لماذا لا يقرأ المصريون؟

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٧ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: مصراوي


لماذا لا يقرأ المصريون؟

لماذا لا يقرأ المصريون؟

4/17/2009 12:57:00 PM

كتب: عماد سيد - ارجو الا يعتبر القراء الأعزاء هذا السؤال من النوع الساذج أو التافه .. فالأمر حقيقة يؤرقني منذ فترة طويلة للغاية نظراً لأهميته وخطورته البالغة نظراً لتمتعنا بنظام تعلميي فاشل منذ عقود، لم أنشأ على حب القراءة بسبب المدرسة ولا يعود الفضل اليها في ذلك في أي مرحلة من مراحل عمري، الا أنني أذكر أن ولعي بالقراءة بدأ منذ أهداني والدي رحمه الله قصة صغيرة في مجال الخيال العلمي للكاتب اللامع الدكتور نبيل فاروق، وهي المجموعة التي صاحبتني وداومت على قراءتها حتى التحقت بالجامعة حيث اتسعت دائرة القراءة ولإطلاع .

ولا اعتقد انه كان من الممكن ان تصبح القراءة جزءاً هاما في حياتي لولا ما فعله والدي معي حين سافرت خارج مصر - وخارج عالمنا العربي بالطبع- رأيت شغف الناس بالقراءة .. و رغم أن أسعار المطبوعات في الخارج ليست بالرخيصة إلا أني رأيت حرص العديد من الناس على استغلال الوقت الذي يستهلك في المواصلات في القراءة .. صحيفة .. كتاب عادي.. كتاب مقدس .. وبالتالي فلا وقت لدى الناس في المواصلات لأن يتطفلوا على من بجانبهم ليشاركوهم قراءة ما هو مسجل على هواتف الآخرين المحمولة او مشاركتهم في قراءة صحفهم او كتبهم وبالتالي لا وقت للمشاحنات والمشاجرات.. فالكل مشغول بنفسه وبحاله .

وما أود قوله في هذا السياق هو أنه لا يمكن لأي عاقل أن يتصور أن أمة ما ستنهض وتتقدم وشعبها لا يقرأ .. ولو حتى تاريخه .. فالأمر ليس مجرد رفاهية وانا اعلم وأدرك تمام الإدراك أن الأزمة الاقتصادية والسياسية الطاحنة في مصر تأكل في طريقها الأخضر واليابس، وللأسف نجحت هذه الأزمة - بغض النظر عن كونها مدبرة او غير مدبرة - في أن تحول حياة المصري الى مجرد ساقية يدور فيها وهو مغطى العينين ولا يدور في خلده طوال حياته الا أمرين: ان يتزوج و ينجب وأن يحصل على المزيد والمزيد من المال دون الالتفات الى مدى ما تمثله القراءة من أهمية في مسيرة حياته ودون الاهتمام بما يدور من حوله في وطنه .

أعود مرة أخرى إلى نظامنا التعليمي الذي لا يخرج لنا إلا مجموعة من الأشخاص والذين يخطئ بعضهم بعد التخرج في الكلية أو المعهد أو حتى المرحلة الثانوية في كتابة اسمائهم، و لا نعلم كيف تخطى هؤلاء الاختبارات في مادة اللغة العربية أو في أي مادة أخرى، ولا كيف انتقلوا من مرحلة دراسية إلى التي تليها ولا حتى كيف تخرجوا في الجامعة .

في أوروبا والدول المتقدمة -أرجوكم انا اتحدث عن أفضل ما يمكن أخذه منهم ولا علاقة للأمر بالدين أو أي شيء آخر- يوجد مكون في غاية الأهمية من مكونات النظام التعليمي في المراحل العمرية الصغيرة وهو أن يقرأ الطالب كتاباً ويكتب عنه ملخصا يناقشه مع باقي الطلبة في فصله .. وهذا الكتاب غالبا ما يكون خارج المنهج المقرر على الطالب دراسته وفي مجالات مختلفة وتتناسب طبيعة الكتاب مع المرحلة العمرية للطالب .

ولو اننا فكرنا في كم المميزات التي قد نتحصل عليها من اتباع هذه الطريقة لاحتاج الأمر لمقالات أخرى.. يكفي منها أنها تخرج الطالب من إطار الحفظ و"الصم" إلى إطار التفكير والقراءة بعمق.. اكساب الطالب الشجاعة والقدرة على مواجهة الآخرين والتعبير عن نفسه .. قد يخجل في البداية ويتلعثم ولكنه في النهاية سيصل الى تكوين شخصية ثابتة شجاعة لا تخشى المواجهة .

ولعلنا ندرك جميعا كيف يصاب طلابنا بالهلع والرعب اذا ما اشار اليهم المحاضر او المدرس للإجابة على سؤال ما او حاول احدهم الإدلاء برأيه وسط زملائه أمام المدرس أو المحاضر ان واتته الشجاعة لفعل ذلك ابتداء.. او كيف يتضرج وجه الطالب او الطالب بحمرة الخجل اذا ما فكر في رفع يده للسؤال عن أمر ما .. ليخرج لنا جيل لا يقرأ ويخجل من المشاركة في النقاش وليس لديه اي حصيلة ثقافية او فكرية .. ولا يعلم شيئاً الا بعض المعلومات التي علقت في ذهنه عما درس وهو ما سينساه بعد سنوات قليلة ليصرخ بعدها لاعناً البطالة ومعلقاً عليها وعلى غيرها من الشماعات المتعددة فشله الشخصي، ناسياً انه لا يصلح من الأساس للعمل.

قد يتهمني البعض بأنني اتحدث في موضوع سابق لأوانه.. وأن علينا أولاً الحديث في الإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة التحرش الجنسي والمخدرات .. وهذا منهج عقيم في الإصلاح .. فلا يمكن لأي مجتمع -أقول مجتمع وليس حكومة- اذا ما اراد ان يصلح من أحواله أن يقرر أن يصلح الاحوال السياسية اولا ثم ينتهي منها ليبدأ الاصلاح الاجتماعي .. ثم يبدأ بعدها في اصلاح التعليم .. بل إن كل هذه الأمور لابد وأن تسير جنبا الى جنب .

ليس مطلوب منا كمواطنين ان نقوم بدور الحكومات - ولن تسمح لك الحكومة في عالمنا العربي بذلك- ولكننا يمكننا ان نقوم بدورنا كمجتمع مدني يستطيع نشر ثقافة القراءة او عدم القاء القاذورات في الشارع او غيره .. فأنت كمواطن في العالم العربي لا يمكنك ان تفكر في تطوير النظام التعليمي او المطالبة بتوسيع هامش الديمقراطية لأنك من الأصل لا تطالب بحقوقك و التي لا تعرفها، ولو أن كل مواطن عرف ما له في وطنه وأصر وتمسك بحقه في الحصول عليه، ولو أننا أنشأنا ابناءنا على القراءة والمعرفة لكنت تنظر الآن إلى مصر أخرى غير التي نعرفها اليوم .

أعلم أن لدينا أمية تصل نسبتها الى 40% حسبما ورد في إحصائيات غير رسمية، فيما تقول التقارير الحكومية إنها 27% فقط، وأعلم أن مافيا التجار في مصر اشعلت أسعار الورق ولوازم الطباعة، وهي قد أشعلت قبلها أسعار كل ما يتصل بالطعام ، وأعلم ان عدداً كبيراً من المواطنين يفكرون بطريقة "اقرا ولا بتمن الاكل اجيب 3 كيلو لحمة للعيال" .. ولكل من يفكر بهذه الطريقة اقول: اذا كنت انت قد فقدت الفرصة فى أن تكون القراءة جزءاً من تكوينك الشخصي فأرجوك لا تكرر الخطأ نفسه مع اولادك وحاول ان تغرس فيهم هذا الأمر وان تحقق فيهم ما لم تستطع انت تحقيقه وسترى جيلا جديداً غير الذي تعرفه مصر او اعتادت على ظهوره في الآونة الأخيرة .

ان شعباً لا يقرأ - ولو حتى تاريخه - لهو شعب يستحق ان يفعل به الأفاعيل .. فإذا كنت لا تهتم بأن تعرف حقوقك القانونية او الدستورية .. واذا كنت لا تعرف "ازاي ما تنضربش على قفاك" وإذا كنت ترى أن القراءة ماهي إلا رفاهية لا يملكها إلا القادرون فأبشر بمزيد من التخاذل والهوان والتراجع في كل مناحي حياتك .

ولا يستطيع أحد أن ينكر أن الحركة الثقافية في مصر قد شهدت حراكا ملحوظا خلال السنوات الخمسة الماضية، وأزعم ان بدايتها كانت مع رواية "عمارة يعقوبيان" الصادمة والتي خرجت عن المألوف مما دفع العديد من الشباب بوجه خاص الى اقتنائها -وهو الأمر المدهش والمثير والدافع للأمل- وصارت الراوية هي الأكثر مبيعاً في مصر خلال عقود، واستمر الحراك حتى وصلنا إلى فوز روايتين مصريتين في عامين متتاليين بجائزة بوكر العالمية للرواية العربية هما "واحة الغروب" للرائع بهاء طاهر و"عزازيل" للباحث والاديب يوسف زيدان، بجانب تربعهما على قائمة الروايات الأكثر مبيعاً مع روايات وكتب أخرى لخيري شلبي وجلال أمين وغيرهم من الكتاب المعاصرين والذين يعود اليهم الفضل في هذه الثورة الثقافية .

والشاهد من كل ما سبق أننا نستطيع أن نلمس أن عدداً كبيراً من المصريين ومن الشباب تحديداً قد لمسوا مدى أهمية القراءة في حياتهم وأيقنوا بأنه لا مستقبل ولا طموح ولا تطور لمن لا يقرأ ولا يطور من نفسه سواء في مجاله أو في غيره، واعتقد أن هذا مما يبشر بالخير في شباب مصر في الأيام المقبلة .

ملحوظة: اذا كنت لا تستطيع الحصول على كتاب نظراً للظروف الاقتصادية السيئة.. حاول ان تجرب سور الأزبكية .. فليس المهم هو شكل الكتاب وفخامة طباعته وتجليده .. المهم هو ما سيضيفه الكتاب الى ما في رأسك من ثقافة ومعرفة .

ملحوظة أخرى: يضيع من يومنا 8 الى 9 ساعات في النوم ، 2 إلى 3 ساعات في المواصلات ، ساعة او اثنتين قبل النوم ساعة او اكثر في الحمام .. تخيل عدد الكتب التي كان من الممكن ان تقرأها وفكر كيف كانت ستصبح شخصيتك اذا ما استغللت ساعة واحدة فقط في اليوم في قراءة كتاب!

اجمالي القراءات 4309
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   محمد عبدالرحمن محمد     في   الجمعة ١٧ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[37216]

الأمل في ثورة الأنترنت

أحيي كاتب هذا المقال على حرصه على شعبه وغيرته عليه ، وأشاركه الرأي والتمنى في أن تصبح شعوبنا العربية شعوبا قارئة ، وأنه لا أمل في أي شئ بدون وعي ولا وعي حقيقي بلا قراءة متفحصة وواعية ، ولذلك أقول أن الأمل في الخلاص من هذا المطب الكارثة هو الدخول في عصر الأنترنت بقوة حيث أن الانترنت يشجع على القراءة والكتابة أيضا ..


2   تعليق بواسطة   خـــالد ســالـم     في   الجمعة ١٧ - أبريل - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً
[37222]

المشكلة فعلا فى المواطن المصري أن عمره ما قال على أي حاجة ما بعرفش

عادة سيئة جدا في معظم المصريين وهي استحالة مقابلة شخص وسؤاله عن شيء ويجيبك أسف انا لا أعرف فالجميع يعرف كل شيء ويفتى فى كل شيء  ويتحدث في كل شيء سواء اكان عنده معلومات صحيحة فى الموضوع أو لم يسمع عنه مطلقا فلو سألت مواطن منين بيودي على فين سيقول لك امشي على طول وادخل شمال في يمين المهم إنه يستحيل ان يظهر نفسه امامك أنه لا يعرف إجابة السؤال ولا يمكن ان يسمح لأحد ان ينظر له نظرة الجاهل المهم ما يعنينا في هذا المقال الجميل الذي يحمل بين طياته خوفا كبيرا على شعب أصبح  فهلوى مثل الشعب المصري أقول إن مستقبل مصر في خطر كبير من النواحي الثقافية والسبب من وجهة النظري المتواضعة يكمن في جيل المستقبل فلو نظرنا لهذا الجيل الذي سيكون عماد المستقبل ونواته وحجر الأساس فيه نجد الآتي شباب مهمش فكريا وشباب ضائع وشباب يائس وأبعد ممكن ان يفكر فيه هو اللجوء للقراءة والبحث عن كتاب او مقال فهذه الأمور أبعد ما يكون عن تفكير شباب اليوم وللإنصاف انا أتحدث عن شباب في سن معينة حتى لا أظلم بعض الشباب الناضج النابه لمتطلبات الحياة وتطورات العصر فما أقصدهم بكلامي هم شباب في السن يترواح بين 16 سنة و28 سنة تقريبا وأرجو ان أكون قد أصبت في هذا التقدير وفي هذا الوصف فهؤلاء الشباب همهم الوحيد هو متعلق بالإنترنت والموبايل وأحدث الأغاني وأحدث الأزياء وأحدث قصات الشعر وأحدث الطرق لمعاكسة البنات وأفضل الطرق لتعليق البنات (الحب يعني) وأحدث القفشات والكلمات التي اختروعها فيما بينهم لدرجة غريبة جدا بحيث لو جلس رجل في سن الخمسين وسط مجموعة من الشباب في سن العشرين مثلا لا يمكن ان يفهم لغةتهم التي يتحدثون بها فيما بينهم وهذا هو الخطر العالم كله يسير في اتجاه وشبابنا يسير فى اتجاه عكس التيار تماما بعيدا عن احتياجات المستقبل ومتطلباته ولغته وبذلك أقول غن مستقبل مصر في خطر لأن مستقبلها سيكون متعلق بيد هؤلاء الشباب وهذا الجيل الخاوى السطحي الذي لا يفهم أو يستطيع التفريق بين حقوقه وواجباته فهو يعيش حياته لحظة بلحظة غير عابيء بالمستقبل ، ومع الأسف الشديد ان هؤلاء الشباب أو معظمهم عندما يريد أن يغير أسلوب حياته يقع فريسة سهلة في يد السلفيين يغسلون مخه غسلا جيدا ويملؤونه تطرف وارهاب يعني تغير من سيء لأسوأ وهنا يكمن الخطر الكبير على مستقبل هذا البلد ومن هنا تظهر أهمية القراءة في بناء العقول وتحصينها ضد التطرف وضد أي شيء يضر بمستقبل مصر أمنا جميعا أو ام الدنيا وطننا الذي نريده أفضل الأوطان



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق