التحالف الوهابي الرأسمالي

سامح عسكر Ýí 2018-12-16


التخلص من نفوذ الجماعات والإسلاميين ليس بالأمر الهين

هذا نفوذ مبني على قواعد عالمية وأجواء صراع مذهبي وقومي لا ينتهي، وكلما حاول أحد إطفاء هذه الصراعات الغبية أو التحكم في تلك القواعد العالمية يحاصروه أو يسجنوه وربما يقتل..

هذا النفوذ مبني على:

أولا: الرأسمالية المتوحشة التي صدرها الغرب بعد انتصاره في الحرب العالمية الثانية، وكانت دول الخليج ذراعا لهذا النفوذ الرأسمالي في تشكيل قناعات الشعوب كما فعلوه بنشر الوهابية عن طريق أموال النفط..

ثانيا: الصراع الديني والقومي في الشرق الأوسط، خلق أجواء انتعاش للجماعات مما ساهم في قبولها اجتماعيا وسياسيا معا، وقد تم تعزيز هذا الصراع بعد سقوط الحكم الشيوعي ونهاية الحرب الباردة بالدمج بين مصالح الرأسمالية ومصالح تلك الجماعات، وهذا كانت له جذور قديمة بتكفير الشيوعية وشيطنتها في المجتمع طوال القرن العشرين..

ثالثا: الفجوة الكبيرة بين المجتمع والسلطة لغياب الديمقراطية وشيوع حكم الفرد، هذا أفقد العرب نموذجا وقدوة صالحة يمكنها التغيير فوقعوا فريسة للجماعات التي أقنعتهم بالبديل، وقد استغلت الجماعات هذه الفجوة في الانتشار اجتماعيا وثقافيا بالسيطرة على التعليم والمنابر.

رابعا: أصبح لدى الجماعات سلاحين في منتهى القوة ، الأول: حق تمثيل الدين والثقافة والدولة، الثاني: هو المال من عدة موارد كالدعم الخليجي من ناحية، والتبرعات لخدمة قضايا الأمة من ناحية، وإقامة مشاريع دراسية وتجارية من ناحية أخرى، كما حدث في أواخر السبعينات مثلا من صعود كبير لشركات توظيف الأموال وينتهي الآن باحتكار شبه تام للإسلاميين والمحافظين على التعليم..وخصوصا التعليم الخاص.

خامسا: بدلا من تصدير الرأسمالية انفتاحا حقيقيا صدرت محافظة اجتماعية وانغلاقا ثقافيا بتحكم دول الخليج في الإعلام العربي، فقد ساهم تحالف "البرجوازية الطفيلية"- بتعبير مراد وهبة – مع الأصوليين في نشر التشدد والرؤية المحافظة حتى في الفنون، ناهيك عن تحكم أغنياء الخليج في قنوات الفن بشروط منها عدم المساس بأمراء الخليج أو رموز الدين الوهابي، وهذا سر التجاهل الفني التام لخطر الوهابية منذ السبعينات، بل شارك الفنانون – عن جهل- في نشر الوهابية بتعظيم شيوخهم وأئمة الحديث بالخصوص..

راجع سياسة قنوات rotana - orbit - mbc - art في اختيار الأعمال الفنية والإعلامية واحتكار المطربين وعقود عمل الممثلين والمخرجين.

سادسا: نفوذ الوهابية والجماعات لم يقف لحد القنوات، بل تم ضخ الأموال في الصحف وشراء كتاب وأقلام كثيرة بترغيب بعضهم وتهديد البعض الآخر عبر نفوذ سياسي قوي مع أنظمة الحكم خصوصا مصر، وحقيقة رغم غياب الأدلة على ذلك فالإعلام الحر العالمي يكشف بعضا من هذا التواطؤ مثلما كشفت ويكليكس علاقة صحفيين مصريين كبار بالسفارة السعودية، وتلقيهم أموال نظير الكتابة في شئون خاصة بآل سعود ، بل وصل نفوذ المالي لأعضاء البرلمان ..وهذه قصة أخرى.

سابعا: هذا التغول السعودي في مصر والشرق الأوسط أساسه (نزعة محافظة عربية) شكلت ذراعا اجتماعيا مع الفتاوى الدينية للجماعات، أي لم يكن في صالح شعوب المنطقة هذا التغول..وكثير من المثقفين انتبهوا لخطورة ذلك كالشاعر جمال الغيطاني مثلا والذي طالب بموازنة قوة الانفتاح والتعددية والتنوع في علاقات الخارج مع قوة الدين الوهابي في الداخل، لا أن يتم احتكار ثقافة المصريين كليا لصالح رؤية خاصة بالعرب هي رديف الوهابية أصلا.

لكن يبقى السؤال..ما علاج ذلك؟

قولا واحدا سيكون بالدولة المدنية والفصل التام بين الدين والدولة في الدستور والقانون، هذا يعزل الوهابية الجماعات عن مصالح المجتمع، ويمنعهم من غسل أدمغة العوام وتخريب الثقافة الشعبية مما يؤدي لحصارهم فكريا، أما القوانين بطبيعتها الآن تخدم التشدد الأصولي للجماعات وتمثل مصلحة مزدوجة معهم تلقى الاستحسان من رجل الشارع.

والأهم هو الانفتاح الخارجي وعدم الاعتماد على مصدر واحد للمال والسلاح، وعدم إقامة أي صراع على أسس دينية أو قومية، بل مصالح الدولة العليا فقط هي الحَكَم، وفي رأيي لو سار حكام العرب آخر 40 سنة على هذا المنوال لتغيرت أشياء كثيرة وأصبحت الشعوب في وضع أفضل.
اجمالي القراءات 4670

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 7,980,922
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 410
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt