الفقراء وشباب الإنترنت يهددون نفوذ الشرطة

اضيف الخبر في يوم الجمعة ١٦ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: الفجر


الفقراء وشباب الإنترنت يهددون نفوذ الشرطة

 

الفقراء وشباب الإنترنت يهددون نفوذ الشرطة

منال لاشين

حين بدأ عرض الفيلم الأخير للمخرج الكبير يوسف شاهين (هي فوضي) انحاز البعض لفكرة ان الفيلم رمزي، وان امين الشرطة الفاسد (حاتم) يرمز إلي فساد الكبار، فلم يتصور بعض النقاد والكتاب والمثقفين ان مجرد امين شرطة لديه كل هذا النفوذ الهائل الذي ملكه البطل الذي جعل شعاره في الفيلم (اللي ملوش خير في حاتم، ملوش خير في مصر)، وقبل هي فوضي اختار المخرج الكبير داود عبد السيد مخبرا آخر ليدخل لعالم الشرطة ولكن المخبر في فيلم داود (مواطن ومخبر وحرامي) ينجح في التعايش مع كل من المواطن والحرامي معا ويقتنع المواطن ان التفاهم مع الحرامي والمخبر خارج القسم افضل من التعامل بالقانون داخل مؤسسة الشرطة واقسام البوليس بها. فالمخبر يقف في الدرجات الاخيرة في سلم الشرطة، ولكن نفوذه يعكس نفوذ المؤسسة التي ينتمي اليها.

وعمليا وتاريخيا تتمتع مؤسسة الشرطة بنفوذ هائل ليس فقط في مواجهة الشعب، ولكن في مواجهة الوزارات والمؤسسات الاخري، فقد كان الحل الامني هو الخيار الاسهل والاقرب في مواجهة الأزمات والمشكلات السياسية والاقتصادية، وقد منح هذا الوضع جهاز الشرطة نفوذا هائلا علي جميع المستويات في مجلس الوزراء، وفي اقتراح الحلول، فرأي الامن وصوته يعلوان علي جميع الاصوات الاخري.

ويكفي ان تتقدم الداخلية برقم في الموازنة العامة لتتم الاستجابة لها علي الفور وبدون مناقشات من وزارة المالية لأن الداخلية تحل مشكلات الوزارات الاخري أو بالاحري خطايا المؤسسات والوزارات الاخري، ولكن استمرار هذا الوضع الآن وفي ظل المتغيرات الجديدة يبدو صعبا وخطرا.

وتصلح قضية تعذيب ومقتل الشاب خالد سعيد لدراسة هذه التغييرات وربما تشكل وقفة مهمة في استمرار النفوذ التقليدي للشرطة. فقد هز خالد سعيد بصوره بعد الوفاة بوجه مشوه يشي بقسوة التعذيب وصلات الانترنت، وتحولت إلي مظاهرات لم تشهدها مصر من قبل، فالكل أصابته صدمة وهول المشهد.وبدا الامر كأن خالد سعيد هو اول ضحية للتعذيب، وقد لا يعلم الآلاف الذين نظموا مظاهرة الجمعة الماضية بالاسكندرية كثير أو قليلا عن تقارير المنظمات المصرية والعالمية عن التعذيب في مصر، منذ سنوات مللت من عدها ننشر تقارير المنظمات بعبارات من نوع(التعذيب المنهجي)، و(التعذيب المؤسسي)، وقصص شهادات اهالي الضحايا، واحيانا يتدخل القدر وينقذ بعض ضحايا من التعذيب فيرون بانفسهم وقائع التجاوزات. وقد أصاب الذهول شابا كان يبحث عن اخر اخبار قضية تعذيب خالد سعيد علي شبكة الانترنت، فظهر له 6.1 مليون عنوان عن التعذيب في مصر، وتأتي مواقع نشر اخبار وكليبات التعذيب علي راس المواقع الاكثر إقبالا في مصر، ولذلك فقد كان من البديهي ان يكون الانترنت وكاميرات المحمول هي اول خطر فضح التعذيب والتجاوزات للشرطة، وفي رد فعل سريع للداخلية تم منع دخول المحمول أو إغلاقه في اقسام الشرطة. وهو اجراء وقائي لمنع مزيد من النشر والفضائح، وليس لمنع التعذيب ذاته، فالغرض كان حماية سمعة الشرطة.

ولكن ثمة متغيرا جديدا في القضية يتعرض لنفوذ الشرطة ويفرض عليها تغييرا ما في اداء عملها، تغييرا يناسب المهام الجديدة التي تواجهه الشرطة

لم تعد الشرطة تواجه الارهابين أو الخارجين عن القانون، ولم تعد مواجهتها الاولي مع بعض مئات أو ربما عشرات من الناشطين السياسين. فاللعبة الآن مع فئات اخري، ومواجهة الشرطة الآن مع الشعب بالمعني المباشر والحرفي للكلمة.

كل يوم تخرج فئات جديدة إلي الشارع في احجتاج واضراب أو اعتصام، وتسجل منظمات حقوق الانسان المعنية برصد مظاهر الغضب ارقاما قياسيا عن اعداد الحركات الاحتجاجية في جميع شوارع مصر، وفي المصانع والشركات، وفي شهر فبراير الماضي رصدت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية اكثر من 62 حركة احتجاجية، ما بين اضرابات واعتصامات ومظاهرات لم يكن للاخوان سوي مظاهرتين فقط، وللاقباط ثلاث، ومظاهرة واحدة فقد لنشطاء سياسيين. والاحتاجات الباقية كانت لفئات من المواطنين يطالبون بتوزيع الخبز بالعدل، واسترداد اراضيهم الزراعية ومنازلهم من جهات حكومية، ويطالبون بالتعيين بدلا من العقود المؤقتة والعلاوة ووقف النقل التعسفي. وتترواح اعداد المشاركين في هذه الحركات الاحتجاجية ما بين 5000 مواطن حتي مواطن واحد. وفي كل مرة يختفي المسئولون عن المشكلة التي فجرت الغضب، وتبقي الشرطة في مواجهة الشعب.

وهذا وضع جديد علي الشرطة، وعلي أسلوب عملها. فقد ركزت الشرطة لسنوات طويلة علي الاخوان والنشطاء السياسيين.

وأصبح لدي اجهزة الامن تراث من الخبرات والمعلومات عن اسباب ومواعيد نزول هذه الفئات إلي الشارع.

ولكن المواجهات الجديدة مع فئات الشعب تأخذ شكلا مختلفا، فالناس تعاني من انقطاع مياه الشرب لمدة 6 سنوات، ثم تثور فجأة في موجة احتجاج عارمة وتقطع الطريق الدولي، وتواجه الشرطة مواطنين فقراء وغلابة، ويسهل التعاطف معهم رغم رفض طريقة تعبيرهم عن الظلم، وفيما يمكن للشرطة تحديد أعداد المتظاهرين السياسيين ولو بشكل تقربيي، فإن احتجاجات المواطنين العاديين تظل مجهولةالملامح والحجم للشرطة إلي حد بعيد.لا يسهل التنبؤ أمنيا بوقوع قتلي أو جرجي في طوابير العيش أو السولار أو انابيب البوتاجاز - ولذلك يبدوالخيار امام الشرطة صعبا لان خيارا يتعلق بحجم النفوذ الذي حصلت عليه هو خيار ما بين الحفاظ علي نفوذها المترامي والمتعمق والمترسخ مع استمرار مواجهاتها مع الشعب كل يوم وعلي الهواء مباشرة بفضل المحمول والانترنت، أو الاستغناء عن زمن هذا النفوذ ودعوة الجهات المسئولة عن تفجر الاعتصامات والاحتجاجات إلي مواجهة أخطائها وخطاياها بنفسها بدلا من الاعتماد علي الحل الامني، ولا يحتاج الامر إلي ذكاء شديد ليدرك المرء صعوبة الاختيار القاسي بين الامرين، ولكن استمرار الاوضاع اصبح امرا مروعا، وتكلفته السياسية صارت باهظة، وهذا الوضع يتطلب ان تدرس مؤسسة الشرطة بنفسها في حوار داخلي او مراجعة ذاتية حلولا غير تقليدية لمواجهة سيل المواجهات اليومية مع فئات من الشعب.

فئات تركت السياسة للحكومة والاحزاب، ولا تهتم كثيرا او قليلا بالتعديل الدستوري أو قضية التوريث.وربما يكون من اسباب التعاطف الشعبي الجارف مع خالد سعيد أنه كان مواطنا عاديا، شاب مثل ملايين الشباب المصري، لا يشارك في المظاهرات ولا يطالب بحصته في ثروة البلد أو حكمها، فشعر الآلاف بتغيير قواعد اللعبة مع الأمن بشكل خاص والدولة بشكل عام، فقد كانت الصفقة غير المعلنة دوما ان تترك الناس السياسة لاهلها مقابل الامن والستر وحد العيش بالمستوي الادني من الكرامة. وقدانقلبت هذه الصفقة في حالة خالد سعيد وفي مئات الاحتجاجات الاخري لفئات المجمتع، ففي الحالتين دخل الاثنان مواجهة امنية عنيفة رغم أنهما التزموا بقواعد اللعبة ونص الصفقة، ومع ذلك شعروا ان شبح الموت يطارد ابناءهم في مقاهي الانترنت، وان سيف التعذيب والاهانة علي رقابهم لمجرد المطالبة بنصيبهم في الصفقة، هذا الانقلاب في المعادلة يخص المجتمع بأكمله والدولة بمعناها الواسع والحكومة وجميع مؤسساتها، ولكن في القلب منه تقف الشرطة مطالبة بالاختيار بين ان تتقدم المؤسسات الاخري وتقف في مواجهة الفقراء أو تدعو الاخرين بقليل اوكثير من التواضع لمواجهة مسئولية أخطائهم.

اجمالي القراءات 2512
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   السبت ١٧ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49368]

هل أصبح المواطن المصري يقوم بتعذيب رجال الشرطة في أقسام البوليس

  الصحافة المصرية الصفراء القومية منها والخاصة .. تخوض حرب شعواء ضد المواطن المصري وتتهمه بإنه يعتدي على ضباط الشرطة وأن ضباط الشرطة مع أن معهم قانون الطوارئ أصبحوا ضعفاء في مقابل المواطن المصري الفظيع ..
وبذلك فإن عادل حمودة التائه أصبح ألعوبة في يد جهاز الشرطة هو وجريدته الفجر يعمل لصالحها في مقابل المواطن المصري المفتري كما يزعمون ..
هذه الصحافة الحقيرة التي تقود حملة مضادة للحملة التي تقودها الصحافة الحرة ومنظمات حقوق الإنسان ضد التعذيب الذي يجرى على قد الوساق .. هذه الصحافة ألقت بنفسها في أحقر مكانة حيث انها تتهم الضحية بإنه الجاني وتظهر الجاني بإنه ضحية .. يعني بالمفتشر أصبح خالد سعيد جاني وقاتليه هم الضحية ..!!
لقد سقط عادل حمودة في فخ القذارة وأصبح في وضع لا يحسد عليه وأنتقل بقلمه من خانة الضعفاء وحقوقهم لخانة الأقوياء وبطشهم .. هنيئا لعادل حمودة وامثاله من المنافقين والتائهين .. وندعو لهم بإستمرار التيه أكثر وأكثر ..
أدعو الله سبحانه وتعالى أن يتعرض عادل حمودة لمثل هذا الظلم الذي تعرض له خالد سعيد وأسرته ..
هل أصبح المواطن المصري يقوم بتعذيب رجال الشرطة في أقسام البوليس ...هذا ما تحاول إثباته هذه الصحافة الحقير وصحفييها الحقراء ..!!

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق