التعميم والاستثناء

الخميس ١٥ - يونيو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
هنا آية قرآنية تحكم على كل أهل الكتاب بالضلال تقول : ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ) 145 ) وهذا عكس آيات أخرى تقول ان بعضهم مؤمن مثل : ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199) آل عمران ). ما تفسيرك ؟
آحمد صبحي منصور :

أولا :

1 ـ من السهل على من يريد التلاعب والإلحاد فى القرآن الكريم أن يفعل هذا . وحسابه عند رب العزة جل وعلا القائل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت ).

2 ـ الذى يتدبر القرآن الكريم لا بد ان يفهمه من داخله ، من مصطلحات وسياقات ، ومنه موضوع الأغلبية الساحقة التى تأخذ أحيانا تعميما .

ثانيا:

 ونعطى مثلا بهذا السؤال :

 1 ـ هناك حكم عام فى شكله ، ولكن الإستثناءات معروفة ومفهومة فى مئات الآيات القرآنية فلا حاجة لذكرها ، مثل قوله جل وعلا :  ( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) الانعام). من قوم النبى من هاجر وجاهد وكان من السابقين الأولين .

2 ـ هناك حكم عام فى شكله ، وتأتى الإستثناءات بعده ، مثل قوله جل وعلا عن الأعراب  فى حكم عام : ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) التوبة ) . ويأتى الاستثناء :  ( وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) التوبة ).

3 ـ عن أهل الكتاب قال جل وعلا فى حكم عام : ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) ثم جاء الإستثناء : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)  آل عمران ).

ثالثا :

الآية محل السؤال تتحدث عمّن يعرف القرآن الكريم كما يعرف أبناءه ، ثم ينكره . وجاء الحديث عنهم فى موضعين : قال جل وعلا :

1 ـ ( وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ (145) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)   البقرة )

2 ـ ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) الانعام ).

أخيرا

واقع الأمر أن أهل الكتاب منهم أكثرية ضالة وأقلية مؤمنة سابقة ومقتصدة ، ونزل القرآن الكريم لهدايتهم ولهدايتنا . قال جل وعلا :

1 ـ ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66) المائدة )

2 ـ ( وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ (110)   آل عمران )

3 ـ وهو نفس التقسيم لنا . قال جل وعلا : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)  فاطر )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 2256
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5173
اجمالي القراءات : 58,814,574
تعليقات له : 5,480
تعليقات عليه : 14,871
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


عند كل مسجد: يقول الله عز وجل ... يا بني ادم خذوا زينتك م عند...

Marrying non Muslim: I have some questions for you, and since you are a scholar, I hope you can please answer...

مردّ: ما معنى ( لا مردّ لَّا مَرَد َّ لَهُ مِنَ...

الدعوة الى الاسلام: اخي الكري م السلا م عليكم ورحمة الله لم اجد...

التعمد فقط: هل يحاسب الله الإنس ان علي الألم النفس ي ...

Death: Assalamual ykum. I have some very sad news. One of my cousins, she is only 23 years old,...

كن فيكون: قوله جل وعلا في الاية 73 من سورة الانع ام ( يوم...

أسئلة كثيرة: أسئل ة من ( ثائر لدين الله ) السلا م عليكم...

( أيضا ) عند الموت: اذا مات الانس ان تبشره الملا ئكة بالجن ة او...

قوم سبأ : ( فقالو ا ربنا باعد بين اسفار نا.) لم افهم هل...

المسجد الأقصى: هل صحيح ان المسل مون توجهو ا في الصلا ه الى...

يطيقونه : انا من إندون يسيا لا أحسن لغة العرب ية اريد...

إقرأ ( كتاب الموت): -------- ---------- ---------- ---------- ---------- -- انا اعلم...

الجهاد للمرأة أيضا: سلام علی ;کم یا دکتر احمد صبح 40; ...

نتمنى انتاجا دراميا : لماذا لايتك اتف القرآ نيون معا( فرقةف نية )...

more