اللغة المصرية ليست عربية
بعض الأخوة فاهمين إن اللغة العربية والمصرية واحد..هذا غير صحيح
أي لغة في العالم تنقسم إلى:
أولا: قواعد نحو وصرف..والمصرية في هذه مختلفة تماما عن العربي
في المصري حرفين فقط للنفي، الأول للمضارع والمستقبل هو(مش) مش هاعمل ،مش رايح، مش واكل، بينما الثاني من مقطعين (ما) و(ش) كمثال ماعملتش، ماروحتش، ماكلتش ويستعمل في زمن الماضي، بينما في العربية حروف مختلفة ك (لا ولم ولن وليس وما) بينما المصري لا يستعمل هذه الحروف مطلقا..كذلك فحروف الإشارة مختلفة، المصري يقول (دا ودي) للمفرد و و(دول) للمثني والجمع، بينما في العربية( هذا وهذه) للمفرد، و(هذان وهذين) للمثنى، و(هؤلاء وهن) للجمع..
واضح الاختصار المصري للألفاظ والتكلف العربي، والسمة المصرية العامة هي الاختصار، حتى الشخصية الوطنية ترفض الإطالة والمد في الحديث ، ومن يطيل ويمد في حديثه وحروفه بين المصريين يسمونه (مغرور/ شايف نفسه) أو (مخبول/مجنون) أو (طيب/ على باب الله، بتاع ربنا) يعني شخص غير طبيعي، بينما إذا اضطرتهم الظروف للمد فيكون مصحوبا بالتنغيم، أي لحن جميل، وهذا ما يميز الشخصية المصرية (ذوقها الفني) الواضح جدا في أصوات وأساليب القراء المصريين للقرآن..
ثانيا: الألفاظ..ودي خليط بين مصري قديم وعربي وفارسي وطلياني وانجليزي وفرنساوي وعبري وسرياني كمان..لكن المصري يكتب لغته فقط بالحرف العربي، ودا اللي خلّاه يتوهم إن الاتنين واحد..
كذلك فالألفاظ المتداولة عربيا يوجد ما يقابلها مصري، واللفظان مستعملان في الشارع، كبذور في العربية يقابلها تقاوي في المصرية، وحذاء جزمة، جديد لانج، امرأة ست، كثير ياما، ضرب بطح، بقعة برش، خبز عيش بتاو، حجارة طوب..وغيرها مئات بل آلاف الألفاظ والمصري لا يلحظ أن استعماله المزدوج لكل هذا الألفاظ -بوجهها العربي والمصري- هو إرث عن الأجداد من أثر الاحتكاك بالعرب بعد عام 641، وهو الميلاد الأول للعربية بين المصريين.
كذلك فالبساطة المصرية وحبها للاختصار منعته من التفريق بين حروف عربية ونطقها واحدة، كحرفي (الثاء والسين) نطقهما سين، و (الذال والزين والظاء) نطقهم جميعا زين، وكذلك عدم نطق الهمزة كفأس ورأس وكأس، نطقهم فاس وراس وكاس، وهذا جنوح للتبسيط.
ومن الألفاظ الأعجمية التي يستعملها المصريون وهي ليست عربية، كلمة ياهوووه وتعني الرب في العبرية فيكون بعد تمصيرها (ياإلهي)، كذلك دركسيون وتابلون وكبوت وإكسدام في السيارات وهي ألفاظ فرنسية، ومن الفرنسية أيضا أسانسير وأباجورة بمعنى مصباح، ومن التركية أبلة بمعنى الأخت الكبرى ثم حرفت لتطلق على المعلمة، ومن الإنجليزية أستك بمعنى مطاط وأليط بمعنى مغرور وأسطمبة بمعنى قالب ثابت..وغيرها مئات الألفاظ الأعجمية التي تم تمصيرها واستعمالها دون الانتباه لمصدرها.
هذا يعني أن اللغة الدارجة بين المصريين لا هي عربية ولا مصرية ولا أعجمية صرفة، بل هي خليط متنوع من معظم اللغات، لكن بإضافة الطابع المصري لها وطريقة نطقها خرجت بقواعد مستقلة تماما عن أي لغة أخرى، وهو ما اعترفت به المنظمة الدولية للتوحيد القياسي وأعطت لها كود مستقل بعنوان iso 639-2، ويعني أن اللغة التي يتحدث بها المصريون هي لغة مستقلة تستوفي كل شروط اللغة من نحو وصرف وغيره..
لكن ولارتباط الدين الإسلامي للمصريين بالعربية- وكتابة القرآن بها- اعتبر الأكثرية أن لغة المصريين عربية تقديسا وتنزيها للمصحف المقدس، ومنعا لأي ادعاء باستقلالية اللغة المصرية قالوا عليها (لهجة) لتساوي لهجات المصريين المحلية ونسبوها للعربية في الأخير كلغة أم، وهذا نوع من التدليس لم يذكر أن اللغة المصري أقدم من العربي صوتا وحرفا، وأن كتابة المصري بالعربية لا ينفي أنها كانت تُكتب قديما بحروف أخرى هيروغليفية ثم ديموطيقية ويونانية وأخيرا قبطية.
وهذا يعني أنه لو أراد المصريون كتابة لغتهم بحروف أخرى غير عربية سيفعلوا ولن يجدوا صعوبة، وتنفيذ ذلك بقرار سيادي كالذي فعله أتاتورك في تركيا من كتابة اللغة التركية المحلية بحروف لاتينية بدلا من العربية، ولتمثيل ذلك فكلمة مصرية ولتكن (أوضة)ومعناها بالعربي (حجرة) يمكن كتابتها بحرف لاتيني هكذا oda، وكذلك كلمة (جزمة أو صارمة) تكتب gazma أو sarma، على اعتبار أن الصوت المصري واحد لكن الحرف مختلف يمكن كتابته بأي وسيلة تدل على الصوت.
طب هل يمكن التوسع في إمكانية كتابة اللغة المصرية بحروف لاتينية؟
آه طبعا..هذه أمثلة:
مش عايز....mesh aeze
لازم أروح..lazem aroah
جعان..gaan
الطريق طويل..eltareeq taweel
أو تعالى نكتب جملة مصرية طويلة بالحرف العربي ونشوف هنكتبها ازاي باللاتيني
بالحرف العربي:
"الحلوة دي قامت تعجن في البدرية، والديك بيدن كوكو كوكو في الفجرية، يالا بينا على باب الله ياصنايعية، يجعل صباحك صباح الخير ياسطى عطية"..
بالحرف اللاتيني:
"elhelwa de qamet tejen fe el badrea we edek beddan koko koko fe elfagrea ealla bena ala bab allah ea snaeea egal sabahk sabah elkher ea sta atia"
المشكلة (الوحيدة) اللي بنواجهها مع الحرف اللاتيني إن مفيهوش حروف بننطقها زي حرف العين
لكن في الحرف العربي عدة (مشاكل) مش مشكلة واحدة، وهي إننا بننطق السين والصاد نطق واحد، بينما اللاتينية عندنا أسهل لأن حرف s حل لنا المشكلة، كذلك اللام الشمسية مابنقولهاش، وفي اللاتيني مش هنكتبها ، كذلك احنا بنشد حرف الدال لو جاء بعد حرف علة، في العربي هنرسم شدة عليه، إنما في اللاتيني هنكرره..بس ، أيضا ميزة الحرف اللاتيني في المصرية إننا مش هانضطر نكتب حروف (الثاء والذال والظاء والضاد) لإننا مابننطقهاش، وهانكتبها باللاتينية s ,z ,d على التوالي، ودا اختصار لجهد كبير في الكتابة وسهولة أكثر في القراءة.
معلومة: الأتراك لما حوّلوا حروفهم من عربي إلى لاتيني منذ 100 عام لم يجدوا أي مشكلة بل وجدوا متعة كبيرة وسهولة في فهم وتبسيط لغتهم الكتابية أكثر، طبيعي الشيوخ وقفوا وقالوا حرام، لكن الأتراك حصدوا هذا التحول في نهضة علمية وصناعية..بسبب إن كل العلوم العصرية والترجمات كانت باللاتيني..وبالتالي أصبحت أكثر سهولة.
أعلم أن هذا التحول الآن صعب إن لم يكن مستحيل، مصر كثقافة شعبية وحكومية في منتهى الضعف والعزلة والتخلف، لكن هو رد فقط على سؤال (الإمكانية) وكمان هذا لا يؤثر على فهم المسلمين للقرآن لأنك كدا كدا مابتقولش لغة القرآن في الشارع ولا تستخدم مفرداته أو قواعده النحوية أبدا..يعني مش هاتخسر حاجة، سيظل القرآن كما هو مفهوم كما فهمه أغلبية المسلمين من غير العرب.
كذلك الدول اللي غيرت أبجديتها لم تفعلها مرة واحدة، تركيا قبل ما تتحول من الحرف العربي إلى اللاتيني سبقها مناقشات وأطروحات قبلها ب 100 عام، يعني اللي عمله أتاتورك كان ثمرة نقاش مجتمعي وسياسي وشبه اتفاق مؤسسي في تركيا.
يجب الانتباه أن اللغات في العالم إما لغة رسمية أو لغة هوية، فالأوربيين مثلا قبل 300 عام كانت لغتهم الرسمية (لاتينية) ولكن لغة الهوية مختلفة كانت (فرنسية وإيطالية وألمانية..إلخ) إلى أن حدث الفصل بين الرسمي الذي كان يمثله الدين/ الكنيسة وبين الشعبي/الممثل للهوية، حتى استقلت اللغات عن اللاتينية وأصبحت رسمية في دولها..
وبعد ترجمة الكتاب المقدس من اللاتينية للغات المحلية أصبح فهمه ميسورا وأقرب للشعب من تفاسير الرهبان، وهذا ما يفتقر إليه المسلمون، حين حصروا ترجمة القرآن للغات الأخرى الغير عربية ولم يعترفوا بلغات أخرى محلية مما خلق نوع من التكلف والصعوبة في التعامل مع القرآن، ونموذج الشيخ الشعراوي وتفسيره المصري للقرآن دليل على قُرب اللغة المصرية من الشعب ، فهذا الشيخ لم يكتسب شعبيته بين عموم المصريين فقط بعلمه ولكن أيضا بلغته المصرية الذي أصبح أول مفسر للقرآن بلغة مصرية.
لكن قداسة اللغة العربية عند الشيوخ هي من قداسة القرآن، ويصعب أو يستحيل إقناعهم بالفصل، وهذا يعني أنه لو أقدم مسئولي المسلمين على الاستقلال باللغات المحلية عن العربية سيتصدى لهم رجال الدين المسلمون كما حدث في عصور النهضة الأوربية حين وقفت الكنيسة ضد الفصل واعتبروه إهانة للكتاب المقدس، وفي تقديري أن الفصل واجب لإزالة سلطة الكهنوت الإسلامي التي تستمد قوتها ونفوذها من تغول العربية، وأن ما سيعتبروه إهانة للقرآن لو ترجم للغات المحلية للشعوب المسلمة في المنطقة العربية سبقهم بها من أنكر ترجمة القرآن للانجليزية والفرنسية من قبل..ورأى أنها إهانة للقرآن أو يصعب تقديمه وعرضه للأعاجم باللسان العربي كما أنزل..
باختصار: اللغة المصرية المتداولة بين عموم الشعب مختلفة جذريا عن العربية، والاختلاف في القواعد وبعض الألفاظ، يعني وارد أن تجد ألفاظ عربية كما أنه وارد أن تجد ألفاظ فارسية وهندية وعبرية وفرنسية ..إلخ..أما موضع اللغة العربية بين المصريين فهي مجرد (إرث مشترك) بينهم وبين شعوب الخليج وشمال أفريقيا والشام والعراق والسودان، وليس ما يوحي تشابه الشخصية المصرية ولغتها المحلية مع تلك الشعوب.
هذا يعني أن مصر بمكوناتها لها روافد مستحدثة مع دول الجوار، بدأت هذه الروافد في الاتساع والشمول مع الغزو العربي لمصر عام 641 م، لكن ظلت الشخصية المصرية ولغتها المحلية وثقافتها محفوظة من زمان الفراعنة، ولم تشفع الإضافات العربية لتحويل الإنسان المصري لعربي، وظل يحتفظ بعاداته وتقاليده الفرعونية كشم النسيم والقبطية كسبت النور، وذوقه الفني ظل مميزاً بموسيقاه التي تعكس شعوره بالفرح والحزن والإبداع بآداء في أغلبيته بطئ يتفاعل مع كل كلمة، بخلاف ما عليه العرب من إرث موسيقي في أغلبيته أسرع..
أخيرا: لا يفهم من ذلك أنني ضد اللغة العربية، بالعكس العربية هي وسيلة تواصل مع 400 مليون شخص في العالم ، لكن من حقنا نختار الأسلوب الأمثل لحياتنا ونعرف قدراتنا وإمكانياتنا جيدا، وماننساش إننا فشلنا بوضعنا الحالي منذ قرون طويلة جدا..فما المانع من النظر والتجربة..
اجمالي القراءات
21904
السلام عليكم وبعد
لا يوجد شىء اسمه المصرى كشخصية أو قومية أو هوية فمن نسميهم المصريون لسكنهم مصر الحالية هم خليط من كثير من الدول نت خلال هجرات أو غزوات كالحملة الفرنسية الصليبية والتى يقال ان سكان المنصورة وما حولها يعود الشعر الصفر والعيون الملونة فيهم لتلك الحملة فى الموروث الشعبى الحالى أو مؤامرات كالمماليك الذين حكموا البلد قرونا طويلة
ومن الغريب أن ما يسمى التاريخ الفرعونى كانت الأسر الحاكمة الثلاثين كثير منها من خارج مصر من السودان والحبشة وليبيا وفلسطين والفرس
سكان مصر الحالية كمعظم المسلمين والنصارى فى العالم هم خليط من سكان كل بلد
واما حكاية اللغة المصرية فلا وجود لها وما تتصور أنه غير عربى ستجده فى دواوين الشعر وكتب اللغة موجود فى لهجات العرب