عرض مقدمة ابن خلدون: ب3: (ف 53 : 54 )المهدى المنتظر وعلم الغيب

آحمد صبحي منصور Ýí 2015-09-08


 كتاب مقدمة إبن خلدون: دراسة تحليلية 

القســــــم الأول : عـرض مقدمــــــــــة إبن خلــــــــــــدون

تابع الباب الثالث:( في العمران السياسي ) في الدولة العامة والملك والمراتب السلطانية

المزيد مثل هذا المقال :

  الفصل الثالث والخمسون  

أمر الفاطمي وما يذهب الناس في شانه وكشف الغطاء عن ذلك

عقيدة المهدي المنتظر

ذكر ابن خلدون عقيدة المهدي المنتظر الذي يأتي من آل البيت في آخر الزمان يقيم العدل ويستولي على بلاد المسلمين وينزل على أثره عيسى ، ويقتل المسيح الدجال ويأتم  عيسى بالمهدي في صلاته. ولهم في ذلك احاديث ، وعارضها  آخرون ، وللمتصوفة  أخبار ومنامات في هذا الموضوع .

رأي ابن خلدون في في آحاديث المهدي

وقال ابن خلدون ان جماعة من الأئمة أجازوا أحاديث المهدي، وأنكر إسنادها بعض علماء الجرح والتعديل ، وكيف أن الطعن في الأسانيد والرواة لا يصل إلى رواة الصحيحين البخاري ومسلم ، لأن الإجماع قد اتصل في الأمة على قبول الصحيحين والعمل بهما . ولذلك لم يجد ابن خلدون حرجا في الكلام في أسانيد أحاديث المهدي ، حيث لم ترد تلك الأحاديث في الصحيحين ، فلم يذكرها سوى الترمذي وأبي داوود والبزار وابن ماجة والحاكم والطبراني وأبي يعلي الموصلي . وتتبع ابن خلدون أحاديث المهدي التي ذكرها اولئك الأئمة والروايات المختلفة لكل حديث ورواته وما قيل في كل راو من التجريح، وفي النهاية قال " وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه".

أما عن المتصوفة فالأوائل منهم لم ينشغلوا بموضوع المهدي وانشغل الأمامية الشيعة بتفضيل (علي) وإمامته والطعن في الشيخين، ثم قالوا بعصمة الإمام، ثم جاء الإسماعيلية من الإمامية يدعون ألوهية الإمام وبحلول الله –تعالى- فيه ورجعة الأئمة الموتي بالتناسخ، وآخرون ينتظرون مجئ الموتى من الأئمة أو ينتظرون عودة الأمر إلى أل البيت متآثرين بأحاديث المهدي.

تأثر الصوفية بالتشريع

وتأثر الصوفية المتأخرون بذلك فقالوا بالحلول ووحدة الوجود والقطب والإبدال تشبها بالشيعة ، حتى أوصلوا نهاية الخرقة أي السلسلة الصوفية إلى " علي " وأنه ألبسها الحسن البصري . ويرى إبن خلدون أن هذه الطريقة لم تكن خاصة بعلي ، بل الصحابة كلهم أسوة في طريق الهدي ، وذلك دليل على تأثر التصوف بالتشيع ، وقال أن كتب المتأخرين من المتصوفة والإسماعيلية الشيعة مليئة بالحديث عن المهدي المنتظر ، وكان بعضهم يلقنه الآخرين ويستدلون بأدلة واهية ، وأكثرهم إبن عربي في كتابه ( عنقاء مغرب ) وإبن قسي صاحب كتاب (خلع النعلين ) وإبن سبعين .}   ويرون أن النبوة جاء بعدها خلافة ، ثم بعدها المُلك ، ثم التجبر والباطل، وعلى نفس المنوال يرون الولاية بعد النبوة ، ثم الفاطمي بعد الولاية ، ويجعلون خاتم الأولياء في مقابل خاتم الأنبياء ، ومراتب الولاية مثل مراتب النبوة . ويجعلون الإمام المنتظر من أهل البيت ويقولون أن ظهوره بعد مضي ( خ ف ج) وقيمتها بحساب الجمل (خ = 600 ، ف = 80 ، ج = 3) والمجموع 683 ، أي يظهر سنة 683هـ ولم يظهر المهدي في تلك السنة ، فقال آخرون أن ظهوره سنة 743هـ.

     واقترنت تلك الحسابات بأحاديث ومحاولات التوفيق بينها . أما المتصوفة الذين عاصروا إبن خلدون فأكثرهم يشير إلى ظهور رجل يجدد أحكام الملة .

رأي إبن خلدون في المهدي المنتظر

    ويرى إبن خلدون رأيه السابق وهو أن أمر المهدي لا يتم إلا بعصبية قريش وبنيهاشم ، وقد إنتهت عصبية قريش والهاشميين ، ومن بقي من بني هاشم يعيش في الحجاز ولايمكن أن تقوم دولة المهدي إلا إذا إستطاع أن يوحدهم ويحولهم إلى قوة تقيم له ملكا . أما ما يحدث من دعوات للمهدية يتبعها الدهماء والرعاع فإن مصيرها الفشل ، وقد ذكر إبن خلدون بعض         الأحداث التاريخية مثالا على ذلك .

    وقال أنه كانت بالمغرب قبيل عهده نزعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدون تشيع للفاطمي أو غيره ، والدافع عندهم فساد الأعراب وغرضهم حمل الأعراب على التوبة ، وكانت العادة أن تنتهي هذه الدعوات إلى لا شيئ .

                                 الفصل الرابع والخمسون

                    فصل في إبتداء الدول والأمم ، وفيه الكلام

                     على الملاحم والكشف عن مسمى الجفر

التشوق إلى معرفة غيب المستقبل

   البشر يتشوقون دائما إلى معرفة غيب المستقبل ، ويتخذون لذلك وسائل كالمنامات وأخبار الكهان ، ومن الناس من ينتحل مهنة علم الغيب ويتردد عليه العوام ، وأولئك أصحاب الرمل والمندل والمرآة.. وذلك أمر قد شاع وانتشر في عصرإبن خلدون الذي يستنكر ذلك ، إذ يؤكد أن البشر محجوبون عن علم الغيب إلا من أطلعه الله عليه في نوم أو ولاية .

    ويقولإبن خلدون أن الملوك والأمراء أكثر الناس إهتماما بمعرفة مستقبل دولهم . لذلك راج إدعاء العلم بالغيب ، وكان لكل أمة كاهن أو منجم أو ولي يتحدث في " الحدثان "

" الحدثان " هو معرفة مستقبل الملوك والدول

    والحدثان هو علم الغيب فيما يخص بقاء الدول وعدد الملوك وأسماء الملوك القادمين ، واشتهر منهم في الجاهلية شق وسطيح ، وفي تاريخ البربر القديم موسي بن صالح من بني يفرن ، وفي الدولة الإسلامية نقلوا أشياء عن الصحابة وعد منهم إبن خلدون كعب الأحبار ووهب بن منبه ، بالإضافة إلى جعفر الصادق .

    ويرىإبن خلدون إحتمال أن يكونكعب الأحبار ووهب بن منبه إقتبسوا ذلك الغيب من ظواهر مأثرة وتأويلات محتملة ، ويرى أن جعفر الصادق وأمثاله من آل البيت يعلمون الغيب بالكشف والولاية ، واستشهد بحديث : إن فيكم محدثين

    وقال أنه بعد صدر الملة – أي في العصر العباسى – إعتمد المسلمون على كلام المنجمين في موضوع الغيب ، أي أن الكلام عن الغيب يرجع إلى آثار مروية وأقاويل مأثورة ، بالإضافة إلى كلام المنجمين .

معرفة مدة بقاء الدنيا

    وعن الآثار المروية في الغيب يستشهد إبن خلدون ببعض ما جاء في الطبري عن مدة بقاء الدنيا بعد ملة الإسلام وأنها خمسمائة سنة ، وذكر رواية أخرى عن وهب بن منبه أنها 5600 سنة وروايةكعب أنها 6000 سنة . وعن طريق علم الحرف والقيمة العددية لكل حرف فإن المدة لبقاء العالم بعد ملة الإسلام هي 730 سنة ، وأخذ ذلك من القيمة العددية للحروف المقطعة في إفتتاحيات سور القرآن بعد حذف المكرر منها ، وهي سبع مثان أي أربعة عشر حرفا ، ويجملها قولهم ( ألم يسطع نص حق كره ) . وذكر إبن خلدون بعض الأحاديث ، ومنها حديثحذيفة بن اليمان الذي رواه أبوداود عن أن النبي قد حدث أصحابه بما سيحدث في الدنيا ، ولم يأخذ إبن خلدون بهذا الحديث . وذكر حديث الصحيحين الذي يروي أنالنبي خطب فما ترك شيئا  إلا حدث عنه مما سيحدث في الدنيا إلى قيام الساعة . ويرى إبن خلدون أن تلك الأحاديث المذكورة في الصحيحين تعني الكلام عن الفتن وعلامات الساعة .

كتاب الجفر في الغيبيات

    وذكر إبن خلدون المنسوبة إلى كتاب الجفر الذي ينسبه هارون بن سعيد العجلي رئيس الشيعة الزيدية إلىجعفر الصادق ، وفيه ماسيحدث لآل البيت بالإضافة إلى تفسير القرآن على النسق الشيعي ، ويرى إبن خلدون أن ماجاء في الجفر من الغيبيات يكون صحيحا إذا صحت نسبة الكتاب إلى جعفر الصادق لأن جعفر الصادق أولى بالكرامات من  غيره ، وأكد على أن الكثيرين من أهل  البيت يجوز في حقهم التنبؤ بالمستقبل ، وذكر كثيرا من الروايات التاريخية المنسوبة لجعفر الصادق والمهدي الفاطمي .

المنجمون والغيب

    أما المنجمون فيقوم إدعاؤهم بعلم الغيب على القرانات ، أي الإقتران بين الكواكب ، ويقول إن زحل والمشتري يقترنان كل عشرين سنة ، ثم يعود الإقتران بين كوكبين آخرين وهكذا بالترتيب طبقا للحساب الفلكي عندهم ، وعندهم القران الكبير الذي يدل على عظائم الأمور ، والقران الأوسط ، والقران  الصغير ، والأحداث على قدر كل قران .

    وذكر إبن خلدون بعض تنبؤات المنجمين الكاذبة في مقدار مابقي من الدنيا ، وبعض التنبؤات التي صدقت في بعض الأحداث ، كما تعرض للإرتباط بين التنجيم وعلم الحرف . وقال أن المنجمين يستدلون بالقران الأوسط على ما يحدث في الدول وما فيها من ملوك ، وذكر إهتمام الخلفاء العباسيين كالرشيد والمأمون بالتنجيم .

كما ذكر بعض أبيات القصائد الرائجة لدى البربر في الحدثان أو التنبؤ بالغيب كما أشار إلى الباجربقي الصوفي المملوكي ورموزه في الكشف والتنجيم . 

اجمالي القراءات 21547

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4981
اجمالي القراءات : 53,356,715
تعليقات له : 5,323
تعليقات عليه : 14,622
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي