المسيحية والإسلام في فضائيات القردة!
كلما شاهدت فضائية دينية، إسلامية أو مسيحية، تحاول اصطياد أخطاء أو سقطات أو ثغرات الدين الآخر، ظهرت لي بوضوح صورة قردة تقفز، وتخطف ما في أيدي المشاهدين، وتُظهــِـر مؤخراتها الحمراء للمتابعين.
هناك قلة من القنوات الدينية التي تبث برامج عن التسامح، يقدّمها مذيعون أو دعاة لو تحدثوا عن الخطأ تراه صوابا من بشاشة وجوههم، ورقة مشاعرهم، وتجنبهم الإساءة لأصحاب الدين الآخر.
لكن الأكثرية تزحف الدولارات من كتبها المقدسة لتدخل جيوب مقدمي تلك البهلوانات، وتنتفخ الصدور بقدر سعة الجيوب، وتبتعد السماء فلا ترى فيها هلالا أو صليباً، فكلها رسوم بأقلام مغشوشة وألسنة لا تفرّق بين الدعاء والسباب.
لو يعلم أصحاب الأديان التاريخ الحقيقي للمذابح والرقيق والاستغلال والغزوات والفتوحات، في كل شبر من دنيانا البائسة لأطرقوا خجلا من أنفسهم وأجدادهم وحكايات الفروسية الطاهرة.
الغريب أنه يغضبني من يهاجم دين الآخر بنفس القدر الذي يغيظني من ينفي عن تاريخ أتباع دينه قطع الرؤوس وسفك الدماء وسبي النساء والتلاعب بالآيات الساميات في العهد القديم واللعهد الجديد وفي .. القرآن الكريم.
فضائيات القردة لو جاء محمد والمسيح، عليهما السلام، ودخلاها لطردا على الفور كل العاملين فيها ، وقالا لهما: إن الله بريء مما تبثون.
عندما تقول بأن جرائم أسلافي أقل من جرائم أتباع الدين الآخر فقد وقعت في مصيدة الطاووسية الدينية التي تأكل على مائدة يهوذا وأبي سلول.
حياة تضيع في غمرة الكبرياء الديني فلا المسيحي يستطيع أن يقضي على الإسلام، ولا المسلم يمكنه أن يهزم أكبر أديان الأرض .. المسيحية!
أكاد أرى حمقى ينتفضون غروراً وخداعا فيقول نصفهم بأن المسلمين هم الذي بدأوا النــَــيــّـلَ وإهانة مسيحيتنا، ويصيح النصف الآخر بأن المسيحيين هم دعاة التبشير والاستعمار وقادة المذابح، وهنا يسقط الجميع في فخ الاستعلاء والفوقية، فكلنا أحفاد أناس طاهرين خرج من بين أضلعهم قتلة وسفاحون وغزاة واستعماريون.
لو حجبتَ المال عن قردة الفضائيات الدينية فستجدهم يلعنوك حتى لو كنتَ من أتباع دينهم.
كل الأديان يمكن أن تكون ساحرة الجمال وعظيمة النــُـبل لو أنك بحثت عنها في نفسك أولا، وحينئذ ستجد في أحشاء الكتاب المقدس، بعهديه القديم والجديد، وفي القرآن الكريم جمالا ربانياً ولن ترى آيات القتل ولو كانت أمام عينيك.
فضائيات طعن أديان الآخرين يديرها مرضى نفسيون لا يعرفون حتى هوامش التاريخ، ولا ينظرون إلى أصابعهم التي تتساقط منها دماء أبرياء وضحايا قطع رقاب قام بها أسلافهم.
لوّنوا الأديان بزرقة السماء ولا ترفعوا فوقها رايات الغزاة، مسيحيين ومسلمين، فالحياة قصيرة ولا تتحمل ما لا طاقة لها به.
امتنعوا عن مشاهدة فضائيات القردة الدينية التي تقارن بين الدينين الكبيرين، فكل ساعة تنفقونها في متابعة الغث تـنتف ريشكم و.. تظنون أنكم تحلقون في الفضاء والحقيقة أنك تسقطون الفضائيات.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 19 ابريل 2016
اجمالي القراءات
8232