متى تبدأ الحرب؟

ناجي عباس   في الإثنين ٠١ - أكتوبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


منذ التصريح الأشهر لوزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير حول احتمالات الحرب ضد ايران، والعالم الغربي في اوروبا وامريكا يتعاملان مع الحرب باعتبارها حقيقة واقعة لا محالة، وان السؤال الأهم فيما يتعلق بتلك الحرب بات يدور حول توقيت نشوبها، الى جانب عشرات الاسئلة الاخرى حول تداعياتها ونتائجها المباشرة على امدادات الطاقة ، والاطراف المشاركة فيها والطريقة التي ستبدا بها ومدة الضربات الجوية الأولى، وتأثيرها على ما يحدث في العراق ، وخاصة القوات الامريكية هناك، وحجم المساهمة الاسرائيلية والعربية في تلك الحرب ، وما اذا كانت ستشمل اطرافاً اخرى كسوريا مثلا، وغير ذلك كثير.



تعامل الاعلام في اوروبا مع تصريح كوشنير على انه يعكس التوجه الفرنسي – الأوروبي الجديد بشأن حل الملف النووي الايراني ، وليس مجرد زلة لسان من كوشنير ، هذا بالرغم من محاولات التجميل والتفسير والتوضيح التي شارك فيها الجميع بما فيهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي نفسه، ومحاولات التأكيد على ان الاستراتيجية الاوروبية بهذا الخصوص مختلفة عن الامريكية، وانها قائمة على تشديد العقوبات – خارج اطار مجلس الأمن لتجاوز الفيتو الصيني أو الروسي المحتمل- بهدف دفع ايران للقبول بوقف برنامجها النووي، كذلك حاولت بعض الدول ومن بينها المانيا التخفيف من وقع تأثيرات تصريحات كوشنير، واعلانها رفض مبدا التهديد بالحرب بل واستقبال حسن روحاني المسؤول السابق للملف النووي الايراني للتدليل على موقف مغاير لموقف باريس ، الا ان ذلك كبه لم يدفع وسائل الاعلام في الغرب للتوقف عن مناقشة سيناريو الحرب القادمة، والمشاركة في التكهنات الخاصة بتوقيتها، وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة على المنطقة واوروبا وامدادات الطاقة والمجاري البحرية وغير ذلك

في كل الأحوال خبراء الشأن الايراني والسياسة الامريكية هنا يعتقدون ان الولايات المتحدة واسرائيل قد اتخذا قرارهما بالفعل بتوجيه ضربة قاصمة لايران تنهي مشروعها النووي، " وتهديدها " للاستقرار في المنطقة في نفس واحد، وان هناك تنسيقاً حقيقياً قد تم بهذا الخصوص مع الحلفاء في الناتو والاتحاد الاوروبي والمنطقة العربية ، في محاولة لاقناع تلك الأطراف بالمشاركة على نحو ما، لتوفير الغطاء الدولي بعيداً عن الأمم المتحدة، وفق صورة مشابهة لما حدث اثناء حرب البلقان، وافغانستان، والعراق ايضاًً، وقد ضغطت الولايات المتحدة على حلفائها في اوروبا بواسطة اسرائيل، على اعتبار ان تلك الاخيرة هي المستهدفة " بالقنبلة النووية الايرانية " في المقام الأول وفقاً للرواية الغربية، وفي نفس الوقت استطاعت جر اطراف عربية عديدة بدعوى ان الخطر الآني يكمن بالدرجة الأولى في ايران واحلامها في السيطرة على المنطقة وتصدير ثورتها الدينية وتدعيم مركزها في كل الدول المحيطة بها، واحداث قلائل قدر الامكان في تلك الدول اعتماداً على الامتدادات الشيعية فيها، مع بذر خلاياها هنا وهناك استعداداً ليوم تسيطر فيه على المنطقة برمتها !!

الغريب في الأمر ان اوروبا تلك التي تسعى لايقاف المشروع النووي الايراني بأي ثمن – ولو عبر المشاركة في حرب تهدد الاستقرار في المنطقة والعالم لفترة طويلة – هي نفسها اوروبا التي رفضت الاقتراح العربي بشأن اخلاء الشرق الأوسط برمته من الاسلحة النووية، والتي لا يملكها احد فيها حتى الآن الا اسرائيل.

الحرب قادمة، بمشاركة وتنسيق كاملين مع الكثير من الاطراف العربية والغربية على السواء، وهذا ليس بجديد، بل ان هناك من العرب من تطوع بالفعل – وفق تسريبات سياسية هنا - وأكد للأمركيين معلومات بشأن حصول ايران مؤخراً على كميات من اليورانيوم المخصب من بلدين اسيوين على الاقل، وهي اخبار يعتقد البعض انها مضروبة و شبيهة بتلك " المعلومات " التي يُقال ان مصر سربتها قبل الحرب العراقية للولايات المتحدة حول مخزون العراق من اسلحة الدمار الشامل، والتي ثبت بعد ذلك انها معلومات مدسوسة من اكثر من طرف بما فيهم المخابرات الامركية نفسها - أُستهدف تمريرها للولايات المتحدة – عبر الحليف المصري! - ليستند عليها بوش امام الكونغرس وحلفائه في اوروبا اثناء لتخطيط للحرب على العراق

الخبراء هنا يتفقون على ان الحرب الامركية الايرانية القادمة لن تكون كأي حرب سبقتها، حتى لو استطاعت الولايات المتحدة قصف الف موقع ايراني خلال ساعات الحرب الأولى، فايران لم تعلن عن مشروعها النووي الا بعد ان ايقنت انها قادرة على الدفاع عنه، هذا علاوة على ان ايران ليست من تلك الدول التي تنفق المليارات على برامج التسليح لتركها تتآكل تحت غبار المخازن، يضاف الى ذلك انها اعلنت اكثر من مرة ان مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة في تلك الدول التي ستساعدها عبر القواعد العسكرية والمجال الجوي والبحري واللوجيستيك وخلافه ستتعرض للهجوم ، وهو ما سيعني كارثة حقيقية على امدادات النفط الايرانية والخليجية على السواء لا تستطيع واشنطن وحلفاؤها تحمله طويلاً، مع الاشارة الى ان مائة وخمسين الف جندي امريكي في العراق سيتحولون مع بدء الحرب الى هدف مباشر ليس فقط من الخلايا الايرانية المتواجدة بالفعل في العراق – وفقاً لكل التقارير المنشورة - بل ايضاً من شيعة العراق انفسهم ، والذين لن يتركوا ايران وحدها في تلك الحرب ، ناهيك عما ستحدثه تلك الحرب على شيعة لبنان والبحرين والسعودية ومنطقة الخليج من ردود افعال سيكون لها تداعياتها بالفعل على العديد من الدول في المدى المنظور

كثيرون هنا يعتقدون ان الغارة الاسرائيلية الأخيرة على سوريا – على علاقة كاملة بما يخطط ضد ايران – وانها لم تكن اكثر من بروفة لاختبار طريق جوي بعينه الى ومن ايران، وهو ما يفسر اختراق تلك الطائرات للمجال الجوي التركي، في رحلة العودة، وتخفيف حمولة الطائرة عبر رمي الذخائر في البحر، وهذا ان صح تكون البروفات الأولية لتلك الحرب قد بدأت بالفعل

اخيراً، تشير المعلومات المتوفرة في الغرب ان بعض الدول العربية ترتكب الآن بالفعل حماقة التنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل لضرب ايران، وهو ما سيزيد من هول الكارثة اثناء وبعد تلك الحرب في دول عديدة ، بل ان بعض تلك الدول لن يظل على صورته الحالية بنهاية الحرب ، والتي يجب ان يدفع طرف أو اطراف ما كلفتها، ونتمنى الا يكون العرب هم من سيسدد فاتورة مصالح الآخرين – كما فعلوا من قبل ويفعلون الآن

اجمالي القراءات 7604
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق