آحمد صبحي منصور Ýí 2020-04-20
أكابر مجرمى مصر المملوكية يهزمون أكابر مجرمى قبرص عام 829
لمحة
1 ـ سقطت عكا آخر معقل للصليبيين سنة 690 هـ على يد السلطان المملوكي الأشرف خليل بن قلاوون . ولكن الحروب الصليبية لم تنته بسقوط عكا، لأن شراذم الصلبيين اتخذت من جزيرة قبرص موطئ قدم لها ، ترسل منها الحملات البحرية تغير على المواني التابعة للدولة المملوكية فى مصر و الشام ، مما جعل السلطان المملوكي الأشرف برسباى يستولى على قبرص سنة 830 هـ وتصبح من أملاك السلطان
حملة قبرص على الإسكندرية سنة 767هـ
1 ـ في ذلك الوقت كان الاتابك (قائد الجيش المملوكى) يلبغا العمرى يتنزه في العباسة ، وهى محطة للقوافل ،ولا تزال مكانها الآن مدينة العباسة فى محافظة الشرقية ، بينما كان السلطان الأشرف شعبان القلاوونى المملوكى يتنزه في مدينة العكارشة ، وأثناء الفرح والسرور وردت لهما الأخبار بأن الفرنجة قد أغاروا على مدينة الإسكندرية في سبعين مركباً حربياً . وكلها مشحونة بالرجال والسلاح وقد امتلكوا الثغر في يوم الأربعاء 21 صفر . وكان يتزعمهم حاكم قبرص واسمه ربوك . وبعد أن احتل المدينة سار فيها في موكب بينما يقوم جنوده بالفتك بأهل المدينة ،وهلك من الناس أكثرهم بسبب الإزدحام على الهرب من أبواب المدينة.
2 ـ وأعلن السلطان ألأشرف شعبان التعبئة العامة ، ولما وصلت جيوش المماليك إلى الإسكندرية وجدوا الفرنجة قد رحلوا عنها بعد أن دمروها تماماً ونهبوا كل ما فيها وقتلوا أكثر من خمسة آلاف ، وأسروا النساء والأطفال بما يبلغ خمسة آلاف أيضاً ، ورحلوا بالأسرى والغنائم إلى جزيرة قبرص . ويقول ابن اياس عن الإسكندرية :" فمن يومئذ اختلت أحوال ثغر الإسكندرية وتلاشى أمرها وقلت أموالها واختل نظامها ورحل عنها سكانها. )".
3 ـ وجدير بالذكر أن مؤلفا مجهولا من أبناء الإسكندرية شهد بنفسه هذه الحملة ، ووضع كتاباً في تلك المحنة التي حلت بالإسكندرية وهو بعنوان " الالمام بالأعلام فيما جرت به الأحكام والأمور المقضية في واقعة الإسكندرية" ويقع ذلك الكتاب في جزئين ، ولايزال مخطوطا فى دار الكتب المصرية ، والمؤلف المجهول هو النويري (محمد بن قاسم بن محمد) وقد توفى بعد تلك الكارثة بثمانية أعوام ،اى عام775 . وذلك النويري السكندرى غير شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري المتوفى 733هـ صاحب موسوعة " نهاية الأرب" . وقد عاشا فى نفس القرن الثامن الهجرى.
غارات أخرى للفرنجة والقبارصة
إستمرت قرص تهاجم الموانى المملوكية في سلطنة الأشرف برسباي، مما جعله يصمم على غزو الجزيرة وقهرها . وتلك الأحداث حظيت بتسجيل ثلاثة من أشهر المؤرخين فى العصر المملوكى ، وقد عاصروها وسجلوا أحداثها باعتبارهم شهود عيان ، وأهمهم المقريزي وابن حجر .
1 ـ ففي شهر شعبان سنة 825 هـ كثرت غارات الفرنجة على السواحل المصرية ، وهجمت سفينتان صليبيتان على ميناء الإسكندرية فوجدوا فيها مركبا للتجار فيه بضائع بنحو مائة ألف دينار فحاولوا الإستيلاء عليه ودارت معركة بينهم وبين التجار يعاونهم أهل الإسكندرية ، وأحرق الصليبيون المركب التجارية ، ولم تصل سهام المصريين إلى مراكب الفرنجة لأنه لم تكن لأهل الإسكندرية مراكب بحرية ، وانتهت المعركة بفوز الصليبيين ومضوا نحو برقة، فأخذوا ما قدروا عليه منها ، ثم عادوا إلى الاسكندرية ،وبعدها اتجهوا نحو الشام .
2 ـ وفى رمضان 826 جاءت الأخبار من قبرص باستعدادات الفرنجة للقيام بغارات أخرى على السواحل ، فأصدر السلطان أوامره للأمراء فأستعدوا وتحصنوا فى الأسكندرية و دمياط ورشيد وأكتمل الأستعداد فى 7 رمضان ..ولم تأت الغارة.
3 ـ وفي شهر رجب سنة 827 هـ تمكن الفرنجة من اقتناص مركبين في دمياط ، وكان عليهما أكثر من مائة رجل وبضائع كثيرة، واشتد غيظ السلطان برسباي فصادر أموال التجار الفرنجة في مصر والشام.
حملة استكشافية لقبرص أرسلها برسباي
1 ـ وكانت تلك الحوادث كافية لإثارة غضب السلطان للإنتقام العملي، ولذلك فقد تحركت سفينتان من ساحل بولاق كانتا تحملان المقاتلين والعتاد، وفيهم ثمانون من خيرة المماليك، وأبحرت السفينتان في البحر المتوسط من ناحية طرابلس الشام وتعاونت معهما سفن أخرى لإقتناص أي سفينة صليبية، وكان ذلك في رمضان سنة 827هـ
2 ـ وفعلت تلك الدورية البحرية العجائب، فقد التحق بالسفينتين مركبان من بيروت وصيدا ، وبلغ عدد المقاتلين ستمائة بعد أن إنضم إليهم المتطوعون، وكان معهم ثلثمائة فرس . وقد كانت قبرص في ذلك الوقت منقسمة بين أكثر من حاكم بسبب تنوع سكانها بين سكان قبارصة أصليين ووافدين محاربين من الصليبيين . ودارت معركة انتصر فيها المماليك ، وعادوا إلى مصر في شوال سنة 827هـ فوصلوها في شهر ذى القعدة ، وكان معهم ( 1600 ) أسير في رواية ابن حجر ، وفي رواي المقريزي (23)أسيراً فقط ، بالإضافة إلى الغنائم العينية . ورواية المقريزي أقرب للصحة ، والملاحظ أن ابن حجر في تأريخه لهذه الفترة كان مضطربا بعض الشئ في تأريخه ، فلم يكن متفرغا كالمقريزى بسبب كثرة توليه الوظائف ومنها القضاء .
الحملة الأولى على قبرص
1 ـ وتشجع السلطان برسباي بهذا الإنتصار ، فأخذ في اعداد مراكب حربية لغزو قبرص وكان ذلك في شهر المحرم سنة 828هـ. وفي شهر ربيع الآخر ابتدئ بعمل طرادين حربيين ، واستكمل عددهما أربعاً، وكان انشاؤها في ساحل بولاق في منطقة انحسر عنها الماء تجاه جامع الخطيري ، واستحضرت لها أخشاب كثيرة من القصور القديمة في سرياقوس (المعروفة الآن بالخانكة)
2 ـ وفي شهر ربيع الآخر 828 . اكنمل بناء برج حربي بالقرب من ساحل الطينة في سيناء ، وكان مربع الشكل مساحة كل ربع منه ثلاثون ذراعا ، وتم شحنه بالأسلحة ، وأقيم فيه خمسة وعشرون مقاتلاً فيهم عشرة فرسان، وتولى عمارة هذا البرج الأمير زين الدين عبد القادر الاستادار ، وقد جلب الأحجار لهذا البرج من خرائب (أى آثار ) مدينة الفرما. واستجلب له المماليك جماعة من الأعراب، وأصبح بذلك قاعدة بحرية تحرس سواحل سيناء
3ـ وفي جمادى الأولى سنة 828هـ جاءت أخبار تحركات للفرنج فاستعد لها المماليك ، وحدثت معركة حول صفد ، وفي الشهر التالي حدثت معركة أخرى بين جبلة وطرابلس مما دعا السلطان للإسراع بتدشين سفينتين من بولاق ، وحملتهما الجمال إلى السويس لمواجهة أى تحرك بحري للعدو في البحر الأحمر ، حيث كان البحر الأحمر بحرا ممنوعا على الفرنجة دخوله خوف هجومهم على مكة و المدينة.
4 ـ وفي آخر شهر جمادى الآخرة استعرض السلطان برسباي جنود الحملة التي أعدها لغزو قبرص ، وأمر القواد الكبار بأن يجهز كل منهم عشرة من مماليكه. وبذل السلطان كل وسعه في الإسراع بتجهيز السفن الباقية حتى أنه أخذ الأخشاب من الناس ظلما وقطع الأشجار بغير رضا أصحابها وسخر الناس في حملها ، ويقول المقريزي إن السلطان فعل مثل الذي صلى لغير القبلة بغير وضوء عمداً .!
5 ـ وفي يوم 13 رجب أعطى السلطان النفقة لرجال الغزوة وهم ستمائة رجل لكل واحد منهم عشرون ديناراً . وقام الأمراء الكبار بتجهيز ثلثمائة رجل ، ونودى في الناس: من أراد الجهاد فليحضر لأخذ النفقة .
6 ـ وبدأ الجزء الأول من الحملة في التحرك في 20 رجب ، إذ سارت الخيول في البر إلى طرابلس في الشام وكان عددها ثلثمائة فرس، وكان السلطان قد طلب تجهيز شحنة مجاديف من اللاذقية ،وحملتها السفينة في البحر المتوسط ولكن تعرض لها الفرنجة في الطريق فأخذوها وقتلوا حراسها .
7 ـ وفي يوم الجمعة 12 رجب بعد صلاة الجمعة استعرض السلطان السفن المجهزة للغزو في ساحل بولاق . وتحركت السفن الحربية في اليوم التالي ، وكان يوماً مشهوداً اجتمع له الناس، وقد انحدرت في النيل أربعة سفن ، ثم انحدرت سفينة أخرى يوم الإثنين ، وانحدرت يوم الثلاثاء سفينتان . وفي يوم الخميس 20 رجب أبحرت السفينة قبل الأخيرة ، ثم أبحرت السفينة الأخيرة يوم 3شعبان .وكان قائد الحملة الأمير جرباش حاجب الحجاب.
8 ـ وقد وصلت السفن إلى دمياط ثم إلى طرابلس الشام ، وانضمت إليهم قطع أخرى من الأسطول فتكامل عددها إلى أكثر من أربعين مركباً حملت الخيول والفرسان والمماليك والمتطوعين من الناس . ووصلوا إلى الماغوصة في قبرص ( حيث يقيم القبارصة أهل الجزيرة ) فأقاموا فيها ، وقد أعلن حاكم الماغوصة طاعته للسلطان برسباي ، بينما استعد الفرنجى الصليبى حاكم اللمسون "ليماسول" للحرب . وكانت الحملة قد أقامت في خيام في الماغوصة ليلة الأحد 20 رمضان.
9 ـ وفي يوم الأحد بدأت الغارات على الضياع الواقعة غرب قبرص ، وعادوا بغنائم كثيرة بعد ما قتلوا وأسروا ، ثم أقلعوا ليلة الأربعاء في السفن وتركوا جزءا من الجيش يتكون من أربعمائة رجل يسيرون بحذائهم في البر، والإشتباكات بينهم وبين القبارصة لا تنقطع .
ودارت معركة بحرية بينهم وبين الفرنجة فهزموا الفرنجة بسهولة ، وتوقفت الحملة في ساحل الملاحة فأغارت عليهم سفن الفرنجة الهاربة ودارت موقعة أخرى أكثر عنفاً وانتهت بانتصار الحملة .
10 ـ ويبدو أن تلك المعارك كانت من قبيل جس النبض ، لأن حاكم قبرص الصليبى الفرنجى كان يجهز استعداداته لخوض معركة برية يخوضها أخو الملك نفسه. وقد استغل الفرنجة الصليبيون توزع الحملة بين البر والبحر فقاموا بهجوم مباغت على البر، ولكن المماليك ثبتوا في المعركة البرية وقتلوا من الفرنج أعداداً كثيرة ، وأخرجوا الخيول من المراكب إلى البر في ليلة السبت وساروا بكرة السبت يقتلون ويأسرون ويحرقون القرى حتى ضاقت مراكبهم عن حمل الأسرى والغنائم .
11 ـ وخاف قائد الحملة أن تكون أثقاله من الغنائم والأسرى عبئاً عليه في المعركة الفاصلة والتي علم أن حاكم قبرص قد أخذ يجمع لها وسيستنجد بالفرنجة في أوربا، لذلك استأذن في العودة إلى مصر بما معه وأرسل بخبر الإنتصار، وجاء الخبر إلى القاهرة يوم 9شوال، وقرئ الكتاب على القضاة والأعيان في الجامع الأشرفي الذي أنشأه الأشرف برسباي ، ثم قرئ في اليوم التالي بجامع عمرو بن العاص ، وكتبت البشائر الى الاسكندرية والبحيرة والصعيد ، وتزينت القاهرة ومص بأقواس النصر.
12 ـ ووصلت الحملة المنتصرة إلى ساحل بولاق بالقاهرة يوم 25 شوال وكان معهم 1600 أسيراً وأثقالاً من الغنائم تحملها عشرة جمال وأربعون بغلاً ومائة وسبعون رجلاً من الحمالين ، واستعرض السلطان الأسرى والغنائم في حفل هائل ، وأمر ببيع الأسرى وتقويم أصناف الغنائم ، وابتدأ البيع من يوم الإثنين 27 شوال وتولى البيع عن السلطان الأمير اينال الششمّاني ،فاشترى الناس الأسرى على اختلاف طبقاتهم ، وأمر السطان أن لايفرق بين الأولاد وآبائهم ،ولا بين قريب وقريبه فكانوا يشترونهم جميعاً ، وأعطى السلطان منحة لرجال الحملة قدرها ثلاثة دنانير ونصف لكل واحد.
13 ـ وكان رد الفعل شديداً على الفرنجة وحاكم قبرص إذ وصلت بعض سفن الفرنجة إلى ساحل الطينة في سيناء قبيل وصول الحملة إلى مصر بالغنائم والأسرى ، وأدرك السلطان أنهم لن يتورعوا عن الإنتقام فعزم على تجهيز حملة أقوى ليضم الجزيرة ويأمن من خطورتها نهائياً .
الحملة الكبرى على قبرص وأسر ملك قبرص الفرنجى
1 ـ في يوم الجمعة 2 رجب سنة 829هـ تحرك من القاهرة أربعة من كبار الأمراء المماليك وهم تغري بردي المحمودي قائداً لعسكر البر ، والأمير اينال الجكمي قائداً بحرياً ، والأمير تغري برمش والأمير مراد خجا للمعاونة في القيادة، وتتابعت السفن تحمل بقية الحملة من القاهرة إلى رشيد، وكان آخرهم سفراً من القاهرة يوم السبت يوم 11 رجب
2 ـ وبعد أن تكاملت الحملة في رشيد أقلعت منها يوم السبت بعدها بأسبوعين ، وفي يوم الإثنين التالي غرقت من الحملة أربع مراكب ، فانزعج السلطان وفكر في إصدار الأمر بالإنسحاب ، ثم أرسل الأمير جرباش حاجب الحجاب ليتفقد أحوالهم في البحر وليتخذ القرار المناسب ، ولحق بهم حاجب الحجاب ورأى أن تمضي الحملة في طريقها.
3 ـ وجاءت الأخبار للحملة وهى في طريقها أن هناك أربعة سفن للعدو تقصد الإغارة على الإسكندرية فأسرعت مقدمة الحملة بالإشتباك مع سفن الفرنجة ولما تكاملت سفن الحملة بادر الفرنجة بالفرار.
4 ـ وفي يوم الأربعاء 20 شعبان تحركت الحملة من الاسكندرية متجهة نحو قبرص فوصلوها في أواخر شعبان ، واتجهوا نحو اللمسون"ليماسول" وقلعتها الحصينة ، وقد استعد حاكم قبرص الصليبى للمواجهة ، وأقام في مدينة الأفقسية (نيقوسيا) يجهز جنده .
5 ـ وبدأت المعركة حول قلعة ليماسول وقد نجح الغزاة المماليك في اقتحامها يوم الأربعاء 27 شعبان ، وهدموها وقتلوا كثيراً من الفرنج ، وغنموا ما فيها ، وأقاموا فيها ستة أيام ، ثم بدأوا في التحرك يوم الأحد أول شهر رمضان ، وقد انقسموا إلى فريقين فرقة في البر وأخرى في البحر إلى أن وصلوا إلى منطقة وسطى بين ليماسول والملاحة ، ففوجئوا بحاكم قبرص الصليبى الفرنجى جينوس ينتظرهم ، ودارت موقعة فاصلة أسفرت عن هزيمة جيشه وحلفائه ووقوعه في الأسر ، وكان من الأسرى والقتلى كثير من التركمان المسلمين الذين تحالفوا مع الفرنجة وقد بعث بهم ابن قرمان لقبرص بسبب عدائه للماليك .
6 ـ وبعد ذلك الانتصار اجتمعت جنود الحملة البرية والبحرية ، وتسلم الأمير تغري بردي المحمودي قائد الحملة الملك القبرصي الأسير ، وتحركت الحملة إلى نيقوسيا وهى عاصمة الجزيرة فوصل الخبر للماليك بوصول أربعة عشرة مركباً للفرنجة لنجدة قبرص ، فاصطدمت بهم سفن الحملة وهزمتهم وغنمت منها مركباً ، وقتلت عدداً كبيراً من الفرنجة . ويقول المقريزي : " أخبرني من لا أتهم من الغزاة أنه عدّ في الموضع الذي كانوا فيه ألفاً وخمسمائة قتيل " . وانهزم الفرنجة في البحر ، وواصلت الحملة طريقها إلى نيقوسيا وهم يقتلون ويأسرون وينهبون ، حتى دخلوا العاصمة واقتحموا قصر الملك ونهبوا جانباً من المدينة ، وبعد أن أقاموا فيها يومين وليلة عادوا إلى الملاحة ، فاستراحوا بها سبعة أيام ، ثم ركبوا البحر عائدين بالأسرى والغنائم إلى مصر في يوم الخميس 12 رمضان.
، وقد بعث أهل الماغوصة يطلبون من السلطان الأمان خوفا من ان يحدث لهم ما حدث للقبارصة الصليبيين.
7 ـ وقدم الخبر بالبشرى ، فدقت طبول البشائر في قلعة الجبل ـ مركز السلطان ـ في القاهرة ونادى المنادي بزينة القاهرة ومصر، فلبست القاهرة أجمل حللها ، وقرئ الكتاب الوارد بخبر النصر بالجامع الأشرفي ، وأرسل السلطان فرقة مملوكية بحرية لتحافظ على الحملة أثناء عودتها في البحر، وقد رافقت سفن الحملة وقدمت معها إلى ميناء الإسكندرية.
موكب النصر
1 ـ وفي عيد الفطر 829 هـ وصلت طلائع الحملة المنتصرة إلى الحدود المصرية .
وفي يوم الأحد 7شوال وصل قواد الحملة إلى القاهرة ومعهم ملك قبرص الأسير جينوس بن جاك وبقية الأسرى والغنائم، فمروا على ساحل بولاق حتى نزلوا بالميدان الكبير
ويقول المقريزي " فكان يوماً مشهوداً لم ندرك مثله" " . وفي صباح الإثنين سار جنود الحملة في شوارع القاهرة بملك قبرص والأسرى والغنائم " "وقد اجتمع لرؤيتهم من الرجال والنساء خلائق لايحصي عددها إلا الله الذي خلقها " حسبما يقول المقريزي ، وسار الموكب من الميدان بباب اللوق إلى المقس وعبروا من باب القنطرة إلى بين القصرين وشقوا قصبة القاهرة إلى باب زويلة ومضوا إلى صليبة جامع ابن طولون ، وأقبلوا من سويقة منعم إلى الرميلة تحت القلعة وطلعوا إليها من باب المدرج , وكان يتقدم الموكب الفرسان المماليك ثم المشاة من المتطوعين من الحرافيش والعوام من مصر والشام ، ثم خلفهم حملة الغنائم وفيها تاج الملك وأعلامه وراياته المنكّسة وخيوله، وخلفهم الأسرى من الرجال والنساء والصبيان ، وهم أكثر من ألف انسان ، وخلف الجميع الملك الأسير جينوس ، وقد أركبوه بغلاً ، وقد صفدت يداه بالأغلال ومعه ركب اثنان من قواده ، وركب الأمير تغري بردي عن يمينه والأمير اينال الجكمي عن شماله ، فلما وصلا به إلى باب القلعة أنزلاه عن البغل ، وكشفوا رأسه ـ وهذه للاهانة و التحقير ـ وخرّ على وجهه إلى الأرض فقبلها ، ثم انتصب قائماً ، ودخل يرسف في قيوده حتى مثُل بين يدي السلطان الأشرف برسباي ، وقد جلس السلطان بالمقعد وفي خدمته أهل الدولة . وحضر ذلك اللقاء الشريف بركات بن عجلان أمير مكة ومبعوث السلطان العثماني وصاحب تونس وأمراء التركمان المتحالفين مع السلطان وأمراء العرب ومماليك الشام التابعين للسلطان. وبعد عرض الغنائم والأسرى على السلطان جئ بالملك الأسير في قيوده ، مكشوف الرأس فخرّ على وجهه يعفره في التراب ويقبل الأرض ، ثم قام وقد خارت قواه فلم يتمالك نفسه لهول ما عاناه وسقط مغشياً عليه ، ثم أفاق وأمر السلطان بأن يذهبوا به إلى منزل خاص أعدوه له في القلعة. ويقول المقريزي يصف ذلك اليوم " فكان يوماً عظيماً لم ندرك مثله " أعز الله تعالى فيه دينه .".!! .
2 ــ ـ ثم نودي يإزالة الزينة ، وأنعم السلطان على أمراء الغزوة وأركبهم خيولاً بقماش ذهب
مصير الملك الأسير
1 ـ وفي يوم 9 شوال تجمع التجار لشراء ما حضر من الغنيمة وهى ثياب وقماش وأثاث وأواني. وأما الملك جينوس فقد بعث له السلطان من يتحدث معه في أمر افتداء نفسه بالمال فقال : مالي إلا ّ روحي وهى بيدكم ." فغضب السلطان وبعث له من يهدده بالقتل إن لم يفتد نفسه ولكنه تجلد ، فأمر السلطان بإحضاره ، وكان السلطان قد حشد كل الأسرى بالحوش بالقلعة ، فلما جئ بالملك الأسير إلى الحوش ورآه الأسرى من قومه صرخوا جميعاً وحثوا التراب على رءوسهم وكانوا لايعرفون أنه قد أُسر ، وأوقف جينوس تحت المقعد الذي يجلس عليه السلطان ، وقد حضر جماعة من قناصلة الفرنج فالتزموا عنه بإفتدائه بالمال من غير تعيين بشئ . فأعيد جينوس إلى مكانه بالقلعة ، وتباحث معه القناصل في أمر إفتدائه .
2 ـ وفي يوم الأربعاء 10 شوال أمر السطان للملك الأسير ببدلتين من القماش الملكي وعشرين رطلا من اللحم وستة طيور دجاج في كل يوم ، وأبيح له أن يجتمع بمن أراد ، وطالت المباحثات في موضوع الإفتداء ، وطلب السلطان منه نصف مليون دينار، وتقرر الصلح أخيراً على مائتي ألف دينار ، يعجل منها بمائة ألف دينار ثم يرسل الباقي بعد أن يعود إلى قبرص ، ويدفع جزية عشرين ألف دينار سنوياً ، واشترط عليه السلطان أن يكف عنه غارات الفرنجة من البنادقة والكاتيلان وأن يكون تابعاً للسلطان في قبرص.
3 ـ وفي يوم السبت 26 ربيع الأول سنة 830 هـ أصدر السلطان قراراً يالإفراج عن الملك جينوس ، وخلع عليه وأكرمه وأركبه فرساً بقماش ذهب ونزل في موكب في القاهرة وأقام في دار فخمة أعدت له ، وصار يسير في الشوارع كيف يشاء ويزور كنائس النصارى ، وأجريت عليه وعلى أتباعه المرتبات
4 ـ وفي الخامس من شهر جمادى الآخرة تأهب جينوس للسفر إلى قبرص ، وقد خلع عليه السلطان بلباس التشريفة وودّعه ، وقد سافر يوم 26 من نفس الشهر.. وقد أصبح جينوس حاكماً على قبرص باسم السلطان الأشرف برسباي.
5 ـ وجدير بالذكر أن حاكم رودس أرعبه ما حدث لقبرص فأرسل إلى الأشرف برسباي يطلب الأمان وأن يدفع جزية للسلطان ، واستقبل السلطان سفير حاكم رودس وأكرمه ، وقدم هديته للسلطان في يوم الإثنين 18 جمادى الأولى سنة 830 هـ . وقد عاد سفير رودس مع حاكم قبرص في نفس السفينة.
6 ـ وعرف المصريون والمماليك أن جينوس حاكم قبرص هو ابن ربوك الذي فتك بالاسكندرية سنة 767 هـ
ختاما
ملعون العسكر المصرى الذى يحتل مصر من عام 1952 ، ولم ينتصر إلا على الشعب المصرى .
حاولت تحليل عقلية هذا المؤرخ سريعا عطفا على مقولته التي ذكرها بعد نصر ( أكابر المجرمين من المماليك ) على ( أكابر المجرمين من الفرنجة ) فوجدت التالي : من أعلام التاريخ، سار شوطاً بعيداً في حدود الفكر والعقل. وبحث في أصول البشر وأصول الديانات، وكانت له دراية بمذاهب أهل الكتاب، كان حسن الخلق، كريم العهد، كثير التواضع، عالي الهمة فيمن يقصده لنيل العلم والدراسة، محباً للذاكرة والمداومة على التهجد والأوراد وحسن الصلاة ومزيد الطمأنينة !!
شخص هذا ما كُتب عنه في الويكيبيديا يقول : فكان يوما عظيما لم ندرك مثله أعز الله تعالى فيه دينه !!
هنا تدرك عظمة ما يقوم به الدكتور أحمد من عمل و جهد .. حفظكم الله جل و علا .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5098 |
اجمالي القراءات | : | 56,363,864 |
تعليقات له | : | 5,431 |
تعليقات عليه | : | 14,792 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
خاتمة كتاب ( القرآن الكريم والنحو العربى )
الكسائى : تلميذ الخليل ومؤسّس مدرسة الكوفة النحوية
دعوة للتبرع
عدة المرأة : لم لم يشر القرآ ن الكري م لقضية عدة المرأ ة ...
الترجمة للفارسية: بسم الله الرحم ن الرح 1740;م السلا م ...
المستبد حمار ..!!: المست بدون الذين ينهبو ن شعوبه م ...
أعتذر لضيق الوقت: عزيزي د. احمد صبحى منصور : اشكرك و ارجو من الله...
البخارى الأفّاق : تابعت حلقات الرد على السلف يين وكيف أن...
more
فى الفقرة الثالثة من (لمحة) السطر الثامن يصمم غزو والمقصود يصمم على غزو
فى الفقرة الثانية من غارات أخرى زيدت واو فى نهاية الفقرة
فى الفقرة الثانية من حملة استكشافية زيدت ة بعد كلمة حاكم فى السطر الثالث
فى نفس الفقرة السطر الأخير ومنه القضاء والمقصود ومنها القضاء