المصري اليوم» ترصد تفاصيل إطلاق شرطى الرصاص على سائق فى شبرا الخيمة لرفضه دفع رشوة:
المصري اليوم» ترصد تفاصيل إطلاق شرطى الرصاص على سائق فى شبرا الخيمة لرفضه دفع رشوة

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٩ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: المصرى اليوم


عاشت منطقة بهتيم مساء أمس الأول، حالة من الرعب عندما فزعوا على أصوات طلقتى رصاص داخل أتوبيس خاص، واكتشفوا أن مندوب شرطة أطلق الرصاص على رأس السائق فى حضور التباع، الذى أكد أن خلافًا حدث على قيمة رشوة، بينما قال مصدر أمنى إن الشرطى أطلق النار لمنع السائق من الهروب فى الشوارع الجانبية: «المصرى اليوم» رصدت التفاصيل:

«١»

لم تكن أم محمد حسن – سائق الأتوبيس الذى أطلق عليه شرطى الرصاص - تدرى وهى توقظه فجر الأربعاء ليذهب إلى عمله أنها ربما كانت توقظه لآخر مرة فى حياتها، وأنه سيرقد غائبا عن الوعى قريبا من الموت، نادته «اصحى يا ابنى عشان تروح الشغل» تكاسل قليلا فنهرته وذكرته بأنه سيقرأ الفاتحة بعد أسبوع ويصبح عريسًا، ويحتاج إلى طلبات كثيرة للفرح، وأن والده يحتاج إلى ثمن دوائه «فنهض وارتدى ملابسه، طلبت منه والدته أن يرتدى ملابس ثقيلة، بسبب برودة الجو، فأجاب طلبها قائلا لها ادعى لى إن يستر الله طريقى أحسن بقالى ٣ أيام الدنيا قالبة وشها لى».

محمد يبلغ من العمر «٢٤ عامًا» لديه خمسة شقيقات متزوجات يكبرنه، إلا أنه يساعدهن فى نفقات المعيشة، كما أنه ينفق بشكل كامل على والده المعاق ووالدته المسنة، وشقيقه الذى يصغره بعشر سنوات.

تبدأ دورة عمله فى الخامسة فجرًا، حيث يعمل سائقًا مناوبًا على أتوبيس خاص، وينقل مجموعة من العمال إلى مقار عملهم بمصانع التجمع الخامس حتى الثامنة صباحًا، ثم يبدأ فى التحرك على خط سير يبدأ من حى الوايلى وينتهى فى حى باب الشعرية حتى العاشرة صباحا، وينتقل بعدها إلى العمل داخل منطقة الشارع الجديد بشبرا الخيمة حتى الثانية ظهرا، لكى يقوم بتسليم الأتوبيس إلى سائق آخر، يحصل محمد على ثلاثين جنيهًا فى اليوم مقابل عمله، يقوم بإعطاء عشرين جنيهًا لوالدته حتى تدبر نفقات البيت، ويحتفظ لنفسه بعشرة جنيهات ينفق منها طوال اليوم على مأكله ومشربه وتحركاته.

«٢»

فى العاشرة من صباح الأربعاء أوقفت لجنة أمنية محمد على كوبرى مسطرد، وأخذ الضابطان كريم الجنزورى، وأحمد مكى، رخصة محمد وطلبا منه توصيل الركاب إلى الشارع الجديد والعودة بالسيارة لهما مرة أخرى، وأرسلا معه أمين شرطة، والعريف محروس حسنين محمود التابعين لقسم شرطة ثان شبرا الخيمة، وقبل الشارع الجديد نزل أمين الشرطة من السيارة لشراء سجائر، بينما جلس محروس إلى جوار محمد فى مقدمة الأتوبيس، وبعد توصيل الركاب وأثناء العودة إلى الكمين طلب محروس من محمد – حسب رواية نوح السيد تباع الأتوبيس فى تحقيقات النيابة – التوجه إلى شارع جانبى فى منطقة الشارع الجديد، وفى منتصف الشارع أمره بركن سيارته ثم طلب منه ١٠٠ جنيه، حتى «يخلص له حوار الضابط على حد قوله» لكن محمد رد عليه بأنه ليس معه سوى ٥٠ جنيهًا حصيلة عمله، فطلب منه أن يطلب أى صديق ليحضر له باقى المبلغ، فأجابه محمد «هو فرض على ولا أية أنا لسه دافع ٢٥٠ جنيهًا قبل يومين للمرور، ومش معايا فلوس إلا دى عايز تاخدها أهى قدامك مش عايز أعمل اللى إنت عايزه»، فشعر محروس بالإهانة فأخرج سلاحه «الميرى» ووضعه على تابلوه السيارة بعنف، فقال له محمد إنت بتهددنى ولا إيه، فأجابه محروس أيوه ولو مجبتش الـ ١٠٠ جنيه هضربك بالنار، فقال له محمد عايز تضرب، اضرب وريحنى من حياتى ويلا نروح على الكمين وألا هنزلك من عربية، فقام محروس بصفع محمد على وجهه، وحاول ضربه مرة ثانية، فأمسك محمد يده، لجأ محروس إلى سلاحه الميرى، وأطلق رصاصة خدشت ذراع محمد، الذى دفعه بقوة لإخراجه من السيارة، فأطلق عليه طلقة أخرى اخترقت عينه واستقرت فى قاع جمجمته، كما صرح مصدر طبى من داخل مستشفى الدمرداش، التى يرقد محمد بها لـ«المصرى اليوم».

«٣»

عقب إطلاق محروس للطلقة الثانية على محمد فر «نوح» من السيارة بسرعة وهو يصرخ، بينما نزل محروس، وتوجه إلى قسم ثان شبرا الخيمة، تجمع الأهالى أمام السيارة، وتطوع بعضهم للاتصال بالإسعاف، التى حضرت بعد ساعة كاملة ظل محمد فيها ينزف على الكرسى، بينما اتصل «نوح» بأهل محمد وهو يصرخ، قائلا الحقوا محمد مات وعسكرى ضربه بالنار،

ونقلت سيارة الإسعاف محمد إلى مستشفى ناصر، الذى يعد أكبر مستشفى عام يخدم أهالى منطقة شبرا الخيمة، إلا أنه رفض استقباله بحجة أنه غير مجهز لاستقبال حالات مماثلة،

فتطوع أحد أطباء المستشفى للاتصال بمستشفى قصر العينى لاستقباله، فرفض بدعوى عدم وجود أسرة فارغة، وعقب محاولات تم نقل محمد إلى مستشفى الدمرداش فى عين شمس، عقب دخول محمد إلى المستشفى ظل أقاربه قرابة الساعة يطلبون نقله إلى غرفة العناية المركزة، إلا أن الكل ردوا عليهم بأن المستشفى مش فاضى الآن واصبروا شوية، مما أدى إلى هياج أزواج أشقائه أمير وممدوح وجمال فقامت إدارة المستشفى بتهدئتهم،

وأحضرت دعامة لتثبيت رأس محمد حتى لا تتحرك الرصاصة داخلها، ويفارق الحياة، ثم ظلوا قرابه ثلث الساعة يبحثون عن لاصق لتثبيت الدعامة على رأسه.

«٤»

«المصرى اليوم» انتقلت إلى منطقة «بهتيم»، التى يقطن بها محمد، سألنا بعض أصحاب المحال وسائقى التوك توك والميكروباص، عن منزل سائق يدعى «محمد»، يعمل على خط (الوايلى – باب الشعرية)، وتعرض لطلق نارى من أحد عساكر قسم ثان شبرا الخيمة، فوجئنا بإنكار الجميع معرفتهم بـ«محمد» أو حتى السماع عن ذلك الحادث، ورغم إنكارهم فإن حالة من الإندهاش والرعب سيطرت عليهم أثناء الإجابات، واتسم انكارهم بالحذر الشديد، وقالوا «ما نعرفش وما شفناش حاجة»،

كانت أعين كل من سألناه تتفحص وتراقب المكان من حولنا، خشية أن نكون مراقبين من قبل أحد عساكر القسم، اقتربت فتاة صغيرة، وقالت لنا «إنتوا بتسالوا عن محمد إلى اضرب بالنار»، فرددنا نعم فقالت «أيوه محمد جارى، والله ما كان يستاهل إللى حصله ده، طيب وكل الناس بتعزه»،

يسكن محمد فى إحدى شقق بهتيم، التى حصل عليها والده فى عهد الرئيس عبدالناصر، ضمن ما يسمى إسكان محدودى الدخل، وفى الطريق إلى البيت كانت زوجات ثلاثة من العاملين مع محمد على نفس السيارة، يجلسن فى الشارع خوفًا من العودة إلى منازلهم، بعد أن داهمتها الشرطة بحثا عن أزواجهن، قالت إحداهن لـ«المصرى اليوم»، زوجى أحمد رمضان، يعمل سائقا على نفس الأتوبيس الذى يعمل عليه محمد، وعقب الحادث جاءت الشرطة للبحث عنه، وفتشوا الشقة وعلمنا من قريب لنا فى قسم الشرطة أنهم قد يحملون زوجى وزميليه العاملين على السيارة مسؤولية الحادث، على اعتبار أنها مشاجرة بينهم، دفعت العسكرى الذى أطلق النار إلى ارتكاب الواقعة دفاعًا عن نفسه».

«٥»

على أحد المقاعد الخراسانية أمام العناية المركزة بمستشفى الدمرداش، جلس والد «محمد» البالغ من العمر ٦٢ سنة، والمعاق والمصاب بجلطة فى المخ ، إلى جوار أم محمد المسنة، يحاول طمأنة قلبها، الذى كاد أن يتوقف من هول الصدمة، خوفا على أكبر أبنائها الذكور حتى أخذت تردد «ياريتنى ما صحيتك يا خويا، كان أتوبيس إسود»، لكن جسد الأب النحيل ظل ينتفض طوال الوقت تارة من برودة الجو،

ومرات لقلقه على محمد، أما شقيقاته الإناث فظللن بملابسهن السوداء، واقفات على أرجلهن، يترقبن دخول وخروج الأطباء للاطمئنان عليه، أعينهن محمرة من البكاء، ويدعون الله بأن ينجيه، وعندما قامت والدته بالدعاء على من أطلق عليه النار بالهلاك قالوا لها «متدعيش إحنا مسامحين بس ربنا يقوم محمد لينا بالسلامة»

وفى خلسة من الحصار الأمنى المفروض على غرفة «محمد» استطاع أحد أزواج شقيقاته ويدعى «أمير محمد»، يعمل ممرضاً أن يستأذن الممرضات بحكم الزمالة أن ينظر إليه فقط، وعندما دخل غرفة العناية المركزة وجده فاقداً للوعى، ورأسه متورم، تسيل الدماء من أذنيه ، ويخرج من فمه لعاب أصفر اللون، وبمجرد خروجه من العناية المركزة التف الجميع حوله، ليروى لهم ما رآه، وبمجرد أن انتهى كلامه، انهارت أخواته فى البكاء الذى لم ينقطع منذ وقوع الحادث.

وبعد دقائق أوضحت شقيقته الكبرى أنهم طلبوا إجراء جراحة لإخراج الرصاصة من رأس محمد، فردت عليهم إدراة المستشفى «مافيش دكتور مخ وأعصاب فى المستشفى.. وها نبقى نشوف واحد يعمله العملية»، ثم جردوه من ملابسه، وعلقوا له بعض المحاليل فقط لا غير على حد قولها.

«٦»

وعلى الجانب الآخر قال مصدر أمنى من قسم ثان شبرا الخيمة لـ«المصرى اليوم» إن العريف محروس حسنين محمود، المتهم بإطلاق النار تم التحفظ عليه داخل القسم عقب الحادث.

وأضاف المصدر أن ما حدث وقت إطلاق النار هو أن محمد حاول الهروب بسيارته، وعدم العودة إلى الكمين، مما دعا العريف إلى إطلاق النار عليه لإخافته، إلا أنه لم يمتثل فإطلق رصاصة أخرى عليه.

وقال اللواء سيد شفيق، مدير مباحث القليوبية، فى اتصال هاتفى مع «المصرى اليوم» إن السائق يقود السيارة بتراخيص منتهية، وحاول الهروب من الشرطى فى الشوارع الجانبية، فأطلق رصاصه فى الهواء لإخافته وإرغامه على التوقف، وعندما لم يتمثل، أطلق عليه رصاصة أخرى أحدثت إصابته.

النيابة توجه تهمتى الشروع فى القتل والرشوة للشرطى وتقرر حبسه

كتب : عبدالحكم الجندى

أمرت نيابة ثان شبرا الخيمة بحبس محروس حسنين محمود مندوب شرطة ٤ أيام على ذمة التحقيقات فى واقعة إطلاقه النار من سلاحه الميرى على محمد حسن محمد (سائق)، وطلبت النيابة الاستعلام عن حالة المجنى عليه وإرسال طلقة الرصاص إلى المعمل الجنائى لمطابقتها على سلاح المتهم، ووجهت النيابة للمتهم تهمتى طلب الرشوة والشروع فى القتل.

قال نوح السيد تباع السيارة فى تحقيقات النيابة التى أجراها إيهاب صالح وعبدالرحمن الزواوى مديرا نيابة شبرا الخيمة ثان بإشراف المستشار هشام عمارة، المحامى العام لنيابات جنوب القليوبية إنه كان بصحبة المجنى عليه وأثناء وقوف السيارة فى كمين كوبرى مسطرد طلب ضابطان إنزال الركاب والذهاب معهما فى حملة إلا أن السائق رفض فقاما بأخذ تراخيصه وتراخيص السيارة وطلبا منه توصيل الركاب والعودة لتسليم السيارة وأرسلا معه أمين شرطة ومندوب شرطة إلى الموقف.

وأضاف نوح أنه فى الطريق نزل أمين الشرطة للجلوس على مقهى لانتظار السيارة وفى الطريق طلب مندوب الشرطة من السائق ١٠٠ جنيه لإعادة الرخص إليه فرفض وعرض عليه ٥٠ فقط، ونشبت بينهما مشاجرة قام على إثراها مندوب الشرطة بإطلاق عدة أعيرة نارية أصابت السائق.

من جهة أخرى، تجمهر أمس العشرات من أقارب المجنى عليه أمام محكمة شبرا ونيابة شبرا الخيمة وطالبوا بالقصاص من المتهم.

اجمالي القراءات 2766
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الجمعة ١٩ - ديسمبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[31355]

حتى انت يا بريقع ؟؟؟

كيف إنحدر الحال فى شرطة (مبارك ،و حبيب العادلى ) إلى هذا الحد الذى وصل فيه العسكرى ابو شريطة إلى قتل  المواطنين على أتفه الأسباب ؟؟؟


من الذى أعطاهم الحق ،واعطاهم الضوء الأخضر ليفعلوا بالمواطنين ما يشاءون ،ويقتلوا من يريدون،ويحبسوا من يريدون ،ويهتكوا عرض من يريدون ؟؟؟؟


والمصيبة أن يخرج سفاحوا الداخلية ليدافعوا عن القاتل ،و المرتشى ،و البلطجى من زبانيتهم . ففى هذه الحادثة يبرر السيد مدير الأمن (الغير محترم) تصرف العسكرى (ابو شريطة على كتفه) بأن السائق حاول الهرب منه ، طيب ما يهرب زى ما هو عايز ،هم مش رجالة سعادتك واخدين رخصة القيادة ،ورخصة الأتوبيس ؟ طيب ما عندك القانون تستطيع من خلاله تحرير مخالفة ضده بأقصى غرامة ممكنة ، أو إلغاء ترخيصه ،بدلا من إلغاء ترخيص حياته !!!


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق