دراسة قرآنية لفهم ماهو المسجد:
مساجد الله - الجزء الأول -

dalou baldou Ýí 2023-01-26


بسم الله الرحمن الرحيم
الـمساجد التي نعرفها نحن ، بتعبير القرآن تسمى المحراب و هو مكان للإتصال بالله أو الصلاة.
(كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ) ،( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ ) ، ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا )
المزيد مثل هذا المقال :

( يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ )
( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ )
مفهوم السجود هو :
السجود هو إلتقاء نقطة البداية مع نقطة النهاية ، أي دورة كاملة أو دائرة .
سُمّي السجود الحركي في الصلاة سجودا ، لأنه يلتقي فيها ، بداية الجسم وهو الرأس مع النهاية وهو القدمين في خط واحد ، شبه دائرة .
فهناك سجود حركي و سجود معنوي .
اختلط على الناس ، بين السجود الحركي و السجود المعنوي، وبين المسجد و بين المحراب أكثرهم لا يعرفون السجود المعنوي .
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ) (49)
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ۗ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) (18
إذن كيف تسجد الجبال و القمر و النجوم و الشجر
دورة القمر من بدايته إلى نهايته أي من يوم خَلقِه من لا شيء إلى فناءه إلى لا شيء تسمى سجود، و ايضا دورته الشهرية من بدايتها إلى نهايتها تسمى سجود و دورته الكاملة حول نفسه تسمى سجود و دورته حول الأرض تسمى سجود مع أننا نشاهده يعمل كل تلك الاعمال من أجلنا إلا أنه يطيع أوامر الله، لذلك فدوراته أو سجوده كله لله .
و كذلك الشمس و النجوم
الجبل من يوم خلقه إلى فناءه تسمى دورة حياته من لا شيء إلى لا شيء سجود وهو سجود لله
الشجر من خلقها من لا شيء إلى فنائها إلى لا شيء تسمى هذه الدورة سجود، و دورة إثماره أي خروج الثمار من لا شيء إلى فناءها إلى لا شيء تسمى تلك الدورة ، سجود
مع أن الشجر يخدمنا نحن البشر نأكل و نشعل النار و نصنع الأثاث منها ، إلا أنها في الحقيقة هي تطيع الله لذلك كل دورة حياتها أو سجودها لله تعالى . وخدمتها للبشر تسمى سجود للإنسان
كذلك البشر إذا كانت اعمالهم بنية رضا الله في دورة حياتهم فهم يسجدون لله .
( وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) نلاحظ :كثير من الناس ، لأن ليس كل الناس دورة حياتهم لرضا الله ، فهناك من أعمالهم لرضا شهوة نفسه أو رضا الشيطان فتسمى دورته ، سجود حول شهوة نفسه أو سجود حول الشيطان . أو سجوده لهواه ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ )
أي دورة حياته مسخرة لـِ ،ومن أجل هواه .
الدواب كذلك ، مع أن الدواب تخدمنا نحن البشر ، نأكل لحومها و نشرب ألبانها و نلبس جلودها و ننتفع بها ، إلا أنها تقوم بما أمرها الله و تطيع الله ، لذلك دورة حياتها أو سجودها لله
وخدمتها للبشر تسمى سجود للإنسان ،لأن دورة حياتها مسخرة للإنسان ، من خلقها إلى فنائها تخدم الانسان، لذلك هي تسجد للإنسان و في نفس الوقت تسجد لله لأنها فعلت ما أمرها الله .
الشجرة سخرت نفسها للإنسان و يسمى هذا ، سجود للإنسان و في نفس الوقت تسجد لله من خلال طاعته فهي تفعل ما أمرها الله .
كذلك السماوات و الأرض (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) (11
سخرها الله للإنسان فهي تسجد للإنسان من خلقها من لاشىء إلى فنائها إلى لاشيء تخدم الإنسان و في نفس الوقت هي تسجد لله من خلال طاعته (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ )
نلاحظ : ايتيا طوعا أو كرها . يعني غير مخيرة
أما بالنسبة للإنسان قال له . اختر تأتي إلى صراط الله أو لا تأتي ، فهو مخير، شاكرا أو كفورا
فلم يقل الله للانسان ايتي طوعا أوكرها . أعطاه الاختيار ليختار بنفسه .
(وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض)
الدواب و الشجر وكل شيء مسخر لنا حتى الملائكة و الشمس و القمر تسجد لنا لأن دورة حياتها هي من أجلنا و من اجل الله لأنها تطيع الله، و هو أمرها ان تسجد لنا فهي وسط سجودها لنا تسجد لله من خلال طاعة أوامره .
و لأن الشجر و الدواب و الشمس و القمر و كل المخلوقات (من غير الجن و الإنس) ، غير مخيرة فلا تسطيع الرفض.
الملائكة أيضا ليست مخيرة فهي تسجد لله أي دورة حياتها كلها حول طاعة الله و أمرها أن تسجد لآدم أي تخدم الإنسان مثل بقية المخلوقات ، تقبض روحه ، الاستغفار لنا ، الدعاء لنا ، القتال مع المؤمنين في الحروب ، تبليغ الوحي ....الخ من الأعمال ، أي دورة حياتها تكون لنا و في نفس الوقت هي لله لأنها تطيع الله و هو أمرها بالسجود لنا ، أما ابليس كان يسجد لله وأمره الله بأن يسجد لآدم فأبى ، فسجوده لآدم يعني للناس كافة ، لذلك لم ينتقم من آدم وحده و إنما أراد الانتقام من البشر أجمعين لأنه و ذريته ستكون دوراتهم الحياتية مسخرة للبشر جميعا ، فعندما رفض أمر الله أصبح من الكافرين بالله ، و أصبح هو وذريته عدوا لنا .
الشيطان من الجن كان عنده الاختيار .اختار عدم السجود، أي لم يرد أن تكون دورة حياته مسخرة للإنسان .
ولأنه رفض السجود لنا أي رفض أمر الله لذلك سيعاقب وسيدخل جهنم
البشر ايضا مخيرون فهناك من يسجد لله و هناك من لا يريد السجود لله
و أيضا في البشر من لا يريد أن تكون دورة حياته أو سجوده لله ، فقد رفض أمر الله ،سيعاقب وسيدخل جهنم .
الخلاصة
جميع المخلوقات تسجد للإنسان ، لأن الله أمرها و هي غير مخيرة و من ضمنهم الملائكة
و بسجودها للإنسان تكون قد سجدت لله لأنها أطاعته .
أما إبليس كان من الجن و هو مخير ، رفض ، فكان هو وذريته لا يسجدون لآدم
فأصبحت دورة حياتهم أو سجودهم عوض أن تسجد للإنسان بأن تنفعه و تخدمه مثل بقية المخلوقات التي اطاعت الله و سجدت للإنسان، أصبحت دورة حياته في سبيل مضرة الانسان و تدميره .يسمى هذا السجود ، سجود حول الطاغوت أي حول الطغيان .
إذن السجود هو دورة حياة كل شيء ،تدور حول الله و مسخرة لله ، لأن المساجد لله ، و هو خلق كل شىء ، و من يخرج من ذلك المسجد فقد كفر بالله و يدخل النار .
بمعنى المؤمن دورة حياته مسخرة لله ، يعني سجوده لله
الكافر ، المنافق ، المشرك ، دورة حياته أو سجوده حول : نفسه ، شهوته ،هواه ، الشيطان ، الطاغوت ، الشمس ، الأصنام ...الخ
إلا من تاب ورجع إلى دورته حول الله أو إلى مسجد الله
(وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) (24
أي دورة حياتهم مسخرة لخدمة الشمس . و يضحون بأنفسهم من أجلها .
(خذو زينتكم عند كل مسجد )
دورة حياة المؤمن سجود لله ، و دورة سجوده من بداية اليوم إلى حدود بداية الدورة الثانية وهو بداية الصباح التالي ، تكون إما في شغل أو دراسة أو رياضة أو جيش أو سياسة ...الخ وهذه تسمى مساجد كل يأخد زينته إلى مسجده ، فالرياضي يلبس ملابس الرياضة و الفلاح يأخذ زينته الخاصة بالفلاحة، و السياسي كذلك يأخد بذلة تخص مسجده ....الخ . فلا بد أن يكون القصد من تلك الدورات اليومية لخدمة الله أو سجود لله . أي في سبيل رضا الله .
نلاحظ الحيوانات كيف تنظف نفسها و تتزين في مسجدها اليومي الخاص للإنسان ،طاعة للخالق أمرها ان تسجد للانسان أي أن تضحي بحياتها من أجله و تسخر نفسها له ، طاعة لله الذي امرها
نحن أيضا داخل مسجد الله نضحي بحياتنا لله و نسخر انفسنا له .
إذن كل المساجد لله ( إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )
الخلاصة . إذًا كان كل شيء نقوم به في الحياة مسخر و بنية لرضوان الله تعالى هو سجود له . مهما اختلف نوع العمل . رياضة ، سياسة ، تعليم ، زواج ، فلاحة ....الخ المهم أن تكون تدور حول رضوان الله أو بتعبير آخر تسجد لله .
(لمسجد أسس على التقوى أحق أن تقوم فيه ) أي يتقي الله وسط دورته في يومه إذا كان في التجارة يتقي الله و إذا كان في السياسة يتقي الله في معاملاته ....الخ
و من خرج من مسجد الله فهو كافر بالله إلا من تاب وعاد إلى مسجد الله
خلاصة الخلاصة، القاعدة هي : المسجد ، هو دورة حيات من أولها إلى آخرها مسخرة في خدمة وطاعة أي شيء ، و يضحي حياته من أجل ذلك الشيء ويفنى عمره من أجله ، فإذا كانت لله فسيدخل الجنة و أما إذا كانت للشمس أو الصنم أو الطاغوت أو الشيطان أو هواه أو نفسه فسيدخل النار ،عذاب الحريق .

التسبيح
( كُلّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ )
كما قلنا دورة الكواكب تسمى سجود ، أما حركته تسمى سباحة
يعني الدورة كاملة تسمى سجود أما الحركة عبرها أي عبر المكان و الزمان يسمى تسبيح
فحتى نحن ، دورة سجودنا في اليوم ، الحركة فيها عبر المكان و الزمان تسمى تسبيح
طبعا يوجد تسبيح قولي بأن نقول سبحان الله
إذن هناك تسبيح قولي و تسبيح فعلي ، وسجود حركي و معنوي ، و بيت حسي و معنوي.
في الجزء الثاني
سأكتب حول ، من يعمر مساجد الله و حول إخراج الناس من المسجد و تخريب المساجد . ودخول المسجد .
اجمالي القراءات 1384

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
بطاقة dalou baldou
تاريخ الانضمام : 2014-10-23
مقالات منشورة : 12
اجمالي القراءات : 15,975
تعليقات له : 137
تعليقات عليه : 8
بلد الميلاد : Algeria
بلد الاقامة : Algeria