الدولة الاسلامية متى

الإثنين ٢١ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
إستبشرت الخير ببدء نشر كتابك عن ماهية الدولة الاسلامية . فهو موضوع مهم جدا لأن للدولة الاسلامية تصورات مختلفة ، وهناك من يزعم أن دولته اسلامية ، وهناك من يريد أن يقفز للحكم ليقيم الدولة الاسلامية . ولا بد ان رؤيتك لها مهمة وننتظرها . السؤال المهم هو هل يمكن تحقيق الدولة الاسلامية الحقيقية فى وقتنا هذا ؟ وكيف ؟
آحمد صبحي منصور :

1 ـ كتابنا الذى نبدأ نشره عن ماهية الدولة الاسلامية هو بحث قرآنى فيه بعض إشارات للتناقض مع الدين السنى بالذات ، هو كتاب فى مجمله من الناحية النظرية ، أى فى مجال التمنى وأحلام اليقظة .

2 ـ تأسيس دولة اسلامية واقعية فى كوكب المحمديين فى عصرنا يعنى تدمير الدولة الاستبدادية القائمة المتحكمة بأكبر مجرميها من المستبدين ورجال الدين . ونضع بعض ملاحظات هامة :

2 / 1 : التدمير الفورى مرفوض لأسباب كثيرة منها أنه يعنى أنهارا من الدماء ، ولأنه يعنى أن يصل للحكم من هو على نفس الشاكلة . وهذا يحدث دائما فى الانقلابات والثورات . ولا يزال المحمديون يدورون فى هذه الحلقة المفرغة ، حكم مدنى فاسد ثم انقلاب عسكرى فاسد ، ثم ..ثم .. . أنظر الى ما يحدث فى باكستان والسودان على سبيل المثال.

2 / 2 :  التغيير يجب أن يكون على مهل ، وبأن يغيّر الناس ما فى أنفسهم من خضوع وخنوع ورضى بالقهر وإستحلال للظلم والتظالم ( ظلم بعضهم بعضا ) والتصالح مع الفساد الى وعى يعنى أن تدافع عن الحق لأنه حق وأن ترفض الباطل لأنه باطل ، وأن تقاوم الظلم إذا وقع عليك أو على غيرك حتى لو كان مخالفا لك فى الرأى أو الدين أو المذهب أو اللون والعرق. وأن يكون هذا الوعى عاما ، أو على الأقل يشمل أغلبية الناس .

2 / 3 : ثم إن هذا التأسيس للدولة الاسلامية ـ واقعيا ـ لا يعنى الوصول الى القمة بتحقيق الشورى او الديمقراطية المباشرة الكاملة ، والتى تعنى إصلاحات جذرية فيما يخص الثروة والسلطة تمنع تحكم الأثرياء فى السلطة ، وتؤكد المواطنة الحقيقية لكل المسالمين فى الوطن بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية ، وتؤكد حقوقهم الانسانية على قدم المساواة بلا فارق بين مسئول أو شخص عادى . تفتقر الديمقراطية الغربية المنقوصة الى معظم هذا .  

 2 / 4 ـ يكفى فى مرحلة أولى تحقيق الديمقراطية الغربية المنقوصة ، وهى الديمقراطية النيابية التمثيلية بانتخاب حُرّ ونزيه ونظيف للقائمين على الحكم  فى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وبحكم لا مركزى ، وبمشاركة أطياف المجتمع ضمن الجمعيات الأهلية والحكومية . لم تصل اوربا الى هذه الديمقراطية النيابية إلا بعد قرون من الصراع والحروب والانقلابات ثم حربين عالميتين . ( فرنسا مثالا : من ثورتها الفرنسية ، ثم إستبداد حكام من الرعاع  ثم امبراطورية نابليون ثم عودة الملكية آل بوربون ، ثم جمهوريات ، ثم معاناة مع حربين عالميتين ) . بالنسبة لكوكب المحمديين فقد يحتاج الى عقود وليس الى قرون ، بسبب ثورة المعلومات والاتصالات والقرية الكونية بما أدى الى ضعف سيطرة المستبد على عقول الناس . والدليل أن دعوتنا الاصلاحية الموجهة ضد أكابر المجرمين  ــ مع كل ما تواجهه من حروب ومع كل ما نتعرض له من إضطهاد ــ فهى تنتشر بامكاناتنا البسيطة برغم أنوفهم ، لأنه فى النهاية فإن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض ، وغيره يزدهر ثم يندثر. قال جل وعلا : ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ )  (17) الرعد ).

 3 ـ مرت أوربا بحركات إصلاح دينى وثورة على الكنيسة وتحالفها مع المستبدين والاقطاع والنبلاء ، وثارت حروب ، وكانت اللوثرية وأخواتها تمهيدا لتحول الاصلاح الدينى الى تأسيس دولة ديمقراطية علمانية يتم فيها منع الكنيسة من التدخل فى السياسة ، وتقرير الحرية الدينية . وهو ما يجب أن يكون فى كوكب المحمديين ولكن بدون حاجة الى مواجهات مسلحة .

4 ـ المحمديون يؤمنون بالقرآن الكريم ويؤمنون أيضا بأحاديث شيطانية تؤسس أديانهم الأرضية التى يتربع فوقها الاستبداد السياسى . من الممكن أن يتعانق الاصلاح الدينى باصلاح سياسى بالدعوة الى القرآن الكريم والاحتكام اليه ، سواء فى نبذ تقديس البشر والحجر أو فى نبذ قيم الخنوع والخضوع وثقافة العبيد والاستعباد والظلم والتظالم والفساد ، وفى تأسيس دولة علمانية ، نقوم الآن بشرح أُسُسها فى كتابنا ( ماهية الدولة الاسلامي ) ثم فى شرح شريعتها فى كتاب قادم عن ( ماهية الشريعة الاسلامية ) . ففى بلاد يكون الحسُّ الدينى فيها غالبا فلا بد من الاحتكام الدين والبدء باصلاح دينى ، ليعى الناس أن دين الله جل وعلا ( الاسلام ) هو أن تخشع وتخضع ليس لمخلوق مثلك ولكن لفاطر السماوات والأرض ، وهل هناك فاطر للسماوات والأرض غيره ؟

5 ـ هذا هو جهادنا ، وهو طريق طويل ملىء بالألغام والأشواك ، وبدأناه من عام 1977 ، ولا زلنا صامدين بعون الله جل وعلا رب العالمين.



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1187
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,495,153
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


خبل عمره 14 قرنا : ماحق&# 1740;قة قضی ;ة فدک؟ سمعت ادلة...

كورونا والحج: هل إذا خفت على نفسى من كورون ا يجوز لى عدم...

مصافحة النساء: السل ام باليد بين الرجل والست حرام ولا حلال...

عذاب أطفال المشركين: لماذا عذب الله قوم نوح وقوم لوط وعاد...

النقاب فى الحج: الفتا وى العرب ية مقفلة لذا لجأت هنا،...

سبقت الاجابات: عندنا وضعوا في كل مسجدص ندوقا لجمع الصدق ات ...

الطعن فى الشخصيات: ماهو موقف الاست اذ منصور ممن يطعن في...

الغلو : نحن نقول ( الغلو ) فى الدين على التطر ف . فهل هذا...

لحمة العيد الكبير: فى مناسب ة عيد الأضح ى أنا محتار .. هل اشترى...

سؤالان : السؤا ل الأول أنا أمازي غى لست من العرب ولا...

الجزية ..من تانى .!!: ما هي الجزي ة وهل هي دائمة وكم قيمته ا؟ ...

زليخا وبلقيس : تاريخ يا...ه ثبت بأن اسم امرأة عزيزم صر (...

تجار ومستهلكون: مع احترا مى لرأيك فاننى أرى أن العيب ليس فقط...

منع المشركين من الحج: ما معنى يا أيها الذين آمنوا إنما المشر كون ...

لا بد من المهر : لو طلب رجل من امرأة راشدة عاقلة الارت باط بها...

more