اي دور للنخبة الامازيغية في انجاح الجهوية المتقدمة ؟
اي دور للنخبة الامازيغية في انجاح الجهوية المتقدمة ؟
مقدمة
تعيش بلادنا هذه الايام على ايقاع الحملة الانتخابية للانتخابات الجماعية اي البلدية و الجهوية التي ستعرفها بلادنا يوم 4 شتنبر القادم حيث ان كل حزب سياسي يقدم برامجه المختلفة عبر وسائل الاعلام السمعية البصرية و في الشارع العام بغية استقطاب الناس عموما و فئة الشباب على وجه الخصوص باعتبارهم قد تعودوا على خطابات احزابنا التقليدية منذ طفولتهم مثلي حيث ان المغرب منذ سنة 1956 عرف نظام الحزب الوحيد بمعنى ان حزب الاستقلال الذي كان و مازال حسب رايي المتواضع يمثل الحركة الوطنية بعائلاتها الفاسية و بايديولوجيتها المعادية لهوية المغرب الاصلية حيث كان من المستحيل انذاك ان نتحدث عن الامازيغية كسؤال ثقافي و بالاحرى عن سؤال سياسي .
اعتقد شخصيا ان الاحزاب المغربية الحالية لم تنطلق من تاريخنا السياسي الامازيغي بل انطلقت من ايديولوجيات الشرق العربي من قبيل السلفية و القومية العربية او من ايديولوجيات الغرب المسيحي من قبيل الاشتراكية و الحرية و الديمقراطية حيث يعود هذا المشكل العويص و الخطير الى التعريب السياسي الذي بدا منذ دخول الاستعمار الفرنسي الى المغرب سنة 1912 حيث يجب ان ندرك جيدا ان فرنسا ساهمت بشكل جذري في تقوية نظام المخزن التقليدي و توسيع نفوذه على التراب الوطني بعد سنة 1956 من خلال انتشار ثقافة المخزن المعروفة و اقبار ثقافة الشعب الاصيلة و الحاملة لقيم النسبية و النزعة الانسانية بينما ثقافة المخزن تحمل مضمون سلفي يتناسب مع تفاصيل الدولة الحديثة التي تركتها فرنسا غير ان هذا المضمون السلفي يرفض مجرد التفكير ان الامازيغية تعتبر لغة و ثقافة و بعد ديني و قيم علمانية التي هي البنت الشرعية لهذه الارض حيث من هذا المنطلق تدخل ما اسميه بايديولوجية الظهير البربري التي مازالت تشكل ارضية لتدبير الشان الديني الفاعل في نشر العروبة و السلفية في صفوف العامة و الخاصة عقود من الزمان...
ان ما لا يعرفه الكثير من الناس العوام ان قبل سنة 1912 كانت الامازيغية هوية لجل مناطق المغرب حيث كانت مناطق شاسعة تتمنع بنوع من الحكم الذاتي عن السلطة المركزية حيث ان هذه المناطق كانت تعرف ما معنى الديمقراطية المحلية و تسيير الشان العام اي ان اجدادنا عرفوا مفاهيم الديمقراطية قبل دخول الجيوش الاستعمارية غير ان بعد الاستقلال تم تربية اجيال متعددة على جهل هذه الحقائق و على تصديق رواية المخزن حول القبائل الامازيغية حيث سماها قبائل السيبة اي الفوضى و القتل ليتعلم اجيال متعددة بعد الاستقلال الشكلي ان الامازيغيين هم بربر بمعنىى متوحشون اي لا يتوفرون على حضارة مهما كانت و انهم كانوا دعاة الجاهلية و العمالة لفرنسا الخ من اكاذيب صانعي اكذوبة الظهير البربري .
و لهذا الغرض الايديولوجي تم تاسيس حزب سياسي لا داعي الى ذكر اسمه حيث تم انشاءه في سنة 1958 بايعاز من القصر الملكي لاحتواء امازيغي منطقة الاطلس المتوسط في حزب يدعي الدفاع عن الامازيغية و البادية طيلة عقود طويلة من الزمان دون نتائج ملموسة على ارض الواقع حيث مازالت العديد من القرى تعيش دون شروط التنمية المستدامة من قبيل الطرق و المرافق الصحية و الماء الصالح للشرب و الكهرباء الخ من هذه الشروط الضرورية لانتقال المغرب الى نادي الدول الديمقراطية .
لو بدا الامازيغيين تجربتهم الحزبية الاصيلة اي الانطلاق من ايديولوجيتهم منذ سنة 1956 لاصبحنا اكثر ديمقراطية و اكثر تنمية من حالتنا الراهنة حيث يكفي نزول الامطار و الثلوج على مناطقنا لكي نرى عبر شاشات قنواتنا العمومية معانات السكان مع غياب عوامل التنمية الحقيقية و البنيات التحتية مثل الطرق القروية الخ حيث كان خطاب العرش الاخير واقعيا في تشخيص رهان تنمية العالم القروي بعد عقود من الضحك على الامازيغيين البسطاء من طرف الحزب المعلوم .
ان هذه الانتخابات القادمة هي طريق لإفراز نخب قادرة على تسيير الشان الجهوي و المحلي حيث لا شك ان الحركة الامازيغية منذ ظهورها في اواخر ستينات القرن الماضي اهتمت بالسياسة بمفهومها الثقافي و اللغوي بينما اليوم اصبحت الحركة الامازيغية متعددة الاراء و الاتجاهات المحترمة حيث يرى بعض الاراء ضرورة رفع الحظر على حزبنا الديمقراطي الامازيغي المغربي من اجل ممارسة السياسية انطلاقا من مرجعيتنا الاصيلة كراي مجموعة من الشباب الامازيغي و من بينهم انا بطبيعة الحال.
و يرى بعض الاراء الاخرى ضرورة الانخراط في الاحزاب المؤمنة بمصطلحات الغرب من قبيل الديمقراطية و الحداثة و الحرية كما يقال لان العامة هنا يعتقدون ان الديمقراطية و الحداثة و الحرية هي غربية بالاساس و ليس لها اي امتداد تاريخي في بلادنا بصفتنا مسلمين حيث ان هذا الاعتقاد الخاطئ راجع الى مجموعة من الاسباب من قبيل المدرسة المغربية و انتشار جماعات الاسلام السياسي المشهورة بخطابها السلفي الذي لا يتعارض مع خطابنا الديني الرسمي .
و على اية حال فيبغي على النخبة الامازيغية الواعية انجاح مشروع الجهوية المتقدمة بابراز امازيغية المغرب عبر تنمية شمولية لمناطق ظلت تعيش العزلة التامة و تنمية الاعتزاز بالامازيغية كانتماء وطني لان البعض مازال يعتبر او يختزل الامازيغية في جهة معينة مع العلم ان المغرب هو بلد امازيغي في الاصل غير ان بفضل التعريب السياسي صار من المفروض على اي حزب سياسي انكار تراثنا السياسي و تقديس الايديولوجيات السياسية للمشرق العربي حتى اصبحنا نرى العمليات الارهابية في عقر دارنا و اصبحنا نرى تكفير عاداتنا الامازيغية بدعوة انها جاهلية كأن العرب ليس لديهم اية عادات جاهلية بالمعنى الصحيح بعد اسلامهم من قبيل بيع الجواري اي نساء او بنات لاسياد قصور الخلافة الاسلامية قصد الاستمتاع بهن دون اي عقد شرعي حيث هل هو الاسلام الحقيقي ام جاهلية العرب بعد اسلامهم؟
و اصبحنا نرى لباس النقاب منتشر في مجتمعنا حيث عندما ياتي النقاب الى مجتمع معين لا ياتي الا بخلفية مشرقية تدعو الى تحريم الاختلاط بين الجنسيان حتى في الوسط العائلي الخ من كوارث هذا المشرق المبارك الذي يرسل الينا كوارث لا تعد و لا تحصى حتى اصبحنا غرباء عن تاريخنا و عن حضارتنا الامازيغية الاسلامية .
و خلاصة القول ان النخبة الامازيغية الواعية عليها عمل كثير في حل مشاكلنا التنموية و الثقافية و القيمية حيث ان مشروع الجهوية المتقدمة طال انتظاره منذ عقود طويلة..
تحرير المهدي مالك
اجمالي القراءات
9510