رقم ( 4 )
الباب الثالث : صناعة اسطورة الخضر فى العصر المملوكى

 

الفصل الأول : لمحة عن هجص الخضر فى العصرين المملوكى والعثمانى

  الفصل الثانى : لمحة عن إختلاف هجص الخضر فى دينى السنة والتصوف فى العصر المملوكى

مقالات متعلقة :

الفصل الثالث :  هجص الخضر عند ابن تيمية  

الفصل الرابع  : هجص الخضر عند ابن القيم    

الفصل الخامس  : هجص الخضر عند ابن كثير

الفصل السادس : هجص الخضر فى مؤلفات ابن حجر العسقلانى  ت 852

 

الفصل الأول : لمحة عن هجص الخضر فى العصرين المملوكى والعثمانى

أولا : هجص الخضر يحيا فى العصرين المملوكى والعثمانى  :

1 ـ سيطر التصوف على الحياة الدينية والفكرية فى العصر المملوكى ، فتحول هجص الخضر الى قضية إيمانية جدلية بين السنيين وشيوخ التصوف . وبهذا الجدل تحولت شخصية الخضر الى ما يشبه الكائن المتحرك الذى يصاحب الناس فى كلامهم وحكاويهم ومناماتهم، وانعكس هذا فى مؤلفات مستقلة عن الخضر ، وعكست بعض عناوين  تلك المؤلفات ذلك الجدل فى حياة الخضر فى العصرين المملوكى والعثمانى ، ومنها : (   الروض النضر في أنباء الخضر لأبي الفضل العراقي   ـ 806هـ  ) (  الخضر للقاضي البساطي   ـ 842هـ ) (  الزهر النضر في حال الخضر لابن حجر العسقلاني ت  852هـ ) و( رسالة فى حياة الخضر ) لابن إمام الكاملية ( 808 ـ 874 ) ، و(  القول المنتصر على المقالات الفارغة بدعوى حياة الخضر للحسين بن عبد الرحمن الأهدل   ـ 855هـ ) و ( حياة الخضر) لعبد الله بن أسعد اليافعي   ـ 768هـ ،  و (  رسالة في الخضر لجلال الدين السيوطي  ـ 911هـ ) و (   كشف الخدر عن أمر الخضر لملا علي القاري الهروي   ـ 1014هـ ) (    القول المقبول في الخضر هل نبي أم ملك أم رسول لأحمد بن محمد بن علي المعروف بالغنيمي   ـ 1034هـ ) ( القول الدال على حياة الخضر ووجود الأبدال لنوح ابن مصطفى الحنفي   ـ1070 هـ  )

 2 ـ الجدل فى هجص الخضر وصل الى السنيين فلم يجتمعوا على رأى واحد ، الحنابلة المتشددون كابن تيمية آمن بهجص البخارى عن الخضر وتوقف به عند عصر موسى ، وحكم بكفر وقتل من يعتقد فى حياة الخضر ، ومن مدرسة ابن تيمية من كان أقل حدة منه مثل تلميذه ابن القيم ، ومنهم من خالفه مثل تلميذه ابن كثير الذى أرّخ للخضر فى تاريخه المشهور( البداية والنهاية ) . ثم هناك أعلام سنيون معتدلون ترددوا وتناقضت اقوالهم  فى حياة الخضر مع ميلهم الى القول بحياته مثل الفقيه السنى الشافعى المؤرخ ابن حجر الذى استرجع حيرة الفقيه الحنبلى العباسى المؤرخ ابن الجوزى. ابن حجر أرخ للخضر  بين الصحابة فى تاريخه المشهور ( الاصابة ) ووضع فيه كتابا خاصا فى الخضر هو( الزهر النضر ..) المشار اليه آنفا ، وعرض له فى سطور مؤلفات أخرى له  . أما شيوخ التصوف فقد بلغ إعتقادهم فى حياة الخضر مبلغ اليقين ، واصبح إلاها فى مملكتهم الباطنية الوهمية .

3 ــ وسنعرض بشىء من التفصيل للخضر لدى الفقهاء السنيين وشيوخ التصوف ، أما فى هذه اللمحة فهى عن الخضر فى بعض المؤلفات التاريخية والأدبية فى العصر المملوكى والحياة اليومية ، وفيها تحول هجص الخضر الى شخصية تاريخية ، يتجول بين سطور التاريخ وفى مجالس السمر كما لو كان شخصا حقيقيا .

ثانيا : هجص الخضر فى المؤلفات التاريخية

1 ـ بالاضافة الى ذكر الخضر فى تاريخ البداية والنهاية لابن كثير و الاصابة لابن حجر  ، يذكر ابن حجر فى تاريخه ( الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة ) ( 2/ 483 ـ 484 ) : (  أن الأقطاب سبعة والإبدال والأيمن وهم النجباء كذلك والأديان أربعة  والغوث يجمعهم وهو يقيم بمكة . والخضر يجول ولا حكم له إلا على أربعة أشياء : إغاثة للهدف أو إرشاد ضال أو بسط سجاة شيخ أو تولية الغوث إذا مات.  والغوث تحكم على الأقطاب والأقطاب على الأبدال والأبدال على الأوتاد فإذا مات الغوث ولى الخضر من يكون قطب بمكة غوثا وجعل بدل مكة قطبا وعين مكة بدلا وبدل مكة رشيدا وهكذا أبدا فإن مات الخضر صلى الغوث فى حجر إسماعيل تحت الميزان فتسقط عليه ورقة باسمه فيصير خضرا ويصير قطب مكة غوثا. وهكذا قال الخضر فى هذا الزمان هو حسن بن يوسف الزبيدى اليمنى .). هذا القول هو إعتقاد الصوفية فى العصر المملوكى ععن ( الخضر ) كدرجة من درجات الكهنوت الصوفى الذى يتحكم فى العالم بزعمهم . ينقله المؤرخ الفقيه إمام الحديث ابن حجر العسقلانى ، دون إنكار.!!

 2 ـ لذا لا نعجب حين نجد المؤرخ القاضى ابن الصيرفى ـ تلميذ ابن حجر ـ يقول فى تاريخه (إنباء الهصر بأبناء العصر ص 485 ) أن شيخ الإسلام سراج الدين العبادى ت 877  ( كان يجتمع بالخضر . ) .وفى (ذيل بن العراقي ) ص 250 : أن قاضى القضاء السباطى 874 كان يدعى الاجتماع بالخضر . وذكر ابن العماد الحنبلى فى العصر العثمانى فى تاريخه (  شذرات الذهب 6 / 290 ) أن الشيخ سليمان بن خالد البسطانى + 786  ( كان يدعى أنه يجتمع بالخضر وله فى ذلك أخبار كثيرة يستنكر بعضها .) ونفس الحال مع الشوكانى فى تاريخه ( البدر الطالع ) (   2 / 244 .)  

3 ـ ونتوقف مع ما ذكره السيوطى ( ت 911 ) من هجص الخضر فى تاريخ ( حُسن المحاضرة ) الذى يؤرخ فيه لمصر والقاهرة على نسق المقريزى فى الخطط المقريزية. المقريزى ( ت 845 ) لم تسمح له عقليته بذكر هجص الخضر ، ولكن السيوطى فعلها . ننقل من كتاب ( حسن المحاضرة ) بعض فقراته عن هجص الخضر . يقول عمّن دخل مصر من الأنبياء والصديقين  : ( وعد الكندي وغيره فيمن دخلها من الصديقين الخضر وذا القرنين. وقد قيل بنبوتهما. والقول بنبوة الخضر حكاه أبو حيان في تفسيره عن الجمهور، وجزم به الثعلبي، وروي عن ابن عباس. وذهب إسماعيل بن أبي زياد ومحمد ابن إسحاق أنه نبي مرسل؛ ونصر هذا القول أبو الحسن بن الرماني، ثم ابن الجوزي. والقول بنبوة ذي القرنين أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ودخول ذي القرنين مصر، ورد حديث مرفوع سيأتي في بناء الإسكندرية.
ودخول الخضر غير بعيد؛ فإنه كان في عسكر ذي القرنين، بل أحد الأقوال في الخضر أنه ابن فرعون لصلبه، حكاه الكندي وجماعة، آخرهم الحافظ بن حجر في كتاب الإصابة في معرفة الصحابة؛ فعلى هذا يكون مولده بمصر.) ( وأخرج ابن عبد الحكم عن تبيع قال: إن في الإسكندرية مساجد خمسة مقدسة: مسجد موسى عليه الصلاة والسلام عند المنارة، ومسجد سليمان عليه الصلاة والسلام، ومسجد ذي القرنين، ومسجد الخضر؛ أحدهما عند القسارية، والآخر عند باب المدينة، ومسجد عمرو بن العاص الكبير.) . أى أقاموا للخضر مسجدا فى القاهرة.!

ثالثا : هجص الخضر فى المؤلفات الأدبية المملوكية :( المستطرف مثالا )

 كتب شهاب الدين  أبو الفتح الأبشيهى كتابه الضخم ( ﺍﻟﻤﺴﺘﻄﺮﻑ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻓﻦ ﻣﺴﺘﻈﺮﻑ ) على نسق (الأمالى ) لأبى على القالى ت 365 ، و ( العقد الفريد ) لابن عبد ربه ت 328  . ولكن شتان بين جهل الأبشيهى وعلو ثقافة القالى و ابن عبد ربه . عكس  ( المستطرف ) ضحالة الثقافة فى العصر المملوكى والتى أرهقها التصوف بخرافاته ، ومنها هجص الخضر . ولم يتخلف الأبشيهى عن الركب فروى حكايات متداولة فى هجص الخضر ، هذا الهجص الذى أصبح بالتصوف عقيدة إيمانية . فمن  بعض هجصه أن قوما كانوا فى الحج فمات صاحب لهم ، فلم يجدوا ماءا ، فأتاهم رجل  فطلبوا أن يدلهم على ماء ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﺣﻠﻔﻮﺍ ﻟﻲ ﺛﻼﺛﺎ ﻭﺛﻼﺛﻴﻦ يمينا أن الميت لم يكن صرافا  ﻭﻻ ﻣﻜﺎﺳﺎ ﻭﻻ ﻋﺮﻳﻔﺎ ﻭﻳﺮﻭﻯ ﻭﻻ ﻋﺮﺍﻓﺎ ﻭﻻ ﺑﺮﻳﺪﺍ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺩﻟﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎء ، فحلفوا له كما اراد ، فساعدهم فى غسله وصلى عليه بعد أن حلفوا له ثلاثا وثلاثين ، ثم إلتفتوا فلم يجدوه ، فعرفوا أنه الخضر.!!  ويذكر قصة طويلة عن شيخ تنصر حبا فى بنت نصرانية وصار يرعى الخنازير لأبيها ، ثم ندم وعاد للاسلام وترك زوجته النصرانية،  فقام الخضر بمبادرة هائلة ، هى أنه جعل الزوجة تسلم وتلحق بزوجها وتتنسك وتتعبد معه ، وماتا معا ورأوهما فى الجنة ، كل ذلك بفضل الاستاذ خضر ..! . ويقول :   ( ﻟﻤﺎ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻣﻮﺳﻰ ﺑﺎﻟﺨﻀﺮ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺟﺎء ﻋﺼﻔﻮﺭ ﻓﺄﺧﺬ ﺑﻤﻨﻘﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﻗﻄﺮﺓ  ﺛﻢ ﺣﻂ ﻋﻠﻰ ﻭﺭﻙ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﺛﻢ ﻃﺎﺭ ﻓﻨﻈﺮ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺎﻝ ﻳﺎ ﻧﺒﻲ ﺍﷲ ﺇﻥ  ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﻔﻮﺭ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﻣﻮﺳﻰ ﺃﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻋﻠﻤﻜﻪ ﺍﷲ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺍﻟﺨﻀﺮ  ﻭﺍﻟﺨﻀﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻋﻠﻤﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﺃﻧﺖ ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﻋﻠﻤﻨﻴﻪ  ﺍﷲ ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻪ ﺍﻧﺖ ﻭﻻ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻤﻲ ﻭﻋﻠﻤﻚ ﻭﻋﻠﻢ ﺍﻟﺨﻀﺮ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﷲ ﺇﻻ ﻛﻬﺬﻩ ﺍﻟﻘﻄﺮﺓ  ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺮ ) ( الأبشيهى :  131 : 132 ، 210 ، 211 )   

  ثالتا : الخضر فى الحياة اليومية  فى العصرين المملوكى والعثمانى

1 ـ الفقيه الصوفى ابن الحاج العبدرى المغربى كتب فى الفقه الوعظى كتابه المدخل ينتقد فيه ــــ من وجهة نظر فقهية ــ أحوال المجتمع المصرى ، يقول فى الجزء الثانى ص201 ، 202 ) :  (  ومنهم من يدعى رؤية الخضر . ثم إن بعضهم يؤكد ذلك باليمن ليكون أدعى بالقبول منه ،  حتى لقد قال بعضهم  : أن الخضر يأتيه كل يوم ويقف على  بابه أو دكانه ويتحدث معه وهو يبيع ويشترى .. وذلك كله تقوّل وافتعال لا أصل له ولا فرع , مع أن هذا لا ينكر إذا وقع من أهله فى محله ). أآ إن الفقيه ابن الحاج يؤمن برؤية الخضر ، ولكن للأولياء الصوفية فقط . والمستفاد أن رؤية الخضر أصبحت هجصا دينيا سائدا يزعمه كل من هبّ ودبّ الى درجة إستوجبت إستنكار الفقيه ابن الحاج المتوفى عام 737 فذكرها فى كتابه ( المدخل ).

2 ـ ولأن هجص الخضر صار جزءا من الحياة اليومية فى العصر المملوكى وجزءا من المعتقدات الشعبية فقد سجلته كتب المزارات التى تخصصت فى ذكر معالم القرافة ومدافن القاهرة وأهم القبور المقدسة التى يحج اليها المصريون ومن يزور مصر من الرحالة والقادمين اليها ، وكانت تلك الكتب تذكر ايضا مشاهير الأولياء وما يقال عنهم من هجص الكرامات ، وبالتالى كان لهجص الخضر مكان بين سطورها يذكرون الهجص عالمين أن الناس تصدقهم مهما قالوا . من ذلك ما يذكره ابن الزيات فى كتابه ( الكواكب السيارة فى ترتيب الزيارة )  ص (  261، 262 ، 153 : 154. 246 ، 317 ، 233   ) عن  أولياء اجتمعوا بالخضر ، قال مثلا : ( كان ابن الكميش يجتمع بالخضر فى غالب الأوقات ، وقد سأله صاحب له أن يجمع بينه وبين الخضر وأن يظهر له الخضر حتى يراه ،  فبلغ الخضر ذلك فواعده إلى يوم الجمعة . فأستعد الرجل وأغلق بابه وتوضأ وجلس يذكر الله وينتظر قدوم الخضر وإذا برجل يدق الباب فقال للجارية أنظري من بالباب فخرجت فوجدت رجلا عليه أطمار ، فقال لها قولي لسيدك رجل يريد الاجتماع بك ،  فأخبرته ، فظنه مسكينا ، فقال لها :  قولي له يأتي بعد الصلاة . ثم أجتمع بعد ذلك بابن الكميش وقال جلست اليوم فى انتظار السيد فما اجتمعت عليه فقال يا نابل التوفيق هذا الرجل الذي خرجت له الجارية وقالت له أرجع . ثم قال له أتريد أن ترى الخضر وعلى بابك الحجاب ؟ فقال:  كل جارية لي حرة لوجه الله تعالى.  وصار إذا دق أحد الباب خرج إليه بنفسه . ). وذكر أنه بادر الخضر إلى مساعدة الحرار حين ساخت رقيته  وسقاه شرابا وقال له:  اشرب يا من يخدم أولياء الله فإن من يخدمهم لا يصبه سوء . فذهب عنه ما كان يده ، وقد دخل عليه الخضر فقال له  : يا أحمد كن منى ودانيا فقلت فمن فى الوجود ودانيا ؟ فقال اثنان واحد بوادي الحجاز والآخر بالخبان فكان ثالثهم ، ودخل عليه مرة فقال له طلعت الشمس فقلت له أي شمس قال شمس الحقيقة .).  وذكر ابن الزيات مجموعة من الأولياء كانوا يجتمعون بالخضر ويتحدثون معه ، منهم ابى السعود بن أبى العشائر ، ومنهم عبد المحسن الوردانى الذى كان بزعمهم يجتمع بالخضر ويصلى معه الخمس صلوات . وقال السخاوى الصوفى كتابه ( التبر المسبوك  233) ان الخضر قد حضر جنازة ابن حجر.

أخيرا

وظل هجص الخضر ملازما للحياة اليومية المصرية بعد العصر العثمانى ، يقول الاستاذ أحمد أمين فى ( قاموس العادات والتقاليد   ص 193 ) ( يعتقد بعضهم انه رأى الخضر يقظة وخاطبوه وخاطبهم ويزعمون أنه شرب من عين الحياة فلم يمت من عهد موسى إلى اليوم . وأن الأولياء الصالحين يرونه جهارا وغيرهم بالغيبيات وإذا ذكروه قالوا عليكم السلام إيهاما بأنه مر عليهم وسلم عليهم .).

ويحتل الخضر مكانة هامة فى روايات الأديب المصرى نجيب محفوظ  المشهور بالواقعية التى تعكس الحارة المصرية و الأجواء الشعبية ، خصوصا روايته ( حديث الصباح والمساء )

 

 

الفصل الثانى : لمحة عن إختلاف هجص الخضر فى دينى السنة والتصوف فى العصر المملوكى

أولا :

1 ـ  الدين الأرضى مملوك لأصحابه ، هم الذين يضعون عقائده الايمانية وتشريعاته التعبدية والسلوكية . ولأن مرجعيته لديهم هو الهوى الشخصى للأئمة فهم مختلفون ليس فقط بين الأديان الأرضية المختلفة ، ولكن فى داخل الدين الأرضى الواحد . وهذا ما نلاحظه فى الاختلاف بين دينى السنة والتصوف فى موضوع الخضر .  يتفقون على هجص الخضر فى تأويلهم لشخصية العبد الصالح فى قصة موسى عليهما السلام ، ولكن يوجد الاختلاف الرئيس هو فى حياة الخضر هل انتهت حياته فى عصر موسى كما يرى السنيون أم هو لا يزال حيا لا يموت كما يقول الصوفية .

2 ــ وفى داخل دين السنة المملوكى برزت خلافات حقيقية ، فابن تيمية الحنبلى أكثر حدة فى رفض حياة الخضر الأبدية وفى تقديسة ، ويسارع ـ كعادته ـ الى التكفير السلفى السنى بمعنى الاستتابة والقتل . ويأتى تلميذه ابن القيم برفض أقل حدة . بينما التلميذ المؤرخ ابن كثير يكون أكثر تساهلا فى موضوع حياة الخضر ، بحيث يقترب منه فيما بعد الفقيه السنى الشافعى المؤرخ ابن حجر .

3  ـ فى داخل الدين الصوفى نجد مستويات أخرى من الاختلافات . فالتصوف نوعان : تصوف نظرى فلسفى ، يرفع لواء العقائد الصوفية من الحلول والاتحاد ووحدة الوجود ( أى إلغاء الالوهية ، والخلط بين الخالق والمخلوقات ) ، وكان الأكثر شيوعا فى بداية التصوف ، ثم بدأ ينكمش بشيوع التصوف ودخول الأكثرية الجاهلة فيه من العوام ، فلم يكن من أعلامه فى  بداية العصر المملوكى إلا ابن عربى وابن الفارض والعفيف التلمسانى وعبد الحق بن سبعين فى القرن السابع الهجرى ثم عبد الكريم الجيلى والقاشانى فى القرن الثامن ، ثم قلة قليلة فى كتابات الشعرانى و على وفا الشاذلى . بدخول العوام فى التصوف انتشرت الطرق الصوفية خصوصا بعد تسيد ( التصوف السنى ) أو ركوب دين التصوف لدين السنة . وظهرت تفرعات هائلة للطرق الصوفية ، وصارت طريقا للشهرة والتكسب والاحتراف الدينى حيث يتمتع الصوفى بكونه مقدسا وتأتيه النذور والقرابين فكانت المزايدة على  هجص الكرامات ومنها لقاء الخضر . كل هذا إنعكس على إختلافهم فى هجص الخضر . فعلى مستوى التصوف النظرى الفلسفى نجد إختلافا بين إثنين من فلاسفة التصوف النظرى دُعاة العقائد الصوفية من الاتحاد ووحدة الوجود ووحدة الوجود ، وهما القاشانى وعبد الكريم الجيلى .

4 ــ القاشانى فى كتابه ( إصطلاحات الصوفية ) والذى يقرر فيه ملامح ومصطلحات الدين الصوفى بعد ظهوره بخمسة قرون يرى ان ( الخضر ) كناية عن البسط ، وأن  النبى الياس كناية عن القبض . ويقول : ( لو ان الخضر  عليه السلام انسانا باقيا من زمن موسى عليه السلام الى هذا العهد او روحانيا يتمثل بصورته لمن يرشده فهذا غير محقق عندى . بل قد يتمثل معناه له بالصفة الغالبة عليه ، ثم يضمحل ، وهو روح ذلك الشخص، أو روح القدس ) ( اصطلاحات الصوفية ص 160 تحقيق د محمد كمال جعفر ). هنا يرفض القاشانى حياة الخضر الدائمة ، ثم يناقض نفسه فيربط ظهوره روحانيا لروح الشخص الذى يراه . أى يجعل حياته دائمة بدوام ( الروح القدس ).

5 ــ أما عبد الكريم الجيلى ( 767 ـ 805 ) فى كتابه ( الانسان الكامل فى معرفة الأواخر والأوائل ) والذى خصصه لشرح عقائد التصوف ، فقد تعرض لهجص الخضر فى قصة خيالية طويلة، يؤول فيها شخصية طبقا لعقيدة وحدة الوجود الصوفية ، فيجعل الخضر صورة الاهية تتجلى فى المخلوقات والمعانى . يقول فى بعض سطورها : ( فلما دخلت هذه الأرض العجيبة وتطيبت من أطياب عطرها الغريبة ورأيت ما فيها من العجائب والغرائب والتحف والطُّرُف ما لا يخطر بالبال ...  ) ثم يدخل مدينة وهمية أطنب فى وصفها الى أن ينتهى الى لقائه بالخضر ، وقول الخضر له عن نفسه : ( أنا الحقيقة العالية والرقيقة المتدانية ، أنا سر إنسان الوجود ، أنا عين الباطن المعبود ، أنا لُجّة الرقائق ، أنا الشيخ اللاهوتى ، أنا حافظ عالم الناسوتى ، أتصور فى كل معنى ، وأظهر فى كل مغنى ، أتخلق بكل صورة ، وأبرز آية فى كل سورة ، وأمرى هو الباطن العجيب ، وحالى هو الحال الغريب ، سكنى جل قاف ، ومحلى الأعراف ، أنا الواقف فى مجمع البحرين ، والغارق فى نهر الأين ، والشارب من عين العين ، أنا دليل الحوت فى بحر اللاهوت ، وأنا سر الغذاء والحامل للفتى ، أنا معلم موسى ، موسى الظاهر ، أنا نقطة الأول والآخر ، أنا القطب الفرد الجامع ، أنا النور اللامع ، أنا البدر الساطع ، أنا القول القاطع ، أنا حيرة الآلباب ، أنا بغية الطلاب ، لا يصل الىّ ولا يدخل علىّ إلا الانسان الكامل والروح الواصل ، وأما من عداه فمكانى فوق مأواه ، لا يعرف لى خبرا ، ولا يرى لى أثرا ، بل يتصور له الاعتقاد فى بعض صور العباد ، فيتسمى باسمى ، ويكتب على خده وسمى ، فينظر اليه الجاهل الغّرّ فيظن أنه المسمى بالخضر ، وأين هو منى ، بل أين كاسه من دنّى . اللهم إلا أن يقال إنه نقطة من بحرى أو ساعة من دهرى ، إذ حقيقته رقيقة من رقائقى ، ومنهجه طريقة من طرائقى ، فبهذا الاعتبار أنا النجم الغرار ، فقلت له : ما علامة الوصول اليك والنازل فى سوحك عليك؟  فقال : علامته فى علم القدرة منزوية ومعرفته فى علم التحقيق بالحقائق منطوية .  ) ( الانسان الكامل ج 2 : 44 : 45 ). المستفاد من هذا الهجص العجيب تأليه الخضر ، وتجليه للبعض .

6 ــ يحتلف هذا عما شاع فى أواسط العصر المملوكى من إعتبار بعضهم الخضر رتبة عليا في مملكتهم الوهمية التى تتحكم فى العالم بزعمهم : " فإذا مات القطب الغوث وَلّي الخضر من يكون (قطباً ) بمكة (غوثاً) ، وجعل (بدل ) مكة ( قطباً ) ، وهكذا أبدا ، فإن مات الخضر صلى الغوث في حجر إسماعيل .. فتسقط عليه ورقة باسمه فيصير خضراً ويصير قطب مكة غوثاً)(ابن حجر : الدرر الكامنة 2 / 483 :  484 . ) . ويختلف عنهم (علي وفا ) الذى  يؤكد أن لكل ولي (خضراً) يمثل روح ولاية ذلك الولي ، طبقا لما ذكره الشعرانى فى ترجمته فى الطبقات الكبرى ( 2 /28 ).    وهذا ال ( على وفا ) المصرى متأثرا بعقيدة ( الكا ) الفرعونية أو القرين الالهى لكل شخص . وتفصيل هذا يخرج عن موضوعنا .

 7 ـ مع هذا ، يتفق جميع الصوفية على حياة الخضر الأزلية وتقديسه وظهوره للأولياء ، وتتشابه قصصهم الخيالية التى يزعمون فيها لقاء الخضر ، وفى ذلك يتناقلون نفس الكذب عن ظهور الخضر مُنقذا مع إختلاف الأشخاص والأماكن والظروف . ومنها ما ذكره ابن عياد الشاذلى مؤلف ( المفاخر العلية ) الذى خصصه فى تقديس أعيان الطؤيقة الشاذلية . يفترى هذا الهجص  عن سيده ( الشاذلي ) ص 11 :   أنه لما دخل مدينة تونس وجد بها مجاعة ، فتمنى وجود مال ليشترى به خبزا للجياع ،  فناداه هاتف فى داخله فحرّك جيبه فإذا فيه دراهم ، فأعطاها للخباز ، فردها الخباز ، وأتهمه بالكيمياء ،( أى بتزوير صناعة الذهب )  فرهن لديه ملابسه وتوجه للباب ، فوجد رجلا سأله عن الدراهم وأخذها وهزها وأعطاها له وأمره بإعطائها للخباز ، فقبلها منه واسترد ملابسه ، وطلب الرجل فلم يجده،  وبعد ذلك وجده فى صلاة الجمعة فسلم عليه  ، وأخبره بما تمناه فى نفسه من إنقاذ الناس فسأله الشاذلي عمن يكون،  فقال " أنا أحمد الخضر كنت بالصين وقيل لي أدرك الولى عليا بتونس فأتيت مبادرا إليك . فلما صلى الجمعة نظر إليه فلم يجده .

8 ـ ومع كثرة الأولياء الصوفية وتنافسهم على المريدين ومزايدة بعضهم على بعضهم فى مزاعم الكرامات ، تنافسوا أيضا فى سبك المزيد من هجص الخضر ، ومنهم شمس الدين الحنفى،  ويذكر عنه الشعرانى (  2 /89 . ) أن الخضر كان  يحضر مجلس شمس الدين الحنفي مرارا فيجلس على يمينه فإن قام الشيخ قام معه وان دخل الخلوة شيعه إلى باب الخلوة )، أى جعل الخضر مريدا للشيخ شمس الدين الحنفى . واشتهر الشيخ النبتيتى ت 917 ، بأنه يجتمع بالخضر . يقول الشعرانى فى الطبقات الكبرى(  2 108 / 109 ):(  كان الشيخ على النبتيتى إذا جاء إلى مصر تندلق عليه الناس يتبركون به ، واشتهر بأنه يجتمع بالخضر ) أى كانت الناس ( تندلق عليه ) لأنه كان مشهورا بإجتماعه بالخضر .وقال ( كان الشيخ على النبتيتى يجتمع بالخضر ، فأسدى عن طريقه نصيحة للشيخ زكريا الأنصاري فقال له ( إذا أرسل تلميذه أو قاصده إلى أحد  من الأمراء أن يقول له عن نفسه :"  زكريا خادم الفقراء يقول لك كذا وكذا .. ) واستدل الشعرانى على صحة ولاية الشيخ النبتيتى بأنه يلقى الخضر ، فقال : ( وذلك أول دليل على ولايته فان الخضر لا يجتمع إلا بمن حقت له قدم الولاية المحمدية . وسمعته يقول : لا يجتمع الخضر عليه السلام لشخص إلا أن جمعت فيه ثلاث خصال فإن لم تجتمع فيه فلا يجتمع به قط ولو كان على عبادة الملائكة : الخصلة الأولى أن يكون العبد على سننه فى سائر أحواله والثانية ألا يكون له حرص على الدنيا والثالثة  أن يكون سليم الصدر لأهل الإسلام  لا غل ولا غش ولا حسد .) وكرر ذلك الشعرانى فى : لواقح الأنوار 211  )

أخيرا :

1 ــ هذا مع أنه لم تكن للخضر كل هذه الأهمية فى الرسالة القشيرية التى تُعتبر الكتاب المقدس للصوفية ، لم يعرض القشيرى فى رسالته للخضر إلا مرة واحدة ، يقول فيها ص 87 : ( حُكى أن بعضهم قيل له : ما أعجب ما لقيت فى سياحتك ؟ فقال: لقينى الخضر فطلب منى الصحبة فخشيت ان يفسد علىّ توكلى . ). 2 ــ حسب علمنا فإن القشيرى الذى عاش بين ( 376 : 465 ) هو أول من حكى هذا الهجص عن الخضر فى رسالته القشيرية المُتخمة بالهجص ، ولم يهتم أن يفترى لحكايته إسنادا ، أو يُسمّى ابطال القصة ، مكتفيا بقوله: ( حُكى أن بعضهم قيل له )، ومع هذا فقد أعيد إنتاج هذه ( الرواية ) بصيغ مختلفة ، ثم أضيفت لها تلال من الهجايص المختلفة ما بين السنيين والصوفيين ، وكلهم إعتبر هذا الهجص جزءا من الدين ..

3 ــ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .!!

 

 

الفصل الثالث :  هجص الخضر عند ابن تيمية  

خصّص ابن تيمية ت 728 رسالة عن الخضر ( هل مات أو هو حىّ ) بالاضافة الى تعرضه لهجص الخضر فى سطور متفرقة من رسائله الكثيرة . وننصح بالرجوع الى رسائل ابن تيمية المنشورة على الانترنت والتى نقلنا منه بعض أقواله فى هذه اللمحة عن هجص الخضر عند ابن تيمية .

ونضع هذه الملاحظات عن هجص الخضر عند ابن تيمية :

1 ـ إيمانه بأن العبد الصالح الذى إلتقى موسى عليهما السلام إسمه الخضر ، وهذا أساس الهجص . وينبع هذا من إيمان ابن تيمية بصحيح البخارى ، وإعتقاده ان كتاب البخارى وحى الاهى ، ومصدر من أهم مصادر الدين الاسلامى . وابن تيمية بهذا يكفر بقول رب العزة جل وعلا : ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) الاعراف (185)  المرسلات 50  ) وقوله جل وعلا : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) الجاثية ).

2 ـ إتخذ ابن تيمية من رأيه دينا قاطعا وإعتبر من يخالفه كافرا ، مستحقا للقتل إن لم يتب . يقول : ( وكذلك من اعتقد أن أحدًا من أولياء الله يكون مع محمد صلى الله عليهوسلم، كما كان الخضر مع موسى ـ عليه السلام ـ فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه؛لأن الخضر لم يكن من أمة موسى عليه السلام ‏)‏‏.‏وقال فى معرض الرد على تأليههم الخضر وتحرر الولى من الشريعة أسوة بالخضر: ( ومحمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين؛ إنسهم وجنهم‏.‏فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته، فهو كافر يجب قتله‏.‏) وقال : ( من اعتقد أن في أولياء اللّه من لا يجب عليه اتباع المرسلين وطاعتهمفهو كافر، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، مثل من يعتقد أن في أمة محمد صلى الله عليهوسلم من يستغنى عن متابعته كما استغنى الخضر عن متابعة موسى، فإن موسى لم تكن دعوتهعامة، بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مبعوث إلى كل أحد، فيجب على كل أحدمتابعة أمره، وإذا كان من اعتقد سقوط طاعته عنه كافرًا، فكيف من اعتقد أنه أفضلمنه، أو أنه يصير مثله‏!‏‏.‏) ( ومن هؤلاء من يظن أن الاستمساك بالشريعة ـ أمرًا ونهيًا ـ إنما يجبعليه ما لم يحصل له من المعرفة أو الحال، فإذا حصل له لم يجب عليه حينئذ الاستمساكبالشريعة النبوية، بل له حينئذ أن يمشي مع الحقيقة الكونية القدرية، أو يفعل بمقتضىذوقه ووجده وكشفه ورأيه من غير اعتصام بالكتاب والسنة، وهؤلاء منهم من يعاقب بسلبحاله حتى يصير منقوصًا عاجزًا محرومًا، ومنهم من يعاقب بسلب الطاعة حتى يصيرفاسقًا، ومنهم من يعاقب بسلب الإيمان حتى يصير مرتدًا منافقًا، أو كافرًا ملعنًا‏.‏وهؤلاء كثيرون جدًا، وكثير من هؤلاء يحتج بقصة موسى والخضر‏.‏ ) ( ومن ظن أن الخضر وغيره سقط عنهم الأمر لمشاهدة الإرادة، ونحو ذلككان قوله هذا من شر أقوال الكافرين باللّه ورسوله‏.‏ ).

وفى مواجهته لأتباع ابن عربى القائلين بالحلول والاتحاد والتحرر من أداء العبادات بتأويل ما قيل عن شخصية الخضر وهجصه ، يقول ابن تيمية :( وقد كان عندنا شيخ من أجهل الناس، كان يعظمه طائفة من الأعاجم،ويقال‏:‏ إنه خاتم الأولياء، يزعم أنه يفسر العلم بوجهين، وأن النبي صلى الله عليهوسلم إنما فسره بوجه واحد، وأنه هو أكمل من النبي صلى الله عليه وسلم،  وهذا تلقاهمن صاحب الفصوص،( يقصد ابن عربى )   ، وأمثال هذا في هذه الأوقات كثيرون، وسبب ضلال المتفلسفة، وأهلالتصوف والكلام، الموافقة لضلالهم، وليس هذا موضع الإطناب في بيان ضلال هذا، وإنماالغرض التنبيه على أن صاحب الفصوص ( يقصد ابن عربى )  وأمثاله قالوا قول هؤلاء‏.‏... فأما كفر من يفضل نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما ذكر صاحبالفصوص ـ( يقصد ابن عربى )  فظاهر، ولكن من هؤلاء من لا يرى ذلك، ولكن يرى أن له طريقًا إلى الله غيراتباع الرسول، ويسوغ لنفسه اتباع تلك الطريق وإن خالف شرع الرسول، ويحتجون بقصةموسى والخضر‏.‏ولا حجة فيها لوجهين‏:‏أحدهما‏:‏ أن موسى لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولا كان يجب على الخضراتباع موسى، فإن موسى كان مبعوثًا إلى بني إسرائيل، ولهذا جاء في الحديث الصحيح‏:‏‏(‏أن موسى لما سلم على الخضر قال‏:‏ وإني بأرضك السلام‏؟‏ قال‏:‏ أنا موسى، قال‏:‏موسى بني إسرائيل‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ إنك على علم من علم الله علمكه الله لاأعلمه، وأنا على علم من الله علمنيه لا تعلمه‏)‏‏.‏...الثاني‏:‏ أن قصة الخضر ليس فيها مخالفة للشريعة، بل الأمور التيفعلها تباح في الشريعة، إذا علم العبد أسبابها كما علمها الخضر، ولهذا لما بينأسبابها لموسى وافقه على ذلك، ولو كان مخالفًا لشريعته لم يوافقه بحال‏.)

وعن أتخاذ الصوفية من هجص الخضر حُجة على ترك الصلاة ، يقول ابن تيمية فى كلام طويل ننقل بعضه : (‏وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏بينالعبد وبين الشرك ترك الصلاة‏)‏ وقال‏:‏ ‏(‏العهد الذي بيننا وبينهم / الصلاة، فمنتركها فقد كفر‏)‏‏.‏ فمن لم يعتقد وجوبها على كل عاقل بالغ غير حائض ونفساء، فهوكافر مرتد باتفاق أئمة المسلمين، وإن اعتقد أنها عمل صالح وإن اللّه يحبها ويثيبعليها، وصلى مع ذلك وقام الليل، وصام النهار، وهو مع ذلك لا يعتقد وجوبها على كلبالغ، فهو أيضًا كافر مرتد، حتى يعتقد أنها فرض واجب على كل بالغ عاقل‏.‏..الخ ) ويقول : ( والمقصود أنه ليس في قصة الخضر ما يسوغ مخالفة شريعة رسول الله صلىالله عليه وسلم لأحد من الخلق‏.‏  )

المستفاد أن ابن تيمية إتخذ من رأيه دينا قاطعا ومرجعية يجادل بها الصوفية الذين ربطوا بين هجص الخضر وعقائدهم الاتحادية الحلولية وخصوصا ما زعموه عن سقوط التكاليف التعبدية على الولى الصوفى ( الاله ) طالما يجلس بزعمهم فى ( الحضرة الالهية ) .

  3 ـ ومع هذا كان ابن تيمية متأثرا بالتصوف ورواده الأوائل وومزاعم كراماته ، وقد عرضنا لهذا فى دراسات سابقة ، ولكن نتوقف هنا سريعا مع تناقض ابن تيميه مع نفسه فى موضوع حياة الخضر ، فهو مرة يتقمص زى الفقهاء السنيين وينفى استمرار حياته ، ومرة أخرى ينحنى لدين التصوف ويثبت استمرار حياة الخضر . وفى كل الأحوال فما أسهل عليه أن يحكم بقتل من يخالفه فى الرأى ، بعد أن يتكرم عليه بالعفو عنه لو تاب ، على عادة السنيين السيئة بقولهم ( يُستتاب فإن لم يتب يُقتل ) .! .

 فى نفى حياته ، نقرأ (  وَسُئلَ ـ رَحمَهُ اللَّهُ ـ عن ‏‏الخضر‏‏ وإلياس، هل هما معمران‏؟‏بينوا لنا ـ رحمكم اللّه تعالى‏.‏فأجاب‏:‏إنهما ليسا في الأحياء، ولا معمران، وقد سأل إبراهيم الحربي أحمد بنحنبل عن تعمير الخضر وإلياس، وأنهما باقيان يريان ويروى عنهما، فقال الإمام أحمد‏:‏من أحال على غائب لم ينصف منه، وما ألقى هذا إلا شيطان‏.‏وسئل البخاري عن الخضر وإلياس‏:‏ هل هما في الأحياء‏؟‏ فقال‏:‏ كيفيكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هوعلى وجه الأرض أحد‏؟‏‏)‏‏.‏

وقال أبو الفرج ابن الجوزي‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍمِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 34‏]‏ وليس هما فيالأحياء‏.‏ واللّه أعلم‏.‏).

 هنا يستدل ابن تيمية على موت الخضر بحديث البخارى : (‏ ‏لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هوعلى وجه الأرض أحد‏؟‏‏)‏‏.‏

وفى إثبات حياته ، نقرا : ( سُئلَ الشَّيْخُ ـ رَحمَهُاللَّهُ‏:‏هل كان الخضر ـ عليه السلام ـ نبيًا أو وليًا ‏؟‏ وهل هو حي إلىالآن‏؟‏ وإن كان حيًا فما تقولون فيما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏‏(‏لو كان حيًا لزارني‏)‏ هل هذا الحديث صحيح أم لا‏؟‏فأجَـاب ‏:‏ ...... ...وأما حياته‏:‏ فهو حي‏.‏ والحديث المذكور لا أصل له، ولا يعرف لهإسناد، بل المروي في مسند الشافعي وغيره‏:‏ أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم،ومن قال‏:‏ إنه لم يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد قال ما لا علم له به، فإنهمن العلم الذي لا يحاط به‏.‏ومن احتج على وفاته بقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أرأيتكمليلتكم هذه، فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليومأحد‏)‏ فلا حجة فيه، فإنه يمكن أن يكون الخضر إذ ذاك على وجه الأرض‏.‏ولأن الدجال ـ وكذلك الجساسة ـ الصحيح أنه كان حيا موجودا  على عهدالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو باق إلى اليوم لم يخرج، وكان في جزيرة من جزائرالبحر‏.‏فما كان من الجواب عنه كان هو الجواب عن الخضر، وهو أن يكون لفظالأرض لم يدخل في هذا الخبر، أو يكون أراد صلى الله عليه وسلم الآدميين المعروفين،وأما من خرج عن العادة فلم يدخل في العموم، كما لم تدخل الجن، وإن كان لفظًا ينتظمالجن والإنس‏.‏ وتخصيص مثل هذا من مثل هذا العموم كثير معتاد‏.‏ واللّه أعلم‏.‏).

 هنا نرى ابن تيمية ينفى حديث البخارى : ‏(‏لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هوعلى وجه الأرض أحد‏؟‏‏)‏‏.‏  وفى نفس الوقت يستدل على حياة الخضر بهجص البخارى عن علامات الساعة من ظهور الدجال والجساسة . وابن تيمية بهذا يكفر بآيات القرآن الكريم التى تؤكد أن النبى لا يعلم الغيب وليس له أن يتكلم فيه ولم يكن يعلم موعد الساعة ولا علاماتها .

  

 الفصل الرابع : هجص الخضر عند ابن القيم

أولا :

1 ـ فى كتابه ( المنار المنيف فى الصحيح والضعيف ) ينفى ابن القيم الأحاديث التى فيها حياة الخضر ، يقول بكل جُرأة عن الأحاديث الموضوعة : (   ومنها الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته كلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد  ،  كحديث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد فسمع كلاما من ورائه فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر  ، وحديث يلتقي الخضر وإلياس كل عام  ، وحديث يجتمع بعرفة جبريل وميكائيل والخضر الحديث المفترى الطويل  . سئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وأنه باق فقال من أحال على غائب لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان   ،  وسئل البخاري عن الخضر وإلياس هل هما أحياء فقال كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يبقى على رأس مئة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد  )    

2 ـ هذا كلام جميل لولا أن ابن القيم مثل شيخه ابن تيمية حين كان ينفى حياة الخضر مُستشهدا بحديث البخارى (لا يبقى على رأس مئة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد  ). هو حديث يؤكد أن البخارى حين إفتراه كان يضع عقله فى دبره ، ليس فقط لأن النبى لم يكن يعلم الغيب ولا يعلم ما سيحدث له أو لغيره فى المستقبل ، وقد قال له ربه جل وعلا : ( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) الاحقاف )، ولكن أيضا لأن هذا الحديث المضحك يقول بفناء البشر بعد مائة عام من عصر الرسول . ووجود البخارى نفسه حيا بعد قرنين وأكثر من موت النبى عليه السلام دليل على بطلان هذا الحديث ، وعلى أنه فعلا فإن البخارى حين إفترى هذا الحديث كان يضع عقله فى دبره . وجاء تلميذه ( مسلم ) فروى نفس الحديث بصورة مختلفة ، وجاء ابن تيمية وابن القيم يستشهدون بهذا الحديث ـ

3 ــ بل حتى فى عصرنا البائس لا يزال يوجد من يدافع عن هذا الحديث دفاعا عن البخارى وحربا لرب العزة جل وعلا ورسوله ، مما يؤكد أنهم جميعا قد إختاروا بمحض إرادتهم أن يضعوا عقولهم فى أدبارهم .وإذا أردت ـ عزيزى القارىء ــ أن تتسلى برؤية هذه المخلوقات التى تفكر بمؤخراتها فانظر الى الدُعاة السلفيين ودفاعهم المستميت عن البخارى . وتمسكا بالانصاف فإن هذه المصيبة ( التفكير بالمؤخرة ) تشمل أيضا دُعاة كل الأديان الأرضية من شيعة وصوفية وكاثوليك وبروتستانت و أرثو ذكس .الفارق أن دُعاة الأديان الأرضية المسيحية يحتفظون بمحاضراتهم داخل كنائسهم وقلما يذيعونها على الملأ ، أما دُعاة الأديان الأرضية من المحمديين فهم يذيعون فى القنوات الفضائية هذا ( الهُراء ) ( بالهاء ويجوز إستبدال الهاء بالخاء ) ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعا ، وأصبح هذا ( الهُراء ) ( بالهاء ويجوز إستبدال الهاء بالخاء ) فضائح يتسلى بها رواد الانترنت واليوتوب .

 الأفظع هو فيما يقترفه دُعاة السلفيين الوهابيين ممن يعبد البخارى ــ أنهم يقرنون خرافاتهم السنية بدعوتهم الى إستحلال الدماء والأعراض ، وتقوم داعش بتطبيق هذا الجهاد السنى السلفى بكل إخلاص  ،ممّا سبّب دمار سوريا وتشريد أهلها ، وبينما يهب الغرب لنجدة اللاجئين السوريين برغم تخوفه من مكائد داعش فإن دُعاة الوهابيين السنيين ـ أتباع البخارى وابن تيمية وابن القيم ــ لا يزالون يسكبون الزيت على النار .

4 ــ نعود الى ابن القيم وموقفه الرافض لحياة الخضر ، ونعيد التأكيد أنه رفض هجص حياته الأبدية ، ولكنه إستشهد بهجص البخارى فى أنه بعد مائة عام سيفنى البشر . والغريب أن ابن القيم كان يحلو له الاستشهاد بهذا الحديث  المضحك ، بحيث كرّر الاستشهاد به ، بما يؤكد أن هؤلاء الأعلام السنيين ـ كان قد أحكم الشيطان سيطرته على قلوبهم فأفقدهم التمييز ، وأزال الفوارق بينهم وبين الأنعام فكانوا أسوأ من الأنعام ، وهذا يذكرنا بقوله جل وعلا عن المشركين : (  أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) الفرقان ) وقوله جل وعلا :(  وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177) مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (178) وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (179)  الاعراف  ) وقوله جل وعلا ( أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) الجاثية  )

5 ــ وجود ابن القيم حيا فى القرن الثامن الهجرى دليل حسى على بطلان حديث البخارى ، ولكنه يعيد الاستشهاد بهذا الحديث فيقول نقلا عن شيخه ابن تيمية : ( وأما السنة فذكر حديث " أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى على ظهر الأرض ممن هو اليوم عليها أحد : متفق عليه ) أى طالما هو حديث متفق عليه بين البخارى ومسلم فليضعوا عقولهم فى مؤخراتهم . ويقول ابن الجوزى : ( وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل ما من نفس منفوسة يأتي عليها مئة سنة وهي يومئذ حية ) . ويُعيد ابن القيم هذا ( البُراز السُّنّى ) بزعم الاجماع فيقول : (  وأما إجماع المحققين من العلماء فقد ذكر عن البخاري وعلي بن موسى الرضا أن الخضر مات وأن البخاري سئل عن حياته فقال وكيف يكون ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن على ظهر الأرض أحد  . )

6 ـ  ولكن يبقى أن ابن القيم كان أفضل من شيخه ابن تيمية فى موضوع حياة الخضر ، وهذا لسببين : أن ابن القيم تمسك برفض حياة الخضر بينما قال ابن تيمية بالرأى ونقيضه ، ثم إن إبن تيميه أسرف فى التكفير وقتل من يخالفه فى الرأى وهذا ما لم يفعله ابن القيم .

أخيرا :

1 ـ ما نقوله عن هجص الخضر ليس منفصلا عن الواقع ، فهجص الخضر لا يزال يعيش فى البخارى وابن تيمية وابن القيم ، ومنذ أربعين عاما وقبل أن تتسيد الوهابية كنا ندرس هذا الهجص فى الأزهر فى مقرراته وكتبه الصفراء . وكنا نخجل من إذاعتها ونشرها ونتندر عليها . ثم جاء قطار النفط  السعودى الوهابى السريع فنشر الهجص السنى واصبحت كتب التراث الصفراء أكثر بياضا وأكثر إنتشارا ، وسادت ثقافة داعش الوهابية التيمية السلفية الحنبلية السنية ، واصبح الأزهر بقيادتة الوهابية الداعشية متمسكا بمناهجه الداعشية ، وهو ــ الأزهر ــ  يقوم الآن بسجن من يناقش مؤلفاته ومناهجه .

2 ــ هنا يتحول ( الهجص ) المضحك الى ( هجص ) مؤلم مُقرف !!..

 

 

الفصل الخامس :  هجص الخضر عند ابن كثير

أولا : طُظ فيهم كلهم 

1 ـ وقف المدرس يقول : ( قال البخاري‏:‏ حدثنا قتيبة، حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏‏(‏حاجَّ موسى آدم عليهما السلام فقال له‏:‏ أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم‏.قال آدم‏:‏ يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني، أو قدره علي قبل أن يخلقني‏.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فحجَّ آدم موسى‏)‏‏)‏‏.وقد رواه مسلم، عن عمرو الناقد، والنسائي، عن محمد بن عبد الله بن يزيد، عن أيوب بن النجار به‏.وقد رواه أحمد، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة‏.  رواه مسلم، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به‏. وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا أبو كامل، حدثنا إبراهيم، حدثنا أبو شهاب، عن حميد، بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏: ‏(‏‏(‏احتج آدم وموسى، فقال له موسى‏:‏ أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة‏.فقال له آدم‏:‏ وأنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته، وبكلامه، تلومني على أمر قدر عليَّ قبل أن أخلق‏. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى مرتين‏)‏‏)‏‏.وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا زائدة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي"RTL">3 ـ ندخل بذلك على هجص الخضر الذى أورده ابن كثير فى تاريخه ( البداية والنهاية ) . ونلاحظ أنه أورده فى ( التاريخ ) يعنى أنه يؤمن بأن هذا الهجص الذى ينقله كان تاريخا حديث بالفعل ..ولا داعى لأن نكرر ما قلناه آنفا عن ابن القيم الذى كان رفيقا لابن كثير فى العصر وفى المذهب ..وفى الهجص..!!..

4 ـ نورد بعض ما قاله ابن كثير دون تعليق .. رفقا بالقوارير ..!! 

أخيرا : مقتطفات مما قاله ابن كثير فى هجص الخضر تحت عنوان (  ذكر قصتي الخضر وإلياس عليهما السلام )

1 ــ (  .. وقد اختلف في الخضر في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن - على أقوال - سأذكرها لك ههنا إن شاء الله وبحوله وقوته‏.‏ قال الحافظ ابن عساكر‏:‏ يقال‏:‏ إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه‏.‏ ثم روى من طريق الدارقطني‏:‏  .. عن ابن عباس قال‏:‏ الخضر بن آدم لصلبه، ونسيء ( أآ زيد له )  له في أجله حتى يكذب الدجال.. ،  وقال أبو حاتم  ‏:‏ سمعت مشيختنا .. قالوا‏:‏ إن أطول بني آدم عمراً الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم‏.‏ قال‏:‏ وذكر ابن إسحاق‏:‏ أن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة، أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة، وأن يدفنوه معهم في مكان عينه لهم‏. فلما كان الطوفان حملوه معهم، فلما هبطوا إلى الأرض أمر نوح بنيه أن يذهبوا ببدنه فيدفنوه حيث أوصى‏.‏ فقالوا‏:‏ إن الأرض ليس بها أنيس وعليها وحشة فحرضهم وحثهم على ذلك‏. وقال‏:‏ إن آدم دعا لمن يلي دفنه بطول العمر، فهابوا المسير إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت، فلم يزل جسده عندهم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه، وأنجز الله ما وعده فهو يحيى إلى ما شاء الله له أن يحيى‏.‏ وذكر ابن قتيبة في المعارف عن وهب بن منبه‏:‏ أن اسم الخضر ‏{‏بليا‏}‏ ويقال‏:‏ إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وقال إسماعيل بن أبي أويس‏:‏ اسم الخضر .. المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن لازد‏. وقال غيره‏:‏ هو‏:‏ خضرون بن عمياييل بن اليفز بن العيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل‏.ويقال‏:‏ هو أرميا بن خلقيا.. . وقيل‏:‏ إنه كان ابن فرعون صاحب موسى ملك مصر.  وقيل‏:‏ إنه كان على مقدمة ذي القرنين‏.وقيل‏:‏ كان ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل وهاجر معه‏. وقيل‏:‏ كان نبيا في زمن بشتاسب بن لهراسب‏.  ‏.وروى الحافظ بن عساكر عن سعيد بن المسيب أنه قال‏:‏ الخضر أمه رومية وأبوه فارسي‏.‏  وقد ورد ما يدل على أنه كان من بني إسرائيل في زمان فرعون أيضاً‏.  ..‏.قال البخاري رحمه الله‏:‏ حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏‏‏(‏إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء‏)‏‏)‏‏. ..قال الخطابي‏:‏ إنما سمي الخضر خضرا لحسنه وإشراق وجهه‏.‏

وتقدم أن موسى ويوشع عليهما السلام لما رجعا يقصان الأثر وجداه على طنفسة خضراء على كبد البحر، وهو مسجى بثوب، قد جعل طرفاه من تحت رأسه وقدميه، فسلم عليه السلام‏.‏فكشف عن وجهه فرد وقال‏:‏ أني بأرضك السلام‏؟‏ من أنت‏؟‏ قال‏:‏ أنا موسى‏.‏قال‏:‏ موسى نبي بني إسرائيل‏؟‏قال‏:‏ نعم‏.‏ .. قال البيهقي‏:‏ أنبأنا أبو سعيد ابن أبي عمرو، حدثنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا جرير، حدثني أبو عبد الله الملطي قال‏:‏ لما أراد موسى أن يفارق الخضر‏.‏قال له موسى‏:‏ أوصني‏.‏

قال‏:‏ كن نفاعاً ولا تكن ضراراً، كن بشاشاً ولا تكن غضبان، ارجع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة‏.‏

وفي رواية من طريق أخرى زيادة‏:‏ ولا تضحك إلا من عجب‏.‏ وقال وهب بن منبه‏:‏ قال الخضر‏:‏ يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها‏.‏وقال بشر بن الحارث الحافي‏:‏ قال موسى للخضر‏:‏ أوصني‏.‏ فقال‏:‏ يسر الله عليك طاعته‏.‏...وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني‏:‏  ..أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه‏:‏ ‏(‏‏(‏ألا أحدثكم عن الخضر‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏قالوا‏:‏ بلى يا رسول الله‏.‏  قال‏:‏ ‏(‏‏(‏بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب‏.‏فقال‏:‏ تصدق عليّ بارك الله فيك‏.‏فقال الخضر‏:‏ آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون، ما عندي من شيء أعطيكه‏.‏فقال المسكين‏:‏ أسألك بوجه الله لما تصدقت علي، فإني نظرت إلى السماء في وجهك ورجوت البركة عندك‏.‏فقال الخضر‏:‏ آمنت بالله ما عندي من شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني‏.‏فقال المسكين‏:‏ وهل يستقيم هذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما أني لا أخيبك بوجه ربي بعني‏.‏ قال‏:‏ فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء‏.‏فقال له‏:‏ إنك ابتعتني التماس خير عندي، فأوصني بعمل‏.‏ قال‏:‏ أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف‏.‏قال‏:‏ ليس يشق علي‏.‏

قال‏:‏ فانقل هذه الحجارة، وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم، فخرج الرجل لبعض حاجاته ثم انصرف، وقد نقل الحجارة في ساعة‏.‏فقال‏:‏ أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه، ثم عرض للرجل سفر، فقال‏:‏ إني أحسبك أميناً فاخلفني في أهلي خلافة حسنة‏.‏قال‏:‏ فأوصني بعمل‏.‏قال‏:‏ إني أكره أن أشق عليك‏.‏قال‏:‏ ليس تشق علي‏.‏قال‏:‏ فاضرب من اللبن لبيتي، حتى أقدم عليك، فمضى الرجل لسفره فرجع، وقد شيد بناؤه فقال‏:‏ أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك‏؟‏ فقال‏:‏ سألتني بوجه الله، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية، سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي من شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي، فباعني وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو بقدر، وقف يوم القيامة جلده لا لحم له ولا عظم، يتقعقع‏.‏فقال الرجل‏:‏ آمنت بالله، شققت عليك يا نبي الله، ولم أعلم‏.‏فقال‏:‏ لا بأس أحسنت وأبقيت‏.‏ فقال الرجل‏:‏ بأبي وأمي يا نبي الله، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله، أو أخيرك فأخلي سبيلك‏.‏

فقال‏:‏ أحب أن تخلي سبيلي فأعبد ربي، فخلى سبيله‏.‏فقال الخضر‏:‏ الحمد لله الذي أوقعني في العبودية، ثم نجاني منها‏)‏‏)‏‏.‏

وقد روى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى السدي‏:‏ أن الخضر وإلياس كانا أخوين‏.‏ وكان أبوهما ملكاً فقال إلياس لأبيه‏:‏ إن أخي الخضر لا رغبة له في الملك، فلو أنك زوجته لعله يجيء منه ولد يكون الملك له‏.‏

فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر‏.‏ فقال لها الخضر‏:‏ إنه لا حاجة لي في النساء فإن شئت أطلقت سراحك، وإن شئت أقمت معي تعبدين الله عز وجل وتكتمين علي سري‏؟‏ . فقالت‏:‏ نعم، وأقامت معه سنة، فلما مضت السنة دعاها الملك فقال‏:‏ إنك شابة وابني شاب، فأين الولد‏؟‏ فقالت‏:‏ إنما الولد من عند الله، إن شاء كان، وإن لم يشأ لم يكن‏.‏ فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها، فلما زفت إليه قال لها كما قال للتي قبلها، فأجابت إلى الإقامة عنده‏.‏فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد فقالت‏:‏ إن ابنك لا حاجة له بالنساء، فتطلبه أبوه فهرب، فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه‏.‏  فيقال‏:‏ إنه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره، فهرب من أجل ذلك، وأطلق سراح الأخرى، فأقامت تعبد الله في بعض نواحي تلك المدينة، فمر بها رجل يوماً فسمعته يقول‏:‏ بسم الله‏.‏فقالت له‏:‏ أنى لك هذا الاسم‏؟‏ فقال‏:‏ إني من أصحاب الخضر، فتزوجته فولدت له أولاداً‏.‏ ثم صار من أمرها أن صارت ماشطة بنت فرعون، فبينما هي يوماً تمشطها، إذ وقع المشط من يدها، فقالت‏:‏ بسم الله‏.‏فقالت ابنة فرعون‏:‏ أبي‏؟‏ فقالت‏:‏ لا، ربي وربك ورب أبيك، الله‏.‏فأعلمت أباها، فأمر بنقرة من نحاس فأحميت، ثم أمر بها فألقيت فيه، فلما عاينت ذلك تقاعست أن تقع فيها، فقال لها ابن معها صغير‏:‏ يا أمه اصبري فإنك على الحق فألقت نفسها في النار، فماتت رحمها الله‏.‏

وقد روى ابن عساكر، .. أن الخضر جاء ليلة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو ويقول‏:‏ ‏‏(‏اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني، وارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه‏)‏‏)‏‏.‏فبعث إليه رسول الله أنس بن مالك فسلم عليه، فرد عليه السلام وقال‏:‏ قل له‏:‏ إن الله فضلك على الأنبياء كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وفضل أمتك على الأمم كما فضل يوم الجمعة على غيره‏.‏ ) ...فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي قائلاً‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو بكر بن بالويه، قال‏:‏ حدثنا محمد بن بشر بن مطر، قال‏:‏ حدثنا كامل بن طلحة، قال‏:‏ حدثنا عباد بن عبدالصمد، عن أنس بن مالك قال‏:‏ لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه، فبكوا حوله، واجتمعوا فدخل رجل أشهب اللحية، جسيم صبيح، فتخطى رقابهم، فبكى، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن في الله عزاء من كل مصيبة وعوضا من كل فائت، وخلفا من كل هالك، فإلى الله فأنيبوا وإليه فارغبوا، ونظر إليكم في البلاء، فانظروا فإن المصاب من لم يجبر وانصرف، فقال بعضهم لبعض‏:‏ تعرفون الرجل‏؟‏ فقال أبو بكر وعلي : نعم‏:‏ هو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر عليه السلام‏.‏ )

 وقال الشافعي في ‏(‏مسنده‏)‏‏:‏ أخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين قال‏:‏ لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية سمعوا قائلا يقول‏:‏ إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب‏.‏ قال علي بن الحسين‏:‏ أتدرون من هذا، هذا الخضر‏.‏) .. عن محمد بن المنكدر‏:‏ أن عمر بن الخطاب بينما هو يصلي على جنازة إذ سمع هاتفاً وهو يقول‏:‏ لا تسبقنا يرحمك الله، فانتظره حتى لحق بالصف، فذكر دعاءه للميت إن تعذبه فكثيراً عصاك، وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك‏.‏ولما دفن قال‏:‏ طوبى لك يا صاحب القبر، إن لم تكن عريفا أو جابيا أو خازنا أو كاتبا أو شرطيا‏.‏فقال عمر‏:‏ خذوا الرجل نسأله عن صلاته وكلامه عمن هو‏.‏قال‏:‏ فتوارى عنهم فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع، فقال عمر‏:‏ هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏  وهذا الأثر فيه مبهم وفيه انقطاع ولا يصح مثله‏.‏

وروى الحافظ بن عساكر ... عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ دخلت الطواف في بعض الليل فإذا أنا برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول‏:‏ يا من لا يمنعه سمع من سمع، ويا من لا تغلطه المسائل، ويا من لا يبرمه إلحاح الملحين، ولا مسألة السائلين ارزقني برد عفوك وحلاوة رحمتك‏.‏ قال‏:‏ فقلت‏:‏ أعد علي ما قلت‏.‏

فقال لي‏:‏ أو سمعته‏؟‏قلت‏:‏ نعم‏.‏فقال لي‏:‏ والذي نفس الخضر بيده‏.‏ قال‏:‏ وكان هو الخضر لا يقولها عبد خلف صلاة مكتوبة إلا غفر الله له ذنوبه، ولو كانت مثل زبد البحر، وورق الشجر، وعدد النجوم لغفرها الله له‏.‏

وروى ابن عساكر .. قال‏:‏ إلياس والخضر يصومان شهر رمضان ببيت المقدس، ويحجان في كل سنة، ويشربان من ماء زمزم شربة واحدة تكفيهما إلى مثلها من قابل‏. وروى ابن عساكر أن الوليد بن عبد الملك بن مروان، باني جامع دمشق، أحب أن يتعبد ليلة في المسجد، فأمر القوم أن يخلوه له ففعلوا، فلما كان من الليل جاء من باب الساعات فدخل الجامع، فإذا رجل قائم يصلي فيما بينه وبين باب الخضراء، فقال للقوم‏:‏ ألم آمركم أن تخلوه‏؟‏ فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين، هذا الخضر يجيء كل ليلة يصلي ههنا‏.‏... وروى ابن عساكر أيضا‏:‏ أنه اجتمع بإبراهيم التيمي، وبسفيان بن عيينة، وجماعة يطول ذكرهم‏.‏...وهذه الروايات والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم، وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جداً لا يقوم بمثلها حجة في الدين، والحكايات لا يخلو أكثرها عن ضعف في الإسناد، وقصراها أنها صحيحة إلى من ليس بمعصوم من صحابي أو غيره، لأنه يجوز عليه الخطأ والله أعلم‏.‏

وقال عبد الرزاق‏:‏ أنبأنا معمر، عن الزهري، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا سعيد قال‏:‏ حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثاً طويلاً عن الدجال‏.‏ وقال فيما يحدثنا‏:‏‏(‏‏(‏يأتي الدجال - وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة - فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس، أو من خيرهم‏.‏ فيقول له‏:‏ أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه‏.‏فيقول الدجال‏:‏ أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر‏؟‏ فيقولون‏:‏ لا‏.‏فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحيى‏:‏ والله ما كنت أشد بصيرة فيك مني الآن‏.‏قال‏:‏ فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه‏)‏‏)‏‏.‏

قال معمر‏:‏ بلغني أنه يجعل على حلقه صحيفة من نحاس، وبلغني أنه الخضر الذي يقتله الدجال ثم يحييه، وهذا الحديث مخرج في ‏(‏الصحيحين‏)‏ من حديث الزهري به‏.‏  وقال أبو اسحق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الراوي، عن مسلم‏:‏ الصحيح أن يقال‏:‏ إن هذا الرجل الخضر. .. وأما الذين ذهبوا إلى أنه قد مات، ومنهم‏:‏ البخاري، وإبراهيم الحربي، وأبو الحسين بن المنادي، والشيخ أبو الفرج بن الجوزي، وقد انتصر لذلك، وألف فيه كتاباً سماه‏:‏ ‏(‏عجالة المنتظر في شرح حالة الخضر‏)‏ فيحتج لهم بأشياء كثيرة. ) ..

  2 ــ ..وتكفى هذه الجُرعة من الهجص ..

 

 

 

 

الفصل السادس : هجص الخضر فى مؤلفات ابن حجر العسقلانى  ت 852

  أولا :

1 ـ فى عصر الإزدهار العلمى نبغ المعتزلة فى الفكر الدينى ونبغ أعلام فى الطب والفلسفة والطبيعيات ، من ابن سينا والفارابى والرازى الطبيب وجابر بن حيان والبيرونى ، ومئات العلماء الحقيقيين الذين لم يكتفوا بترجمة التراث العلمى اليونانى والشرقى بل أضافوا له تنقيحا ، وكان عملهم هوالأساس الذى قامت عليه النهضة الأوربية فيما بعد . ولا يزالون حتى الآن محل تقدير عالمى خصوصا فى الغرب .

فى عصر الازدهار هذا كان لأولئك العلماء الأفذاذ مشاركة فى العلوم الفلسفية والمنطق والشريعة بالاضافة الى تخصصاتهم . وفى المقابل كان يوجد للتخلف أتباع ، أُطلق عليهم لقب ( الحشوية ) لأنهم ـ عجزا منهم عن الاجتهاد العقلى ـ كانوا ( يحشون عقولهم ) بأقاويل ينسبونها للنبى محمد عليه السلام ـ بعد موته بقرون ــ ليحصنوا أقوالهم من النقد . وبهذا السند المصنوع تحولت أقوالهم الى ( دين ) ولكنه دين أرضى يمتلىء إختلافا وخرافة وهجصا .

وأدت الظروف السياسية العباسية الى إنحياز الخلافة العباسية ــ فى عصر ضعفها ـ لأولئك ( الحشوية ) بدءا من عصر الخليفة المتوكل ، وهو بداية العصر العباسى الثانى ، فتبدل إسم ( الحشوية ) الى ( السُّنّة )، وشيئا فشيئا تحولت الحشوية الى دين رسمى للدولة العباسية خصوصا مع ظهور دول التشيع ( الفاطمية والقرامطة ). ودفع الثمن التيار المتفتح العقلى العلمى ووقع أصحابه تحت نير الاضطهاد ، فبدا بالانحسار ثم انتهى وتعرض آخر اعلامه وهو الفقيه القاضى الفيلسوف ابن رشد ت 595  للإضطهاد وحرق مؤلفاته . وبهذا تسيّد السنيون الساحة الفكرية ، وأصبح الأكثر جهلا وتزمتا وتعصبا هو الأكثر نفوذا وتسلطا . ولهذا تسلط الحنابلة على الشارع العباسى على نحو ما شرحناه فى كتاب ( الحنبلية ــ أم الوهابية ـ وتدمير العراق فى العصر العباسى الثانى ) والمنشور مقالاته هنا . وإمتد إضطهاد الحنابلة فأبادوا المعتزلة وحولوا أواخرحياة الطبرى الى جحيم .

2 ـ ولم يقتصر الدور التدميرى للسنيين على نسف وتدمير الجهد العلمى والعقلى للعلماء الأفذاذ بل تعداه الى جعل جهلهم دينا ، فوضعوا أحاديث فى الطب والفلك والعلوم تنضح بالجهل ، ووصل جهلهم الى علم التأريخ فكتبوا فى التاريخ الماضى خرافات ، كانوا يبدأون بها كتب الحوليات ، ويجعلون بعض رواياتهم أحاديث ، كما سبق .

3 ـ المشكلة أن هذا الجهل تحول فى العصر المملوكى الى دين مقدس بتقديس البخارى ، وعقد ميعاد لتلاوته وإستظهاره ليالى رمضان من كل عام  . وفى العصر المملوكى كان إعادة كتابة مؤلفات العصر العباسى ، بعد تدمير المغول لبغداد . وعكف علماء العصر المملوكى على العناية بمؤلفات الحديث وخصوصا البخارى وشرحها ، وكان أبرز من شرحه القاضى الفقيه المؤرخ ابن حجر العسقلانى بلقب ( أمير المؤمنين فى الحديث ) .

أضاع ابن حجر هذا وقته وجهده فى هجص البخارى ، مختلفا بذلك عن رفيقه المؤرخ تقى الدين المقريزى ( ت 845 ) الذى أنفق حياته فى أعمال تاريخية أفضل وأكثر إحتراما .

4 ـ ولا أدل على ولع ابن حجر العسقلانى بالهجص من إهتمامه بهجص الخضر . ويبدو هذا الولع فى الآتى :

4 / 1 : أن إبن حجر تفرّد بأن جعل الخضر ضمن الصحابة ، وترجم له فى كتابه ( الإصابة في تمييز الصحابة ). ومع انه نقل عن السابقين ترجمة وتاريخ الصحابة خصوصا ما قام به المؤرخ ابن الأثير فى كتابه ( أُسد الغابة  فى معرفة الصحابة ) وما كتبه من قبل ابن سعد ت 230 فى الطبقات الكبرى ، إلا أنهما ( ابن الأثير وابن سعد ) وغيرهما لم يرتكبا هذه الجريمة الدينية والفكرية التى ارتكبها ابن حجر فى جعل الخضر ضمن الصحابة . ابن الأثير إكتفى فقط بذكر الخضر فى بداية تاريخه ( الكامل ) متابعا للطبرى . أما ابن سعد فلم يكن عصره يعرف ــاصلا ـ هجص الخضر . جاء ابن حجر بعد ابن سعد بأكثر من ستة قرون ليجعل الخضر ضمن الصحابة .

4 / 2 ـ  وقد ذكر ابن حجر لمحة عن اسطورة الخضر وكونه درجة عليا فى مملكة الصوفية الوهمية من القطب وقطب الأقطاب . ذكر هذا فى كتابه ( الدررالكامنة فى أعيان المائة الثامنة ) دون أن ينقده . وقد عرضنا لهذا من قبل .

4 / 3 : ثم أفرد ابن حجر كتابا كاملا ذكر فيه كل ما يعرفه عن الخضر ، وهو كتاب:( الزَّهْرُ النَّضِرُ فِيْ أَخْبَارِ الْخَضِرِ) . لم يأت ابن حجر بجديد فى الهجص ، تابع من سبقه نقلا عنهم ، وحتى تناقض مع نفسه ، فبينما يذكر أن الخضر هو رأس المملكة الصوفية الباطنية (أى  هو إله حى متحكم فى العالم  ) يقول فى كتابه ( الزَّهْرُ النَّضِرُ فِيْ أَخْبَارِ الْخَضِرِ):( والذي تميل إليه النفس من حيث الأدلة القوية خلاف ما يعتقده العوام من استمرار حياته. ) أى ينكر استمرار حياته ..

ثانيا :

عرض سريع للعناوين التى قالها ابن حجر فى هجص الخضر  فى ( الاصابة ..):

أفرد ابن حجر لهجص الخضر عددا من الصفخات فى كتابه (الاصابة فى تمييز الصحابة   ) بما يزيد عن 12 الف كلمة . تحت العناوين التالية : (http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gif‏[‏2272‏]‏ الخضر صاحب موسى عليه السلام : ) ( http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب نسبه ) ( http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب ما ورد في كونه نبيًا ) ( http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب ما ورد في تعميره والسبب في ذلك ) ( http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifذكر من ذهب إلى أن الخضر مات ) ( http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifذكر الأخبار التي وردت أن الخضر كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعده إلى الآن ) ( http://www.al-eman.com/images/book/arrow_top.gifباب ما جاء في بقاء الخضر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ومن نقل عنه أنه رآه وكلمه )

ثالثا :

عرض سريع للعناوين التى قالها ابن حجر فى هجص الخضر  فى ( الزَّهْرُ النَّضِرُ فِيْ أَخْبَارِ الْخَضِرِ)

ـ يبدو أن كل هذا الكمّ من الهجص الذى أورده ابن حجر عن الخضر لم يكف ، فكرر نفس   الهجص فى كتابه (الزهر النضر في أخبار الخضر) فى 12686 كلمة . كرر فيها ـ تقريبا ـ  نفس ما ذكره فى كتاب ( الاصابة ). وهو ــ تقريبا ـ ما قاله السابقون من البخارى وابن تيمية وابن القيم وابن كثير . أى لم يأت بجديد .!

رابعا :

 أضاع ابن حجر حياته ينقل هجص السابقين سواء فى شرح البخارى أو فى هجص الخضر . كان يمكن أن يجتهد لعصره فيما يفيد وينفع ، وقد فعل ذلك المقريزى فى رسائله الصغيرة والكثيرة ، وفى موسوعاته التاريخية المتعددة من ( المقفى ) الى ( السلوك ) والتى لم يتحرج فيها عن الهجوم على المماليك وظلمهم . ولكن ابن حجر آثر مهادنة الظلم ومعايشته. وبينما إنتقد المقريزى الصوفية فى كتابه ( الخطط ) وانتقد عقائدهم فى رسالته ( تجريد التوحيد المفيد ) فإن ( الفقيه قاضى القضاة الشافعى ابن حجر )آثر مهادنة الصوفية أصحاب النفوذ . وأمضى حياته يجتر هجص البخارى ويشرحه ويجتر هجص الخضر ويكرره .

خامسا :

1 ـ وحتى لا ينتهى هذا المقال بدون إستشهاد ، ننقل بعض هجص ابن حجر فى كتابه ( الزهر النضر فى أخبار الخضر ) .

2 ــ يقول فى مقدمته : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ .          الحمد لله المنفرد بالبقاء والدوام وعلى من خصه بمزيد التفضيل والسيادة مزيد الصلاة والسلام وأنزل عليه في الكتاب المكنون:{  وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون}وعلى آله وصحبه الذين كانوا يأمرون بالخير ويأتمرون صلاة وسلاما دائمين إلى يوم يبعثون .

أما  بعد! . فقد تكرر السوال - قديما وحديثا- عن الخضر -صاحب موسى- هل هو نبي أو ولي

 وهل عمر إلى أن أدرك بعثة النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعاش بعده أو مات قبل ذلك

أو هو حي باق وعن كثير من أخباره . وكنت جمعت في ذلك مما صنف فيه بخصوصه من القدماء أبو الحسين بن المنادي ، ومن المتأخرين أبو الفرج بن الجوزي ، وأضفت إليهما أشياء ظفرت بها بطول التتبع . ثم لما التزمت في كتابي "الإصابة في تمييز الصحابة" أن أذكر كل ما جاء في خبر من الأخبار أنه لقي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لزم ذكرى للخضر - عليه السلام- لأنه من شرط الإصابة وإن لم يرد في خبر ثابت أنه من جملة الصحابة ، وقد أفردته الآن ليقف كل سائل عنه على كل ما كنت قرأته وسمعته وجعلته أبوابا ، والله أسأل النفع به إنه قريب مجيب. باب نسبه :   قيل هو ابن آدم من صلبه وهذا قول رواه الدار قطني في الافراد من طريق رواد بن الجراح عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-

ورواد ضعيف ومقاتل مترك ، والضحاك لم يسمع من ابن عباس -رضي الله عنهما- ، القول الثاني  إنه ابن قابيل بن آدم ذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين قال حدثنا مشيختنا منهم أبو عبيدة فذكره وهذا معضل وحكى صاحب هذه المقالة أن اسمه خضرون وهو الخضر

 القول الثالث  جاء عن وهب بن منبه أنه بليا بن ملكان بن فالغ ، بن شالخ بن عامر بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، وبهذا قال ابن قتيبة وحكاه النووي وزاد وقيل كلمان بدل ملكان . القول الرابع  جاء عن اسماعيل بن أبي أويس إنه المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد ، وقيل اسمه عامر حكاه أبو الخطاب بن دحية عن ابن حبيب البغدادي،  القول الخامس   هو ابن عمائيل بن النور بن العيص بن إسحاق حكاه ابن قتيبة أيضا وكذا سمى أباه عمائيل مقاتل , القول السادس  أنه من سبط هارون أخي موسى روى عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو بعيد .. وأعجب منه قول ابن إسحاق أنه أرميا بن خلقيا وقد رد ذلك أبو جعفر بن جرير . القول السابع  إنه ابن بنت فرعون حكاه محمد بن أيوب عن ابن لهيعة وقيل ابن فرعون لصلبه حكاه النقاش . القول الثامن  إنه اليسع حكى عن مقاتل أيضا وهو بعيد أيضا . القول التاسع  أنه من ولد فارس جاء ذلك عن ابن شوذب أخرجه الطبري بسند جيد من رواية ضمرة بن ربيعة عن ابن شوذب . القول العاشر  إنه من ولد بعض من كان آمن بإبراهيم وهاجر معه من أرض بابل حكاه ابن جرير في تأريخه وقيل كان أبوه فارسيا وأمه رومية . وثبت في الصحيحين أن سبب تسميته الخضر أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء

هذا لفظ أحمد من رواية ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة - رضي الله - عنه و الفروة الأرض اليابسة ...الخ ).

أخيرا :

1 ـ إستمر العصر المملوكى من القرن 13 الى القرن 16  يجتر هجص السنة والتصوف ، وبعد بداية العصر المملوكى بقرن تقريبا بدأت أوربا نهضتها بترجمة الحركة العلمية التى قام بها أفذاذ العلماء فى العصر العباسى المُشار اليهم . وبينما بدأت أوربا بالنهوض كان المسلمون يدخلون فى التخلف السنى يحسبونه دينا . وبينما كان علماء أوربا ينشطون فى ترجمة كتب ابن سينا والفارابى وابن الهيثم والبيرونى وابن رشد ..الخ كان ابن حجر وغيره منشغلا بتكرار ماقاله البخارى وما إفتراه عن ابن عباس والسدى ووهب بن منبه وقتادة ومسرور ..

2 ـ وقد يكون هذا عارا فى العصر المملوكى .. فماذا عن اليوم ، وقد عاد تقديس هجص البخارى أشدّ ما يكون ، وبه أصبح الاسلام متهما بالتخلف والتزمت والتعصب والارهاب ؟

3 ــ أليس منكم رجل رشيد ؟ 

 

كتاب ( الخضر بين القرآن الكريم وخرافات المحمديين )
هذا الكتاب
بدأ الأمر بسؤال من استاذة جامعية قرآنية عن قتل العبد الصالح للغلام فى قصة موسى ، فكتبت مقالا بعنوان ( وما فعلته عن أمرى ) ، ثم توالت أسئلة فتوالت المقالات تحت عنوان ( تدبر قرآنى فى قصة موسى والعبد الصالح ) . ثم جاءت فكرة متابعة الموضوع ، ليكون كتابا عن الخضر بين القرآن الكريم وخرافات المحمديين . يكون فيه ما سبق نشره من المقالات هو الباب الأول من الكتاب . ثم يكون الباب الثانى عن صناعة اسطورة الخضر فى العصر العباسى الثانى بين السنيين والصوفية ، ثم تطور هذه الصناعة للخضر فى العصر المملوكى فى الباب الثالث ثم فى العصر العثمانى فى الباب الرابع . ثم الخاتمة.
more