رقم ( 2 )
المقدمة

 

أولا : 

1 ـ في الردّ على بعض أكابر المجرمين رافعى شعار ( تطبيق الشريعة ) كتبنا في مصر في تسعينيات القرن الماضى بحثا بعنوان :( المجتمع المصرى في ظل تطبيق الشريعة في عصر السلطان قايتباى ). لم نستطع نشره في مصر . ثم نشرناه مقالات في موقعنا ( اهل القرآن ) وموقع ( الحوار المتمدن )، وتم تجميعها في كتاب بنفس العنوان .

مقالات متعلقة :

2 ـ صدر لنا كتاب ( أكابر المجرمين من رجال الدين في رؤية قرآنية  ) وهو مؤسس على القاعدة القرآنية في قوله جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) النساء ). وهو يوضّح أن الكهنوت السُنّى والشيعى والصوفى وشيوخه هم أعدى أعداء الرحمن ، ويجب إحتقارهم بدلا من تقديسهم. 

3 ـ فيما بعد رأينا أن نكتب بحثا تاريخيا يقدم تأكيدا لهذه القاعدة التاريخية القرآنية ، ويثبت الإعجاز التاريخى للقرآن الكريم المستمر تاريخيا بعده . إخترنا عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى ، وهو شخصية تاريخية ليست مشهورة  ، ولكن حظيت بتسجيل تاريخى لأعظم مؤرخ مصري في العصور الوسطى هو تقى الدين المقريزى الذى كان شاهد عيان على عصر السلطان برسباي يؤرّخ أحداثه باليوم والشهر والسُنة . كان الى جانبه مشاهير من المؤرخين المعاصرين منهم ابن حجر العسقلانى وبدر الدين العينى وأبو المحاسن إبن تغرى بردى ، ولكن تميز عنهم المقريزى بجُرأته وإستقلاليته وعبقريته التاريخية في التسجيل . 

4 ـ كان هناك هدفان آخران لهذا الكتاب عن عصر السلطان برسباى :

4 / 1 :  فضح أكابر المجرمين من الفقهاء السنيين وعلى رأسهم ابن حجر العسقلانى المعرف ب ( امير المؤمنين في الحديث ) وكان قاضيا للقضاة ومؤرخا ، ومشاركا في الفساد ، والى جانبه قاضى القضاة بدر الدين العينى ، وكان أيضا مؤرخا وفاسدا ، وكلاهما قام بشرح ( صحيح البخارى ) في عصر إعتاد إقامة مناسبة سنوية لتلاوة البخارى وتقديسه تحت رعاية السلطان وحضوره في أغلب الأحيان .

4 / 2 : فضح الشريعة السنية التي ينادى بتطبيقها السلفيون في عصرنا . كان تطبيقها فسادا وسفكا للدماء وظلما للمستضعفين في الأرض ، وهذا من واقع ما كتبه المقريزى وغيره ، هم لم يقصدوا فضح الشريعة السنية ، فقد كانوا سنيين ، ولكن تحليل وقائع التاريخ التي سجلوها يُظهر تطبيقها العملى للشريعة السنية المسيطرة ، ليس فقط في تقديس البخارى وكُتب السُنّة ولكن أيضا لأن  أكابر المجرمين من السلطان وأمرائه يحظون بموافقة أكابر المجرمين من الفقهاء والقضاة السنيين التابعين لهم ، وكل جرئمهم كانت تطبيقا لهذه الشريعة ، ولو لم تكن لاعترض عليها من كانوا يُعرفون ب ( قُضاة الشرع الشريف ) .!. 

4 / 3 : نؤكد هنا على أن الشريعة السنية الحقيقية ليست شريعة الإسلام المبينة في القرآن الكريم والتي تتأسّس على حرية الدين والحرية السياسية وحرية التعبير وحقوق الانسان والعدل والإحسان وتحريم البغى والفحشاء والمنكر .  

5 ـ تم تعديل العنوان ليكون :( تطبيق الشريعة السُنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى ). جاء هذا التعديل أثناء نشر الكتاب في مقالات ، ففوجئنا بمن تسلل الى موقعنا يحذف بعض فصول الكتاب ويتلاعب بها ، واسرعنا بتدارك الموقف وإعادة نشر المحذوف فاستمر التلاعب ، فتوقفنا وأرجأنا الاستمرار في نشر مقالات الكتاب بسبب قلة الإمكانات وقلة الوقت ، وإلتفتنا الى غيره من الكتب . 

6 ـ ثم كان تدمير موقع ( أهل القرآن ) بالكامل ، ولا زلنا نحاول إسترجاعه وتحديثه وتأمينه ، وكتبنا ونشرنا ( كتاب النصر ) ، ثم التفتنا الى كتاب ( تطبيق الشريعة السنية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى ) أعدنا نشر ما سبق نشره من مقالات مع بعض تعديلات ، وبعد استكمال نشر المقالات قمنا بتجميعها في هذا الكتاب ، بتعديلات أخرى واضافات . 

ثانيا :

1 ـ ونُعيد التأكيد على أن كل أحداث العصر التي قام بها أكابر المجرمين تدخل في نطاق تطبيق شريعتهم السنّية . ليس في عصر السلطان برسباى وحده ، بل ما قبله حتى عصر أبى بكر ( الزنديق ) وبعده حتى سلاطين عصرنا الردىء الذين يستخدمون الكهنوت في تبرير جرائمهم ، سواء كانوا من العرب أو من العجم . لذا لا داعى لأن نُعلّق على كل خبر بأنه دليل على شريعتهم وتطبيق عملى لها . لا عبرة بالمكتوب في ( الفقه ) النظرى للشريعة السُّنّيّة ، من أحكام فقهية نظرية ، بل العبرة في التطبيق العلمى الذى يتم فعلا بقضاة الشرع في أحكامهم ، وفيما يقترفه السلطان من جرائم بموافقتهم . لا عبرة بهذا الفقه النظرى ، فأكبر فقيه في العصر المملوكى كان ابن حجر العسقلانى ، وله عشرات الكتب في الفقه النظرى والأحاديث ، وهو مع ذلك كما سيظهر في الكتاب كان أكبر واشهر قاض للقضاة الشافعية ، وكان أيضا أكبر المفسدين بينهم ، وينافسه في الفساد بدر الدين الحنفى قاضى القضاة الأحناف . 

2 ـ الدولة المملوكية بالذات كانت المثل الواضح في تطبيق الشرع السُّنّى ، وتوارثت عن الدولة الأيوبية دين التصوف السُّنّى ،أي تطبيق الشريعة السُنّية مع تقديس أولياء التصوف .  الدولة المملوكية ــ رسميا ـ هي دولة دينية عسكرية ، فالترتيب الرسمي فيها يضع إسم الخليفة العباسى قبل إسم السلطان ، ثم بعده السلطان وقادة العسكر ..وتأتى أسماء القضاة الأربعة للمذاهب ضمن حُكّام الدولة . 

3 ـ . والمماليك كان يؤتى بهم رقيقا من بلادهم فيتعلمون العربية والعلوم الشرعية مع التدريب العسكرى وفنون القتال وأحطّ ساليب التآمر على أنها الطريقة الشرعية للوصول  الى مرتبة عليا ، والى منصب السلطان ، وقد يفقد الأمير المملوكى حياته ، وقد يصل لأعلى فوق جثث مناوئيه . وكل هذا مُباح بالشرع السُنّى ، وعندما يصل الى مرتبة السلطنة يبايعه الخليفة العباسى وقُضاة الشرع، فيصبح سلطانا شرعيا وفق الشريعة السُنّية . لم يحدث مطلقا أن إمتنع الخليفة أو القُضاة على مبايعة سلطان وصل لمرتبة السلطنة بسفك الدماء ، ولم يحدث مطلقا أن إعترض فقيه سُنّى أو قاض على جرائم المماليك ، بل كانوا يتنافسون في خدمتهم ونيل وظائفهم ، وكانت العادة أن يقبلوا الأرض أمام السلطان ، وهذا أكبر من السجود للرحمن جل وعلا . وكانوا يدفعون الرشاوى للسلطان في ديوان مخصّص لهذا إسمه ( ديوان البذل والبرطلة ) . بل كان البغاء مسموحا به في الشريعة السنية وقتها ، وكانت ( ضامنة المغانى ) التي تدير بيوت الدعارة تدفع للدولة المملوكية ضرائب ، وكان الشيوخ من الصوفية والفقهاء وقضاة الشرع يتنافسون في هذا الانحلال ، بل كان القُضاة أشد إنحلالا وفسادا من المماليك ، حتى كان برسباى المفسد الأكبر يحاول اصلاحهم ، وحتى لقد اضطر السلطان قايتباى لعزلهم جميعا وبدأ يحقق معهم بنفسه ، وتصدّى هو للحكم بدلا عنهم بنفسه ، ثم ملّ وضجر وأعادهم لوظائفهم . هذه حقائق تاريخية مجهولة كشفنا عنها الغطاء في كتابين لنا هما ( أثر التصوف في الانحلال الخلقى في مصر المملوكية ) و ( المجتمع المصرى في ظل تطبيق الشريعة في عصر السلطان قايتباى ) ، وهما منشوران في موقع ( كتب أحمد صبحى منصور )، والذى يشرف عليه الأستاذ أمين رفعت ، أكرمه الله جل وعلا.

4 ـ السلطان الظاهر بيبرس المملوكى هو الذى أعطى الدولة المملوكية العسكرية هذا الكهنوت الدينى ، لتسويغ حكم المماليك ( الرقيق السابقين ) بالشريعة السُنّيّة ، فهو الذى : 

4 / 1 : أعاد الأزهر للعمل في خدمة الدولة ودينها ( التصوف السُّنّى ). كان الأزهر من قبل هو الكهنوت الشيعي للدولة الفاطمية ، ثم أغلقه صلاح الدين الأيوبى ، وأقام مكانه خانقاة سعيد السعداء قلعة لدين التصوف السنى المناوىء لدين التشيع . اصبح الأزهر من وقت الظاهر بيبرس خادما للسلطة القائمة وحارسا لدين التصوف السنى ..ولا يزال .  

4 / 2 : إستقدم الخلافة العباسية الى القاهرة بعد سقوطها في بغداد ، وجعل الخليفة العباسى ممثلا للكهنوت ، مهمته مبايعة السلطان المملوكى الذى يتولى السلطة .

4 / 3 : إفتتح عهد بناء المؤسسات الدينية المملوكية ، ببناء مسجده الهائل في القاهرة ، بعده أنشأ السلطان قلاوون مجموعته المعمارية الدينية ، وتوسع السلاطين والأمراء المماليك في إنشاء المساجد والجوامع والقباب والزوايا والأضرحة والأربطة والخوانق والزوايا ، وخصصوا فيها دروسا لعلوم الشريعة السنية من فقه وحديث وتفسير ، وأعاشوا فيها الصوفية يدعون لهم ، باعتبار أن الصوفية أولياء يشفعون لهم يوم القيامة مهما أجرموا . ثم كان إنشاؤهم لتلك المؤسسات الدينة سببا آخر ، يقع ضمن شريعتهم السنية ، لأن الأمير أو السلطان المملوكى ينهب الأموال ، وحين يسقط في الصراع يستولى المنتصر على أمواله ، لذا عمد المماليك بنصيحة فقهاء شرعهم الى التحايل على تحصين سرقاتهم بالوقف الأهلى ، بإقامة مؤسسات دينية والانفاق على من فيها من معلمين وطلبة وصوفية وعاملين ، وأوقفوا عليها ما ينهبونه من أموال وضياع ، ويجعل السلطان أو الأمير نفسه متحكما في الوقف ، ويحرم عندهم شرعا مصادرة هذا الوقف . لذا شاع تأسيس هذه المؤسسات الدينية ليس فقط بأموال السُّحت وبمصادرة حقوق الغير بل أيضا بتسخير الناس في العمل فيها بالبطش والضرب والتعذيب ، وهذا كله في إطار المسموح به في الشريعة السنية ، وكان كبار الفقهاء وكبار القضاة يتولون الاشراف على هذه المؤسسات ، ومنهم ( الحافظ أمير المؤمنين في الحديث إبن حجر العسقلانى ) . بهذا تميز عصر المماليك بالعمائر الدينية ، والتي لا تزال تملأ القاهرة ومصر حتى اليوم ، ومنها مسجد السلطان برسباى .  

4 / 4 : بزعامة مصر منذ عهد الظاهر بيبرس أصبح لها السيطرة على الحجاز وتحملت عبء تأمينه من غزو الصليبيين ، وهى التي كانت تسيّر مواكب وقوافل الحج ، ويأتي الى القاهرة من يريد الحج من شمال أفريقيا ليلتحق بقوافل الحج المملوكية ، وتخصّص أمير مملوكى في قيادة قوافل الحج ، وكان هناك في القلعة ـ في القاهرة ـ مقر السلطة المملوكية دار لصناعة كسوة الحج ، وهناك إحتفال بعرضها ، وإحتفال بخروجها مع قافلة الحج وخط سير مرسوم داخل القاهرة ، ويكون المنطلق بعدها من ( بركة الحاج ) أحد أهم معالم القاهرة المملوكية. وكان تسجيل خروج المحمل من الأحداث التي يذكرها المقريزى كل عام .

5 ـ برز في هذا العصر تقسيم العالم الى ( دار السلام و دار الحرب ) 

5 / 1 : إذا كان السلطان قُطز هو الذى قهر المغول فقد كان ذلك بمساعدة بيبرس ، ثم توسع بيبرس بعده في مطاردة المغول والصليبيين في الشام . وبعده إجتثت الدولة المملوكية الوجود الصليبى في الشام ، ودار الصراع بحريا بين المماليك الممثلين ل ( أُمّة محمد ) والأوربيين الممثلين ل ( أُمّة المسيح ). والسلطان برسباى ــ الذى نعرض له هنا ــ هو الذى إستولى على قبرص التي جعلها الصليبيون موطأ قدم للهجوم على مصر. ففي هذا العصر برز ــ بقوة ــ الصراع بين ( المحمديين : أمة محمد ) و ( الصليبيين : أمة المسيح ) ، وهذا في إطار ما إستحدثته الشريعة السُنّية من تقسيم العالم الى ( دار السلام والسلام ـ معسكر المحمديين ) و ( دار الحرب : معسكر الفرنجة والصليبيين ) . وارتبط هذا بالتقاتل داخل ( معسكر المحمديين ) . بدأ هذا وذاك فعليا وعمليا بالفتوحات التي قام بها الخلفاء الأوائل ، وبما يسمّى بالفتنة الكبرى والحروب الأهلية في عهدهم ، ثم تمّ تأطيره فقهيا ، واستمراره عمليا في حروب بين ( معسكر المحمديين ومعسكر الصليبيين ) وفى الحروب البينية داخل معسكر المحمديين . برز هذا أكثر في سلطنة برسباى الذى إحتل قبرص التي كانت موطئا للهجوم الصليبى على الدولة المملوكية ، وهو أيضا الذى اشتبك في معارك حربية مع خصومه داخل معسكر المحمديين في العراق وايران والأناضول . 

ثالثا 

1 ـ  المصرى المهموم بوطنه اليوم حين يقارن حكم العسكر المملوكى بالعسكر المصرى الحاكم حاليا قد يلطم وجهه بحجارة من ( غرابيب  سود ). لماذا ؟ .. لأن :

1 / 1  ـ العسكر المملوكى لم يكن مصريا ، جىء به الى مصر ليحكمها سيدا على سكانها متحكما فيهم بالبطش والتعذيب والاستبداد والفساد . لا ننتظر من عسكر أجنيى يحتل مصر ويتحكم في المصريين أن يكون رفيقا بهم ، خصوصا ومعه كهنوت شيطانى يزين له سوء عمله ، ثم إن المماليك لم يكونوا بدعا في هذا الاستبداد والفساد وانتهاك حقوق الانسان ، فقد كانت ثقافة العصر التى تأسست بها أديان أرضية أبرزها دين السُّنّة الذى تعلمه المماليك .  لذا لا ننتظر من المماليك تعديلها أو الخروج عليها ، فالخروج عليها كفر ب ( الشرع الشريف ) . ولكن المماليك إرتفعوا بمصر الى المكانة التي تستحقها ، زعيمة للمحمديين في العالم المعروف وقتها تواجه باسمهم المغول ثم الصليبيين وتحمى الحجاز والحجّاج ، ويمتد سلطانها من برقة غربا الى العراق وجنوب ما يعرف الآن بتركيا . 

1 / 2  ـ يتناقض الوضع مع العسكر المصرى الحاكم الآن ، الذى جعل مصر ذيلا  لابن سلمان السعودى وابن زايد الاماراتى ، هذا مع بيع أراض مصرية والتنازل عن حقوق مصرية في النهر والبحر ، وتجريف الثروة المصرية وبيع ما تبقى منها أنقاضا ، ثم بشريعته السنية وبأزهره يقهر المصريين وينهب أموالهم ويرهبهم بالسجن وبالتعذيب ، وهو في خصومة علنية مع ثقافة عصرنا ، عصر الديمقراطية والشفافية وحقوق الانسان . أي يشترك العسكر الذى يحكم مصر الآن بالعسكر المملوكى في الفساد والتعذيب واستغلال الكهنوت الدينى لصالحهم ، ولكن الفارق في أن العسكر المملوكى غريب جىء به لمصر ويعامل أهلها باحتقار وهو يحكم وفق الثقافة الدينية والسياسية لعصره ، أما العسكر الذى يحتل مصر ألان فهو مصري ، وهو يستغل الجيش المصرى ليس في الدفاع عن مصر ولكن في التفريط في الوطن المصرى ، ويستغل الشرطة والأمن ليس في حماية المواطن المصرى ولكن في قهره ، وهذا كله بالمخالفة للثقافة العالمية السائدة من الديمقراطية والشفافية وحقوق الانسان. وفى كل هذا يحظى العسكر المصرى الخائب الخائن بتعضيد الأزهر . 

رابعا 

1 ـ تحولت مصر الى ولاية عثمانية بعد أن أسقط السلطان سليم العثمانى الدولة المملوكية ، ورجع من مصر ومعه آخر خليفة عباسى ، وبعده أصبح السلطان العثمانى هو الخليفة ليسبغ على منصبه العسكرى كهنوتا دينيا ، وإستمر المماليك يحكمون مصر في الداخل في إطار الدولة العثمانية ، وظلوا في حكم مصر الى أن قضى عليهم محمد على في مذبحة القلعة . وفى تحديثه لمصر فإن ( محمد على ) قد تخلّص من كل رموز الدولة السابقة ( المماليك والجيش العثمانى )، وأسّس نظام جديدا بديلا ،  ولكنه أبقى على ( الأزهر ) كهنوتا له . 

2 ـ ولا يزال الأزهر يلعب نفس الدور ظهيرا للإستبداد والفساد ، ولا أمل في إصلاح الأزهر لأنه ( أينما توجهه لا يأت بخير) ، ولأنّه ( لا يفلح حيث أتى ) . وطالما تحمل مصر الأزهر فوق كاهلها فلا يمكن أن تنهض ، كما لا يمكن للعسكر المستبد أن يستغنى عن الأزهر ، كلاهما محتاج للآخر ، وكلاهما عدو لرب العزة جل وعلا ، وعدو للمستضعفين المصريين . ثم ظهرت الوهابية وتسللت الى مصر برعاية العسكر ، ودار صراع بين العسكر ومنظمات الوهابية الساعية للحكم ، وأخطرهم الاخوان المسلمون . والعسكر يستطيعون القضاء عليه بسهولة بفضح تناقض الوهابية مع الإسلام الحق ، هذا لو أراد العسكر ، ولكن العسكر يريد الوهابية فزّاعة يخيفون بها  الداخل والخارج . ويساعدهم في هذا الأزهر ، فالعسكر يركبون الكهنوت الأزهرى ، والكهنوت الأزهرى يركب المصريين ، ونفس الحال مع الكهنوت المسيحى .   

3 ـ وظهر أهل القرآن يدعون الى الإصلاح السلمى ونشر حقائق الإسلام الغائبة وشريعة الإسلام القائمة على السلام والعدل والحرية الدينية والفكرية والرحمة . تحالف علينا العسكر والإخوان معا ، وهما معا ينسون خلافاتهم ويتّحدون ضدنا دفاعا عن دينهم الأرضى البائس وشريعتهم الشيطانية . ونحن مستمرون في جهادنا ومنتصرون عليهم بعون الرحمن جل وعلا .  وفى أثناء تأليف هذا الكتاب تعرض أهلنا في مصر لهجة أمنية من أولئك الذين يصدون عن سبيل الله جل وعلا ويبغونها عوجا . 

أخيرا

1 ـ  نشكر النبلاء القائمين على موقع الحوار المتمدن ، الذى ينشر مقالاتنا من عام 2005 . موقع الحوار المتمدن هو سجلُّ لمعظم كتاباتنا ، ونرجع اليه لنستعيد ما دمّره خصومنا في موقع ( أهل القرآن )، ومنها مقالات تطبيق الشريعة السنية في عصر السلطان برسباى .

 2  ـ نشكر النبلاء الذين يدعموننا بالجهد والمال لنستعيد موقعنا ولنواصل مسيرتنا . 

  3 : ونشكر حُمق خصومنا المتربصين بنا. نحن الذين نمسك بزمام المبادرة ، نبدأ بالكتابة فضحا لهم فيردون بالهجوم ، نبدأ بالحُجّة فيردون بالقوّة ، ونستفيد بما يفعلون ، وفى النهاية فنحن المنتصرون ، ليس فقط لأن الصراع بين القوة الغاشمة والقلم ينتهى دائما بانتصار القلم ولكن أيضا لأننا الأعرف بتاريخهم وتراثهم وشرائعهم نعرضها على القرآن الكريم ، نستشهد به ردّا على أكابر المجرمين . ونرجو أن يكون نصرنا النهائي والأكبر عليهم يوم الدين ، حين يجمعنا رب العالمين ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون .  

4 ـ وهذا الكتاب : ( تطبيق الشريعة السنية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى ) نهديه الى ( الماعز ) الذين لا يزالون يتشدقون بشعار تطبيق الشريعة ، دون توضيح لماهية هذه الشريعة التي يطالبون بتطبيقها ، ودون معرفة أن تطبيق شريعتهم إستمر من عصر أكابر المجرمين المستبدين من الخلفاء الى السلاطين وخدمهم من الفقهاء والقُضاة الفاسقين ، وبهذه الشريعة الشيطانية ظلموا الله جل وعلا بالافتراء عليه وظلموا الشعوب ، فلم يزدادوا بها إلا قهرا وظلما. 

السلطان المملوكى الأشرف برسباى
تطبيق الشريعة السنّية لأكابر المجرمين في عصر السلطان المملوكى الأشرف برسباى

هذ ا الكتاب
هناك من يطالب بتطبيق ما يسمونه بالشريعة ، ولا يعرفون أن أسلافهم طبقوا شريعة شيطانية لصالح أكابر المجرمين . هذا الكتاب يعطى تقريرا تاريخيا عن تطبيق شريعة أكابر المجرمين في عصر السلطان برسباى من واقع تاريخ السلوك للمقريزى.
more