الكتابة ومسئولية الكلمة

مسعد حجازى Ýí 2007-02-01


الكتابة ومسئولية الكلمة

مسعد حجازى

خلال حياتى الصحفية والإعلامية شاهدت وسمعت وحاورت وقرأت الكثير ومازلت ، وأحاول أن أنقل ما تعلمت للقارئ فى صدق وأمانة ، فمصداقية أى كاتب أو صحفى هى رأس ماله الحقيقى ، ولأن الكلمة فعلا مسئولية جد خطيرة لو علم كل من يمسك بالقلم ،...

الكلمة قد تكون " إكسير االحياة " لإنسان تملكته مشاعر اليأس والإحباط ، وقد تكون السم الزعاف لإنسان آخر ، وهى قد تبث الحياة والأمل وتحفز الهمم فى أمة بأسرها ، وقد تتسبب أيضا فى نشوب حرب أهلية، وأظن أن المسيح عليه السلام هو الذى قال أن الإنسان لا يحاسب على ما يدخل فمه وإنما يحاسب على ما يخرج من فمه ، فهل الكاتب أو الصحفى حينما يكون صادقا مع نفسه ومع القارئ.. هل يستحق الشكر ؟! أنا أقول لا ، لأن هذا هو ما ينبغى أن يكون ، وهذا هو واجبه ولا شكر على واجب كما يقولون. هكذا تعلمت الصحافة منذ الصغر وهكذا أفهمها. هى مهنة البحث عن الحقيقة لا المتاعب ، أو البحث عن المتاعب والمشكلات لحلها.

وقديما قال احد الفلاسفة أن الباحث عن الحقيقة كمن يبحث عن قطة سوداء فى غرفة مظلمة ، وأنا دائما أبحث عن الحقيقة أو عن قدر يسير منها ، وأجد متعة فى البحث عنها .أحترم كل من يبحث عن الحقيقة وأشك فى كل من يدعى أنه وجدها، لأن الحقيقة وكما قال الفيلسوف العربى الكبير أبو حيان التوحيدى أكبر من أن يستوعبها فرد واحد.

لى الكثير من الهوايات لكن ليس من بينها الكتابة أو الصحافة ، فتلك رسالة وأمانة ومسئولية. ... لا أحبذ أسلوب النصح والإرشاد فى الكتابة ، وإنما أفضل أن أقدم معلومة جديدة وأعرض للصورة من كل جوانبها وأترك للقارئ أن يختار ويحكم بنفسه احتراما لعقله وفكره ، وهذا يتأتى بالقراءة ، والقراءة المتعددة المصادر ، والإلتقاء بالمصادر كلما أمكن ، وبالتفكير وإمعان النظر وحتى يتسنى لك أن تكون رأيا سليما مستقلا عن علم ودراية ومعرفة .

والمعرفة عند الفيلسوف الكبير أفلاطون هى رأى حقيقى، والكاتب الأمريكى جيمى هيندركس هو الذى قال : " إن المعرفة تتكلم أما الحكمة فتصغى "

وعندنا المثل العربى الشائع: " إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب ".

وعن القراءة يقول الأديب العملاق الأستاذ عباس محمود العقاد:

"
لست أهوى القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمراً في تقدير الحساب، إنما أهوى القراءة لأن لي في هذه الحياة حياة واحدة، وحياة واحدة لاتكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة. القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقاً، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب ؛ فكرتك أنت فكرة واحدة، شعورك أنت شعور واحد ، خيالك أنت خيال فرد واحد إذا قصرته عليك، ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخرى، ولاقيت بشعورك شعوراً آخر، ولاقيت بخيالك خيال غيرك، فليس قصاري الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين، وأن الشعور يصبح شعورين، وأن الخيال يصبح خيالين.. كلا وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئات الفكر في القوة والعمق والامتداد " .

وقد سأل أحد أبناء الفيلسوف الأمريكي وليم جيمس أباه قائلاً :

"
إذا سألني الناس عن مهنتك، فماذا أقولك لهم يا أبتاه ؟ "

قال : " يا بني ! قل لهم إن أبي دائم التجوال ليلقي الأدباء والعلماء والمفكرين، من كل عصر وجنس ودين، يصغي إلي الأموات منهم، كما يصغي إلى الأحياء، يصافحهم على الرغم من المسافات الشاسعة التي تفصله عنهم .. إنه لا يعبأ بحدود جغرافية ولا فترات زمانية " .

ونحن الآن نحيا فى عالم تقاربت فيه المسافات الشاسعة وتحققت فيه فكرة الوحدة المكانية نتيجة للثورة الهائلة التى تحققت فى وسائل المواصلات والإتصالات والإنترنت، وفى عصر الإنترنت ازداد عدد الكتاب من كل لون وجنس، وكل من هب ودب بالملايين، ولا مانع فى هذا فمن حق كل إنسان أن يحصل فى حياته وكما يقول الأمريكيون على خمسة عشر دقيقة من الشهرة، ولكن المهم أن يكون عقل المتلقى – القارىء ـ كالغربال يقوم بتنقية السمين من الغث، والصالح من الطالح والحق من الباطل، وهذه مسئولية القارىء.

كاتب وصحفى مصرى ـ كندى

Mossad_Hegazy@hotmail.com


اجمالي القراءات 13193

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   مسعد حجازى     في   الخميس ٠١ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2029]

بارك الله فى قلمك ومبضعك يا د. حسن

أخى الكريم د. حسن :

أشكرك جزيل الشكر على تفضلك بالقراءة والتعليق.
إن تشريفك لى بالزيارة لصفحتى المتواضعة وتعليقك الجميل بكلمات واعية ورقيقة لهو مبعث فخر وإعتزاز لى فهى تأتى من كاتب يدرك مسئولية الكتابة وقيمة الكلمة ويستشعر تأثيراتها وأبعادها.

أتابع مقالاتك الجميلة أينما وجدتها، وأرى أن قلمك ليس بقلم كاتب عادى أو تقليدى وإنما أخاله مبضع جراح ماهر يشرح ( بضم الياء وتشديد الراء) قضايانا بحرفية وإقتدار ويغوص فى أحشاء همومنا ومشكلاتنا الإجتماعية ،.. يشخص الداء ويصف الدواء ويعطيه مجانا لمن يحتاج.
بارك الله فيك وفى قلمك ومبضعك وليكثر من أمثالك.
مع خالص مودتى وعظيم إحترامى.

مسعد حجازى


2   تعليق بواسطة   Inactive User     في   الجمعة ٠٢ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2034]

سؤال مهم لمحرر الموقع

أخى الكريم محرر الموقع
بعد التحية
كنت قد كتبت هنا بالأمس تعليٌقأ على مقالة أخى وصديقى الأستاذ مسعد حجازى أحييه فيه على المقالة وعلى كل كتاباته واليوم لا أجد هذا التعليق وبالطبع لا يمكن أن أقوم بإلغائه وكان نصه كالتالى
كل عام وأنت بخير
الأخ المحترم الكاتب الصحفى والمفكر القدير الأستاذ مسعد حجازى
كل عام وأنتم بخير ولقد سعدت جدأ بمقالك كما سعدت بكل كتاباتك القوية الهادفة من قبل , ولقد كان حديثك عن الكلمة وقيمتها ووقعها وأثرها على الإنسان والدول وأنها ممكن تؤدى لصلاح الأحوال لو كانت كلمة خير وممكن تؤدى لخراب الذمم والضمائر والبلاد لو كانت كلمة شر ونذكر هنا قول المولى سبحانه وتعالى
( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )
وقوله سبحانه
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )
مما بؤكد ويدل على قيمة الكلمة فى حياة الإنسان وأنها قد ترفعه وقد تنزل به إلى أسفل سافلين والعياذ بالله تعالى
شكرا على مقالكم القيم
وارجو لك دوام التوفيق والتفوق
أرجو التحقق من هذا الأمر لأن هذه ليست المرة الأولى التى تلغى فيها تعليقاتى من بعض المقالات
وشكرا
ومرة أخرى أكرر ترحيبى ومحبتى واحترامى لأخى وصديقى الفاضل الأستاذ مسعد حجازى

3   تعليق بواسطة   الامير منصور     في   الجمعة ٠٢ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2035]

الرد علي سؤال الاخ الكريم دكتور حسن


حول حذف التعليق، علي حد علمي فلم يقم المحررون بحذف اي من تعليقاتك، خصوصا و انها تتميز بالثراء الفكري و تفتح ابوابا للمناقشة و هذا من نوده جميعا. و نحن هنا لا نشجع الحذف حتي مع الاراء التي نختلف معها. فما بال تعليقاتك التي نتفق معها و نشجعها.

طبيعي من الوارد ان يكون الحذف قد تم بالخطأ، و هنا اتوجه باعتذاري نيابة عن من قام به علي سبيل الخطأ.

و من الوارد ايضا ان يكون هناك من يعلم كلمة السر الخاصة بك و يقوم بالعبث. لذا ارجو ان تقوم بتغيير كلمة السر الخاصة بكم.

و أيضا اود ان اشكرك علي المجهود الرائع الذي بذلته في الباب الخاص بك عن التجارب الانسانية، و أتمني من القراء المشاركة و التعليق علي هذة التجارب .


4   تعليق بواسطة   Inactive User     في   الجمعة ٠٢ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2036]

الصديق الغالى والأخ الحبيب الأمير منصور

أشكرك يا صديقى الكريم وأخى الحبيب على ردك الرقيق وأسلوبك البديع فى توصيل المعلومة والرد على سؤالى وأؤكد لكم يا صديقى الغالى أننى سأقوم الآن بتغيير الرقم السرى الخاص بى حتى لا تتكرر هذه الحكاية
أما عن عدم الحذف من ناحية المحرر فهذا أمر أكيد ولا نفاش فيه فأهل القرآن لا تقصف قلمأ ولكنها ترد على الفكر بالفكر والرأى بالرأى وهذه أمور مبدئية لا خلاف عليها وكل ما توقعته أن يكون الحذف قد حدث بطريق الخطأ
تحياتى لك من القلب وخالص أمنياتى بدوام التوفيق والتفوق لك ولكل من يكتب أو يقرأ فى أهل القرآن

5   تعليق بواسطة   مسعد حجازى     في   الجمعة ٠٢ - فبراير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[2039]

توضيح لأخى د. حسن عمر


أخى العزيز د. حسن اسمح لى أن أوضح لك ما حدث..
لدى مشكلة عند إضافة أى مقال لى على الموقع، فعندما أضيف أى مقال فهو لا يخرج بالحرف أو الحجم الذى كتبت به المقال، ولا أعرف لماذا ، وعندما أضفت مقالى " الكتابة ومسئولية الكلمة" لم يعجبنى شكل الحرف أو حجم الحرف الذى ظهر به المقال واكتشفت بعد قليل إختفاء سطرين من المقال مع أن هذين السطرين موجودان فى المقال الأصلى عندى فحاولت تصحيح الأمر بحذف المقال وإضافته من جديد وفى ذلك الوقت كان قد ظهر تعليقك الجميل على المقال فأضفت المقال من جديد وكتبت ردى على تعليقك غير أنى وجدت نسختين منشورتين من المقال نسخة تحمل تعليقك ( القديمة) ونسخة جديدة تحمل ردى على تعليقك لكن محذوف منها تعليقك، ..كيف حدث ذلك حتى الآن لا أعرف، وقد تصورت أن المشرف على الموقع سوف يقوم بتصحيح الأمر، وأعترف أننى لست ملما بكل التفاصيل الفنية لطريقة إستخدام الموقع فهو مختلف عن شكل منتديات أخرى اشتركت فيها فى الماضى وكنت استخدمها بسهولة ويسر كما أننى حاولت أن أضيف مجموعة من الصور خاصة بمقال مسجد صغير فى البرارى المنشور هنا لكنى لم أستطع.
المشكلة أن المقال لا يخرج بالشكل الذى كتبته به أو تختفى منه بعض الأجزاء عند النشر ولا أعرف السبب فى هذا!!
أرجو أن أكون قد أوضحت الأمر إلى حد ما، وإذا كان أحد الأخوة الكتاب لديه حل لهذه المشكلة فأرجو أن يخطرنى فى رسالة خاصة أو على عنوان بريدى وشكرا للجميع
مسعد حجازى

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-01-24
مقالات منشورة : 14
اجمالي القراءات : 223,190
تعليقات له : 14
تعليقات عليه : 38
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Canada