ويكون الدين كله لله
في الفترة الأخيرة يكثر الجدل عن قضية خطيرة لدى المجتمعات الاسلامية بصفة خاصة, وهناك من يوصل الليل بالنهار من بعض الكتاب الذين ليس لهم عمل إلا أن يسعوا في تعجيز ايات الله لاثبات الخرافات وطمس آيات الله دون ان يدروا جميعا و يعتقدون الاعتقاد الخاطئ انهم يعملون هذا من اجل الدين فاقول لهؤلاء جميعا كفاكم دفاعا عن الخرافات وارجعوا إلى كتاب الله خير لكم من هذه الروايات التي ليس لها اساس في دين الله.
أما بعد قال تعالى:
((تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)) الجاثية آية 6.
وقال تعالى:
((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)) البقرة آية 165.
ونستخلص من هذه الايه الكريمة ان اي كلام خلاف كلام الله فهو يعتبر ند لكلام الله فعلى سبيل المثال هناك بعض الكتاب يعتقدون ان الصلاة والزكاة والحج والصيام لم نعرفها الا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وأقول لهؤلاء جميعا ممن لا يقراون القران ولا يتدبروا آياته انه ليس هناك فرق في الرسالات التي نزلت على جميع الرسل ومن ضمنهم خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام والدليل على ذلك قول الله تعالى الى سيدنا ابراهيم:
((وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)) الحج آية 78.
هل الملة لا تعني الصلاة والزكاة وكل أمور الحياة وكل ما يتعلق بالحرام والحلال؟.. أم ماذا تعني كلمة ملة في القران الكريم؟.. اعتقد أنه حين نزل الرسول عليه الصلاة والسلام نزل لصياغة الدين الذي كفروا به هؤلاء الموجودين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام فبالبداهة انهم كانوا يعرفون الصلاة والزكاة والحج ولكن كفروا بها, اي اتى الرسول رحمة للعالمين وتثبيت التشريع وصياغته مرة أخرى لهؤلاء البشر الذين كفروا به في ذلك الوقت ونفهم من ذلك ان القران مثل التوراة والانجيل لان الله وصف جميع الكتب وصفا واحدا فعليكم جميعا بقراءة القران والتدبر فيه لكي تعلموا ما هو التشريع وتدافعوا عن الله وعن كتابه أولى لكم من ان تدافعوا عن الظنيات, وان اليقين لن يكون الا في كتاب الله عز وجل, لعل وعسى أن يهديكم الله لانه لا يوجد منذ ان خلق الله السموات والأرض إلا آياته على جميع الرسل وينطبق هذا على خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام, فافهموا إذا كنتم تريدون ان تفهموا, افهموا معنى التشريع بالدين وماذا يعني تبليغ هذا التشريع, أم أنتم لديكم الأموات تقدسونهم ونسيتم جميعاً دين الله؟!.. هذه حريتكم ومسؤوليتكم امام الله يوم القيامة ولكن ليس من حق اي انسان ان يسخر من ايات الله, وانا في اعتقادي ان هؤلاء الناس الذين يسخرون من ايات الله لا يفهموا منها شيئا, وإلا كانوا قد راجعوا انفسهم ليعلموا هل يحق لهم ان يسخروا من كلام الله ليثبتوا كلاما أو ليرفعوا كلاما فوق كلام الله؟!.. فمن السهل الرد على هؤلاء الناس جميعا بآية واحدة من كتاب الله, قال تعالى:
((فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ، وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ))
سورة يونس 94 – 95.
ونستشهد بهذه الآية الكريمة أنها موجهة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام لكي يتمسك بها وموجهة أيضاً لمن يحاول ان يعجّز آيات الله ويتهمها بالعجز وبالنقص في أي زمان ومكان, ونستخلص من هذه الاية أيضاً انه لا يوجد بخصوص التشريع وبخصوص الدين إلا كلام الله عز وجل وأن الرسول مأمور بتبليغ هذا التشريع.
أما بخصوص الأحاديث التي تعتقدون ان الرسول عليه الصلاة والسلام هو من قال هذا الكلام فانا اختلف معكم في ذلك وسنسلط الضوء على هذا الموضوع لتعلموا جميعا من هو الذي يبحث من اجل الحقيقة ومن الذي يحاول ان يخفيها, قال تعالى:
((قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ)) الأحقاف آية 9.
وهذه الآية نزلت على الرسول عليه الصلاة والسلام انه ليس مطالب منه إلا تبليغ آيات الله تعالى فموضوع الاحاديث لو كانت ايات من عند الله او وحي من عند الله لماذا لم يذكرها الله في القران الكريم, أم هي تخيلات من بعض الناس ان تقولوا على الله ما لا تعلمون وتدعوا أن من قال هذا الكلام هو الرسول؟!.. فالرسول برئ من هذا و انه لم يبلغ إلا آيات الله تعالى.
ونستشهد أيضا في هذا الموضوع باية اخرى من كتاب الله تعالى, قال تعالى:
((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1} مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3} إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4})) سورة النجم الآيات 1 – 4.
ونفهم من كلمة وحي انه كلام الله فهذه الايات تثبت بالفعل انه لا يوجد سوى الوحي الذي أوحاه إلى الرسول بما يخص التشريع, ونفترض على كلام الرواة فيما يخص الاحاديث يعني ماذا تعني (الحديث القدسي) وماذا يعني (الحديث الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام) لو كان يوجد أحاديث قدسية كما يزعمون لذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز, ونفترض أن هذه الأحاديث لها وجود فكيف علم الرسول عليه الصلاة والسلام بأن هذا كلام الله ولكن لا يندرج ضمن القران؟ وكيف صنف أحاديث قدسية وكلام الله ألا وهو القران؟ وكيف صنف أحاديثه هو؟ نحن في هذا المقال لا نشكك في الرسول ولا نشكك في ايات الله عز وجل ولكن أريد ردا من هؤلاء الاشخاص ممن يسمون انفسهم بعلماء الاحاديث, فانا أستطيع أن أرد عليهم بأنه لا يوجد حديث قدسي سوى كلام الله عز و جل الا في القران الكريم, أما بخصوص النبي عليه الصلاة والسلام فله اجتماعيات اكيد مئة بالمئة كان له احاديث وكلام ونصائح وهذا يندرج في الحياة العامة لنبي الله عليه الصلاة والسلام ولا علاقة له بالتشريع لان التشريع ملك لله وحده, وتقول الآية الكريمة:
((وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه)) الأنفال آية 39.
رمضان عبد الرحمن علي
اجمالي القراءات
16156