أوضاع النساء في شمال القوقاز: محنة مسكوت عنها

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٢ - يونيو - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العرب


أوضاع النساء في شمال القوقاز: محنة مسكوت عنها

أوضاع النساء في شمال القوقاز: محنة مسكوت عنها

 
  • لم تتعرض النساء في جمهورية الشيشان الروسية من قبل لمثل هذه الضغوط التي يتعرضن لها اليوم. ومع ذلك لم يكتب الكثير عن دورهن ومكانتهن في المجتمع، وعن حقوقهن في الشيشان وفي غيره من الصراعات بشمال القوقاز. الأمر الذي دفع إيكاترينا سوكيريانسكايا إلى تسليط الضوء على هذا الملف ضمن تقرير صدر عن مجموعة الأزمات الدولية.
العرب  [نُشر في 22/06/2016، العدد: 10314، ص(12)]
 
أيام الحرب أرحم
 
موسكو - لأكثر من عقدين كان النزاع المسلح بين القوات الفيدرالية الروسية وحركات التمرد في شمال القوقاز من بين النزاعات الأكثر دموية، تحركها دائرة مفرغة من الخلافات الإثنية والدينية التي بقيت دون حل، ومحاربة ضارية لحركات التمرد، وغياب المسارات الديمقراطية والحيف الاجتماعي وسوء الحوكمة. وقد أدّى عدم الاستقرار والحرب إلى تآكل قدرة الدولة وإضعاف مؤسساتها وزيادة ظهور الممارسات التقليدية والدينية والفكر غير المتسامح. وساهمت كل هذه العوامل في تشكيل تجارب النساء وأدوارهن كضحايا وموفرات للأمن ومسببات للعنف، ليس في الشيشان فحسب بل وكذلك في الجمهوريات المجاورة أنغوشيا وداغستان.

النساء والبنات في الشيشان يتعرضن للقتل من أجل الشرف والعنف المنزلي وعمليات الاختطاف، وفي البعض من القرى الداغستانية يعانين أيضا من الختان. وفي الشيشان وأنغوشيا تحرم الكثيرات من أطفالهن بعد الطلاق (اعتمادا على تقليد يزعم أن الأطفال يجب أن يربوا في عائلة أبيهم) وكثيرا ما يحرمن من حقوق الزيارة، حتى أن الكثيرات منهن يكافحن من أجل رؤية أطفالهن على مدى سنوات. وفي الشيشان قلّما يتم تتبع العنف الجنسي المقترف من قبل الأقارب، وإن افتضح أمر هذه الجريمة قد تقتل الضحية “لتخليص العائلة من العار”.

ويزداد الوضع تعقيدا بحكم أن القانون الروسي ليس إلا نظاما واحدا من بين ثلاثة أنظمة قانونية تنظم وضعها، وهي القانون العرفي والشريعة الإسلامية والقانون الروسي. وكل هذه الأنظمة مفتوحة للتأويل من القضاة، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاك خطير للحقوق.

تشكو اليوم الشيشانيات من الضعف وهن معرضات للمخاطر، رغم أنهن حملن عبئا مضاعفا خلال الحربين اللتين مرت بهما البلاد، حيث كان الرجال يقاتلون من الجانبين، فيما تولت النساء مهمة كسب العيش والاعتناء بالأطفال وإصلاح المنازل المتضررة. وكن يتفاوضن مع الجيش، وعندما تختطف المصالح الأمنية الرجال يقمن بإغلاق الطرقات والاحتجاج، ويقضين أياما في محاولة تحديد أماكن وجودهم، ويبحثن عنهم في المقابر الجماعية. وفي النهاية بدأ بعضهن في توثيق الجرائم وأصبحن مدافعات صادحات عن حقوق الإنسان.

ومن المفارقة أن الأوضاع المزرية للحرب كانت بمثابة محرر للنساء، إذ أزيح ضغط التقاليد بعد أن خلقت ظروف الحرب وغياب الرجال منفذا للنساء للاضطلاع بأدوار قيادية. لكن، تغيرت مكانتهن الاجتماعية نحو الأسوأ بعد انتهاء المواجهة العسكرية وبسط القوات العسكرية الفيدرالية لسيطرتها على كامل الشيشان في سنة 2003.

النساء في شمال القوقاز لسن فقط ضحايا العنف أو صانعات سلام، بل نجدهن أحيانا مسببات للعنف وحاملات للتطرف

وأطلق حينها الكرملين سياسة “الشيشنة” حيث نقلت بمقتضاها جل الوظائف السياسية والعسكرية والإدارية للإثنية الشيشانية. ووضع الكرملين في السلطة عائلة قاديروف الانفصالية سابقا وعهدت إليها بتطبيق القانون والحوكمة في الجمهورية.

وقد صرح قاديروف أن نظامه سيستعيد القيم والأخلاق التقليدية، وهو الآن يمارس ضغوطا كبيرة على النساء. وفي سنة 2007 سن قانون لباس صارم (غطاء للرأس، وقمصان بأكمام طويلة وتنورات طويلة) في المؤسسات الحكومية بما في ذلك المدارس.

ووصف النساء بأنهن ملكية الزوج ويتمثل دورهن الأساسي في إنجاب الأطفال، ويدعو النظام الشيشاني إلى تعدد الزوجات باعتباره حلا عندما لا تحترم النساء القانون التقليدي، قائلا بأنه “من الأفضل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة من أن تقتل”.

لكن، النساء في شمال القوقاز لسن فقط ضحايا العنف أو صانعات سلام، بل نجدهن أحيانا مسببات للعنف وحاملات للتطرف. فمنذ سنة 2000 تعرضت روسيا لـ82 هجوما انتحاريا شارك فيها 125 انتحاريا، 52 منهم على الأقل من النساء.

وفي حين يتقاسم التطرف النسائي عوامل جذب ودفع شبيهة بتجربة الرجال، فإن النساء لديهن البعض من القضايا الخصوصية؛ الضغوط الممارسة من المجتمع التقليدي، نقص الفرص والحرية للقيام بخياراتهن الحياتية أو تحقيق قدراتهن والاعتداء الجنسي، أو العلاقات الصعبة مع الأزواج أو الإخوة أو الأولياء. إن فهم هذه المسائل أمر ضروري من أجل إعداد استراتيجيات فعالة للتخلص من التطرف.

اجمالي القراءات 2655
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق