شرعية الفتوحات الاسلامية وتوظيف الآيات القرءانية؟!:
عن الفتوحات وتوظيف الآيات

وداد وطني Ýí 2011-09-14


كان هذا نقداً وتنبيهاً وضعته على شكل سؤال بين يدي الاستاذ احمد صبحي منصور، وقد أجاب عليه مشكوراً في باب الفتاوى (فاسألوا أهل الذكر) تحت عنوان (عندك حق وعذراً).

وما أبلغ ما ردّد به الدكتور، حيث تواضع واعترف واعتذر ووعد بتصحيح ما ورد. ولم يعترض كعادة المتحدثين باسم الله تعالى، الجاعلين من أنفسهم أوصياء ومعصومين!!! لأجل ذلك أحببت نقل الملاحظة والنقد وردّ الدكتور عليه ليتسنّى لكم الاستفادة منه. فهلّموا الى النقد القشيب ورياض الردّ البليغ..

المزيد مثل هذا المقال :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مع كونكم من الناقدين الرافضين لما يسمّى بالفتوحات الاسلامية! حيث قرأت لكم في أكثر من موضع رفضكم القاطع للفتوحات. وتكتبون بدقة متناهية ضد هذه الحملات الاعتدائية المخالفة لمنهج الله تعالى ((ولا تعتدوا)) وآياته القرءانية الكريمة، والتي قام بها أجدادنا المسلمين في العصور الغابرة ضد المدائن والبلدان وعلى المدنيين العزّل الأبرياء من غير المعتدين! وخاصة في "معركة جلولاء" الشهيرة كما تطرقتم إليها في عبارة مبهمة وجملة كانت تحتاج الى وقفة للتحليل والتوضيح منكم في مقال: "المسكوت عنه في سيرة عمر بن الخطاب في الفكر السني" حيث كتبتُم: (وفي سنة 16 تمت فتوحات الأهواز والمدائن والانتصار في جلولاء وهزيمة الإمبراطور الفارسي يزدجر وهروبه، ثم فتوحات تكريت شمال العراق).

 

وقد شعرت بالسرور مُذْ أنْ قرأتُ لكم، لأنّك جمعْت المجْد بالفعل خاصة ما كتبتم حول (الفتوحات الاسلامية) في مقالات عدّة، مثل: "المسكوت عنه في سيرة عمر بن الخطاب في الفكر السني" ومقال "من حق المرأة المؤهلة للامامة أن تؤم الذكور في الصلاة" ومقال: "الاحتراف الديني يناقض الاسلام" بعكس ما جاء في مقال "مصر في القرءان الكريم: الخاتمة" من سطور متناقضة كتبتَها عن (الفتوحات) ثمة.

 

واليكم السطور المقتبسة المتناقضة والتركيز على تلوين المقتبس فيها باللون الأصفر:

}}

(6) فكتابات المؤرخين مقيدة بقصورهم الإنساني عن اختراق الغيب وكشف المستور.. هذا مع أن مجال المؤرخين هو البحث عن الماضي وتسجيل الحاضر.

 

أما المستقبل فلا مجال فيه للتاريخ ومؤرخيه.

 

والقرآن هو الذي افتتح هذا الباب المجهول "التأريخ للمستقبل" حين أخبر عن أحداث ستقع ووقعت بعد نزول القرآن قال: ((غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ)) (30/2: 3) الروم.

 

ولكن هرقل لم يتمتع كثيرا بانتصاره إذ أن الله قال للمسلمين وهم في أول عهدهم بدولتهم الوليدة في المدينة. ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا)) (النور/55(.

 

وعد الله بانتصار الروم في الوحي الذي نزل في مكة وقد كانوا يتمنون أن ينتصر الروم بعد هزيمتهم فقال لهم الله. ((وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.((

 

ثم وعد الله المؤمنين في المدينة بأن يستخلفهم في الأرض إذا آمنوا به وحده دون أن يشركوا به شيئا أي هو وعد مشروط.

وقام المسلمون ـ وقتها ـ بالشرط فوفى الله لهم بالوعد.

وصمد المسلمون في غزوة الأحزاب، فقال لهم الله عن انتصارهم على اليهود خائني العهد:

 

((وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا)) (الأحزاب/27)

 

أي أن الله أورثهم أرضا لم تطأها أقدامهم بعد..

 

وتحقق هذا الوعد في الفتوحات الإسلامية التي قضت نهائيا على الإمبراطورية الفارسية وقلصت الإمبراطورية الرومانية إلى تخوم العاصمة القسطنطينية..

 

وبها تم فتح الشام والعراق وإيران وشرقها ومصر وشمال أفريقيا إلى الأندلس وجزر البحر المتوسط..

 

وشهد هرقل زوال ملكه في الشام فارتحل عنه وهو يقول "وداعا يا حمص وداعا لا لقاء بعده"..

ولكن ما لبث أن عاد أحفاد هرقل في الحروب الصليبية!!

 

ثم عادوا في العصر الحديث في فترة الاستعمار ولا يزالون!!

 

وذلك لأن وعد الله لنا مشروط بأن نعبده لا نشرك به شيئا.. وإذا قمنا بالوفاء بالشرط أوفى لنا الله بالوعد: ((وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ)) (9/111)

 

ولقد قال الله لنا عن اليهود أعداء الله ((لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ، ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ)) (3/ 111: 112)

 

وهو حكم يسري على المستقبل، وتأريخ مستقبلي لمن يقوم بشروطه، وقد جاءت الشروط من قبل في قوله تعالي: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) (3/110)

 

ولكن عندما لم نقم بالشروط أصبحنا نحن الذين نولي الأدبار ونقتل أنفسنا بأيدينا وأيدي الآخرين.. فاعتبروا يا أولي الأبصار..

 

إن التأريخ للمستقبل جاء في القرآن في آيات كثيرة ترسم للمسلمين سبل النجاة من الضعف والذل ولكن المشكلة أننا لم نقرأ القرآن بعد. ولا يزال بعضنا يعتقد أنه موجه للحديث عن الماضي .. اقرأوا القرآن يرحمكم الله{{. انتهى الاقتباس..

 

وهذا رابط المقال:

 

http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=6007

 

 

اذاً فانّ آليّة التوظيف للآية القرءانية الكريمة في السطور المقتبسة من مقالكم مع تلوين المقتبس باللون الأصفر لتسهيل معرفة الإقتباس واضحة المعالي. وانّ رائحة الفتوحات وتوظيف التأريخ وتفاعلها الحركي والمساري لفهم معنى الآية القرءانية وجعلها تشريعا ومنهجا لإضفاء الشرعية تفوح وتغدو ايضاً من بين جدران السطور؟؟ واذا كان ذلك كذلك، ألا يُقرأ من حيثيات الآية القرءانية: ((وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا)) عملية التوظيف أو الاضفاء لشرعنة الفتوحات؟؟

والتي وظفتَها ــ أنت ــ في فهمكم لمعنى الآية بقولكم:

(أي أن الله أورثهم أرضا لم تطأها أقدامهم بعد)!

 

أرجو أن لا يضايقكم تكرار الإقتباسات من كتاباتي..

كما وأريد التوضيح والبيان وإجلاء الغموض عن السطور المقتبسة باللون الأصفر لمعرفة معنى الآية القرءانية بعيدا عن التوظيفات التراثية والاضفاءات التأريخية..

 

في نهاية المطاف أقول:

عش حراً كما هو ديدنكم ودأبكم

ولا ترضى بغير القرءان شرعاً وديناً كما هو شيمتكم أيضاً.

 

وُفقتم لكل خير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وما أبلغ ما ردّد به احمد صبحي ــ دام ظله..

 

(أنت على حق. وأكثر الله جل وعلا من أمثالك الذين أنتفع بنقدهم وتصحيحهم.

 

وأقول:

 

رأيي فى الفتوحات العربية لم ينضج إلا بعد تركي جامعة الأزهر، وهذا الكتاب كنت قد كتبته عام 1984 حين كنت فى الأزهر. ومعروف أن الباحث في تصحيح العقائد وبحث المتوارث لا يتخلص من موروثاته مرة واحدة.

وحين بدأت عام 1977 كان 90 % من عقلي محشوا بخرافات السنة والتصوف، وبدأت أتخلص منها شيئا فشيئا. ومنذ عدة أشهر وحين أعدت نشر أول كتاب لي  وهو (السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة) والذى نشرته أولا عام  1982 اضطررت الى حذف نصف الخاتمة وأسطر كثيرة فى متن الكتاب.

 

أشكرك على تنبيهك، وسأعمل على تصحيح ما جاء فى هذا الكتاب. وكل عام وانتم بخير). انتهى..

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وللتذكير فقط، نشرتُ النص الكامل للسؤال والرد عليه، على شكل مقال في متصفحي هذا، بعد الرخصة والاستئذان من استاذ احمد..

 

أخوكم/ وداد وطني

14/9

اجمالي القراءات 29170

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   ميرفت عبدالله     في   الجمعة ١٦ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
[60195]

وهذه مشكلة تواجه كل من درس بالأزهر .

الأستاذ المحترم / وداد وطني السلام عليكم ورحمة الله ما قاله الدكتور  أحمد صبحي منصور عن مشكلة حشو العقل بخرافات الدين السني  ، مشكلة تواجه كل الدارسين في الأزهر ويصعب التخلص منها في فترة قصيرة  لمن فتح الله عليه ووعى لهذه الخرافات .


فلذلك تجد فروق بين المنتقدين للدين السني بعضه يوجه انتقاضا طفيفا وهذا لم يتخلص إلا بالقليل من الحشو والخرافات ، والبعض يوجه انتفاضا صارخا وهذا قد تخلص من غالبية الحشو والخرافات .


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2010-07-15
مقالات منشورة : 28
اجمالي القراءات : 516,295
تعليقات له : 37
تعليقات عليه : 92
بلد الميلاد : Iran
بلد الاقامة : Iraq