المشهد اليمني (حوار مع الأصدقاء على الفيس بوك)
عقدت أحد المجموعات على الفيس بعنوان.."أحلي وطن"..لقاء واستضافة معي اليوم، تضمن اللقاء أسئلة وأجوبة في محاور متنوعة أعرضها لحضراتكم بالحرف
السلام عليكم
الأخوة والأخوات أعضاء المجموعة أرحب بكم جميعا وأسعدتني مشاركاتكم، وأخص بالذكر أخي الأستاذ Mohammed Alshihari فهو من عرض المشاركة والاستضافة مع تمنياتي أن أكون ضيفا خفيفا عليكم
الأستاذ Snounou Bird قلت: العلمانيّة .. مفهوم فضفاض يتم تطبيقه بطرق مختلفة ..كيف تُفسّر العلمانيّة من وجهة نظرك ؟
الجواب: العلمانية مفهوم ثابت بل هو من أشد المفاهيم وضوحا، ملخصه عزل رجال الدين عن أي عمل سياسي لضمان وجود الإنسان كمواطن له حقوق وواجبات، ولضمان حقوق الأقليات التي قد تتغول عليها الأكثرية، ولتحقيق السلام الديني بين الشعوب...جذور المفهوم بدأت مع عصر النهضة في أوروبا وفلسفات جون لوك وهيوم وغيرهم، أما كتطبيق فهو منذ فجر التاريخ، والسياسي منذ قديم الزمان إما في صراع مع رجل الدين أو في تحالف معه.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل العلمانية كتطبيق موجودة، وهل يمكننا تطبيقها كمفهوم؟
الجواب نعم العلمانية مطبقة غالبا في كثير من بلاد العرب حتى السعودية، لكن لعدم اعترافنا بالمفهوم يوجد قصور شديد والأكثرية من العرب يرونها بصورة سلبية..وهذا سر التخبط الذي يعاني منه العرب..لا يعرفوا ماذا يريدون وكيف..لأن تصوراتهم للمفاهيم ناقصة فكيف ستطبق مفهوم عجزت عن تصوره؟!
مبدئيا لست ضد النقد الذي يوجه للعلمانية ولا للدول الراعية لها، لكن أختلف مع دوافع الناقدين والنتائج التي تحكم تصوراتهم، فجميعهم بلا استثناء يرونها تفصل الدين عن المجتمع وهذا غير صحيح، كذلك يرون المجتمع العلماني بلا أخلاق وهذا أيضا غير صحيح...دور العلمانية هو في إطار سياسي بحت ولا علاقة لها بالأخلاق ولا ثقافة المجتمع، كل هذه أشياء ينظمها العمل الاجتماعي والحريات والرأي الآخر فيما يعرف بالنماذج كالشيوعية والليبرالية وغيرها، أما العلمانية فهي الإطار الذي يجمع هؤلاء جميعا..ولا تهتم بطبيعة وشكل النموذج بل في تحقيق هدفها الأسمى وهو عدم الخلط بين الدين والسياسة.
الأخ محمد الثعلي ومليك الزمان: أهلا بكم وأتشرف بوجودي بينكم..
الأخ زكي كرام: قلت: أستاذ سامح قرأت لك عدت منشورات تتحدث فيها عن المذاهب والفرق الإسلامية وحتى الديانات الآخري ... وسؤالي لك ماذا تعرف عن المذهب الزيدي .. وما رأيك في المذهب الزيدي ؟ وسبب سؤالي هذا لانه الوحيد الذي لم اجده في كتاباتك الذي قرأتها ...
الجواب: المذهب الزيدي شأنه كشأن بقية المذاهب، مجرد رؤية للدين تنسجم مع ذهنية أصحابها، والمذاهب في الإسلام جميعها نتجت عن خلاف سياسي والزيدية ضمن هذا الإطار، وأنا لا أستطيع تقديم وجهة نظر في مذهب كامل إلا بعد الاطلاع أولا على أجنحة المذهب والصراعات بداخله، ثانيا: على تاريخ المذهب، وفي الحقيقة أنا لدي رؤية عن تاريخ الزيدية استقيتها من دراستي على أيدي الدكتور سليم العوا في مصر ومن مجهود شخصي بالاطلاع، لكن لم أتعمق في فهم أجنحة المذهب وميول معتنقيه وطبيعة الخلاف بعد.
لكن وبحكم اطلاعي على الوضع اليمني واحتكاكي القديم بالزيود كتبت كثيرا في طبيعة الزيدية وأنهم مع الإباضية يشكلون أكثر مذاهب المسلمين سماحة واعتدالا، ولديهم رؤية نقدية للتراث متميزه تفتقر إليها مذاهب السنة والإمامية..لكن ظهور حركة الحوثي مؤخرا تحت شعار الثورة ربما يكون قد نقل الزيود من كونهم إطار يجمع فئات السنة والشيعة إلى طرف في الصراع التاريخي بين المسلمين، لذلك طالبت الحوثيين –وغيرهم-أن يهتموا أكثر بالعمل الاجتماعي وبالواقعية والتقليل من الشعارات، وهذه نقطة خلافي الوحيدة معهم، لكن أحفظ لهم قدرهم كمدافعين عن التراب اليمني وكرامته ضد المحتل السعودي، وأراهم أفضل الأحزاب اليمنية انتشارا وقدرة على التغيير..لكن كما قلت لا زال المشوار طويلا والإصلاح واجب.
الأستاذ Hasheem Abdullah قلت: أهلا وسهلا أخي العزيز واسمحلي ابدأ ..ماهي رؤيتك المستقبليه للمنطقه ..وهل تتوقع إيجاد حلول مرضيه لجميع الاطراف؟
الجواب: لو تقصد بالمنطقة الأزمة اليمنية فلا مستقبل واضح إلى الآن سوى ثابت واحد قد تحقق وهو.."استقلال اليمن عن القرار السعودي"..عدا ذلك فالأزمة فيها تفاصيل معقدة ، وهذا الثابت المتحقق هو الذي تقاتل من أجله السعودية الآن، وتريد إعادة اليمن مرة أخرى لقرار الرياض..
أما في الميدان فلا أتوقع تغيرا في المعادلة سوى انقسام (دولة اليمن) إلى دولتين شمال وجنوب، والأحداث تعزز هذا الانقسام كلما مر الوقت، لذلك كتبت كثيرا في ضرورة عدم اهتمام سلطة صنعاء بعدن لأن الجنوبيون انفصلوا نفسيا عنهم، وعمليا بتعاونهم مع الاحتلال، وكتبت في مزايا ذلك على المدى الطويل أولها تخلص الشماليون من عقدة الوهابية التي أرقتهم في صعدة وعمران، والناظر لليمن الآن ربما يرى مجتمع آمن في الشمال سوى من القصف الجوي، لكن لن يرى نفس المجتمع الآمن في عدن، وهذا يعني أن انتقال الوهابية إلى الجنوب سينقل كل أزمات الشمال السابقة لهم، والمنطق يقول.."كل من يختار يتحمل مسئولية اختياره"..اتركوهم يعيشوا كما يريدون واهتموا أكثر بمناطقكم ..ونموذج الهند وباكستان ماثل للعيان، بعد الانفصال تقدمت الهند بالتسامح واستغلال إمكانياتهم جيدا، أما باكستان غرقت في الفوضى والسبب أن انفصالهم كان بتحريض من الوهابية بالأساس، باكستان هي عدن، أما صنعاء فهي الهند ولكن بشروط.
أما عن توقع حلول مرضية يمكن ذلك ولكن شريطة الصمود في وجه العدوان، فالصمود سيُقصّر من أمد المعركة وستضطر السعودية آجلا أو عاجلا إلى الانسحاب، أما لا قدر الله لو سقطت صنعاء فالأزمة ستمتد لسنوات أخرى يكون فيها المذهب هو العنوان، لأن الغزاه سيمارسون تطهيرا عرقيا للزيود وكل من تعاون مع الحوثي، أو على الأقل سيحدث إقصاء سياسي واجتماعي كامل للزيود من المشهد اليمني...وقتها سيظهر الدافع الحقيقي للحرب وهو العامل (الطائفي) الذي تؤمن به قيادة سلمان ومن أجله تحشد التحالفات.
أما عن فكرة الحل السياسي في ذاتها هي طيبة، ولكن غير واقعية لأن شرطها الأساسي لم يتحقق وهو جلوس المعتدي على مائدة المفاوضات، السعودية يجب أن تجلس معكم للصلح والاتفاق، فهي من بيدها قرار الحرب وإيقافه، عدا ذلك فكلهم أراجوزات، وكل ما يحدث في جنيف 1 و2 استهلاك لقوة اليمنيين وإعطاء الخصوم فرصة للتمدد، ولعلك تتذكر أن سقوط الحزم عاصمة الجوف حدث في جنيف 2 وما صاحبه من وقف للعمليات، وسقوط عدن جاء في سياق أول وقف لإطلاق النار في عيد الأضحى.. وهكذا ينتهزون كل فرصة لوقف إطلاق النار للتمدد وهي سياسة لم ينتبه إليها الشماليون حتى الآن، والمثل المصري يقول."حرّص ولا تخوّن"..
الأخ Nooreddeen Qadrei قلت: أهلاً وسهلاً أخي سامح ....كيف تقيم تفاعُل المجتمع المصري مع ما تكتبه خصوصاً فيما يتعلق باليمن ..؟
الجواب: الشعب المصري أكثريته مشغول بالوضع الداخلي والاهتمام بخطر الإرهاب والتنمية ومنع عودة الإخوان، والإعلام المصري مهتم بذلك ، أما عن تفاعل المصريين مع ما أكتبه فيوجد المئات من المصريين متفاعلين وبعضهم يتفاعل بالتعليق وبعضهم يكتفي بالمتابعة، لكن في تقديري أن العدد أكبر من ذلك إذا قسنا ما أنشره على مجلات وصحف ومواقع أخرى.
لكن في الأخير الشعب المصري منقسم الآن في قضية اليمن إلى ثلاثة فئات:
الأولى: مع الحرب وهؤلاء من أنصار السيسي والمتعصبين من السلفية وبعض العوام الذين انخدعوا بإعلام الخليج وظنوا أنها حرب مقدسة لتخليص اليمن من إيران ولحماية الحرمين.
الثانية: يتحفظون على الحرب لكن يقلقهم الحوثي وإيران، لذلك أحيانا يلجأون لتبرير العدوان مع التحفظ على نتائجه، وهؤلاء من أسميهم بأصحاب الموقف الرمادي لا يفهمون طبيعة المعركة ومتأثرين بالحشد الإعلامي والديني لكن تحكمهم مبادئهم برفض الظلم.
الثالثة: ضد الحرب قلبا وقالبا وأكثر هؤلاء من اليسار والشباب المصري وكبار المثقفين والصحفيين ، ويرون أن ما يحدث هو .."مجرد عدوان من بلد على بلد آخر"..ولا يرون في الحوثي خطرا وأكثرهم يؤمن أنه من نسيج المجتمع اليمني لا يمكن الاستغناء عنه، وفي السعودية خطر ديني واجتماعي على مصر، لكن في المجمل هذه الفئة أكثرهم جبناء لا يصرحون برأيهم خشية الاتهام بالتشيع أو العمالة لإيران، فالآلة الإعلامية المؤيدة لسياسات الدولة كبيرة ونافذة، وسطوة المملكة على الإعلام المصري مؤثرة، عدا بعض الاستثناءات التي تحدث من مثقفين كبار أمثال حسنين هيكل وابراهيم عيسى وغيرهم، وإعلاميين كيوسف الحسيني وأماني الخياط وغيرهم، إضافة لتيار شبابي كاسح يرى أن السيسي لم يكن ناضجا في التعامل مع اليمن
أما على مستوى الحشد فالفئة الثالثة أكثرهم قدرة على ذلك..الفئات الأولى والثانية سلبية
لكن في المحصلة.. الثلاث فئات يعارضون إرسال جنود لليمن، وحين ظهور أي إشاعة بذلك ينتفض المجتمع المصري برمته وتتحد كل الفئات ضد ذلك، والسبب إيمان كل المصريين أن معركتهم الأصلية ليست في اليمن بل في سيناء وليبيا، وهذا يفسر خشية السيسي من إرسال الجنود، لأن لو حدث ذلك ربما تحدث ثورة شعبية حقيقية أو يطيح به أحد الجنرالات في الجيش..وربما لا يعلم البعض أن موقف السيسي من عدم إرسال جنود هو موقف الجيش بالأساس، وكل ما يحدث من دعم للعدوان السعودي على اليمن في مصر هو فقط دعم إعلامي وسياسي، وأنا أعمل في إطار هذه الجزئية وأستغل عاطفة ووعي المصريين بمعركتهم الأصلية..
الأخ Lujain Jafar قلت: اهلا وسهلا بالاخ سامح...ما مدى المشاركة الفعلية لمصر في الحرب على اليمن، بعض الكتاب المصريين مثل عمرو ناصف ينكر مشاركة مصر تماما.
الجواب: مصر لم تشارك فعلا ولن تشارك بأي جنود بريين، لكنها تشارك بطيران وبوراج حربية، وفي ذلك خلاف على رأيين:
الأول: أن الطيران والبوارج المصرية لم يشاركوا في قصف اليمن وكل عملهم منصب على تأمين البحر، وقد يكون الأستاذ عمرو ناصف من هؤلاء.
الثاني: أنها تشارك بالفعل في ضرب اليمنيين، وأنا من أنصار هذا الرأي، نعم كل أعضاء ما يسمى عاصفة الحزم كلهم مشاركون بالعدوان والقصف، لكن لا يصرح أحد بذلك خشية النقد ويكتفون بعملهم في إطار التحالف واستغلال مظلة الأمم المتحدة بقرار مجلس الأمن الشهير ضد الحوثيين وعلي صالح.
الأخ Shihab Abutaleb قلت: سيدي الكريم سوالي او لتقل حيرتي : ترى ماهو السبب في صمت الشعوب على مايحدث لنا من مجازر ومآسي وكلها على يد دولة فاشية ومعروفة للجميع بدمويتها ! اين الشعوب العربية منا ؟ اين حركات التحرر من الاستبداد الواقع علينا؟ اين مواقف الدول ذات الدور الإقليمي والعربي الفعّال كمصر ! ..اين احزاب المعارضة في مختلف الدول العربية ؟ ..سوالي الثاني : الى ماذا تعزو انحسار الدور الريادي المصري في تسيير القضايا العربية ؟ بحيث نلاحظ جميعنا بان مصر لم يعد لها اي دور فعال في اي قضية عربية وأصبحت كالاجير عند السعودية والإمارات وغيرها تسير على حسب رغبات ونزوات تلك الدول ؟ ..مع احترامي لمكانة مصر كدولة وحضارة .
الجواب: صمت الدول والشعوب العربية غير حقيقي، توجد تفاعلات مع قضية اليمن وعلى نطاق واسع في سوريا والعراق ومصر والجزائر ولبنان وعُمان، بل يوجد في المغرب وتونس فعاليات إعلامية ونقد ...لكن كل هذا غير مؤثر حتى الآن والسبب دعم مصر السياسي للعدوان، ستظهر حقيقة العدوان برفع الغطاء المصري عنه، وأنا أركز في عملي ومقالاتي على ذلك أن يرفع المصريون دعمهم للسعودية وقتها سينهار العدوان، فكل حلفاء المملكة تجرأوا لما رأوا مصر حليفة وليس العكس ، وهذه النقطة نقطة تخدمني كباحث وكاتب وهي موقف السعودية من سوريا وقرارهم الأخير بإرسال جنود برية، ففي مثل هذه الظروف يجري الربط بين أهداف المملكة في كلا البلدين(سوريا واليمن) وقتها تنقشع الغشاوة من على الأعين ويبصر البعض بعين الواقع لا بعين المال والإعلام الذي تتفوق فيه السعودية والإمارات بوضوح.
مشكلة اليمن أن إعلامها ضعيف، لذلك أكثر من 90% مما يحدث في اليمن لا يعرفه العرب، وأغلبية الأخبار مزيفة، ولولا جهود قناة الميادين في فضح العدوان لقلت على الإعلام العربي أنه (ميت) في اليمن، لكن جهود الميادين ربما تؤثر أو أثرت بالفعل في قطاع عريض من جمهور المقاومة ضد إسرائيل، واليسار العربي بوصفهم أكثرية جمهور القناة
إذن مشكلة عدم تعاطف العرب سببها تقصير اليمنيين أنفسهم في إيصال الصورة، وأنا على علم بأن أكثرية شعب اليمن غير مهتم بالإعلام الألكتروني بالذات، ولدي عتب في ذلك أنهم لو اهتموا بموقع التويتر بالذات ستتغير كثير من المعادلات، وسيفضح العدوان، لذلك أكتب كثيرا في ضرورة مشاركة اليمنيين في حملات الدعم لليمن الذي يشكلها نشطاء من جنسيات عربية وأجنبية في موقع تويتر، وهذا كمقدمة يبشر بتفاعل أكبر.
أما بالنسبة للسؤال الثاني: نعم أتفق معك..يوجد انحسار شديد للدور المصري، لكن ربما لا تعلم أن هذا الدور مختفي منذ هزيمة 67 لكن حاول مبارك -على استحياء- باستعادته في التسعينات وقد نجح جزئيا.
أما مؤخرا وخصوصا بعد ثورة يناير في مصر 2011 فالدور المصري (منعدم) ليس لقوة الآخرين ولكن لضعف الشخصية المصرية التي أنتجت عبدالناصر ورأت أن الشعب المصري يمكنه تحدي العالم وليس فقط أموال المملكة، وأسفي على قيادة مصر الحالية أنها خانعة وذليلة لآل سعود، وشعوري أعتقد أنه شعور كثير من المصريين، لكننا في محاولات لرصد ذلك وعلاجه أو التقليل من آثاره على الجيل الحالي على الأقل.
الأستاذ خالد احمد الوشلي قلت: اهلاً وسهلاً بالاستاذ سامح عسكر :سؤالي : مالدور الذي ينتظر مصر مستقبلاً في ظل هذه الاوضاع وهل بامكانها استعادة دور مصر جمال عبدالناصر ، وان تصبح مساهمة في حل الخلافات العربية والاسلامية بدلاً من المشاركة فيها - كما هو حاصل اليوم - ؟
الجواب: مصر فقدت معنى أن تكون قويا، فمعنى القوة هو الاستقلال بالقرار وهذا غير متحقق في السياسة المصرية الحالية، فهي خاضعة ما زالت لأوامر سعودية تأتي لهم بتهديد المال، والقيادة تعتقد أن منع المال السعودي من شأنه إضعاف خطة السيسي للنهوض بمصر، وهذا في تقديري عجز وشلل عقلي وإداري أصاب من قبل نظام مبارك واعتقد أن مصر ستكون قوية بدول الخليج، والحقيقة أن ارتهان مصر لدول الخليج أفقدها معناها الوجودي العابر للقارات، وذهب أيام ما كانت مصر يمكنها الاستقلال عن صراعات الأقطاب بل وإنشاء نظم دولية محايدة-كحركة عدم الانحياز
مصر عبدالناصر انتهت ولم يعد لها وجود إلا كذاكرة نتغنى بها في الأفلام ونتحسر على دورها الريادي، كذلك انتهت أيام ما كانت قبلة لحكام الخليج في زمن الملكية، كانوا يأتمرون بمصر ويحتمون بها بل وتساعدهم على العيش الكريم بديلا عن القحط والجدب الذي يحل بهم في مواسم الجفاف..ولكن بعد ظهور البترول وآثاره عليهم انعكس الوضع، والسبب لن أطيل فيه لأنه يتعلق بطبيعة عالم ما بعد الحداثة الاستهلاكي، أي أن المشكلة عامة وليست خاصة.
بعد ثورتي يناير ويونيو تعشمنا خيرا في القيادة أن تعيد زمن الريادة، لكن ظهر أن عشمنا كان مجرد حلم صعب المنال، فالمشاكل كثيرة والشخصية المصرية الآن ليست قوية وتعاني من العَوَار على مستويات العقل والأخلاق، وما يحمي مصر الآن ليس أبنائها كما يظن البعض- ويتغنى في الإعلام- بل قوة الجيش الذي يحترمه الأكثرية، وتحديات الأمن القومي بوجود الإخوان كخطر أمني وسياسي، وتآمر العديد من الدول –كقطر وتركيا-كل هذا يدفع الشعب بالتسمك بالسلطة الحالية، ولكن كما قلت ليس لقوتها ولكن لانعدام البديل ولثقة الجيش فيها ودعمها بكل قوة.
الأستاذ Ali Ahmed قلت: نورت استاذ سامح. سؤالي هو عن مناورة رعد الشمال هل هي مناورة عادية. أم لها أهداف عسكرية. خاصة ونوعية الوحدات المشاركة ليست بالعادية. وهل سيكون وجهتها الأولى الي اليمن. أم الى سوريا. وهل ستضحي مصر بروسيا بهذا الأطار هذا أن اعتبرنا أن روسيا ستقف موقفا صلبا بالتدخل البري بسوريا. جانب آخر. وهو المناورة العسكرية بين تركيا والسعودية. ما دلالاتة ولما منفردا. بالتزامن مع مناورة رعد الشمال. وإبعاد اجتماع حلف الناتو بالأمس مع الولايات المتحدة الأمريكية.
الجواب: هذه مجرد فقاعات إعلامية..لا يمكنهم فعل شئ ولن تقبل مصر بالتضحية بسوريا، فهي الأمل الباقي بعد انهيار ليبيا، وسوريا في ذهنية المصريين أمن قومي منذ زمان التتار، وقبل ذلك كان يحكم الدولتين حاكم واحد منذ زمان رمسيس الثاني والحيثيين إلى أحمد بن طولون، وأخيرا بترابط الجيشين المصري والسوري ترابطا نفسيا حتى أشيع بين المصريين أن الجيشين الثاني والثالث المصريين لهم أول في سوريا.
أمريكا لن تتدخل بريا في سوريا ولا الناتو..وتصريح فرنسا الأخير يكشف هذا التوجه بوضوح، لاعتبارات تتعلق بصعوبة المعركة خصوصا بعد تدخل روسيا ودعمها لبشار الأسد والجيش السوري بكل قوتها العسكرية والسياسية.
أما عن (فقاعة السعودية) فهي رسالة للمسلحين بالاتفاق مع الأتراك أنهم بجانبهم لن يتركوهم للسقوط، خصوصا بعد قرب انهيار (حزام حلب) من الشمال الذي يمهد لحصار الإرهابيين في الأحياء المتبقية لهم في المدينة، علاوة على قرب قطع خط الإمداد لهم من تركيا بالسيطرة على أعزاز وتل رفعت، وهذا لو حدث سيعلن رسميا موت المسلحين بالبطئ
الوضع الميداني في سوريا ليس في صالح الإرهابيين وداعميهم من السعوديين والأتراك، ومناورة رعد الشمال هي مجرد إجراء شكلي لضمان الأموال من خزائن السعودية، ولضمان الدعم (المعنوي) لآل سعود من الحلفاء، يعني هي مجرد رسائل، أما التدخل البري في سوريا بالنسبة للسعودية فهو انتحار، لقد عجزوا عن فعلها في اليمن واستعانوا بمرتزقة محليين وأجانب، فكيف سيفعلوها في سوريا وهناك دفاعات جوية متطورة وأقمار صناعية تكشف تحركات الجميع.
لكن باطلاعي على عقلية الأسرة الحاكمة الآن في السعودية لا استبعد لجوئهم لهذه الخطوة الانتحارية، والتي إن حدثت سيكون لها تبعات فورية على حرب اليمن من فض التحالف المصري السعودي أو التشكيك فيه على الأقل داخل مصر، خصوصا بعد انقلاب الرأي العام المصري على المعارضة في سوريا بالكلية، وذهبت أيام الحشد الديني والإعلامي الرهيب الذي كان يمارسه السلفيون ومأجوري الإعلام الى غير رجعة واعتباره يتعلق بزمن الإخوان، والشعب الآن ثائر على كل ما يمت للإخوان بصلة، وأكيد أن ما تفعله السعودية الآن هو محاولة لاستعادة زمن الإخوان في العقلية المصرية بكل غباء.
لكن ما يجمع آل سعود هي المصالح في سوريا، فهم يعتقدون أن انتصار بشار الأسد سيدفع الأسد للانتقام وهو في عز قوته، ومن ناحية أخرى ستتفرغ إيران وروسيا لليمن، وقتها تتشجع بعض القوى العربية التي خشيت من التدخل في اليمن كالعراق والجزائر، وفي تقديري هذا لو حدث سينزع الغطاء السياسي والشرعي للعدوان على اليمن ويفشله بمرور الوقت، وهنا تكمن الأزمة السعودية، أن مصيرهم في سوريا هو نفس مصيرهم في اليمن.
اجمالي القراءات
7320