كبيرا فلم يستطع السجود ، فأخذ بيده من البطحاء فسجد عليها ، ثم تفرق الناس من المسجد


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-12-05
مقالات منشورة : 68
اجمالي القراءات : 1,877,255
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 205
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt