عن عدالة الصحابة ، السيرة المشوهة للأصحاب .:
بحثا عن محمد في القرآن [ 23 ]

امارير امارير Ýí 2012-03-22


]وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمبِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة 100 ، ]لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة 117 ، المهاجرون ليسوا من هاجروا مع الرسول ، بل هم : ]الْمُهَاجِرِينَفِي سَبِيلِ اللَّهِ [النور 22 ، حيث أن الرسول لم يُهاجر أصلاً بل تم إخراجه من قريته : ]قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ [محمد 13  فهو بناءً على ذلك [ مهجّر ] كَرهاً ، و ليس [ مهاجرٌ ] طوعاً ، و الأنصار ليسوا من نصروا الرسول ، بل هم من ينصرون الله ، الذين قال فيهم : ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد 7 ، ينصرون [ الله ] عن طريق معونة [ رسوله ] و السير معه في اتّباع طريق الحقّ ، لأن الروايات التاريخيّة ستبقى دائماً تميل رغم أنفها لتغليب رأيً و تسبيق قولٍ ، فتكيل بمكيالين عبر ذكر حادثةٍ و تجاهل أخرى ، لكن الأصل في العلاقة البينيّة لهؤلاء يأتي : ]الْإِحْسَانِ [أوّلاً ،  ، الإحسان ما هو ضد الإساءة ، و المعروف ما هو ضد المنكر ، أي الميل الى الإيجابي في التعاملات الإجتماعيّة بين الناس : ]إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل 90 ، ]هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن 60 ، لكن عند العودة لمدوّنات الفقهاء و أمّهات الكتب التي يعود إليها هؤلاء في قراءة تاريخ الأصحاب ، هل نسب المؤرخّون في حديثهم عنهم [ الإحسان ] أم [ الإساءة ] ؟ ، و سنبدأ قراءة [ الوقائع ] كما ترد في أمّهات كتب التاريخ الإسلامي و السير ، و التي تحوي [ أسماء ] لا صلة تربط بينها و بين المؤرخ ، إن أن الفارق الزمني شاسعٌ جداً ، و من ناحيةٍ أخرى فإن العلاقات المشبوهة بين هؤلاء الذي أسماهم الفقهاء و أهل السير بالصحابة كأشخاصٍ بعينهم تبقى منافيةً لأبسط معالم و سمات [ الإحسان ] الذي يشكّل دعامة العلاقة فيما بينهم كما يشهد النّص القرآني : ]وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة 83 ، فالصحابة حسب التاريخ الإسلامي و أمّهات كتب السير و الأخبار ليسوا سوى [ عصابةٍ ] من المتآمرين و رجال الإقطاع ، و حاشا أن يكونوا كذلك قطعاً مع القليل من التحفّظ ، فالخيانة من طباع البشر أينما حلّوا و في أي عصرٍ كانوا ، و القول بأنّهم [ متأولون ] مخطأهم و مصيبهم في الجنّة و أفعالهم كلّها محمودة كما يقول فقهاء المذاهب الأربع المشهورة ، يبقى مجرّد تجنّي على التاريخ نفسه ، و هذا ما نقرأه بجلاْ في نصوصٍ يندى لها الجبين كتبها رجالٌ لم يروا صحابيّاً واحداً ، و لم يعاصروأ حتى تابعيّاً واحداً ، بل و الأنكى من ذلك أن بعضهم كتب عن الصحابة تاريخهم بعد وفاتهم بأكثر من خمس و ستة قرونٍ ، و كأنه قد جاورهم و صاحبهم و حضر حواراتهم لينقلها حرفيّاً ، كشهادات تظهر سوء طباعهم و لؤم خصالهم ، و حاشى لله أن يكونوا كذلك قطعاً .

 

في أسد الغابة في معرفة الصحابة لإبن الأثير/630 هـ ، و في الإستيعاب في معرفة الأصحاب لإبن عبد البر/463 هـ : [ ... أسامة بن زيد يقول لمروان بن الحكم بعد أن سبّه الأخير : إنّك فاحشٌ متفحّش ] ، و يرد أيضاً أن عبد الله ابن مسعود عليه رحمة اللهقال : [ ...  أسلمت و زيد في صلب رجلٍ كافر ] ، و زيد هذا هو من أمره عثمان بجمع القرآن في لجنةٍ لم يكن إبن مسعود فيها ، الأمر الذي أثار حنقه و غضبه كما يقول المؤرخون ، و هذه الواقعة أصلاً ننفيها جملةً و تفصيلاً بنفينا لخرافة [ الخط العثماني ] و عدم جمع الرسول للقرآن و توثيقه في وثيقةٍ واحدةٍ قبل وفاته : ]يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة 67 ، و عند اليعقوبي 284/هـ : [ ... أمر عثمان بن عفّان فجلد أبن مسعود و كسرت رجله و ضلعان و منعه العطاء و بقي مغاضباً للخليفة حتى توفّى ] ، و في مسند ابن حنبل/ 248 هـ و أبي يعلى في المسند/307 هـ و الطبراني في الأوسط/360 هـ و السيوطي في الجامع الكبير/911 هـ ، عندما توفى الرسول مرّ عمر بن الخطاب على عثمان بن عفان عليه رحمة الله  و ألقى عليه السلام فلم يرد ، فلما ذكر الأمر على عثمان عن طريق أبي بكر عليه رحمة اللهفي حضور عمر قال لم أفعل ، فقال عمر : [ ... فعلت لكنّها عُبيّتكم يا بني أميّة ] يقصد جاهليّتكم ,  و في المغازي للواقدي/207 هـ و عند أبي ربيع الكلاعي الأندلسي/634 هـ في الإكتفاء في مغازي رسول الله و ثلاثة الخلفاء ، أن خالد بن الوليد عليه رحمة اللهبُعث الى بني جذيمة في 350 رجلاً داعياً للإسلام فأخبروه أنّهم مسلمون : [ ... قد صبأنا ] ، و قال له أبو أسيد الأنصاري : [ ... إتّق الله يا خالد و الله ما كنّا لنقتل قوماً مسلمين ، فقال خالد : و ما يدريك ، فقال : إقرارهم بالإسلام و هذه المساجد بساحتهم ] ، لكن خالد و أطاعه في امره جنوده من بني سليم فأسر و قتل منهم فوصل الخبر للرسول فقال : [ ... اللهم أني أبرأ مما صنع خالد ] , و قد علّل بعض الفقهاء الامر بإختلاف اللهجة حيث قيل أن الجذميين قالو : [ صبأنا ] ، و لم يقولوا أسلمنا ، و حدثت مشادّة كلاميّة بين عبد الرحمن بن عوف يوردها ابن هشام في سيرته/213 هـ : [ ... عملت بأمر الجاهليّة في الإسلام ] ، و قال عمر بن الخطاب عليه رحمة اللهفي المغازي للوقدي/207 هـ : [... ويحك يا خالد أخذت بني أميّة بالذي كان من أمر الجاهليّة ] ، و في قصّةٍ مشينةٍ أخرى نقرأ عن  أبو ذر الغفاري عليه رحمة اللهالذي انتقد سياسة بني أميّة في التصرّف بمال المؤمنين في عهد عثمان و واليه معاوية في  لشام ، فدار الحوار التالي بين عثمان و أبو ذر عليهما رحمة اللهكما يقول تاريخ اليعقوبي/284 هـ : [ ... أمر عثمان بإخراجه ، فسأله : اتخرجني من حرم رسول الله ؟ ، فقال : نعم و أنفك راغم ، فقال : الى مكّة ؟ ، فقال : لا ، فقال : فإلى الكوفة ، قال : لا ، فقال : إلى البصرة ، فقال : لا ، و لكن الى الربدة حتّى تموت ، يا مروان أخرجه و لا تدع أحداً يكلّمه ، و ثقل ذلك عند الصحابة و بكي عمّار ، و قبّل يدي علي ليشفع في أبي ذر لدى عثمان ، لكن الخليفة تمسّك برأيه ، و لم يزل أبو ذر في الربدة حتّى مات ] ، و عند ابن عبد البر في الإستيعاب/463 هـ : [ ... جُلد أبي ذر ، و عاش طريداً محروماً ليس بحوزته هو و زوجته سوى ثوبٌ واحدٌ ] ، و العلاقة بين الشخصيّن لم تكن يوماً حميميّةً ، يرد في منهاج السيرة المحمّدية الابن تيمية/728 هـ : [ ... توفي عبد الرحمن بن عوف و خلّف مالاً ، و جعل أبو ذر ذلك المال من الكنز الذي يُعاقب عليه ، و عثمان يناظره في ذلك ، حتّى دخل كعب و وافق عثمان فضربه أبو ذر ] ، و في كنز الأعمال ، نقلاً عن حياة الصحابة للكانهدولي عن ابن سيرين/110 هـ و ابن عساكر/565 هـ : [ ... دخل خالد بن الوليد على عمر بن الخطّاب و عليه قميصٌ من حرير ، فقال له عمر : ما هذا يا خالد ؟ ، قال : ما باله با أمير المؤمنين ، أليس ابن عوف قد لبسه ، قال : فأنت مثل ابن عوف ؟ ، و لك مثل ابن عوف ؟ ، عظمت على ما في البيت إلا آخذ كل واحدٍ منهم طائفةً مما يليه ، فمزّقوه حتّى لم يبق منها شيء ] ، لكن عند ابن سعد في الطبقات/230 هـ : [ ... دخل عبد الرحمن بن عوف على عمر بن الخطّاب و معه ابنه محمّد و عليخ قميصلإ من حرير ، فقام عمر ، فأخذ بجيبه و شقّه ، فقال عبد الرحمن : غفر الله لك قد أفزعت لاصبي ، فأطرت قلبه ، قال : تكسوهم الحرير ؟ ، قال : فأنا ألبس الحرير ، أما علمت أن رسول الله أحلّه لي ، فقال : إنّما أحلّه لك لأنّك شكوت إليه القمل ، فأمّا غيرك فلا ] ، هذا في باب المعاملات السيّئة بين الأصحاب أحباب الرسول الكريم ، و خرّيجي مدرسته القرآنيّة ، لكن الأمور تسير مساراً أسوأ من ذلك ، يقول ابن عبد البر في الإستيعاب/463 هـ ، و الجزري في أسد الغابة عن الصحابي مالك بن نويرة عليه رحمة اللهعقب وفاة النّبي : [ ... لم تظهر عليه علامات ردّة ] ، و كانت له زوجةٌ ضرب فيها العرب مثلاً في شدّة الحسن و الجمال ، فيقال : [ ... إجمل من ساقي أم تميم ] ، فيرد في طبقات ابن سعد/230 هـ : [ ... إدّعى خالد أن مالك بن نويرة ارتد بكلامٍ بلغه ، فأنكر مالك و قال : أنا على الإسلام ما غيّرت و ما بدّلت ، ز شهد له أبو قتادة و عبد الله بن عمر ، فقدّمه خالد و أمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، و قبض خالد أم تميم و تزوّجها ، و بلغ ذلك عمر بن الخطّاب ، فقال لأبي بكر : إنّه قد زنى فارجمه ، فقال أبو بكر : ما كنت أرجمه ، تأوّل فأخطأ ، فقال : إنّه قتل مسلماً فاقتله ، فقال : ما كنت لأقتله ، تأوّل فأخطأ ، قال : فأعزله ، قال : ما كنت لأشيم سيفاً سلّه الله عليهم أبداً ] ، و عندما حضر خالد الى المدينة و قدم الى أبي بكر ، قابله ابن الخطّاب و صاح في وجهه ، و هو ما يرد في أسد الغابة لإنبن الأثير/630 هـ : [ ... يا عدو الله ، قتلت إمرأ مسلماً ثم نزوت على امراته ، لأرجمنك ] ، و في سياقٍ آخر عن صحابيًٍّ آخر أسماه المؤرخون [ عثمان بن عفّان ] عليه رحمة اللهو هو مشهور ، يقول اليعقوبي/284 هـ في تاريخه [ ... كان بين عثمان وعائشة منافرة ] ، و عائشة هذه هي زوج الرسول كما يقول الفقهاء أصحاب السير ، و يروي أهل السير أسماء من حاصروا عثمان الخليفة الثالث في بيته [ 40 ] يوماً ، و هم [ محمّد بن أبي حذيفة ] ابن خال [ معاوية ابن أبي سفيان ] ، [ محمّد بن أبي بكر ] ، [ عمر الخزاعي ] و [ عبد الرحمن بن عديس ] عليهم رحمة الله، يقول بهذه الأسماء صاحب كتاب الإستيعاب/463 هـ ، أسد الغابة/630 هـ ، و تاريخ اليعقوبي/284 هـ ، و عن صحابيًّ اسمه [ حجر بن عدي ] أمر الخليفة [ معاوية ابن أبي سفيان ] عليه رحمة اللهبقتله فقط لانّه انتقد سياسة أخيه [ زياد ] والي البصرة و الكوفة ، يقول المسعودي في مروج الذهب/346 هـ : [ ...عندما وصل حجر و من معه مرج عذراء على اثني عشر ميلاً من دمشق ، أرسل لهم معاوية رجلاً أعور قال لحجر : إن أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال و معدن الكفر و الطغيان و المتولّي لأبي تراب -يقصد عليّاً -، و قتل أصحابك إلا أن ترجعوا عن كفركم و تلعنوا صاحبكم و تتبراوا منه ] ، بينما يقول ابن عبد البر في الإستيعاب/463 هـ ، في رواية أخرى مناقضةٍ أن حجر التقي بمعاوية : [ ... لمّا أتى حجر معاوية قال : السلام عليكم يا أمير المؤمنين ، فقال : أو أميرٌ أنا ، إضربوا عنقه ] ، أي كانت الرواية صحيحة و هو ما نشك فيه أصلاً ، فإن الكلام يرفضه حتى المنطق الفقهي نفسه فحجر كان من أصحاب الرسول كما يقولون في سيرهم و قد شهد القادسيّة بل و كان كما يقول ابن الأثير/630 هـ : [ ... كان من فضلاء الصحابة ] ، و يقول ابن عبد البر في الإستيعاب/463 هـ عن زوج الرسول عائشة أنّها وبّخت معاوية بسبب قتله حجراً : [ ... يا معاوية ما خشيت الله في قتل حجر و أصحابه ، فقال : إنّما قتلهم من شد عليهم ] ، و الغريب في الرواية هو قتل [ أصحاب ] حجر ، فما ذنبهم في حال الإقرار بذنب حجر ، لكن الغريب كل الغريب هي هذه الكتب و هذه الروايات الغريبة المنفرّة ، التي تطعن في الرسول و صحبه فقط لا غير ، [ الحسن ] عليه رحمة اللهمن قالوا أنّه حفيد الرسول من ابنته فاطمة زوج علي سمّته زوجته جعدة بنت الأشعت ، إبنه صحابيّ آخر كما يقول المسعودي في الكنوز/346 هـ ، و يؤكّد ذلك ابن عبد البر في الإستيعاب/463 هـ ، و قد قامت بذلك بناءً على أمر معاوية ابن أبي سفيان نفسه ، و في الإستيعاب أيضاً ، سأل الحسين شقيق الحسن أخاه : [ ... من سمّك ؟ ، قال : أتريد أن تقاتلهم ، أكلهم الى الله ] ، و بنو أميّة كشفوا عورته بعد موته كما يقول ابن الأثير في أسد الغابة/630 هـ ، و لا نعلم كيف وصلت هذه الحوارات و تفاصيل هذه الأحداث لتلج نصوص كتب هؤلاء رغم المسافة الشاسعة بين زمن أحفاد الرسول و أصحابه و زمن كتابه هذه النصوص ، و كيف علم البلاذري/279 هـ أن عثمان بن عفّان عليه رحمة اللهاختلف مع ياسر بن عمّار عليه رحمة اللهو كلاهما صحابيٌّ شهير ليكتب في كتابه [ الأنساب ] أن عثماناً : [ ...  ضربه حتّى أغمي عليه ] ، و من داخل كتب أمّهات كتب السيرة و التاريخ الإسلامي ، نقرأ عن مشهور حفظ الأحاديث [ أبو هريرة ] رواياتٍ و أخبار تنفي الصورة الدغمائيّة التي بنى عليها الفقهاء جبل قبول شهادات رجل [ الصفّة ] ، فيرد في طبقات ابن سعد/230 هـ ، الإصابة للعسقلاني و سير الأعلام للذهبي بصيغٍ مختلفة : [ ... قالت عائشة لأبي هريرة : انت لتحدّث عن النبي حديثاُ ما سمعته منه ، فقال أبو هريرة : يا أمة ، طلبتها وشغلك المرآة و المكحلة ] ، و يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء/748 هـ : [ ...سمعت الشعبي يقول : كان أبو هريرة يدلّس ] ، و عند ابن عساكر في التاريخ/565 هـ : [ ... قال عمر بن الخطاب لأبي هريرة : لتتركن الحديث عن رسول الله ،  أو لألحقنك بأرض دوس ] ، و في رواياتٍ اخرى مشهورةٍ انه كان يضربه بالدرّة لأنه كان يُكثر الحديث عن رسول الله ، فيرد في البداية و النهاية/774 هـ و أعلام النبلاء/748 هـ ما نصّه على لسان أبو هريرة نفسه : [ ... أفكنت محدّثكم بهذه الأحاديث و عمر حي ؟ ، أما و الله لأيقنت ان المخففة ستباشر ظهري ] ، و في روايةٍ اخرى : [ ... لو كنت أحدّث في زمان عمر مثل ما أحدّثكم لضربني ] ، و لأبي هريرة في البخاري/265 هـ فقط [ 450 ] حديثاً ، رغم كون السياقات التاريخيّة التي ترد في هذه الكتب عن هذا الشخص تقول أنّه أسلم في السنة السابعة الهجريّة ، و أرسله الرسول الى ولاية البحرين في السنة الموالية الثامنة هجريّة ، لتكون مدّة ملازمته صفّة مسجد الرسول سنة و نيف لا غير ، ما لا يتناسب و ضخامة ما نُسب إليه من أقوا للرسول يرويها كمرافقٍ له ، و من النماذج الفريدة كما يقول صاحب كتاب [ شدو الربابة باحوال مجتمع الصحابة/خليل عبد الكريم ] ، الصحابي [ بسر بن أرطأه ] عليه رحمة اللهمن اتّفق ابن عبد البر ، إبن الأثير و ابن تيميه على كونه صحابيّاً : [ ... له صحبة ] ، كما قال الدارقطني في أسد الغابة/630 هـ ، و ابن تيمية في منهاج السيرة النبويّة/728 هـ ، حيث له أحاديث عند أبي داوود و غيره ، حيث كان كما يقول ابن الأثير : [ ... أرسله معاوية الى الحجاز و اليمين بعد تحكيم الحكمين ليقتل شيعة عليٍّ و يأخذ البيعة له ، فساؤ على المدينة ففعل فيها أفعالاً شنيعةً و سار إلى اليمن ] ، و يقول الطبري في تاريخه/310 هـ ، أنّه خطب في أهل المدينة و قال : [ ... يا أهل المدينة و الله  لولا ما عهد إلى معاوية ما تركت بها محتلماً إلا قتلته ] ، فكان الصحابي كما يقول اهل السير [ سفّاحاً ] لا أكثر و الأقل ، حيث يقول الطبري/310 هـ  في تاريخه : [ ... مضى بسر الى اليمن و كان عليها عبيد الله بن العبّاس عاملاً لعليٍّ ، فلما بلغه مسيره فر الى الكوفة جتّى أتى عليّأ ًو استخلف عبد الله بن مدان الحارثي على اليمن فأته بسر و قتله وقتل ابنه ، و لقي بسر متاع عبيد الله بن العبّاس و فيه ابنان له صغيرات فذبحما ] ، و من القصص الغريبة التي ترسم نموذجاً لا يمكن تجاهله على التخبّط و التناقض في كتب السير و الفقه ، تأتي قصّةٌ مفادها  أن : [ ...  الصحابي أبي بكرة يجلده المغيرة بن شعبة بأمر عمر بن الخطاب لأنه قذف أم جميل بنت عمرو اتّهاماً إياها بالزنى مع المغيرة ، و لم يشهد أربعة بل ثلاثة هو ، نافع ، و شبل أخوته من أمّه  ، بينما أنكر أخوهم الآخر زياد بعد لقاءه و المغيرة في الجامع اليوم الذي سبق شهادته ]، ترد هذه القصّة بتفاصيلها عندالبيهقي في سننه/485 هـ ، ابن خلّكان في وفيّات الأعيان/681 هـ، الطبري في تاريخ الطبري/310 هـ، الحاكم في المستدرك/405 هـ، و يرد في النص القرآني الأمر بعدم قبول شهادة من يرمون المحصنات ، بما في ذلك قطعا شهادة نقل الحديث عن الرسول  : ]وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور 4 ، و بناءً عليه حسب فقه مذاهب السنّة ، لا تُقبل من هؤلاء شهادةٌ أبداً حتّى لو أعلنوا التوبة ، لكن هنالك مشكلةٌ في هذه القصّة بناءً على الأحاديث الواردة عن أبي بكرة عبر سندها في صحيح البخاري/256 هـ ، فللرجل عشر أحاديث صحيحة ترد عنه ، منها : [ ... عن أبي بكرة قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول أيام الجمل، بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم ، قال : لما بلغ رسول الله أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى، قال: لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ] ، [ ... عن أبي بكرة قال : قال رسول الله: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر  ،   قلنا : بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين - وكان متكئاً فجلس فقال - ألا وقول الزور، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، فما زال يقولها ، حتى قلت : لا يسكت ] ، [ ... عن أبي بكرة قال : أثنى رجل على رجل عند النبي فقال : (ويلك ، قطعت عنق أخيك - ثلاثاً - من كان منكم مادحاً لا محالة فليقل : أحسب فلاناً ، والله حسيبه ، ولا أزكي على الله أحداً ، إن كان يعلم ] ، [ ... عن أبي بكرة قال : عن النبي قال : رأيتم إن كان أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيراً من تميم ، وعامر بن صعصعة ، وغطفان ، وأسد ، خابوا وخسروا ) ، قالوا : نعم ، فقال : و الذي نفسي بيده إنهم خير منهم ] ، لنصل لأحد الأمرين ، إمّا أن [ البيهقي ] ، [  الطبري ] ، [ ابن خلّكان ] يكذبون في قصّتهم أو أنهم يستندون على روايات الكذب عن الرجل بناءً على ثقتنا المفرطة في البخاري ، و هذا يلغي جانباً لا بأس به من نصوص الإسلام التاريخي التي تبني هرم الفقهاء المتراكم ، لتلقى هذه الكتب بعيداً ، بعد احتفاظنا بالبخاري ، و هذه مهمّة مؤلمةٌ حقيقةً ، أو أن [ البخاري ]  يجهل الآية الكريمة بناءً على صحّة القصّة ، او أنّه يجهل تاريخ الصحابة أنفسهم فيكون كل ما ينسبه لهم تدليسٌ لا غير ، و بناء على جهل البخاري لمبدأٍ إسلاميٍّ بسيطٍ و هو عدم قبول شهادة من يرمي المحصنات ، فإن قبول كتاب صحيحه أمرٌ غير ممكنٌ لأنه جاهلٌ في الدين ، و الجاهل لا يؤخذ عنه ما يجهله ، ليتم إلقاء الصحيح بعيداً ، بعد احتفاظنا بهذه الكتب كلّها ، و هذه مهمّة أشد إيلاماً من الأولى ، و الإحتمال الذي يخطر على البال هو كون كل هذه الكتب ، المستدرك ، سنن البيهقي ،  تاريخ الطبري ، تاريخ ابن خلّكان و صحيح البخاري كتبت منفصلةٌ عن تاريخ الأمة لم يكتبها هؤلاء ، منفصلةٌ عن بعضها البعض كتبت بعد وفاتهم ، لتلقى كل كتب الإسلام التاريخي بعيداً لأنّها ليست من الدين في شيءٍ ، تملأها التناقضات الفجّة بشكل يدعو الى الريبة ، و هذه مهمّة سهلةٌ غير مؤلمةٌ تمهّد الطريق لوحدة الأمّة عبر العودة لكتاب الله ، فمن فرّق الأمة هم الفقهاء : ]إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ [البقرة 166 ، و نكتفي بهذه الأمثلة التي لا تستحق الذكر لأنّها لا تمّت للتاريخ بصلة و لا تمت للوقائع التي تُنسب إليها أبصلةٍ أيضاً ، إذ يستحيل ان يتراكم هذا الكم المعرفي بتفاصيله الدقيقية ، يحوي الحوارات الحاصلة و الأحداث بتسلسلها الصحيح ابتداءً بسنة [ 12 ] من تهجير الرسول و نقول كذلك تصديقاً لقوله تعالى : ]وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ [محمد 13 ، ابتداءً من سنة وفاته وصولاً الى 230 عام عند ابن سعد صاحب [ الطبقات ] ، و 450 عاماً عند ابن عبد البر صاحب [ الإستيعاب ] ، و 620 عاماً لابن الأثير صاحب [ أسد الغابة ] ، و 840 عامً للعسقلاني صاحب [ الإصابة ] ، فكيف يمكن أن يعرف هؤلاء شيئاً عن أخبار الصحابة و أحوالهم بعد مرور هذه القرون الطويلة ، لس الأمر سوى انتحالاً لا طائل منه ، و تشويهٌ لصورة الإسلام و الرسول و صحابته الكرام ، و تكرارٍ للقصّة الإنجيليّة التي انتحل فيها أصحاب الكهنوت من أحبار و رهبان شخص المسيح عبر حواريّيه و لسانه و صفته بل و حتى رسالته ، ليبدلوا كلام الله بهذيانهم  و أكاذيبهم التي أسموها أسفار [ الأناجيل ] التي ألصقوها عنوة و [ توراة ] بني إسرائيل المليئة بالزور و البهتان ، بينّما سمّى الفقهاء أسفارهم [ السير ] التي تظهر العلاقة بين الصحابة و الصحابة دوماً في صورة [ الإساءة ] لا [ الإحسان ] : ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة 34 .     

اجمالي القراءات 9484

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الجمعة ٢٣ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً
[65330]

وما صاحبكم بمجنون.. تفيد ماذا؟

 الأستاذ الفاضل / أمارير أمارير السلام عليكم ورحمة الله.. نعم الصحابة في الفكر والهدي القرآن كان منهم المؤمن و كان منهم الكافر كان منهم الموحد  ووكان منهم المشرك..


 حتى أن الكفار والمشركين  في مكة قد عبر عنهم القرآن الكريم بأنهم أصحاب الرسول..


 فقد كان الرسول مصاحباً لأهل مكة قبل الهجرة وهم مصاحبوه (أصحابه) وكان منهم أبو لهب وأبو جهل وأبو سفيان .. ووصفهم القرآن بأنهم من الصحابة..!!


 لذلك لو حاولنا أن نؤصل لأنواع الصحابة في القرآن فيمكننا أن نبين فساد وتدليس  من كتبوا السيرة العربية للنبي ولأصحابه الموحدين وأصحابه المشركين.


شكرا لك وإلى لقاء


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2011-12-23
مقالات منشورة : 42
اجمالي القراءات : 458,858
تعليقات له : 14
تعليقات عليه : 55
بلد الميلاد : libya
بلد الاقامة : libya