خواطرمع سورة طه

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِي (14) (سورة طه 12 – 14

مقدمة: ثلاث آيات من سورة طه، نجد عندما نتدبر هذه الايات الثلاثة، نسطنبط دروس ومواعظ تفيدنا فى الحياة الدنيا والآخرة. يجب أن نقرأ الآيات مجتمعة ثم نحدد الكلمات اللاتى هن مفتاح التدبر. إليكم نفس الآيات بعد تحديد هذه الكلمات التى ستكون محور التدبر:

{ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَ اسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَ اعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِي (14) سورة طه

تدبر:                                                                                                                                        

إِنِّي ........ إِنَّنِي

  رَبُّكَ......... فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ....أوامر  

وَأَنَا اخْتَرْتُكَ..... فَاسْتَمِعْ.. لِمَا يُوحَى.....لم يقل فاسمع لأن الوحى أوامر ونواهى ويحتاج تدبر وتعقل فلزم إستخدام كلمة فإستمع.

إِنَّنِي أَنَا اللهُ .....فَاعْبُدْنى......وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِي...عباده. وهذا هوالهدف من الصلاة " ذكر الله "وليس عبادة الله.

حرف الياء للملكية والخصوصية. تقول بيتىتعنى أنك صاحب هذا  البيت وهو ملكك ويخصك لا غيرك. فحين قال وأقم الصلاة لذكرى تخصه هو لا يشترك معه أحد سواه وليس كما يقولون إنها للتذكرة فحين ضاعت منك فريضة فحين تتذكرها يجب عليك أدائها فورا...تلاعب بالألفاظ والمعنى.

ماذا نفهم من ذلك؟

بدأت الآية بــــ "إِنِّي أَنَا رَبُّكَ"  كان من الممكن أن يقول إنى ربك ، أو أنا ربك، كلا القولين سليم لغويا ولكن لسان القرءآن يختلف عن اللغة التى نتداولها بيننا. فهنا جاء بصيغة التأكيد الذى لا ريب فيها بأن أنا الرب ولا رب سواى.

أَنَا رَبُّكَ، جاء بعدها أوامر، فالرب هو الذى يأمر وينهى ويدبر الأمر:للتوضيح أكثر يقول سبحانه وتعالى فى سورة يونس 3:

إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ } (سورة يونس 3

لاحظ إختيار الألفاظ بدقة متناهية لتؤدى المعنى المطلوب ، من اساليب بلاغة القرءآن "التقديم والتأخير"، فقدم لفظة رَبَّكُمُ فى بداية الآية وفى نهاية الآية قدم لفظة الجلالة "اللهُ "، فمن هذا التقديم والتأخير نعلم ما هى خصوصيات الرب وأيضا خصوصيات لفظة الله.

رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ..... يُدَبِّرُ الْأَمْرَ.        ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ............فَاعْبُدُوهُ

نعود إلى سورة طه آية 13

وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَ اسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)

بدأ سبحانه الآية بــــ " وَأَنَا اخْتَرْتُكَ" تأكيد على أن الإختيار من ربك وليس لك الخيار فى ذلك كما إختار وإصطفى جميع أنبياءه ورسله.

ثم أوضح له سبب الإختيار وهو الأمر بالإستماع " فَ اسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى" هنا إستخدم الله سبحانه كلمة إستمع، وهذه لها دلالة تختلف عن لو قال إسمع لما يوحى.

الإستماع: سكون الجوارح والإصغاء بالسمع، وحضور العقل، قاصدا التأمل في كلماته وتدبر معانيه. قول الله تعالى:

{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } (سورة الزمر 18)

الخلاصة:الله الرب الإلاه الرحمان الملك، كلها تشير إلى كُنية واحدة ولكن لكلِ دلالات مختلفة:

الله : خالق السماوات والأرض وما بينهما.

الرب: المدبر، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ويقوم على شئون الكون بما فيه.

الإلاه: الذى يُعبد ولا يُعبد سواه.

الرحمان: الذى لا يرضى لعباده الكفر وهو الرحمان الرحيم.

الملك: مالك يوم الدين والقاضى الأعظم الذى يحكم بين عباده بميزان القسط.

صدق الله العظيم...