فتوى المشد (الازهر)1991:
عدم استقلالية السنة بالتحريم

فؤاد السقا Ýí 2011-11-16


   قرأت هذه الفتوى فى كتاب محمد الغزالى فى تراثنا الفكرى فأردت الى لفت الانتباه اليها مع انتظار تعليقاتكم     وهى للشيخ عبد الله المشد فى فبراير 1991      وصادرة باسم الازهر         ".بسم الله الرحمن الرحيم

المزيد مثل هذا المقال :

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد..

تنقسم الأحكام عند الجمهور إلى خمسة أقسام:

1- الواجب: وهو ما يثبت طلبه من المكلف بنص صريح قطعى الثبوت وقطعى الدلالة، بمعنى أن له معنى واحداً فلا يختلف فى معناه المجتهدون من كتاب الله أو سنة رسوله المتواترة.

2- الحرام: هو ما طلب الشارع من المكلف تركه بدليل قطعى الثبوت وقطعى الدلالة من كتاب الله أو سنة رسوله المتواترة.

3- المندوب: ما طلب الشارع فعله طلباً غير حتم ولا جازم يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه.

4- المكروه: ما طلب الشارع تركه طلباً غير حتم ويثاب على تركه ولا يعاقب على فعله.

5- المباح: ما خير المكلف بين فعله وتركه، أو لم يرد دليل فيه بالتحريم.

وتنقسم السنة إلى متواترة وآحادية:

فالمتواترة ما رواها جمع عن جمع يستحيل أو يبعد أن يتفقوا على الكذب، قال الحازمى فى شروط الأئمة الخمسة ص 37: "وإثبات التواتر فى الحديث عسر جداً"، وقال الشاطبى فى الجزء الأول من الاعتصام ص 135: "أعوز أن يوجد حديث عن رسول الله متواتر"، وعلى الرغم من ندرة الحديث المتواتر واختلاف علماء السنة على ثبوته وعدده، يرى الجمهور أن من أنكر استقلال السنة المتواترة بإثبات واجب أو محرم فقد كفر.

والسنة الأحادية هى ما رواه عدد دون المتواتر عن النبى ، وقد اختلف العلماء فى استقلال السنة الأحادية بإثبات واجب أو محرم..

فذهب الشافعية ومن تبعهم إلى أن من أنكر ذلك فى الأحكام العملية كالصلاة والصوم والحج والزكاة فهو كافر، ومن أنكر ذلك فى الأحكام العلمية كالإلهيات والرسالات وأخبار الآخرة والغيبيات فهو غير كافر لأن الأحكام العلمية لا تثبت إلا بدليل قطعى من كتاب الله وسنة رسوله المتواترة.

وذهب الحنفية ومن تبعهم إلى أن السنة الآحادية لا تستقل بإثبات واجب أو محرم سواء أكان الواجب علمياً أو عملياً وعليه فلا يكفر منكرها، وإلى هذا ذهب علماء أصول الفقه الحنفية فقال البرذوى: "دعوى علم اليقين بحديث الآحاد باطلة لأن خبر الآحاد محتمل لا محالة ولا يقين مع احتمال ومن أنكر ذلك فقد سفه نفسه وأضل عقله"، وبهذا أخذ الشيخ محمد عبده والشيخ أبو دقيقة وغيرهما، ويقول المرحوم الإمام محمد عبده: "القرآن الكريم هو الدليل الوحيد الذى يعتمد عليه الإسلام فى دعوته أما ما عداه مما ورد فى الأحاديث سواء صح سندها أو اشتهر أم ضعف فليس مما يوجب القطع"، كما ذكر الشيخ شلتوت فى كتابه "الإسلام شريعة وعقيدة" قوله: "إن الظن يلحق السنة من جهة الورود (السند) ومن جهة الدلالة (المعنى) كالشبهة فى اتصاله والاحتمال فى دلالته".

ويرى الإمام الشاطبى فى كتابه "الموافقات" أن السنة لا تستقل بإثبات الواجب والمحرم لأن وظيفتها فقط تخصيص علم القرآن وتقييد مطلقه وتفسير مجمله ويجب أن يكون ذلك بالأحاديث المتواترة لا الآحادية.

يؤيد آراء من سبق ذكرهم ما جاء فى صحيح البخارى باب الوصية وصية الرسول قبل وفاته: عن طلحة بن مصرف قال: "سألت عبد الله بن أبى أوفى: هل أوصى رسول الله قال: لا. قلت كيف وقد كتب على الناس الوصية أو أمروا بها ولم يوصى قال: أوصى بكتاب الله، قال ابن حجر فى شرح الحديث أى التمسك به والعمل بمقتضاه إشارة إلى قوله: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله. واقتصر على الوصية بكتاب الله لكونه فى تبيان كل شىء إما بطريق النص أو بطريق الاستنباط فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم به.

وحديث سلمان الفارسى: "الحلال ما أحله الله فى كتابه والحرام ما حرمه الله فى كتابه وما سكت عنه فهو عفو لكم".

وأجاب الشاطبى عما أورده الجمهور عليه من قوله تعالى ﴿وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾ بأن المراد من وجوب طاعة الرسول إنما هو تخصيصه للعام وتقييده للمطلق وتفسيره للمجمل وذلك بالحديث المتواتر، وإن كل ما جاء به النبى يجب أن يكون من القرآن لقول عائشة رضى الله عنها عن النبى "كان خلقه القرآن"، وأن معنى قوله تعالى ﴿ ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شىء﴾ أن السنة داخلة فيه فى الجملة، وأكد الشاطبى ذلك بقوله تعالى ﴿ما فرطنا فى الكتاب من شىء﴾ وقد رد على ما استدل به الجمهور مما روى عن النبى قوله "أيوشك أحدكم أن يقول: هذا كتاب الله ما كان من حلال فيه أحللناه وما كان من حرام حرمناه إلا من بلغه منى حديث فكذب به فقد كذب الله ورسوله" أن من بين رواة هذا الحديث زيد ابن الحباب وهو كثير الخطأ ولذلك لم يرو عنه الشيخان حديثاً واحداً. وجاء بمسلم الثبوت والتحرير: "خبر الواحد لا يفيد اليقين لا فرق فى ذلك بين أحاديث الصحيحين وغيرهما".

ومما سبق يتضح أن الإيجاب والتحريم لا يثبتان إلا بالدليل اليقينى القطعى الثبوت والدلالة، وهذا بالنسبة للسنة لا يتحقق إلا بالأحاديث المتواترة، وحيث أنها تكاد تكون غير معلومة لعدم اتفاق العلماء عليها فإن السنة لا تستقل بإثبات الإيجاب والتحريم إلا أن تكون فعلية أو تضاف إلى القرآن الكريم.

وعلى هذا فمن أنكر استقلال السنة بإثبات الإيجاب والتحريم فهو منكر لشىء اختلف فيه الأئمة ولا يعد مما علم من الدين بالضرورة فلا يعد كافراً

اجمالي القراءات 14438

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الأحد ٢٠ - نوفمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62095]

هذه الفتوى ..!!

 هذه الفتوى التي أصدرها الشيخ المشد قبيل موته تعد من أهم ما قام به الأزهر دعماً للقرآن الكريم وتمامه وكماله  بعد جهد الشييخ محمد عبده رحمه الله ..


وأثارت الفتوى ولا تزال تثير الكثير من النقاش داخل المعسكر السلفي ..


ولكن بالنسبة لأهل القرآن فإن هذه الفتوى لا تهمهم في شيئ لأنهم تخطوها منذ زمن إلى رحاب القرآن الكريم وحده .


أهمية الفتوى داخل المعسكر السلفى نفسه ..


2   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الإثنين ٠٥ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62671]

المكروه في القرآن هو أشد انواع التحريم.. عكس ما في السنة ...

  الاستاذ / فؤاد السقا اكرمكم الله تعالى .. معك حق فيما ذكرته من ان السنى لاتستقل بالحريم  ..  فهذا من بديهيات الايمان بان القرآن هو وحده المستقل بالتحليل والتحريم ..


 كما السلفيون .. دائما ما يعارضون القر’ن في  معاني الثوابت ... فهم قد عرفوا المكرو بانه (-  المكروه: ما طلب الشارع تركه طلباً غير حتم ويثاب على تركه ولا يعاقب على فعله.


 أما القرآن الكريم فيعلمنا  أن المكروه هو أشد انواع الحرام ..  يقول تعالى .. { {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ }الحجرات7


3   تعليق بواسطة   نوري حمدون     في   الإثنين ٠٥ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[62686]

الشريعة القطعية لا تعاقب على ترك المندوب أو فعل المكروه :



 


السنة لا تقوم لوحدها كدليل على أن هذا حلال و هذا حرام . و السبب هو أن السنة في غالبها ظنية  لا نجزم بنسبتها للرسول (ص) .. بعكس القرآن و الأحاديث المتواترة . و بناء عليه .. فالحكم المستفاد من السنة الظنية هو المندوب أو المكروه . و نتيجة كل ذلك أن الشريعة تهتم بجرائم ترك الفرض و عمل المحرم و التي تقترن بعقوبات محددة .. مثل جريمة السرقة و الزنا . و الشريعة بهذا المعنى لا تعاقب على ترك المندوب و لا تعاقب على عمل المكروه ..  و من أمثلة المندوب الحجاب للمرأة و إعفاء اللحى للرجل .. و مثال المكروه الإختلاط و الغناء . و النتيجة الأخرى أنه لا إلزام إلا لفعل الواجب و ترك الحرام .. و عليه .. فالإلزام الوحيد هو إلزام المسلم لنفسه بما آمن به أيا كان مستواه . و هذا هو معنى أن الإسلام يتيح حرية الإعتقاد و الفكر و التعايش السلمي بين أهل الأديان المختلفة و أصحاب الثقافات المتباينة . و الخلاصة .. أن الطرح السلفي ليس إلا نتيجة  الإعتماد على مرجعيات أخرى غير القرآن و غير المتواتر من الأحاديث و على مجموعة معينة منتقاة بعناية من السلف الصالح الذي يدعون الإرتباط بهم . فتوى الأزهر أعلاه عمل علمي جليل .. و وثيقة فقهية عالية القيمة .  


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-12-28
مقالات منشورة : 6
اجمالي القراءات : 96,050
تعليقات له : 7
تعليقات عليه : 10
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt