ميثاق الشرف بين الأسد والثيران
عندما دعا الدكتور/ أيمن نور، للتوقيع على ميثاق الشرف الوطني، جعل صُلبه الأخلاق، مما يُصعب على كل من يطلع على بنوده رفض التوقيع عليه، فميثاق الشرف الوطني، لا يختلف عليه مناصر لحق أو لوطن أو للأخلاق، ولم تأتي دعوة الرجل للتوقيع على الميثاق من فراغ، بل من رؤية ثاقبة قارئة للتاريخ والسياسة جيداً، فلا معارضة الآن في مصر بسبب صراع المعارضة مع المعارضة، وبديهي أن من يصارع على أكثر من جبهة خاسر لا محالة، بيد أن كثيرين من المعارضين اللذين لا يشكك أحد في وطنيتهم، على إختلاف أيدوليجياتهم السياسية، لا يدركون قيمة الميثاق، وحتى ندركه جميعاً فإنني سأعود بالذاكرة إلى الوراء، بعد ثورة 25 يناير، لنعلم لماذا خسرت المعارضة، وعاد نظام مبارك أدراجه من جديد في عهد السيسي.
أولاً :
بدأت الفرقة منذ أحداث مذبحة ماسبيرو، والتي راح ضحيتها دماء مسيحية بريئة، لم ترتكب جرماً، غير أنها ظنت أنها تطالب بمطالب مشروعة بشكل سلمي، فكان جزاؤهم القتل، وبعد تلك المذبحة واجه الاقباط المصيبة وحدهم وتخلى عنهم رفقاء الدرب من الثوار حينها، وكان من بينهم جماعة الإخوان المسلمين، وبعض الثوار المنتمين لتيارات يسارية وأخرى يمينية، وهنا كان الاقباط خير مثل للثور الأبيض.
ثانياً :
ثم تتابعت الأحداث، فكانت إنتهاكات، ومجازر مجلس الوزراء، وشارع محمد محمود، حتى الفتاة التي تمت تعريتها من قبل الجيش، تخلت عنها جماعة الإخوان المسلمين، وتساءلت لماذا لم ترتدي الفتاة عباءة غير سهلة الفتح، في مشهد سياسي عبثي، فقد كانت جماعة الإخوان حينها مسيطرة على البرلمان، وهنا واجه الثوار الموقف منفردينن في ظل غياب الأقباط وجماعة الإخوان المسلمين عنهم، وكان الثوار هنا خير مثال للثور الأحمر.
ثالثاً :
وتتابع الأحداث وتقفز جماعة الإخوان المسلمين إلى رأس السلطة في إنتخابات الرئاسة، وينشأ الخلاف فيما بينها وبين المؤسسة العسكرية، بسبب رؤية جماعة الإخوان في رفع يد العسكر عن أرض سيناء، لكن يكسب العسكر معركته ضد جماعة الإخوان، واللذين واجهوا المعركة أيضاً منفرين، في ظل غياب الأقباط والثوار عنها، وكانت جماعة الإخوان هنا خير مثال للثور الأسود.
فهل علمت جماعة الإخوان أنها لم تؤكل يوم 3 يوليو 2013م، بل أُكلت يوم أُكل الأقباط في مذبحة ماسبيرو.
إنها قصة الثيران الثلاثة، والأسد الذي أكلهم جميعاً واحداً تلو الآخر بعد أن تخلوا عن بعضهم البعض، تلك القصة إنتبه إليها د. أيمن نور، فكانت دعوته لميثاق الشرف الوطني، بيد أن كثيرين لا زالوا لا يدركون أبعاد قصة الأسد والثيران، وفي اليوم الذي نتدارك فيه جميعاً دروس التاريخ، سيكون يوم النجاة لوطن يصرخ طالباً النجاة.
الواقع أنني لم أشأ أن أكتب عن ميثاق الشرف الوطني حينها، وآثرتُ الكتابة عنه فيما بعد، لتكون بمثابة شعلة صغيرة للميثاق، حتى يظل نوره متوهجاً لا ينطفئ أبدا، فهلموا بنا جميعاً نرفع من شعار الأخلاق والشرف الوطني، تحت راية الميثاق، على أن نكون منتبهين جيداً لقصة الأسد والثيران الثلاثة.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت
اجمالي القراءات
8705