د.رفعت السعيد يكتب :سيد قطب .. الذي لا نعرفه

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٩ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الأهالى


د.رفعت السعيد يكتب :سيد قطب .. الذي لا نعرفه

 

د.رفعت السعيد يكتب :سيد قطب .. الذي لا نعرفه

admin2سبتمبر 18, 20120
د.رفعت السعيد يكتب :سيد قطب .. الذي لا نعرفه

يمثل سيد قطب نموذجا فريدا للتحول من النقيض إلي النقيض، فالذي يقرأ «معالم في الطريق» أو «في ظلال القرآن». يتجسد أمامه شخص متشدد، متطرف، يرفض الآخر ويشهر في وجهه سيف التكفير.. ولكن إذ نقلب هذه الصفحات ونعود إلي أفكار سيد قطب الأولي نجد النقيض. وثمة كتاب لا يذكره الكثيرون للمؤلف «آلان روسيون» عنوانه «سيد قطب – المجتمع المصري جذوره وآفاته» يقدم لنا نماذج مهمة من كتابات وأفكار سيد قطب الأولي.

ونقرأ.. «فليحاول كل فرد منا أن يكون مبشرا في أسرته بتعاليم الأسرة الجديدة، ولنختلط بالافرنج ما استطعنا، ولنقرأ ما كتب في لغاتهم من وصف للبيت الافرنجي ومباهجه، ثم لنحاول في صبر طويل محاكاتهم في إحياء بيوتنا، وبث روح الفرح والنشاط بين جدراننا، ولعلنا نوفق بعد عمر طويل»، ونقرأ «ومن التقاليد القاسية قسوة المجتمع في بعض جهات المملكة المصرية علي المرأة التي تسقط ولو مرة واحدة. والملحوظ أن غالبية البغايا يجئن من الوجه القبلي، فالمعروف أن أهالي الصعيد لا يتسامحون غالبا في جرائم العرض، بينما يتسع صدر أهالي الريف لمثل هذه الفتاة ولو قليلا، ويتسع صدر المدينة لها كثيرا فتجد هذه الفتاة الفرصة لتلافي غلطتها».

وأيضا « أن احتجاب المرأة عن المجتمع يلهب الغرائر، ويحرمها العلاج اليومي البطئ بالنظر والسماع والاختلاط البرئ ويدعو إلي اروائها بطرق ملتوية هابطة في معزل عن الرقباء».

ثم يقدم لنا سيد قطب رؤية جميلة للإسلام السمح فيقول «أن الإسلام ليس دينا جامدا، انما هو دين مرن يحتمل السير به في مختلف الأحوال، فإذا كان هذا الدين في نشأته قد واجه قوما يعتزون بآبائهم واجدادهم، ويتفاخرون بأموالهم ووجاهتهم فأصغر من شأن هذه المظاهر، ودعا دعوته إلي تصغير الحياة الدنيا ليوجه إلي الاعتدال والاتزان في نفوسهم ، فنحن اليوم في دور قد استهنا فيه بالحياة أصغرنا قيمتها فأصبحنا بحاجة إلي قسط كبير من احترامها لنرتفع بها، وهذه تبعة ثقيلة ملقاة علي عاتق رجال الدين فعساهم يغيرون نغمة الأسي المصطنع، وينسون مؤقتا ازدراء الحياة والحط من شأنها في هذه الظروف، ومتي أحببنا الحياة واحترمناها وجدنا في نفوسنا عناصر كثيرة للفرح الانساني الأصيل».

ويدافع سيد قطب عن المرأة وحقوقها قائلا «لقد عاشت المرأة في ظلام العصور تتنفس بمقدار كما تتنفس في الماء، وتبصر النور من خلال الشيش حقيقة ومعني.

وظل مجتمعنا جافا كئيبا موحشا، وكان لهذا أثر سيء في أخلاقنا وتقاليدنا وتربيتنا وفنوننا وكل مظاهر نشاطنا وحيويتنا» ويمضي قائلا «وسوف يختار احفادنا زوجاتهم من زميلات الدراسة وصواحب النادي ورفيقات الطريق وسيكونون سعداء في حياتهم موفقين في زيجاتهم لأنهم درسوا خطيباتهم ولاءموا بينهم وبين عصرهم» ثم يعلو صوت سيد قطب «أنا لا استطيع أن ادعو إلي احتجاب المرأة، ولا أطيق هذا الاحتجاب في عصرنا الحاضر» ويعلو صوته أكثر فأكثر إذ يدافع عن الفن قائلا «لا استطيع أن أسلم لحظة واحدة بقص أجنحة الفن الجميلة التي يسمو بها الواقع عن المحدود حين يريد ويحلق بها بعيدا عن قيود الضرورة، وعن الصراع الأرضي المضني، وكل دعوة إلي قص أجنحة الفن الجميلة إنما تصدر عن ضيق في النفس وارتكاس إلي الطور الحيواني في حياة الإنسان قبل أن تنبض في نفسه الحاسة الفنية التي تنزع به حتما إلي التحليق فوق الواقع والانفلات من ضرورات العيش وأثقال المادة».

ثم يواصل سيد قطب تحديه لكل المتطرفين والمتأسلمين والمتشددين قائلا: نحن نظلم هذا الدين، ونشوه غايته الكبري حين نجعله دينا أخرويا فحسب، وتقف غايته علي إعداد الناس للآخرة فحسب، ونجعل من همه تصغير الحياة الدنيا بمعني احتقارها واهمالها وترك العمل لها».

والكتابات والابداعات كثيرة وتتبدي وكأنها بلا نهاية. أورد هذه الأفكار مدركا أن الكثيرين من المتأسلمين سوف يستسلهون القول: كان ذلك في زمن جاهليته، وقد تاب وناقض ذلك بشدة لكن السؤال الأكثر إلحاحا يأتي ليتهم زماننا بضيق الصدر وضيق الأفق، فقد قال سيد قطب ذلك كله دون أن يتهمه أحد بالكفر ولا بالمروق وتركوا أمامه الطريق سهلا، ولو فعلوا ذلك لربما كان دعوة الارتداد قد تحولت إلي دعوة للقتل، ولكان القتل فعلا كما حدث مع د. فرج فودة. ولكان المتأسلمون قد فقدوا أكبر منظريهم.

أن كتابات قطب الأولي واحتمال المجتمع لها دون معاندة ودون اتهام أو تكفير أو تحقير من شأن صاحبها علي علاقة فارقة بين زمانين ومجتمعين. ولست اعتقد أن مجتمع التأسلم هو الافضل ولا الأقرب إلي صحيح الدين.

أليس كذلك؟

اجمالي القراءات 7635
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق