بسم الله الرحمن الرحيم:
الله محبة

عمرو توفيق Ýí 2013-07-16


كلمة هي من أجمل ما أجده عند إخوتنا المسيحيين: الله محبة.. إن كل شيء خلقه الله سبحانه وتعالى في هذا الكون قائم على علاقة الحب. فجزيئات أي جسم مادي مترابطة مع بعضها بقوة الجذب، ولولاها لتبعثر الجسم بتفرق جزيئاته. والأرض التي نعيش عليها تجذبنا إليها ولولا ذلك لاختلت حركاتنا، وهي بدورها منجذبة إلى الشمس، ولولا ذلك لطاحت في الفضاء وانعدمت الحياة عليها. والأطفال وكل كائن ضعيف ألقى الله محبتهم في قلوب الكبار لكي يحظوا برعايتهم وحمايتهم حتى يكبروا.

المزيد مثل هذا المقال :

ولكن الحب بين الكائنات له حدود. مثلا لو زاد التجاذب بين الأرض والشمس لاحترقت الأرض ودُمِّرت تماما. ففضلا عن قوة التجاذب بينهما جعل الله برحمته قوة بينهما تسمى قوة الطرد المركزي، بحيث تسير الأرض في مسار محدد لا تتعداه!

وكذلك حبنا للأشياء له حدود، نتبينها من قول الله عز وجل:

*قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [٩:٢٤]

من الطبيعي أن نحب الأشياء التي ذكرت في الآية، ولكن أن يزيد حبنا لها عن حبنا لله ورسوله والجهاد فهذا هو الحد الذي يجب ألا نتعداه. ونحن ولا شك نحب الأكل والشرب ولكن ذلك محدود بعدم الإسراف:

*يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [٧:٣١]

وتناولهما من حلهما.

ومن الطبيعي أن يحب الرجل المال، ولكن إذا دفعه هذا الحب إلى أن يبخل به على الفقراء ولا يطهره بالزكاة فقد زاد حبه للمال عن حب الله ورسوله لأنهما يأمرانه بالصدقة والزكاة.

ومن المحبذ استعراض بعض آيات الحب في القرآن المجيد:

*كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ [٧٥:٢٠] وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ [٧٥:٢١]

فحب الدنيا يجب ألا يتعدى إلى إهمال الآخرة لأنه:

       *بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [٨٧:١٦]وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ [٨٧:١٧]

*وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [٢٨:٦٠]

*فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [٤٢:٣٦]

ثم نتابع الآيات الذاكرة للحب:

                       *وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [١٠٠:٨]              

*وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [٨٩:٢٠]

*وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا [٧٦:٨]

فرغم احتياجهم إلى الطعام فإنهم يتصدقون به لأنه:

*لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [٣:٩٢]

*إِنَّ هَٰؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا [٧٦:٢٧]

*يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [٦١:١٠]تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [٦١:١١]يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [٦١:١٢]وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [٦١:١٣]

*زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [٣:١٤]

وكما ذكرنا أن الله تعالى جعل هذا الكون قائما على الحب بين مكوناته فإن الله أراد لحياة عبده المؤمن أن تكون قائمة على حب الله أكثر من أي شيء:

*وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [٢:١٦٥]

فمنطلق حب المؤمن للأشياء هو حبه لله وهو نفسه حب رسله، فحاله هو:

*وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ [٤٩:٧]

فالإنسان الراشد هو من يعرض عن نفسه حبا لله تعالى ويغمض عن رضائه إرضاءً لله، لأن رضوان الله حبه وجنته وصله، وحب الله تعالى حصن المؤمن الذي يحميه من كل شرور الدنيا والآخرة. وصدق الله العظيم حيث يقول:

*قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [٣:٣١]

فما أجمل أن نحب الله حبا بلا حدود لأنه الجميل والأجمل بلا حدود، وهو أهل لذلك، كما نُسِب إلى رابعة العدوية رحمها الله:

أحبك حبين حب  الهوى           وحبًّـــا لأنـــــك أهلٌ لذاكـــــا

فأمَّا الذي هو حبُّ الهوى          فشُغلِي بذكرك عمَّن سواكا

وأمَّا الذي أنت أهلٌ لـــــه         فكشفُك لي الحُجبَ حتَّى أراكا

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي     ولكن لك الحمد في ذا وذاكا

و(حتى أراكا) تؤول إلى رؤيته سبحانه وتعالى في كل شيء خلقه لا رؤيته عيانا فإن ذلك محال:

*لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [٦:١٠٣]

وما أجمل ما جاء في الإنجيل:

(أحبوا أعداءكم) والذي يصدقه القرآن:

*وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [٤١:٣٤]وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [٤١:٣٥]

اجمالي القراءات 19729

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2007-06-11
مقالات منشورة : 61
اجمالي القراءات : 767,455
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 35
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt