آحمد صبحي منصور Ýí 2010-11-04
أولا :
منذ أكثر من 14 قرنا ذكر القرآن قانون الزوجية ، وموجزه أن الخالق وحده جل وعلا هو الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد والذي ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن ما عداه من المخلوقات يخضع لقانون الزوجية ، أي سالب وموجب، ذكر وأنثى .إلخ . يسري هذا على الإنسان والحيوان والنبات كما يسري على الكون والسماوات والأرض ، فهناك كون وكون نقيض ، وهناك ذرة وذرة نقيضة ، وماء وماء نقيض ،يقول جل وعلا : ( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَ&ae;نفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ) (يس 36 : 36 )( وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ )( الزخرف 12 ) .
2 ـ بالنسبة لنا نحن البشر فالزوجية تعني اننا خلقنا من ذكر وانثى وكل منا إما ذكر أو أنثى ( وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً ) (النحل 72 )( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ) ( النجم 45 : 47 ).والنشأة الأخرى المشار لها هنا تعنى الجسد الآخر يوم البعث .
3 ـ إلا أن الزوجية بالنسبة لنا لا تبلغ درجة التناقض التام كما هو الحال في الذرة والذرة النقيضة والكون والكون النقيض اي العالم المادي ، فلو التقى الكون بالكون النقيض تدمر العالم كله ، أما بالنسبة لنا فالذي يحدث هو العكس ، فاللقاء الجنسي أو التلقيح الجنسى بالنسبة للذكر والأنثى في الإنسان والحيوان والنبات لا يعني تدميرهما وإنما يعني إنجاب وتوليد المزيد منهما.
وهناك فرق آخر، فالفروق بين الذكر والأنثى لا تبلغ حد التناقض بل هى مجرد اختلافات لأن الله سبحانه وتعالى خلق (نفس ) آدم وخلق منها زوجها : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ) (النساء 1 )، أي أن حواء مخلوقة من آدم ، أى هى جزء منه ، فهناك اختلاف ولكنه ليس تاما. فمعروف أن في كل ذكر نسبة من الأنوثة وأن في كل أنثي نسبة من الذكورة، والحيوان المنوي هو الذي يحدد نوعية الجنين .بل هناك من يولد(خنثى ) ليس ذكرا وليس أنثى . وهناك ميول جنسية شاذة يكون بعضها داخل الجينات يجعل صاحبها يميل جنسيا إلى نوعه اي يميل الذكر للذكر والأنثى للأنثى .
4 ـ أهمية هذه الحقائق تكمن في موضوع هذا المقال الذي يتحدث عن الزوجية والحور العين ليثبت حقيقة قرآنية لم تكن معروفة من قبل ، وهى إن الحور العين ليست للذكور المؤمنين فقط ولكن للنساء المؤمنات أيضا ، نقصد من كان ذكرا وانثى فى الدنيا وآمن وعمل صالحا واستحق الجنة . إن الجسد الأول لكل نفس بشرية التي تعيش به في هذه الدنيا ، والذي يكون ذكرا أو أنثى سينتج عنه عمل، لو كان عملا صالحاً فسيخلق الله له الحور العين . أي أن الحور العين ستكون للصالحين في الجنة الذين كانوا من قبل في الدنيا ذكورا وإناثا.
دعنا نشرح هذا .
نفترض أن ( محمدا ) قد تزوج (سلمى) في الدنيا وعمل عملا صالحا وعند دخولهما الجنة لن يكون محمد ذكرا وسلمى انثى ، وإنما سيكونان من جنس واحد هما جنس أهل الجنة ، وسيكون لكل منهما حور عين .
بشرح أكثر فإن محمد وسلمى صدر عنهما عمل صالح ،هذا العمل الصالح ليس ذكرا وليس انثى ، فهما كانا يصليان ويقدمان الصدقات ويحجان إلى البيت الحرام ، ويؤمنان بالله جل وعلا وباليوم الآخر ويتقيان الله جل وعلا ويبتعدان عن الفواحش . كل هذه الأعمال وكل هذه المعتقدات لا تنتمي إلى ذكورة أو أنوثة ، فالصلاة منهما هى هى وكذلك الزكاة والحج والعمل الصالح والتقوى ، كلها لا فارق فيها بين ذكر وأنثى ، فكلها نوعية واحدة ، وبالتالى فعند البعث ترتدي نفس محمد عملها وترتدي نفس سلمى نفس العمل الصالح فيصبحان جنسا واحدا . وكل منهما يبيض وجهه ويصحبه نور عمله ، وكل منهما ينطبق عليه وصف أصحاب الجنة .
5 ـ وكل منهما يتمتع بما في الجنة من نعيم ، جاء وصفه في القرآن الكريم بطريقة المجاز كقوله تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ )(محمد 15) ، فالله جل وعلا يضرب مثلا لما في الجنة نستطيع أن نفهمه من خلال مداركنا الدنيوية ، أما حقيقة نعيم الجنة فلا يمكن إدراكه بعقولنا الحالية ، يقول جل وعلا ( فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )(السجدة 17). وهذا منطقي ، فنحن في عالمنا هذا لو افترضنا أننا نخاطب جنينا في بطن أمه ونصف له طعامنا وشرابنا ومتنزهاتنا وسائر متعنا فلن نستطيع إفهامه إلا من خلال البيئة التي يعيش فيها الجنين وهو يتغذى من خلال دم الأم .ونحن ـ بعد ـ لا زلنا اسرى هذا العالم واسرى الزمن المتحرك الذي يصاحبه، ويوم القيامة سيتم تدمير هذا العالم ويأتي عالم جديد مختلف تماما ، يصحبه زمن جديد خالد باق ليس فيه ماضي ولا مستقبل . هو زمن لا يمكن للعقل البشري ان يتخيله ، وبالتالي لا يمكن أن يتصور حقائق النعيم في الجنة ومنها حقائق الحور العين .
وكل ما نعرفه عن الحور العين هو الوصف التمثيلي المجازي الذي جاء في القرآن الكريم ، ومنه نفهم بعض اللمحات من خلال إدراكاتنا البشرية في هذا العالم .
ثانيا : صفات الحور العين :
تتزوج كل نفس عملها مصداقا لقوله جل وعلا : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) ( التكوير 7 )، فإن كان عملها صالحا لبست ثوبها النورانى ، وتزوجت زوجة نورانية ، هى الحور العين ، يقول جل وعلا :( كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ) (الدخان 54 ). ونتعرف على بعض ملامح الحور العين زوجات أهل الجنة :
فخلافا للأنثى فى الدنيا وما تعانيه من حيض وخلافه فإن الحور العين زوجة موصوفة بالطهر، أو (أزواج مطهرة ) : ( وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ( البقرة 25 )، (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )( ال عمران 15 ).
و قد تم خلقهن عذارى فى مستوى أخروى (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) ( الرحمن 56 )، ومفهوم هنا أن الجن والانس يعيشون سواء فى ذلك العالم الأخروى بحيث يستطيع ـ من الناحية النظرية ـ أن يتزوج الانس نفس ما يتزوجه الجن . ولكن الحور العين خلقهن الله جل وعلا عذارى قد خصصّن زوجات لأصحاب الجنة.
ولأن أصحاب الجنة فى درجتان : السابقون المقربون ، ثم أصحاب اليمين فإن لكل صنف منهما الحور العين المختص به . فالمقربون السابقون أصحاب الدرجة العليا فى الجنة يقول جل وعلا عن زوجاتهم من الحور العين : (وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ( الواقعة 22 : 24 ) ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ ) ( الرحمن 56 : 60 ) ، فهن هنا مثل اللؤلؤ المحفوظ والياقوت والمرجان ، وهن عذارى متصفات بالحياء .
أما زوجات الحور العين لأهل اليمين فقد قال عنهن رب العزة جل وعلا : (وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ ) ( الواقعة 34 : 38 )،أى خلقهن الله جل وعلا خلقا جديدا فجعلهن أبكارا متحببات للزوج . ويقول رب العزة عنهن أيضا : (حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ) ( الرحمن 72 : 78 )
وجميعهن يجالسن أزواجهن على سرر مصفوفة ويتكئون على الأرائك ، ويتنعمون معا بخيراتها : (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ )(الطور 20 )( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ)( يس 55 : 56 )( الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ )( الزخرف 69 : 70 ).
وجميعهن مخلوقات على الحياء ويشع منهن النور: (وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ ) ( الصافات 48 : 49 )
ثالثا
لنفترض أن محمدا وسلمى زوجان ، وقد احترفا الإجرام والعصيان وكفرا بالنعمة وكفرا بالخالق جل وعلا وآمنا بالأولياء وبشفاعة البشر وماتا دون توبة ، وقد أعرضا طيلة حياتهما عن ذكر الرحمن فترتب عليه أن قيض الله لكل منهما شيطانا يصده عن السبيل وزين له الخير شرا والشر خيرا.عند البعث سترتدي نفس محمد عملها السيء وسترتدى نفس سلمى عملها السيء . وهو عمل لا يقال انه ذكر أو أنثى ، فالقتل والسرقة والظلم والطغيان والبخل والعصيان هو نفس الفعل الذي صدر من محمد ومن سلمى ، وبهذه الأعمال والمعتقدات السيئة يصبح محمد وسلمى جنسا واحدا ليس ذكرا أو أنثى إنما هو جنس أهل النار أو أصحاب النار. ويتحول جسد كل منهما إلى وقود للنار يستمر به العذاب في جهنم أبد الآبدين (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) (فاطر36 : 37 ). فالذين كفروا هنا تشمل من كان ذكرا أو أنثى وأدى به عمله السيء واعتقاده الباطل إلى هذا المصير ، لذا يتمنى كل منهم وهو في النار أن يخرج لكي يعمل عملا صالحا ينجو به من النار ويدخل به الجنة .
وكما يخلق الله جل وعلا لأصحاب الجنة الحور العين فإنه جل وعلا يخلق لأصحاب النار أزواجا من النار مختلفة مجهولة لنا : ( هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ )( ص 57 : 58 )، ومن المعلوم لنا منهم الملائكة الغلاظ الشداد الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، يقول جل وعلا محذرا المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ( التحريم 6 ).
ومفهوم أن هذه الملائكة ـ التي ستخلق مع الجحيم ـ ستكون أقوى من الجحيم ولا تتأثر ولا تتعذب بهذا الجحيم ، أي أنه بقدر ما في الحور العين من جمال ونورانية وحسن خلق ومتعة سيكون على العكس تماما أولئك الملائكة الغلاظ الشداد الذين سيقومون بالتعذيب – ليس فقط العصاة من أبناء آدم وإنما تعذيب الشياطين وإبليس والجن العصاة .
وعلى رأس ملائكة العذاب سيكون (مالك) الذي سيجأر إليه أصحاب النار من قسوة العذاب يسألونه أن يمن الله عليهم بالموت ويأتي الجواب بالتقريع والتوبيخ والرفض (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (الزخرف 77 : 78) .
وهكذا فإن قانون الزوجية ينتهي بانتهاء هذا العالم على مستوى الكون والكون النقيض حين يلتقي الكونان فيدمر كل منهما الآخر وتأتي الساعة وتقوم القيامة . وأيضا سينتهى على مستوى الوجود الإنساني فالزوجية بين الذكر والأنثى من أبناء آدم تنتج النسل وتتكاثر البشرية بالزوجية ثم تنتهي الزوجية بتدمير هذا العالم وتدمير هذا الجسد الذكري والأنثوي وبقيام الساعة تضع كل انثى حملها وتلهو كل مرضعة عما أرضعت ويموت الجميع ويتدمر العالم ،ويأتي تقسيم جديد في الآخرة على اساس العمل ، فمن يؤمن ويعمل صالحا يكون من أهل الجنة يتنعم فيها ويخلق الله له الحور العين سواء كان من قبل في الدنيا ذكرا أو أنثى . وأصحاب النار الذين كانوا من قبل ذكورا وإناثا يخلق الله لهم ملائكة العذاب .
آخر السطر
من أسباب سوء فهم القرآن الكريم أننا نظن أن قوله تعالى (الذين آمنوا ) مقصود به الذكور فقط .
حقيقة قرآنية جديدة وعظيمة تبين قدرة المولى عز وجل وتبين مدى الاختلاف بين العالم الذي نعيشه هنا فى حياتنا الدنيا وبين الآخرة وما يحدث فيها ، وأننا لا يمكن أن نتعلم أي شيء بعيدا عن آيات القرآن الكريم :
ومن ناحية أخرى نستفيد من هذا البحث التأصيلي قاعدة وحقيقة قرآنية جديدة وعظيمة وغاية فى الأهمية تحطم عالم الذكورية وثقافة الذكورية المنتشرة بين معظم المسلمين الذي يظنون أن الجنة ستكون لهم هم وأن أكثر أهل النار سيكنّ من النساء ، وهذا تعدى على الله جل وعلا وعلى علمه وإرادته من ناحية لأن الإنسان قد سولت له نفسه أن يتقول على الله جل وعلا فيقول ويحدد بمليء بالفم أن أكثر أهل النار سيكنّ من النساء ، وأن الذكور سيتمتعوا بالحور العين فى الجنة ، وكأن الحور العين إناث خلقت للرجال فقط ، ولكن بهذا المفهوم والحقيقة القرآنية الجديدة تتحطم ثقافة الذكورية الخاطئة المبنية على التراث الذي يتناقض مع آيات القرآن الكريم :
وكذلك توضيح حقيقة أخرى أن الحياة الدنيا مبنية على قانون الزوجية فى كل شيء ، الذكر والأنثى والسالب والموجب ، لكن الآخرة الأمر قد اختلف تماما وتحول إلى فريقين فريق فى الجنة وفريق في السعير ، أو أهل الجنة وأهل النار ، أو أصحاب العمل الصالح وأصحاب العمل السيء ، دون تحديد ذكر أو أنثى فالتقييم والتمييز هنا قد تغير تماما وقد اختلف ، فينما التمييز فى الدنيا كان عن طريق الجنس الذكر والأنثى ، لكن فى الآخرة التمييز والتفضيل يستند على العمل ، وكما وضح الدكتور منصور العمل ليس فيه ذكر وأنثى ولكن العمل نوعان عمل صالح وعمل سيء ، وهذا يرجعنا لتقسيم الناس فى الآخر حسب هذا العمل إلى فريقين أهل الجنة وأهل النار :
ولذلك ندعو كل مسلم يذهب يفجر نفسه ، بما يسمى بعمليات استشهادية ظنا أن الحور العين سيكنّ فى استقباله على أنهم إناث ندعوه أن يفيق ويرجع لصوابه ، وأن هذه المواصفات التي تم وصفها للحوار العين من خلال كتب التراث هي خرفة كبيرة ، وتناقض آيات القرآن الكريم
ولا أملك إلا أن أقول
صدق الله العظيم
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
إرتبط مفهوم " الحور العين " بأذهان المسلمين على أنهم إناثاً في غاية الجمال و " الحلاوة " يمنحن للمؤمنين من الرجال يوم القيامة ولكن ما بينته الآية " وزوجناهم بحور عين " يدل على أن الحور العين منهم الإناث ومنهم الذكور يزوج بها المؤمنون سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً يوم القيامة وهذا يحقق العدل الإلهي لكل المؤمنين
بدل أن تبقى " الحور العين من نصيب الذكور فقط ، فقد سأل أحدهم صديقه قائلاً إذا أكرمنا الله وكنا من الفائزين بالجنة والحور العين ، فما يفعل الله بزوجاتنا الحاليات ، فأجابه صديقه مازحاً : يزوجهم الله للذين كفروا ليذوقوا بعض ما ذقناه منهن ....
كلا يا إخوتي فالزوجين الذكر والأنثى إن كانا مؤمنين يعملون الصالحات فهم خير البرية ، وإنا كانوا من الكفرة الفجرة فأولئك هم شر البرية
هذا المقال التأصيلي يرد على تساؤلا حير الكثير، وخاصة من النساء الذين يتفاخر أمامهن الرجال بأن الله قد خص الذكور فقط بالحور العين ورأينا العدل القرآني الذي لا يفرق بين رجل وامرأة في الثواب والعقاب، والحور العين هي من الثواب الذي يحصل عليه المؤمن ذكرا كان أو أنثى، فليصمت دعاة التمييز وأنصار الفقه الذكوري إلى الأبد !! ما مصيرعلاقة الزوجية الدنيوية هل ستنتهي بنهاية الدنيا ؟ أم ستبقى إذا كانا مؤمنين ؟ وما موقف الحور العين من تلك الزوجية ؟
أعتقد أختي المحترمة عائشة على حسب ما فهمته من هذا البحث القيم أن الإجابة على تساؤلك قد تكون في هذا الجزء من المقال
"نفترض أن ( محمدا ) قد تزوج (سلمى) في الدنيا وعمل عملا صالحا وعند دخولهما الجنة لن يكون محمد ذكرا وسلمى انثى ، وإنما سيكونان من جنس واحد هما جنس أهل الجنة ، وسيكون لكل منهما حور عين .
بشرح أكثر فإن محمد وسلمى صدر عنهما عمل صالح ،هذا العمل الصالح ليس ذكرا وليس انثى ، فهما كانا يصليان ويقدمان الصدقات ويحجان إلى البيت الحرام ، ويؤمنان بالله جل وعلا وباليوم الآخر ويتقيان الله جل وعلا ويبتعدان عن الفواحش . كل هذه الأعمال وكل هذه المعتقدات لا تنتمي إلى ذكورة أو أنوثة ، فالصلاة منهما هى هى وكذلك الزكاة والحج والعمل الصالح والتقوى ، كلها لا فارق فيها بين ذكر وأنثى ، فكلها نوعية واحدة ، وبالتالى فعند البعث ترتدي نفس محمد عملها وترتدي نفس سلمى نفس العمل الصالح فيصبحان جنسا واحدا . وكل منهما يبيض وجهه ويصحبه نور عمله ، وكل منهما ينطبق عليه وصف أصحاب الجنة ".
نفهم من ذلك أنه ليس هناك في الجنة ذكر وأنثى إنما جنسا واحد هو جنس أهل الجنة ، فالزوجين عندما ينعم الله عليهما بدخول الجنة بناءا على عملهما الصالح فسوف يكون لهما حور عين وليس لأحدهما دون الآخر .
يوجد جنسين في الآخرة هما جنس أهل الجنة وجنس أهل النار .. جنس أهل الجنة من رجال ونساء الدنيا الذين آمنوا وعملوا الصالحات .. فلهم الجنة .. وجنس أهل النار من رجال ونساء الدنيا الذين كفروا فلهم النار ..
الحمد لله الذي هدانا لهذا وأعجب من كون أن هناك من المسلمين من يستغرق ويكذب على الله ورسوله .. ويشوه دين الإسلام ..
الحمد لله أن خرجت هذه الرؤية التي تناقض الرؤية التي ألصقها أصحاب الدين الأرضي بالإسلام من كونه يميز بين الذكر والأنثى في الثواب والعقاب .. لذلك فإني اتذكر في هذه اللحظة الآية الكريمة التي تذكر( (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ).الحمد لله أنا جعل أهل القرآن يواجهون ما علق في أذهان معظم المسلمين من ظلم لله ورسوله .. فكل هذا بهداية الله سبحانه وتعالى وجهاد أهل القرآن في محاولة الوصول للحق والحقيقة القرآنية ..
البيئة العربية الصحراوية كان وما زال لها تأثير قوي في فهم النص القرآني بما يتوافق مع عاداتهم وتقاليدهم .. وتجحوا إلى حد كبير في إضفاء عاداتهم وتقاليدهم على القرآن الكريم .. فاللغة العربية التي يفهمون بها القرآن الكريم هي من صنع ثقافتهم .. فالحور العين جعلوهم نساء للمتعة الجنسية للرجل فقط .. وكأن الله متحيز للرجل أيضا معهم ( الله لا يتحيز لأحد من خلقه ) ( أكرمكم عند الله اتقاكم ) .. مع أن النص القرآني لم يقل بهذا .. ولكن هذا ما يريده الرجل في هذه المنطقة من العالم ..
من هنا يأتي هذا المقال كعلامة فارقة في تاريخ الفكر الإسلامي وتبرئة للنص القرآني من القراءة الصحراوية له ..
بالـرغم أنى منذُ الصغر لا أميل الى قبول الأحاديث المروية وأميل الى فكرة الأعتماد على القرآن فقط إلا فى الأحاديث المتواترة ..لكن هذا لايمنع أن أعترف يا دكتور أحمد أن مقالاتك وكتابتك أثرت فى شخصيتى وطريقة تفكير حتى فى حياتى العامة وأصبح منطق السلبيات والإيجابيات هو السائد فى كتاباتى ونقاشاتى حتى الغير دينية ..
دكتور أحمد كم أتمنى أن أتقابل معك شخصياً لنتحاور دون قيود وأن أصارحك بمأخذى عليك وأنتقدك فى بعض سلبياتك أثناء طرحك للمواضيع التاريخية
فى النهاية وفقك الله الى مايحب ويرضى ويهديك الى مافيه خير لهذه الأمة
وأنا أقرا مقالاتك يادكتور أحمد طاف بخيالي أنه ربما تكون الحور العين شيئا مختلفا عن كونهم أزواج للذكورأو الإناث ، وربما الحور العين شيئا أخر يتمتع به أهل الجنة جميعا ومزاوج لهم وملازما لهم يتمتعون به ، لماذا نحصر المعنى في مفهوم زوج الدنيا مادام أهل الجنة شئيا مختلف وفق قانون مختلف فلماذا إستصحاب ببعض المعاني من الدنيا دون البعض الأخر
يقول جل وعلا : مُتَّكِـِٔينَ عَلَىٰ سُرُرٍ۬ مَّصۡفُوفَةٍ۬ۖ وَزَوَّجۡنَـٰهُم بِحُورٍ عِينٍ۬ (٢٠) الطور .... كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (الدخان 54 )....
اذا كانت الايه جاءت "لحور عين" فنفهم منها ان الزواج سيتم من حور عين و لكن جاءت في كتاب الله "بحور عين" و هذا يعني ان الزواج سيتم عن طريق او بوسيله سماها جل و علا "حور عين" .... الفرق في المعنى كبير
جسد ادم و زوجته كان لا يحتوى على اعضاء تناسليه قبل معصيه الله و الاكل من الشجره و بعد المعصيه تدنى جسدهم و كشف الله عن سوءاتهم (الاعضاء التناسليه) و خرجوا من جنه الاختبار الى الارض ... و من هنا يمكن ان نتصور ان اجساد اهل الجنه ستكون مشابها لجسد ادم و زوجته قبل المعصيه و لن يكون هناك متعه جنسيه في الاخره كما هو الحال في الدنيا لانها في حقيقه الامر شهوة تستمر ذروتها لبضع دقاءق ثم تزول و متعه الاخره ازليه ... انا اتصور ان الحور العين هي الوسيله البديله في الاخره للمتعه بين الازواج .... و الله اعلم
شرح رائع لحقائق لمأكن أعيها قبل ذلك فقد كنت أعتقد أن الحور العين فقط للرجال لكن الأن فهمت إن المؤمنون لهم نفس الجزاء من الله في الجنه علي إيمانهم وعملهم الصالح في الدنيا وإن المقصود بالمؤمنين الرجال والنساء معآ وفهمت أيضآ إنه ليس من حق أي إنسان أن يضع قوانينأ للأخره وكيف ستكون لأن هذا الأمر لأيعلمه إلا الله فيكف يقدر الأنسان شئ لايعرفه وهو شئ غيبي .
ـ أهمية هذه الحقائق تكمن في موضوع هذا المقال الذي يتحدث عن الزوجية والحور العين ليثبت حقيقة قرآنية لم تكن معروفة من قبل ، وهى إن الحور العين ليست للذكور المؤمنين فقط ولكن للنساء المؤمنات أيضا ، نقصد من كان ذكرا وانثى فى الدنيا وآمن وعمل صالحا واستحق الجنة . إن الجسد الأول لكل نفس بشرية التي تعيش به في هذه الدنيا ، والذي يكون ذكرا أو أنثى سينتج عنه عمل، لو كان عملا صالحاً فسيخلق الله له الحور العين . أي أن الحور العين ستكون للصالحين في الجنة الذين كانوا من قبل في الدنيا ذكورا وإناثا.نفترض أن ( محمدا ) قد تزوج (سلمى) في الدنيا وعمل عملا صالحا وعند دخولهما الجنة لن يكون محمد ذكرا وسلمى انثى ، وإنما سيكونان من جنس واحد هما جنس أهل الجنة ، وسيكون لكل منهما حور عين .بشرح أكثر فإن محمد وسلمى صدر عنهما عمل صالح ،هذا العمل الصالح ليس ذكرا وليس انثى ، فهما كانا يصليان ويقدمان الصدقات ويحجان إلى البيت الحرام ، ويؤمنان بالله جل وعلا وباليوم الآخر ويتقيان الله جل وعلا ويبتعدان عن الفواحش . كل هذه الأعمال وكل هذه المعتقدات لا تنتمي إلى ذكورة أو أنوثة ، فالصلاة منهما هى هى وكذلك الزكاة والحج والعمل الصالح والتقوى ، كلها لا فارق فيها بين ذكر وأنثى ، فكلها نوعية واحدة ، وبالتالى فعند البعث ترتدي نفس محمد عملها وترتدي نفس سلمى نفس العمل الصالح فيصبحان جنسا واحدا . وكل منهما يبيض وجهه ويصحبه نور عمله ، وكل منهما ينطبق عليه وصف أصحاب الجنة .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5094 |
اجمالي القراءات | : | 56,243,897 |
تعليقات له | : | 5,425 |
تعليقات عليه | : | 14,782 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
الخليل بن أحمد العبقرى العربى مبتدع علمى النحو و العروض
لمجرد التذكير : مقدمة تاريخية عن نشأة علم النحو
دعوة للتبرع
هل المتعطرة زانية ؟: المرأ ة أذا خرجت متعطر ة هل تكون زانية ؟ هذا...
كيفية التعليق : هناك شروط للنشر فى الموق ع فهل هى نفس الشرو ط ...
نعمة الصحة والفراغ: السلا م عليكم ورحمة الله و بركات ه... ا بارك...
اربعة أسئلة : السؤا ل الأول : من الاست اذة كريمة إدريس...
..أمرا كان مفعولا: أثناء مروري بهذه الآية الكري مة دارت في خلدي...
more
نعم ليس من حق اي انسان ان يقول ان حور العين هن زوجات اناث للرجال ان الله تعالى يعد المؤمنين وهذا يشمل الذكور والاناث- من عمل منكم صالحا من ذكر اوانثى وهو مؤمن--فالجنة والنار لا نستطيع ان نعرف عنها اكثر مما جاء في القران الكريم ويجب ان نفسر كل الايات التي تتحدث عن الجنة والنار على اساس انها من لدن رب عادل فكيف يتجراء الرجل المسلم ويقول بان حور العين هن زوجات له زائد زوجته التي كانت له في الدنيا يعني هو كان عمل ايه زائد من الصالحات وهو مؤمن عن المراءة المؤمنة والتي عملت صالحا حتى يفرق الله تعالى في الجزاء بينه وبين زوجته الدنياوية حاشا لله وتعالى الله عن ذالك علوا كبيرا
اللهم انا نسالك حسن الخاتمة في الدنيا والاخرة