صراع الضباع في عدن

سامح عسكر Ýí 2015-08-02


بعد معركة عدن الأخيرة بدأت تظهر الصورة بوضوح

مبدئياً ليست كل دول الخليج التي تورطت في الحرب دوافعها وأهدافها واحدة..وهذا يعني أن نتائج المعركة الأخيرة ستُرضي أطراف وتُغضب أطراف أخرى..

الإمارات مثلاً لا يهمها أمن قومي من حرب اليمن ، فلا حدود مشتركة بين البلدين، حتى علاقتها بعلي عبدالله صالح جيدة، وكذلك علاقتها بإيران..

إذن فما دوافع الإمارات لشن الحرب؟

الدافع هو.."اقتصادي بحت"..وظهر مؤخراً في طبيعة معركة عدن وتركيزهم على الميناء والمطار، ودعم الحراك الجنوبي الداعي للانفصال، بيد أن انفصال الجنوب يكفي لهم تأمين الحد الأدنى من الاستقرار في الجنوب وضمان ولاء الحكومة الجنوبية لعائلة آل نهيان.

بالمناسبة :الإمارات لا تهمها نفقات الحرب..لأن سيطرة خصومهم على عدن تفقدهم مليارات الدولارات خسائر موانئهم الشهيرة، وهذا يفسر إنفاقهم ببذخ على معركة عدن الأخيرة.

أما السعودية فيهمها الأمن القومي لها باعتبار أن الحوثي يقف على حدودها الجنوبية شاهراً السلاح، كذلك أوهم السعوديون أنفسهم لتبرير الحرب رغم أنه يمكنهم احتواء الحوثي بأقل وأدنى الوسائل السياسية والاقتصادية..

لذلك فانفصال الجنوب اليمني -بالنسبة للسعودية- هو هزيمة عسكرية، وإبقاء الخطر الحوثي على حاله بل سيتصاعد جراء هزيمتهم النكراء.

السعودية لها حدود مشتركة مع اليمن..بل مع محافظات يمنية تدين بالكامل إلى الحوثي ولاءً وتبعية، لذلك فالحرب بالنسبة للسعودية هي حرب (تحرير اليمن من الحوثيين) فقط لحماية أمنها القومي..وهذا لن ينجح إلا بدعم فصائل مسلحة داخلية مهما كانت طبيعتها عملاً بمبدأ.."عدو عدوي صديقي"...

وهذا يفسر الدعم اللامحدود من السعودية لمقاتلي القاعدة والإخوان سواء في جنوب اليمن أو في محافظات مأرب والضالع..

أما الحراك الجنوبي بالنسبة للسعودية فهو مجرد وسيلة مؤقتة لدحر الحوثي، وهذا خطأ السعودية الاستراتيجي لأنهم نظروا للجنوب -وللحراك المؤيد لانفصاله- بنفس نظرة الحوثيين لهم إبان تحالفهم في ثورة سبتمبر، ثم صدمتهم- بعد ذلك- في رفع مقاتلي الحراك السلاح ضدهم في عدن..

هذا يعني أن الجنوب سيفعل مع السعودية نفس ما فعله مع الحوثي، خصوصاً مقاتلي عدن الذين يدينون بالولاء لمن يدافع عن قضيتهم ويضمن لهم الانفصال..وقد حدثت مقدمات ذلك أمس بمعركة حربية بين مقاتلي الحراك والقاعدة في عدن، وهم الذين تسميهم آلة الإعلام الحربية الخليجية.."بالمقاومة الشعبية"..وكأن مقاومتهم لأنفسهم وبأسهم بينهم شديد..!

البعض لا يدرك أبعاد حرب اليمن ويتعامل معها كما لو كانت معركة بين الخير والشر، أو بين السنة والشيعة، أو بين العرب والفرس ، أو بين روسيا والغرب..

الحقيقة أنها حرب معقدة وبانت ملامحها بعد أربعة أشهر من العدوان، فهي حرب بين الفقراء والأغنياء، حرب طبقية استخدم فيها أغنياء الخليج كل وسائلهم المتاحة من المال إلى السلاح إلى الإعلام إلى النفوذ، بينما فقراء اليمن لا يملكون سوى إرادتهم واستقلالهم بعيداً عن هؤلاء الأغنياء (الأشرار) 

وكأن ماركس يعيش بيننا ويُحلل ويرى أن طبقة البروليتاريا اليمنية تستحق العيش بكرامة وسط رأسماليي الخليج، بل ويطالب بثورة شعبية أن يذهب .."فائض القيمة"..كله لصالح الشعب اليمني، فهذا حقه الأصيل.

لا أنكر أن دوافع الحرب لا تختص وحدها بالجانب الطبقي، بل لو أطلقنا عليها حرباً دينية بين السنة والشيعة فيجوز، وكذلك هي حرب عرقية بالطعون والولاءات الشخصية، وقد أسهبنا في بيان ذلك كثيراً..

لكن ما يهمني أن طبيعة الحرب في الأخير تحمل كل معاني الكراهية وعدم الثقة، وهذا يفسر انهيارأي هدنة يتوصل لها الأطراف أو يعلن عنها طرف دون آخر، فمثل هذه الهدنات هي مجرد وسائل للسيطرة والخداع عند الطرف الآخر، وكأن مشكلة فلسطين عادت بتوابعها في اليمن..فالحرب هناك تحمل كل صفات حرب فلسطين الأيدلوجية باستثناء قضية التهجير..

باختصار: نتائج معركة عدن الأخيرة توحي لي أن ثمة اتفاق حدث بين الإمارات والجيش اليمني يقضي بانسحاب الجيش من عدن ولكن بشكل يُرضي الإمارات ، لما قلنا من قبل أن آل نهيان يهمهم من عدن الجانب الاقتصادي فقط، وهذا يضمن لجيش الشمال أو للحوثيين الأمان على حد التماس الفاصل بين الشمال والجنوب.

وهذا لو صح يعني أن معركة عاصفة الحزم انتهت لما أسميه..(صراع الضباع في عدن)

اجمالي القراءات 9893

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2012-09-25
مقالات منشورة : 788
اجمالي القراءات : 8,086,516
تعليقات له : 102
تعليقات عليه : 410
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt