آحمد صبحي منصور Ýí 2016-08-03
مقدمة :
1 ـ السخرة إسترقاق بشع للأحرار ، أو المفترض أنهم أحرار ، وهى نوعان : سُخرة مؤقتة ، وفيها يتم إكراههم على العمل بأجر زهيد أو مجرد طعام يبقيهم على قيد الحياة حيث يعملون فى تشييد مشروع ضخم للدولة أو بناء قصور ومعابد لأولى الحكم ،ثم يتم الافراج عنهم ــ الى حين . وهناك سُخرة دائمة كان يعيشها الفلاحون فى القرى ، حيث يكدحون فى إنتاج الخير ــ للغير . وعند الحصاد يأتى أعوان السلطان ليسلبوا حصاد الفلاح ، وليعاقبوه إذا أخفى شيئا لقوت أولاده.
2 ــ عرفت القرون الوسطى هذين النوعين من السخرة . وخصوصا السخرة الدائمة فى التعامل مع الفلاحين المزروعين فى الأرض المسجونين فيها لا فارق بينهم وبين الأنعام .
وفى الفتوحات العربية كان يتم قتل الجنود المدافعين عن بلادهم وسبى نسائهم وذريتهم بينما يتم إبقاء الفلاحين مسخرين للعمل حيوانات إنتاج للفاتحين الجدد . كانوا من قبل مسخرين للحكام السابقين فأصبحوا مسخرين فى خدمة الحكام الجدد ، ولا جديد تحت الشمس ، سوى أن الحكام السابقين من الفرس والروم كانوا (علمانيين ) لا يستخدمون إسم الله جل وعلا فى تبرير وتويغ وتشريع ظلمهم ، ولكن الخلفاء القرشيين فعلوا هذا ، فظلموا الناس وظلموا رب الناس .
3 ـ نعطى لمحة عن نوعى السخرة فى مصر العصور الوسطى ، من مقتطفات مما نشرناه سابقا .
أولا :
قراقوش وابن مماتى : السخرة بين صراع السيف والقلم :
1 ـ فى عام 1975 كنت أعايش المخطوطات فى دار الكتب المصرية أنقل منها المادة العلمية لبحث الدكتوراة عن ( أثر التصوف فى مصر العصر المملوكى ) وهالنى كثرة الرسائل المخطوطة التى كتبها السيوطى ، وتبين لى أن السيوطى فى معظم كتبه ورسائله كان يسرق مؤلفات السابقين وينسبها الى نفسه ، ومنها رسالة صغيرة عن ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) تتبعت أصل الكتاب فاكتشفت أن مؤلفه الأصلى هو ابن مماتى كبير الكتاب فى عصر صلاح الدين الأيوبى .
2 ـ فى أوائل التسعينيات نشرت مقالا فى الأحرار فى تحليل ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) فى معرض فكرة أن الصراع مستمر بين (القلم ) و ( السيف ) وأن الانتصار هو للقلم . كان المقال يعبر ضمنيا عن حالى ، وأنا لا أملك سوى قلم ينشر فكرا مستنيرا فى مواجهة نظام حكم عسكرى يملك القوات المسلحة ما ظهر منها وما بطن . أشهر خصومى وقتها ـ وكان جمال بدوى رئيس تحرير جريدة الوفد ـ إقتبس المعلومات التاريخية التى تعبت فى جمعها وتأليفها ، وقام ـ بجرأة عجيبة ـ بإعادة صياغة لها وحولها الى مقال مجرد حكاية للتسلية بلا هدف ، وطبعا بدون أن يشير الى الباحث الأصلى . وكوفىء وقتها جمال بدوى على مقاله المنشور فى جريدة الأخبار ـ وليس الوفد ـ بعبارات الاعجاب عن سعة وعمق معلوماته التاريخية .
3 ـ فى مقالى عرضت للشخصية العسكرية الحازمة ( بهاء الدين قراقوش ) الخادم الأمين للناصر صلاح الدين الأيوبى ، والذى أنشأ له أشهر المنشئات الدفاعية فى القاهرة ( والشام ) ومنها قلعة الجبل عام 572 وسور القاهرة وقت أن كانت الحملات الصليبية تستهدف مصر . وعرضت لخصمه الكاتب المصرى إبن مماتى ، هذا يمثل السيف وذاك يمثل القلم . زكيف أسفر الصراع بينهما عن إنتصار للقلم .
4 ـ كان ابن مماتى (أبو المكارم الأسعد بن المُهذَّب ) ( 544 : 606 ) كاتبا وشاعرا ومؤرخا ، جاء من أسرة مصرية عريقة ، إعتنقت الاسلام فى العصر الفاطمى وترقت فى وظائف رسمية ، وورث ابن مماتى هذا الميراث الوظيفى ، وزاد عليه تمكنا فى الكتابة ، فكان من مؤلفاته : ( حجة الحق على الخلق في التحذير من سوء عاقبة الظلم)، (نظم السيرة الصلاحية) في سيرة صلاح الدين الأيوبي.و ( الفاشوش في حكم قراقوش.) ( الشئ بالشئ يُذكر.) ( باعث الجلد عند حادث الولد.) ( شرح حديث : بني الإسلام على خمس.) ( سر الشعر.) ( موسوعة قوانين الدواوين ) . كان ابن مماتى يقابل بقلمه الأمير بهاء الدين قراقوش الذى كان يمثل السيف . وحدث بينهما تنافس معتاد إنقلب الى خصومة . سيف قراقوش العسكرى ـ أو القوة العسكرية إنتصرت مؤقتا على القلم فانتهى الحال بابن مماتى بعد نفوذه الى الهرب فقيرا الى حلب عام 604 حيث مات فيها عام 606 . ولكن قلم ابن مماتى هو الذى إنتصر فى النهاية ، فإنجازات قراقوش المعمارية والحربية وولاءه لصلاح الدين الأيوبى وابنه العزيز عثمان ضاعت كلها بسبب الاشاعات الى نشرها ابن مماتى عن قراقوش فى كتابه الساخر ( الفاشوش فى حكم قراقوش )
5 ــ فى هذا الكتاب إستغل ابن مماتى قلمه وطبيعته المصرية الساخرة فكتب يتندر على ( قراقوش ) القائد العسكرى الفظّ ـ وبأسلوب جديد فى الفكاهة . إذ صنع حكايات ساخرة مضحكة بطلها قرقوش ، وفيها صوّر قراقوش غاية فى الحمق والجهل والغفلة والسطوة .
6 ــ ولأن قراقوش كان فى حياته مكروها من شعب القاهرة فقد تداول القاهريون ـ ثم المصريون ـ كتاب ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) ، وصار عماد سخريتهم فى مجالسهم . إن الظلم يعايش المصريين الغلابة ـ وهم يرون عبر تاريخ ممتد لعشرات القرون ـ أصنافا من الحكام الظالمين ، وهم يكتفون بالمقاومة السلمية بالتنكيت والسخرية ، فأصبح (قراقوش ) رمزا لكل الظالمين ، ومتنفسا للمصريين المظلومين فى التندر عليه والسخرية منه . تحول كتاب ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) الى أدب شعبى شفوى يتداوله المصريون عبر القرون ، بل أصبح مثلا شعبيا مصريا يقول ( ولا حكم قراقوش ) . وبلغت سيطرة ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) الى حد ان السيوطى ـ فى اواخر العصر المملوكى قام بإعادة كتابته ونسب الكتاب الجديد لنفسه كما فعل الراحل الصحفى ( جمال بدوى ) مع مقالى فى جريدة الأحرار.
7 ـ هذه مقدمة طويلة ـ لا أعتذر عنها ، لموضوع السُّخرة فى مصر . لقد كره المصريون قراقوش لأنه فى كل منشئاته المعمارية كان يسخّر المصريين فى بنائها . كرهه المصريون وإحتفلوا بكتاب ( الفاشوش فى حكم قراقوش ) وجعلوا قراقوش رمزا لكل حاكم ظالم . فمصر ـ حتى الآن ـ هى المستقر والمستودع للحاكم الظالم . ومن ملامح هذا الظلم السخرة المؤقتة للعمال المصريين والسخرة الدائمة فى إستعباد الفلاحين المصرىين .
8 ـ والمرأة المصرية لا تزال تدعو لابنها فتقول ( ربنا يكفيك شر الحاكم الظالم .! )
ثانيا :
لمحة عن السخرة المؤقتة فى العصر المملوكى
1 ـ فى كتابنا ( اثر التصوف السياسى ) وفى كتابنا ( اثر التصوف المعمارى ) تكلمنا عن أثر التصوف فى بناء العمائر الدينية ، حيث كان بناؤها مقترنا بالظلم . ومنه تسخير الناس فى البناء . وقد بنى الأمير أقبغا المدرسة الأقبغوية وجعل فيها صوفية . يقول فيها المقريزي ( وهى مدرسة مظلمة ليس عليها من بهجة المساجد ولا أنس بيوت العبادة شيء البتة) وذلك لأن أقبغا ـ حسبما يصفه المقريزي ـ ( كان من الظلم والطمع والتعاظم على جانب كبير) وقد سخر في عمارة مدرسته كل صانع بالقاهرة ومصر( وأقام بها أعواناً لم ير أظلم منهم ، كانوا يضربون العمال ، وحمل لها الأصناف من الناس ، فكانت بين غصب وسرقة. ومع ذلك فإنه ما نزلها قط إلا وضرب فيها من الصناع عدة ضرباً مؤلماً , ويعبر ذلك الضرب زيادة على شدة عسف مملوكه الذي أقامه شاهداً بها ... فلما تمت جمع بها القضاة والفقراء ـ يعني الصوفية
2 ـ وقاسى العمال المصريون من السخرة والضرب في بناء تلك المنشئات الدينية كما نلمح من النص السابق حتى أن شدة الأمير قان بردى الأشرف في تسخيرهم دفعت المؤرخ المملوكي الارستقراطى أبا المحاسن إلى الاحتجاج الذي نحسه من النص التالي ( ابتدأ الأمير سيف الدين قان بردى الأشرف في عمارة تربة عظيمة عند الريدانية (العباسية ) وشرع في ذلك أيام يسيرة ، ومع هذا ظلم في تلك الأيام الظلم الزائد وعسف الصناع وأبادهم بالضرب وباستعمالهم بغير أجرة، فما عفّ ولا كفّ ،إلى أن أخذه الله أخذ عزيز مقتدر . ).!
3 ـ كانت تلك السخرة تحدث فى القاهرة أمام أعين المؤرخين فسجلوها. أما السخرة فى الريف فكانت أظلم وأضل سبيلا . ووصل منها الى علم المؤرخين قدر يسير .
ثالثا :
لمحة عن السخرة الدائمة فى العصر المملوكى للفلاحين المصريين
1 ـ فى كتابنا المنشور مقالاته هنا عن المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر السلطان قايتباى عرضنا بين سطورة الى السخرة الرسمية فى الريف المصرى وقتها .
2 ــ كان الفلاح قد هبط إلى رتبة الرقيق في عصر المماليك، فصار لا يستطيع مفارقة الأرض أو ما يعبر عنه بالفلاح القرارى أى المستقر في الأرض مثل الدواب، وكان الفلاح في الاقطاعات المملوكية عبداً لصاحب الإقطاع إلا أنه لم يكن يباع أو يشترى بل هو رهين الأرض هو وأولاده، ومن كان يهرب من الفلاحين من الأرض كانت السلطات تعيده إلى الفلاحه ويلزم "بشد الفلاحة"، اى عقوبة الهرب ، هو من سهل له الفرار أو أواه.
3 ـ وكان المماليك يتفننون في إرهاب الفلاحين بالتعذيب ليضمنوا تسخيرهم في الأرض بلا شكوى، يقول المقريزي عن الأمير أيدمر الشمسي سنة 702 الذى تولى الشرقية والغربية أنه كان يعذب بأنواع قبيحة من العذاب منها أنه كان يغرس خازوقاً ويجعل رأسه قائماً وبجانبه صار كبير يعلق فيه الرجل ثم يسقطه فيسقط على الخازوق فيدخل فيه الخازوق ويخرج منه، ولم يجرؤ أحد من الفلاحين بالغربية والشرقية في أيامه أن يلبس مئزراً أسود ولا يركب فرساً ولا يتقلد سيفاً ولا يحمل عصا مجلبة بحديد.
4 ـ وكان ( الكاشف ، أو كاشف التراب ) أى الوالى المملوكى على الأقاليم المصرية مطلق السراح فى تسخير الفلاحين وتعذيبهم ،ومنهم والى الغربية فى عصر قايتباى ( ابن زوين ) . ويذكر المؤرخ ابن الصيرفى فى كتابه ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) فى أحداث يوم السبت 17 جمادى الآخرة 876 أن وقف جماعة من فلاحى المحلة للسلطان يشكون له من ظلم ابن زوين، يقول مؤرخنا المملوكي عنهم: ( وتكلموا ما لا يليق وطلب منهم بينة فأجابوا أن ما لهم بينة ، فضُربوا على أكتافهم وانصرفوا..! ) . كانوا فلاحين غلابة لا يعرفون الاتيكيت في خطاب الملوك ولا يعرفون أصول النفاق في الحديث فتكلموا بصراحة عن أوجاعهم، ولم يعجب ذلك مؤرخنا فقال عنهم أنهم تكلموا بما لا يليق، وهل هناك متسع في صدر المظلوم لكى يشدو بألحان سارة أمام الظلمة ليسعدهم بما يليق. ولأنهم فلاحون قليلو الحيلة فلم يجدواً من يشهد معهم أو ينصرهم أو يعطيهم بينة، وكيف لهم أن يحصلوا على بينة وهم أميون لا يعرفون القراءة والكتابة، لذا استحقوا في النهاية أن يأخذوا طريحة على أكتافهم وينصرفوا بالسلامة. !!
5 ـ وتفنّن المؤرخون عن إصلاحات المماليك فى الرى والصرف وبناء الجسور والسدود ، والمسكوت عنه دائما هو تسخير الفلاحين . كان صراخهم يضيع وسط قصائد النفاق للسطان .
6 ـ وكان السلطان قايتباى المشهور بالورع وقيام الليل وتلاوة الأوراد لا يختلف فى ظلمه عمّن سبقه من السلاطين ، وكان يعلم أن أرباب الوظائف في الريف يعيشون على ظلم الفلاحين، وتسخيرهم . وكان هذا شيئا عاديا ، من المعلوم لديهم بالضرورة ولا إعتراض عليه . بل كان الضرب مصير المعترض من الفلاحين ، كما ذكرنا سابقا عن فلاحى المحلة .
7 ـ وإقترن بالسخرة تعذيب الفلاح عند الحصاد للإقرار بما يخبئه من المحصول لقوته عياله . وكان الفلاحون مع هذا يتنافسون فى تخبئة بعض المحصول عن أعين زبانية السلطة ، وكانوا يتفاخرون فى مجالسهم بقدرة تحملهم العذاب وضرب السياط حتى الاعتراف ببعض ما خبأوه .
8 ـ وكانت السلطة التى تسخرهم تعرف هذا ، فكانت تسبقهم مقدما بتقرير غرامات عليهم ومصادرة ما ( لا ) يملكون ، ووضعهم فى السجن بناءا على ذلك . وكانت هناك سجون عامة وأخرى خاصة بكبار المماليك . ذكر المؤرخ ابن الصيرفى مدحا فى الأمير يشبك من مهدى وتزلفا له أنه في يوم الخميس 22 رمضان 875 أطلق من حبسه 170 من الفلاحين المصادرين. ومعناه أن الداودار الكبير كان له حبس خاص يضع فيه الفلاحين في الأقطاع التابع له إذا عجزوا عن دفع الضريبة المقررة عليهم، ونحن نعلم من كتاب ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) كيف كان ذلك الداودار شديد القسوة الأمر الذى يجعلنا نتحسر على المسجونين لديه في الحبس وكل جريمتهم أنهم عجزوا عن سداد الضرائب الظالمة التى قررها هو عليهم .
9 ــ أفظع من هذا أن السلطان الورع الأشرف قايتباى كان يرمى الفلاحين العاجزين عن الضريبة في سجن المقشرة أبشع السجون في عصره وأسوأها سمعة. وفي يوم الاثنين 15 ربيع الأول 877 نقرأ الآتي: ( ضرب السلطان عدة من أهل بحطيط بالمقارع . ) لأنهم لم يدفعوا المقرر عليهم . وفى نفس اليوم أورد المؤرخ القاضى ابن الصيرفى خبرا عن فلاحين مساجين فى سجن المقشرة مدة ثلاث سنين بسبب عجزهم عن دفع الغرامات المقررة عليهم ، وقد تجرأوا ورفعوا شكوى للسلطان الورع الأشرف قايتباى فإقتضت عدالة السلطان إعدام أربعة منهم بالسلخ أمام رفاقهم .. يقول ابن الصيرفى عنهم ( .. وانكسر عليهم أموال جمة ولهم ثلاث سنين بالسجن في المقشرة ، وشكوا له ــ نصره الله ــ أنهم قُتلوا ، فرسم بسلخ أربعة منهم بحضور الباقين ، فسلخوا ، وأرسلوا إلى البلاد ، فأشهروا بها ، ليرتدع بها أمثالهم . فنصره الله نصراً عزيزاً. ) . السلطان الورع يسلخ ، والمؤرخ القاضى يدعو له بالنصر .!!
10 ـ ..وهكذا .. فلكى تستمر مسيرة السخرة لا بد من الارهاب ، وتنوع الارهاب المملوكى من الخازوق الى السلخ .
11 ــ ومع وجود العقوبات الغليظة على من يهرب من الفلاحين من بلده فقد كانوا يهربون من السخرة ( الدائمة ) فيجد نفسه أسيرا للسخرة المؤقتة فى القاهرة .
في نفس الشهر ربيع الأول 877 جاء مؤرخنا بالخبر التالي : ( وفي هذه الأيام قبضوا على جمع كثير بالقاهرة من المنسين والفلاحين والأرياف وأودعوهم الحديد، ) أى إعتقلوهم بلا ذنب ( وأرسلوهم إلى المقر الأشرفي الأتابكي (أزبك) بسبب ما يعمّره من القناطر بالجيزة ) أى ليعملوا عنده سُخرة فى مشروع للرّى فى منطقة الجيزة . وقد إحتاجوا للمزيد من الأيدى العاملة فلم يجدوها ، ففكروا فى حيلة شيطانية ، يقول مؤرخنا : ( وإنهم احتاجوا مع ذلك إلى الرجال فدبروا حيلة. وسمّروا شخصاً ونادوا عليه ببولاق: هذا جزاء من يقتل النفس التى حرمها الله، فاجتمع الخلائق للتفرج عليه وصاروا خلفه فقبضوا عليه ورموهم الحديد وجهزوهم إلى العمل . فهذه من العجائب. والسلام.).!.هذا المسكين الذى سمّروه ، أى صلبوه بالمسامير على خشبة وطافوا به فى القاهرة بلا ذنب لم يستحق عبارة عزاء من مؤرخنا إبن الصيرفى ، سوى أنه قال متعجبا ( فهذه من العجائب. والسلام.).!. يا سلام ..!!
أخيرا
1 ـ فى عصر العسكر المملوكى : هرب(الواد عكاشة) من( بلدهم) بسبب السخرة والسلطة والمشدّ فوجد السخرة في انتظاره في القاهرة .!!
(الواد عكاشة) لم يكن يعرف أنه إذا سار في الهيصة والزيطة سينتهي به الأمر إلى الفحير والفأس والكدح والسوط على ظهره. مسكين يا عكاشة.!!
2 ـ فى عصر العسكر الحالى : ( الواد عكاشة ) عاش مجندا فى الجيش فى سُخرة يخدم فيها الباشوات الضباط . سُخرة مؤقتة . بعدها سافر الى الخليج ليعمل بإختياره سخرة مؤقتة تحت شعار الكفيل .
3 ـ مسكين يا عكاشة ..!!
4 ـ من قال إن الاسترقاق إنتهى .!!
السلام عليكم
أعتقد أن تدخل الأستاذ Ben Levante تمس مشكلة التشريع الإسلامي في جوهرها، هل ايات التشريع في النص القراني نهائية أم نسبية؟ سواء تلك التي تخص الجانب الجزائي سواء تلك التي تمس الجانب الإجرائي سواء تلك التي تمس القيم؟ هل هي حية، دينامكية أم ساكنة راكدة شبه ميتة؟
بمعني اخر، لنسلم جدلا أنه قامت دولة إسلامية كاملة متكاملة شكلا و مضمونا،
هل يحق لهذه الدولة، حسب ظروف تطورها و إمكانياتها المادية، أن تأخذ أو تترك أو تغير من الجزاءات الواردة في النص القراني؟ مثلا هل يمكن تعويض عقوبة الجلد إلى السجن أو التغريم المالي، أو إلغاء العقوبة من أصلها؟
هل يحق لهذه الدولة، حسب ظروف و تطور المجتمع الذي ترعاه، أن تأخذ أو تترك أو تغير من الإجراءات الواردة في النص القراني؟ مثلا هل يمكن المساوات في الشهادة في حالة الدين بين المرأة و الرجل، كون المرأة صارت لها المعرفة الكافية في الأمور المالية و الحسابية؟ هل يمكن المس في نسب الورث مع تغير النمط المعيشي ؟
هل يحق لهذه الدولة، حسب منظومات القيم الإجتماعية المختلفة بين المجتمعات البشرية المتعددة، أن تمس أي قيمة واردة في النص القراني إيجابا أو سلبا؟ مثلا في كثير من المجتمعات العصرية صار شرب الخمر و التعامل بالعلاقات الجنسية المحرمة "الزنا" من الأمور الطبيعية و لا يُعاقب عليها و تدخل فيما يسمى الحرية الشخصية للفرد، هل يحق لهذه الدولة أن تقبل أو تسكت على إنتشار هذه القيم "المحرمة" في مجتمعها أو عليها محاربتها؟
إذا كان الرد إيجابي، ألا يدخل هذا في تحريف الكتاب "يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ "، و التبعيض "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ"، و إتباع للهوى "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {5/49}"؟
و إذا كان الرد سلبي، كيف يمكن إعتبار قدرة آيات التشريع على مواكبة التغير و تطور المجتمع البشري في الزمان و المكان؟
بالنسبة لمختلف مواضيع الرق التي اثارها الأستاذ الدكتور، فهي تؤكد بأن الإستعباد كان مرتبطا إرتباطا عضويا مع مشكلة اليد العاملة بأقل تكلفة
أما حول موضوع الدولة الدينية و الدولة اللاكية، فأعتقد بأنه يصعب القول بوجود دولة غير دينية قبل ان تتولد الدولة الحديثة منذ القرن 18، فسومر حكمتها دولة دينية، و مصر القديمة كذلك، و بابل و الصين و الهند و اليابان كذلك، و الفرس و أشور و الإغريق و الرومان و البيزنطيين و العرب و الأنكا و الأزتاك و الغرب إلخ كلها حكمتهم دول دينية
الدين أقدم ظهورا من الدولة، و أقدم النصوص هي النصوص الدينية، و منظومة القيم صقلتها المعتقدات الدينية، و الأخلاق و التشريعات هي من مكونات الدين "صحيح ثانوية و لكنها من مكوناته"
و بالنسبة إلينا كمسلمين، فالنص القراني مليئ بالآيات التشريعية التي تخص الدولة، فلا أرى كيف يمكن التنصل منها
و الله أعلم
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5095 |
اجمالي القراءات | : | 56,280,516 |
تعليقات له | : | 5,427 |
تعليقات عليه | : | 14,786 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
سيبويه وتأكيد منهج الخليل بن أحمد فى هجر القرآن الكريم
الخليل بن أحمد العبقرى العربى مبتدع علمى النحو و العروض
دعوة للتبرع
الوحى التوجيهى : دخلت في مجادل ة مع سني وكان يتحجج في أية...
ثلاثة أسئلة : عن الاست خفاف والاس تعباط أسئل ة ثلاثة...
تقديس المصحف: من شدةحر متهم وقدره م لكتاب الله تعالى إذا...
لا أعياد فى الاسلام: هل عيدا الأضح ى و الفطر مذكور ان في القرآ ن؟ ...
استاذ مصطفى غفارى : أكرمك الله تعالى أستاذ ي وحفظك ورعاك لاحظت...
more
السلام عليكم
قراقوش يستعمل في مثل شامي عن حكم غير منطقي فيقال (حكم أراؤوش). قراقوش موجود منذ الازل وإلى الابد، وهو يستغل أي فكر (اسلام، قومية، شيوعية وحتى ديموقراطية).
قفزة إلى الوراء كالعادة: هذه القفزات استعملها لتحاشي تكرار التعليق في المقال الواحد. جوابكم على سؤالي في مقالكم الأخير بما يخص الآية 33 من سورة التوبة قد نشرتموه في مقال سابق، وأنا قرأته ولم أنساه. لم يكن هذا هو المقصود من السؤال. سأحاول الآن شرح مقصد السؤال بشكل آخر أعتمد فيه على وجهات نظر لا تصب كلها في اتجاه واحد، وهو ما يعكس عدم تمكني حتى الآن ايجاد علاقة بين العقل والقرآن في هذه المسألة:
أولاً: أنا أتكلم عن عقوبات نص عليها القانون (القرآن) وبغض النظر عن الجريمة التي تفرض هذه العقوبة.
ثانيا: أنا عندي مشكلة مع قطع الايدي والارجل، فهذا المجرم الذي قطعت يداه أو رجلاه أصبح عالة على المجتمع، وهذا بغض النظر عما يترتب عن هذا العقاب على الشخص نفسه.
ثالثا: أنتم وزعتم في الآية الجِزاء حسب الجريمة (مثلا من قتل كثيرين وإغتصب وسلب فجزاؤه القتل صلبا) فمن أين توصلتم إلى هذا التوزيع؟ من القرآن أم هو العقل والمنطق، فإذا كان هذا الأخير، فهو إذا نسبي، ربما يصل آخر إلى توزيع مختلف.
رابعا: عقوبة الاعدام لكثير من الناس لاتردع المجرم ويعتمدون في هذا على أن نسبة الجريمة في الولايات الامريكية التي ألغت عقوبة الاعدام أقل منها في الولايات التي تمارسمها.
خامسا: لا جدال أن القرآن ذكر هذه العقوبات وسمح بها، حتى ولو أنه قيدها بشروط قاسية. فهل تسمح لنا هذه الشروط القاسية في الواقع الانساني الحالي أن نلغي تطبيق هذه العقوبات (ليس الغاء العقوبة)؟ (التفصيل في سادسا)
سادسا: الحكم على انسان بعقوبة مثل الصلب أو قطع اليد، أو حتى الموت، يجب أن يستند على اثباتات صحيحة مئة بالمئة، وهذا غير ممكن عمليا، وبهذا يُترَك الحكم لبشر، امكانية الخطأ عندهم واردة، فهل من العدل أن يُترك (الاعتراف بتطبيق هذه العقوبة) إذا كان الحال واقعا تحت رحمة البشر؟ أنا افضل أن يبقى مجرم على قيد الحياة من أن يُقتل بريء على طريق الخطأ.
سابعا: أما قولكم بأن الآية وبما فيها من العقوبات تتحدث عن دولة إسلامية اساسها السلام و... والكفالة الاجتماعية، فهذه الدولة ليست موجودة ولن توجد.
اوربا ألغت عقوبة الاعدام (القتل)، أما قطع الايدي والارجل فهذه تدخل بمفهومهم تحت مصطلح التعذيب، وهذا مرفوض عندهم جملة وتفصيلا. أنا أتكلم هنا عن الرأي الاوربي المدني، وليس عن رأي أصحاب النفوذ ذوي الاوجه المتعددة.