الإرهاب الإلكتروني ... وحش جديد يصعب اصطياده..!!

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٣٠ - يناير - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: آفاق


الإرهاب الإلكتروني ... وحش جديد يصعب اصطياده..!!

في ظل ظهور تكنولوجيا الحاسب الآلي وزيادة اعتماد العالم عليه، أصبح كل ما يحتاجه الإرهابي ذو الخبرة الاحترافية في هذا المجال الحيوي والمعقد هو جهاز حاسب آلي واتصال بشبكة الإنترنت، ومن ثم القيام بأعمال تخريبية وهو آمن في مقره، بنقرات بسيطة على لوحة المفاتيح ودون أن يترك أثرا.


وقد أظهر بعض المنتمين لجماعات إرهابية قدرات كبيرة في مجال الإنترنت أثناء استجوابهم، ولذلك، عمدت بعض الدول ومنها الولايات المتحدة الأمريكية إلى إنشاء أجهزة شرطة خاصة بملاحقة معتمدي الإرهاب الإلكتروني، وقد سمتها الحكومة الأمريكية على سبيل المثال شرطة الإنترنت.وهي شرطة متخصصة فقط بمتابعة أنشطة الإرهابيين الإلكترونية، ومحاولة تتبع آثارهم على أمل الوصول إليهم، ولا يكتفي الإرهابيون باستغلال شبكة الإنترنت العالمية للتخريب، والتجسس، أو السرقة، وإنما أيضا يقومون باستغلال الشبكة العالمية لبث رسائلهم كاملة إلى ملايين الناس، وفي الوقت الذي يشاؤون بثها فيه، ومن أي مكان في العالم، بل وقد تنطوي هذه الرسائل كما يقول بعض الخبراء على أوامر موجهة لبعض الجماعات للقيام بأعمال إرهابية معينة، وغالبا ما تحدث أعمال إرهابية كبيرة بعد رسائل تبث عبر الإنترنت.
ما هو الإرهاب الالكتروني؟
وإذا كان الإرهاب يُعرف بأنه اعتداء على شخص ما وإصابته بأذى فعلي أو ذعر أو تهديد، واليوم بدخول الحاسب الآلي والانترنت في كل مجالات حياتنا، اندثرت الحدود بين الإرهاب بمفهومه القديم والإرهاب الالكتروني، الذي أضحى تهديداً كبيراً في كل مكان. فمن الممكن مثلاً اقتحام صفحة لمستشفى ما وتهديد حياة المرضى عن طريق تغيير برنامج العلاج، ومن الممكن تهديد الاقتصاد باقتحام مواقع البورصة العالمية كما يمكن أيضاً التدخل في نظام الاتصالات، الكهرباء أو المياه بل والسيطرة على نظام المواصلات والطيارات وبذلك يمكن تهديد بلد بأكملها، وإن وصل الأمر للتحكم في الشبكات الحكومية وشبكات الأمن وإغلاقها فستتم السيطرة التامة من جانب الإرهابيين.
ويحظى هذا النوع من الإرهاب بجاذبية خاصة عند جماعات مثل القاعدة، وذلك لأن الانترنت مجال مفتوح وواسع، ليس له حدود، يتوسع في كل يوم ويمكنك من موقعك في أي بلد الوصول لأي مكان تبغي دون أوراق أو تفتيش أو قيود، وكل ما تحتاجه هو بعض المعلومات لتستطيع اقتحام الحوائط الالكترونية، كما أن تكاليف القيام بمثل هذه الهجمات الإلكترونية لا يتجاوز أكثر من حاسب آلي واتصال بشبكة الانترنت.
مواقع إرهابية كثيرة
ومؤخرا كشف خبير الإرهاب الدولي الأمريكي جابريل ويمان، عن زيادة كبيرة في عدد المواقع الإلكترونية التي تديرها المنظمات الإرهابية على شبكة الإنترنت العالمية، فقد قفز عدد تلك المواقع من 12 موقع عام 1998 إلى 4800 موقع في الوقت الحالي.
وقال الخبير الدولي إن الإرهاب الحديث أصبح "أكثر ضراوة لاعتماده على التكنولوجيا المتطورة للإنترنت مما زاد من اتساع مسرح عملياتهم الإرهابية، وبالتالي أصبح من الصعب اصطياد هذا الوحش الإلكتروني الجديد".
وتزامن ذلك مع حديث خبير استراتيجي عربي عن تخصيص أجهزة الاستخبارات في مختلف الدول العربية ملايين الدولارات لتعقب وتحليل المواقع الإلكترونية التابعة للجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أنه لا يوجد حلا للإرهاب الإلكتروني سوى التعايش معه كمصدر معلومات.
وأضاف "الإرهاب الحديث أصبح أكثر ضراوة لاعتماده على التكنولوجيا المتطورة للانترنت التي ساعدت المنظمات الإرهابية في التحكم الكامل في اتصالاتهم ببعضهم البعض، مما زاد من اتساع مسرح عملياتهم الإرهابية، وبالتالي أصبح من الصعب اصطياد هذا الوحش الإلكتروني الجديد، وطعنه في مقتل".
وبعد أن يؤكد الباحث الأمريكي فشل الجهود الحثيثة لمنع منظمة القاعدة من استخدام شبكة الانترنت حيث تظهر عدة مواقع جديدة بإستراتيجيات جديدة رغم اختراق أحد مواقعهم أو استئصاله من الشبكة، ويقول الباحث إن "الوجود الإرهابي النشط على الشبكة العنكبوتية هو متفرق ومتنوع ومراوغ بصورة كبيرة، فإذا ظهر موقع إرهابي اليوم، فسرعان ما يغير نمطه الإلكتروني، ثم يختفي ليظهر مرة أخرى بشكل وعنوان إلكتروني جديدين بعد فترة قصيرة".
ويعرض الباحث نبذة عن العدد الضخم للمنظمات الإرهابية من مختلف أنحاء الكرة الأرضية، التي تحتل شبكة الانترنت، ويضم اليها - من وجهة نظره - حماس، وحركة إيتا في إقليم باسك بأسبانيا، وحزب الله اللبناني، ومنظمتي توباك امارو والطريق المستنير في بيرو، ومنظمة لاشكار إتويبا في أفغانستان، والمتمردين في العراق والشيشان، ومنظمة القاعدة.
مكافحة الإرهاب الالكتروني
وفي ظل زيادة خطورة هذا النوع الجديد والخطير من الإرهاب ، أصبح هناك اهتمام عالمي كبير في الفترة الأخير لمحاربة ومواجهة هذا الوحش الجديد، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي اي) مجموعة منظمة تتعاطى مع جوانب تخص الارهاب الرقمي وأطلقت عليها اسم: "مركز حرب المعلومات" الذي يضم نحو ألف موظف بينهم مجموعة تعمل على مدار الساعة مناوبة للرد على اي تطورات أو استفسارات.
وعلى مدى التسعينات صُرفت لهذا المركز المبالغ المطلوبة ليصبح من أهم مراكز حرب المعلومات في النصف الغربي من الكرة الارضية، الا أن تطوير المركز واجه عراقيل عديدة اهمها تشابك صلاحيات التحقيق بين السي آي اي ومكتب التحقيقات الفيديرالي (اف بي آي) وسواهما.
واذا أخذنا في الاعتبار مشاريع مثل "ايشلون" (مقام بالاشتراك مع دول أوروبية للتجسس على رسائل الانترنت والمكالمات الهاتفية في العالم) وكارنيفور وغيرهما نعلم سبب تشابك الصلاحيات، فالـ"اف بي آي" مكلف بمتابعة التهديدات داخلياً، وكذلك استخبارات الجيش فيما تعمل الـ"سي آي اي" في مواجهة القضايا الخارجية.
ولذلك انتشرت المجموعات المتخصصة بالارهاب الالكتروني في أجهزة الأمن المختلفة. ويقوم الـ"اف. بي آي" حالياً مثلاً بملاحقة المخترقين "هاكرز" على أنواعهم، وتقوم أجهزة الخدمات السرية بملاحقة الإرهاب الرقمي في حالات الصيرفة الالكترونية والنصب والاحتيال والتنصت. اما سلاح الجو فأسس "فرق هندسة الامن الالكتروني"، ومهمتها محاولة اختراق أنظمة وشبكات عسكرية، واللافت ان هذه الفرق استطاعت اختراق 30 في المئة من شبكات الأجهزة العسكرية في العالم.
أما في اليابان فدعت الحكومة إلى التصدي "بسرعة" لخطر الإرهاب الرقمي بعد اختراقات عديدة لأنظمة الكومبيوتر الحكومية، واستطاع المخترقون أن يدخلوا مثلاً أجهزة الموقع الحكومي الياباني ويمحوا بيانات مهمة تتضمن إحصاءات عن عدد السكان، وفي حالة أخرى تمكن المخترقون من نشر رسائل تنتقد الموقف الياباني الرسمي من مذابح نانكين التي يتهم بارتكابها الجنود اليابانيون في الصين عام ،1937 على موقع وكالة (وزارة) التنسيق والادارة ووكالة (وزارة) العلوم والتكنولوجيا، وتقول بعض المصادر ان الحكومة أعلنت عن حالات قليلة من الارهاب الرقمي واخفت الكثير غيرها.
وفي المانيا يرى وزير الداخلية أوتو شيلي أن بلاده تتمتع بحماية جيدة ضد الاعتداءات عن طريق الانترنت بشكل عام، فقد اهتمت وزارته بتأمين أنظمة الكومبيوتر الحكومية بشكل كبير منذ الاعتداءات الإرهابية على أمريكا، وقد ركز المكتب الاتحادي للأمن وتكنولوجيا المعلومات بشكل خاص على كل ما يتعلق بتأمين البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، ولكن شيلي ينتقد من ناحية أخرى الشركات التي تبخل في الصرف على حماية أجهزتها مما يجعلها فريسة سهلة للإرهاب.
ملاحقة الارهاب الالكتروني عربيا
أما عن موقف الدول العربية من الإرهاب الإلكتروني، يشير الخبير الاستراتيجي العراقي د. مصطفى العاني، من مركز الخليج للأبحاث، إلى أن هناك الكثير من التحويلات المالية التي تحصل للجماعات الإرهابية الكترونيا فضلا عن تبادل المعلومات عن العمليات والحصول على كيفية صناعة القنابل وتجنيد العناصر والتشجيع على العمليات الإرهابية والدعاية لها عبر الإنترنت.
ويضيف العاني أن الإنترنت كان في البداية وسيلة مهمة للإرهابيين ، ولكن بعد أن تم اكتشاف استخدامهم لهذه الوسيلة وضعت قيود كثيرة عليهم من قبل أقسام خاصة في أجهزة الاستخبارات العربية التي تنفق ملايين الدولارات لتعقب وتحليل هذه المواقع.
ولفت إلى وجود مواقع الكترونية لجماعات إرهابية وقد "صرفت أجهزة أمنية النظر عن اغلاق هذه المواقع، لأنها بقدر ما تنشر التشجيع على الإرهاب ، فهي تشكل مصدر معلومات أيضا للأجهزة الأمنية من حيث معرفة من قتل واختطف والبيانات الصادرة ومن يصدرها وهي بذلك سيف ذو حدين".
كما تحدث العاني عن حرب هجومية ودفاعية قائمة بين أقسام متخصصة تابعة للأجهزة الأمنية العربية وتلك المواقع الإرهابية، وقال: "هناك عمل دفاعي تحمي الأجهزة الأمنية من خلاله مواقع الدولة من هجوم هذه الجماعات التي هاجمت مؤسسات كثيرة ودمرتها أو وضعت فيها معلومات خاطئة، وعمل هجومي من خلال تدمير هذه المواقع و متابعتها بحيث تكون مصدر معلومات لها".
ويبدو أن هذه المواقع نجحت نجاحا كبيرا - بحسب مصطفى العاني - الذي يوضح ذلك بقوله "سمعت عن كتب في الماضي مؤلفة بواسطة جماعات إرهابية ونشرت في أفغانستان وكنت غير قادر على الحصول عليها، والآن أقوم بتحميلها من هذه المواقع، لذلك صار دورها كبيرا في الدعم الفكري للعمليات الإرهابية وأصبح أي شخص في العالم قادر على أن يحصل على هذه المطبوعة بدون ثمن".
وأقر د. العاني بفشل الاستراتيجية التي أسست بعض المواقع لإحداث فكر مضاد للمواقع الإرهابية، وذلك لأن تأثيرها محدود ونسبة الذين يتصفحونها قليلة جدا، ولكنها أثبتت قدرة هائلة على إعادة عافيتها"، مشيرا إلى أن الحرب على هذا الإرهاب غير محسومة لصالح الدول والحل التعايش معها بحيث تصبح مصدرا للمعلومات.

اجمالي القراءات 7335
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق