سحرة فرعون

اسم يطلق على السحرة عندما استعان بهم الفرعون للتغلب على موسى ،لأنه لم يصدقه  هو وبطانته ،بالرغم من الآية الواضحة التي أتى بها   !! لذا سعى لإحضارسحرة بمواصفات خاصة، بناء على نصيحة الحاشية له ،هكذا تحكي لنا الآيات:َ

(قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111)  يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112الأعراف)، ، "عليم" :صيغة مبالغة تدل على كثرة العلم، ونلاحظ أن وصف عليم جاء لوصف موسى من قبل حاشية  فرعون "إن هذا لساحر عليم " والمطلوب إحضار سحرة بنفس القدرة ونفس العلم ولذا أرسلوا في المدائن حاشرين ..لطلب نوعية معينة منالسحرة،ولكن سورة طه تبين المجهود الذي تكبده فرعون ،والتهم التي اتهم بها موسى وأخاه هارون وتحذير موسى لهم بألا يفتروا على الله الكذب : :(قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمْ الْمُثْلَى (63) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنْ اسْتَعْلَى 64(طه)

اتفاق السحرة مع فرعون :

إذن جاءت نوعية من السحرة تتصف بالعلم الكثير في السحر وفنونه ،وتجيد خداع أعين الناس ، اتفق السحرة مع فرعون على :  (وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113)الأعراف ،  وقد وافق فرعون على طلبهم(لأجرا ) ونلاحظ أن الأجرغير محدد القيمة، لكنه مؤكد بأكثر من وسيلة توكيد: (إن ، واللام ، )  بل وقدأضاف إليهم الفرعون ميزة وجعلهم من المقربين، وهي ميزة إضافية بل أكثر مما طلبوا : (قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (114)الأعراف

وبدأ العرض في البداية خيروا موسى بين أن يبدأ هو أم هم  ، فكان اختيار موسى عليه السلام : أن يبدأوا هم ، وتحكي لنا الآيات  أنهم استرهبوا أعين الناس وجاءوا بسحر عظيم :

(قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (الأعراف116.. ولكن ماذا القى السحرة ؟) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66طه،

          هل تأثر موسى مما رأى من السحر ؟ نعم .. ، ولكن الوحي ثبته:قال تعالى:) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (طه)

  (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَف مَايَأْفِكُونَ(الأعراف)117

وتحكي لنا الآيات ما حدث في بعد ان ألقى موسى قال تعالى :( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119)

لكن حدثت مفاجأة لم يكن يتوقعها فرعون وحاشيته:( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)الأعراف

لكن سورة طه تكمل المشهد ، وتبين سبب اتهام فرعون للسحرة ،وتصف  سجودهم وإيمانهم إنه هو مكر في المدينة ، ليخرجوا منها أهلها  ويجعلهم  تلامذة لموسى في السحروهو كبيرهم      :

) قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ س وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى (71)

لكن كان اختيار السحرة واضحا فقد  ضحوا ليس بالأجر والمنزلة القريبة من الفرعون فقط  ،بل ضحوا بالحياة الدنيا ، وتابوا عما أكرهوا عليه من السحر واختاروا الدار الآخرة :

( قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ فَاقْضِمَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73) إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)طه

وبعد .. فلينظر كل منا في داخله ، قبل أن ينظر إلى الآخرين  ويسأل نفسه قبل أن يسأل الآخرين  كم مرة وقف وقفة سحرة فرعون ، كم من المرات آثر أن يختار الحق ، ويدافع عنه بكل ما يملك من قوة ؟ ولنكن أكثر صراحة ولنجيب : بل كم من المرات اضطر لمنصارة الباطل أوعلى الأقل ظل صامتا ؟ أتمنى أن  نجد إجابة تقنعنا نحن  أولا ، قبل أن تقنع الآخرين ...