يناير 1977 انتفاضة لم تتحول إلى ثورة.. ويناير 2011 ثورة تحارب حتى لا تتحول لانتفاضة

اضيف الخبر في يوم الخميس ١٩ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الدستور


يناير 1977 انتفاضة لم تتحول إلى ثورة.. ويناير 2011 ثورة تحارب حتى لا تتحول لانتفاضة

كمال خليل: عايزين نعمل عقد زواج بين الانتفاضة والثورة.. ناخد من الانتفاضة طابعها العمالي والشعبي.. ومن الثورة شعاراتها السياسية الراقية

 عندما خرج آلاف المصريين يومي 18 و19 يناير عام 1977 لم يكن بسبب رفع الدعم عن 25 سلعة أساسية وفقط، بل هي القشة التي كان يمكن يمكن لها أن تطيح بحكم السادات وقتها.



هكذا هي الثورات والانتفاضات ربما تشتعل لسبب قد يظنه البعض بسيطا، ويمكن احتواءه، متناسين تراكمات السنوات السابقة، انتفاضة 77 استمرت حتى تم سحب قرار رفع الأسعار، فهدأت حدة التظاهرات ونزل الجيش وتم فرض حظر التجوال، إلا أن المظاهرات والاشتباكات استمرت بشكل أو بآخر، خاصة بعد خروج عدد من الطلاب والسياسيين من التيار الماركسي والناصريين للشارع في مظاهرات سلمية.

الطريف، أن مبارك - الذي كان حينها نائبا لرئيس الجمهورية - لم يتعلم من هذا الموقف أن يحترم إرادة الشعب ويضع رغبة الشارع ضمن أولوياته، بل إن كل ما اكتسبه من خبرات في هذه المرحلة، هو عدم الإعلان عن أي زيادة في الأسعار، للحفاظ على هدوء الشارع!

المشهد الآن مشابه بقدر كبير إلى ما شهدته مصر في77، فبعد تنحي مبارك، ظن الكثيرون - أغلبهم من التيار الإسلامي - أن الثورة حققت أهدافها بتنحي مبارك، وكأن الثورة قامت ضد شخص مبارك، وليس ضد نظام وساسات قمعية استمرت لما يقرب من 30 عاما، في الوقت الذي توالت فيه أحكام "البراءة" في حق قتلة الثوار، تمهيدا لصدور حكما بالبراءة لمبارك من كافة جرائمه التي ارتكبها هو ورجاله، وقد نفاجأ به يعلن ترشحه للرئاسة مرة أخرى!

القاضي منير صليب، الذي نظر قضية انتفاضة 77، أصدر حكما تاريخيا لصالح المتهمين، بعدما اعتبر أنها "انتفاضة شعبية"، بالمخالفة لادعاءات السادات حينها بأنها "انتفاضة حرامية"، وبنفس التفكير، واجهنا نظام مبارك قبيل سقوطه، عندما اندلعت مظاهرات 25 يناير 2011، فحاول المخلوع تصويرها على أنها أعمال شغب يقوم بها مجموعة من البلطجية، وهو رد فعل طبيعي من نظام قمعي أمني، تعتمد أركانه على البلطجية لضمان بقائها وحفظ أمنها، فطبيعي عندما يثور الشعب أن يطلق عليه النظام "ثورة البلطجية"!

وما يكشف مدى التشابه المرعب بين الأنظمة القمعية، أن تلفزيون السادات كان يذيع أثناء انتفاضة 77 مسرحية مدرسة المشاغبين، فبينما كان المحتجون في شوارع القاهرة يملأونها ضجيجا وقد تعطلت حركة المواصلات، مطالبين لقمة بالعيش، كان إعلام السادات يجبر المواطنين على الضحك وهم يشاهدون عادل إمام وهو عامل نفسه ميت! وبعدها بـ35 عاما، كان تلفزيون مبارك، يذيع لقطات لضفاف النيل، بينما على بعد خطوات منه يتساقط الشهداء في ميدان التحرير برصاص قوات الشرطة.

الجيش، نزل الشارع في الحالتين، إلا أن الاختلاف أن القوات المسلحة لم تطلق النار على النتظاهرين في 77 والتزمت ضبط النفس حتى هدأت الانتفاضة بإجبار نظام السادات على التراجع في رفع أسعار الدعم وانتصرت إرادة الشعب حتى وإن لم تتحول الانتفاضة إلى ثورة.

أما في ثورة يناير 2011، فقد النزل الجيش أيضا، إلا أنه لم يعد لكثناته حتى الآن، ولم يطلق رصاصة واحدة، بل أطلق آلاف الرصاصات التي أودت بحياة العديد من الثوار، وقام بسحل الفتيات وتعريتهن، ورأينا جنود - من المفترض أن عقيدتهم القتالية هي حماية الشعب - وهم يشيرون للثوار بإشارات بذيئة ويتبولون عليهم!

يقول الناشط اليساري كمال خليل: "الانتفاضة الشعبية في 18و19 يناير كانت سمتها عمالية فجرها عمال حرير حلوان في القاهرة وعمال الترسانة البحرية فى الإسكندرية وكانت البروفة الحقيقية للانتفاضة هى إضراب عمال النقل العام فى يوليو 1976 والذى شل مدينة القاهرة بأكملها ومؤتمرات العمال بجميع مصانع الغزل والنسيج بالإسكندرية، وسبقها الانتخابات البرلمانية فى صيف 1976 والتى شاركت فيها الحركة الطلابية واليسارية فانتشرت شعارات الحركة الطلابية فى كافة المحافظات وكانت فى مقدمة شعارات الانتفاضة، وانحصرت الانتفاضة فى شعارات إلغاء زيادة الأسعار (مطالب اقتصادية )، أما ثورة 25 يناير فقد تفوقت بالطبع على انتفاضة 18و 19 بأنها كانت ثورة سياسية (الشعب يريد إسقاط النظام وعيش حرية عدالة اجتماعية) لذلك انحسرت الانتفاضة بعد التراجع فى زيادة الأسعار ولم تنحسر الثورة لأفقها السياسى الخلاق.. عايزين فى المستقبل نعمل عقد زواج بين الانتفاضة والثورة.. نأخد من انتفاضة 18و19 طابعها العمالى والشعبى ونأخد من ثورة 25يناير شعاراتها السياسية الراقية.. وبعقد الزواج ده ممكن يبقى: المصنع والميدان إيد واحدة".

ما بين الماضي والحاضر اختلافات كثيرة.. فقد اختلفت أساليب القمع.. اختلفت مواقف الجيش.. اختلف ضمير القضاء.. ولكن يبقى الشعب الثائر صاحب الكلمة في تحديد مصيره.

اجمالي القراءات 1634
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق