مسرحية تونسية رافضة "للحجاب" تشهد إقبالا واسعا في سوريا

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ٢٣ - أبريل - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: alarabia


لاقت مسرحية تونسية رافضة "للحجاب" إقبالا واسعا في العاصمة السورية حيث وقف ممثلو مسرحية "خمسون" للمخرج التونسي الفاضل الجعايبي, متأثرين امام التصفيق الحار والطويل للجمهور الذي وقف ليحي عملهم الاثنين 21-4-2008 في دار الاوبرا بدمشق.



وقدمت المسرحية التي كتبتها الممثلة جليلة بكار بالاشتراك مع زوجها الجعايبي, في اربعة عروض قدم آخرها مساء الاثنين قبل ان تنتقل لتعرض في بيروت.

وتأثر الممثلون بعد صدمة احدثتها ضآلة الجمهور في العرض الافتتاحي, اذ لم يتجاوز عدد الحاضرين المئة شخص. لكن العرض الثاني حظي بجمهور فاق جمهور الافتتاح بعدة اضعاف. وعرضت المسرحية في اطار احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية 2008.

وصرح المخرج الجعايبي ان احد اهم الاسباب التي دفعته للعمل على هذه المسرحية مع زوجته ان "المنطلق الاول للمسرحية هو خشيتنا انا وجليلة, من ان ترتدي ابنتنا الحجاب". واضاف "لنا بنت عمرها 19 سنة بعيدة كل البعد عن ان ترتدي الحجاب لكن حتى أمل (شخصية رئيسية في المسرحية) كانت بعيدة عن ذلك ايضا. وليس هناك مكان لتهدئة الضمير والقول ان ابنتي تختلف عن تلك البنت في المسرحية".

وشخصية امل هي محور المسرحية. فمن خلالها نتعرف على والديها المناضلين اليساريين وعلى حال اليسار السياسي في تونس.



وعندما تختار ارتداء الحجاب نتعرف على اجواء المتطرفين التي تنخرط فيها. فالى جانب الصراع بين خيار الابنة والرفض التام له من قبل الاب الذي صار اخرس بعد التعذيب الذي لقيه في الاعتقال السياسي, وموقف الام الوسطي والمعتدل, هناك صراعات متعددة تتولد من حدث واقعي تستند اليه المسرحية.

وهذا الحدث هو قيام معلمة محجبة بتفجير نفسها في ساحة مدرسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2005, عندما كانت قمة "مجتمع المعلومات" تعقد في تونس.

وتشاء الصدف ان تكون المعلمة الانتحارية زميلة لامل وهو ما يقود الى اعتقال الاخيرة مع زميلات اخريات, وتعذيبهن على يدي الامن التونسي, في مشاهد حاولت المسرحية نقل عنفها الى الخشبة.

وتقدم المسرحية ادانة "موضوعية" لموقف الاب كما يوضح الجعايبي. وقال الجعايبي ان "شخصية الاب هي جزء لا يتجزأ مني من مساري الفني. انا احارب كي لا اصبح اخرس واقدم يوسف (الاب) كمثال لا يحتذى. لا بد من مواصلة الكفاح بكل الوسائل للتصدي للجهل والعنف بكل اشكاله والدفاع عن الحقوق الانسانية الدنيا في كل العالم".

وتقدم المسرحية نظامين سياسيين حكما تونس كوجهين لعملة واحدة هما "القمع والتعسف" اذ ترد حوارات ومشاهد عن تعذيب الاب على يدي "جلادي" نظام الحبيب بورقيبة الذي طارد الحركات السياسية اليسارية. كما تعرض مشاهد تعذيب النظام الحالي لمتدينين يستجوبهم في قضية تفجير المدرسة.

وقال المخرج ان "النظام الذي طارد اليسار والنظام الذي يلاحق التطرف الاسلامي هو النظام التعسفي الارهابي نفسه الذي يستخدم الادوات والوسائل نفسها تحت الشعارات الجوفاء نفسها عبر تقسيم العالم الى ابيض واسود".

وتعرض المسرحية نماذج متنوعة ومتفاوتة في صفوف اليسار التونسي وكذلك في اوساط المتطرفين. واكد الجعايبي "لا استطيع الكتابة بكراهية, فهذا شان الحاكم والسلطة وسعيي الاكبر هو الفهم". واضاف ان "التطرف الاسلامي لم تمطر به السماء. انه صنيعة هذا النظام والذي سبقه وصنيعة الغرب وصنيعة الانسان التونسي", مؤكدا اهمية تحمل المسؤوليات التي يتوزعها جميع الاطراف بما فيها المسؤولية الفردية.

وفي احد حوارات المسرحية, تصرخ الام (التي تلعب دورها جليلة بكار) معلنة رفضها ان تكون "اسيرة تطرفين" بين زوجها واوساط الاسلاميين.

واعتمدت المسرحية التقشف في الديكور. وقال الجعايبي انه يتبنى "التقشف ولا احبذ الثرثرة. لا الكلامية ولا المشهدية, واتوخى آليات مبسطة وبليغة", مؤكدا انه لا يستسهل الواقع "بل نغوص في تشعباته ونوصلها في هذا الضرب من ضروب السهل الممتنع, الذي هو شغلي الشاغل".

ويوضح المخرج التونسي ان شعار "مسرح نخبوي للجميع" الذي يتبناه, بدا طوباويا عندما بدأ مسيرته المسرحية في السبعينات. الا انه الآن "واقع عملي", كما يقول, مشيرا الى انه قدم 65 عرضا لمسرحيته "خمسون" في تونس كان فيها شباك التذاكر مغلقا في قاعة تتسع لألف شخص.

وتتم حوارات المسرحية باللهجة التونسية. ورفض الجعايبي الاتجاه الى ترجمة اللهجات العربية الى الفصحى عند تقديم اعماله في نطاق غير محلي, مؤكدا ان اللهجة التونسية المحكية "لغة قائمة لها قواميسها وقوانينها وحسها وانا مدافع شرس عنها". واضاف "اما الترجمة الى العربية فتكرس الكسل والاقصاء والتهميش, والافضل هو قيام المخرج بجهد تجاه اللهجات الاخرى".

وقدمت مسرحية خمسون للمرة الاولى في 2006, بعد مرور خمسين عاما على استقلال تونس عام 1956. وأحدثت جدلا واسعا بعد ان منعت وزارة الثقافة آنذاك عرضها, شهرا ونصف الشهر, فقدمت لأول مرة على مسرح "الاوديون" في باريس, قبل ان تقدم في تونس.

وقدم الجعايبي, الذي يعتبر شخصية بارزة في المسرح العربي المعاصر عروضا لاقت إقبالا كبيرا في جولاتها العالمية, ومنها "كوميديا" (1991), "فاميليا" (1993), "عشاق المقهى المهجور" (1995), جنون (2001).

اجمالي القراءات 1382
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق




مقالات من الارشيف
more