الإرضاع".. هل يقود إلى ضبط الفتوى بالسعودية؟

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٩ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: اسلام اون لاين


الإرضاع".. هل يقود إلى ضبط الفتوى بالسعودية؟

الإرضاع".. هل يقود إلى ضبط الفتوى بالسعودية؟

 
 

فتحي عبد الستار / إسلام أون لاين

 

جدة- مثلت الفتوى أهم صور الخطاب الإسلامي المعاصر بأنساقه المختلفة في زمن كَثُرَ فيه سواد المسلمين، وتعددت ثقافاتهم وبيئاتهم، وتباينت ظروفهم، وتزايدت رغبتهم في المعرفة الدينية والشرعية، وكان للمملكة العربية السعودية - نظرا لمكانتها الدينية - نصيب الأسد في حراك الفتاوى الشرعية التي كانت - ولا تزال - ذا أثر كبير على الرأي العام واتجاهاته، ليس في السعودية فحسب، بل في جميع أقطار العالم الإسلامي.

 

إلا أنه ومؤخرًا خرجت أصوات عدة تنادي بـ "ضبط" الفتوى وحصرها على العلماء المعتبرين، بعد أن أصبحت الفتوى - بحسب بعضهم - مجالاً للجدل والتنافر، خاصة بعد خروج فتاوى اعتبرها البعض خارجة عن السياق، أحدثت الكثير من الجدل، مثل فتاوى: إرضاع الكبير للشيخ عبد المحسن العبيكان، وإباحة الغناء بضوابط للشيخ عادل الكلباني، وإباحة الاختلاط في الأماكن العامة للشيخ أحمد الغامدي، وهدم المسجد الحرام وإعادة بنائه لتجنب الاختلاط فيه للشيخ يوسف الأحمد.

 

وأشار المنادون بضبط الفتوى إلى أن تركها بدون ضبط للمصادر المحددة والمعتمدة أحدث تخبطًا كبيرًا في قضايا التحليل والتحريم والإجازة والنهي، وأحدث خلطًا في المسائل الفقهية والشرعية عند كثير من العامة.

 

 

حق لكل العلماء

الدكتور عبد المحسن العبيكان، المستشار الشرعي بالديوان الملكي قال في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت": "إنه لا يوجد في السنة النبوية أو كلام الفقهاء ما يدعو  لحصر الفتوى في أشخاص أو جهة معينة"، مؤكدًا أن هذا لا أصل له في الشريعة، ولا يمكن تطبيقه أبدًا، وفيه تضييق على المسلمين، وتابع العبيكان: "إن كانت الفتوى مما يتعلق بالشأن العام فهذا من اختصاص ولي الأمر، وهو الذي يستشير من يشاء من أهل العلم، أما بالنسبة للأمور المتعلقة بعامة أفراد المسلمين، فإن كل من عنده فقه شرعي جاز له أن يفتي".

 

وحول المطالبة بتنظيم الفتوى وحصرها في هيئة كبار العلماء، أوضح العبيكان أنه من الصعوبة بمكان أن تجتمع هيئة كبار العلماء لتفتي مثلاً في مسألة سهو صلاة  أو صيام  أو حنث يمين، مشيرًا إلى أن المفتي السابق للمملكة الشيخ عبد الله بن باز (رحمه الله) طالبه أناس  في زمنه بحصر الفتوى، فرفض ذلك رفضًا قويًّا وامتنع عن الاستجابة لأي مطلب من هذا النوع، بحسب العبيكان.

 

وموافقًا لهذا الرأي، أكد الدكتور أحمد الغامدي، رئيس عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة، في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" أن مسألة ضبط الفتوى بمعنى المنع ليس فيها نص شرعي، معتبرًا أن المرجعية للدين محددة بالكتاب والسنة، وأضاف الغامدي: "ينبغي أن يكون هناك استيعاب لكل ما يطرح من إسهام وآراء، وعند التنازع والاختلاف يرد إلي الكتاب والسنة وإلى الفهم الصحيح فيهما"، وأشار إلى أن الصحابة والتابعين كانوا على هذا النمط، ولهذا ذخرت المكتبة الإسلامية بآراء ووجهات نظر وفتاوى كثيرة.

 

كما أبان الغامدي أن تنظيم الفتوى إذا كان بمعنى توظيف من يتكلم في مسائل الدين وإرشاد الناس فلا بأس؛ لأن هذا سيساعد على ضبط وتصويب جهود العاملين في مجال الدعوة، واستدرك قائلاً: "لكن إذا كان هذا بمعنى القصر والمنع فهذا لم يعرف في التاريخ الإسلامي،  لكن هذا لا يمنع أن  تكون هناك جهة فتوى مختصة يعتمد عليها ولي الأمر ويحيل إليها ما يراه، أما حصر الفتوى في أشخاص معينين فأعتقد أنه سيفقر الساحة الدينية، وليس له جدوى للأمة الإسلامية".

 

صعب في عصر الفضائيات

من جهته، استصعب الدكتور سعود الفنيسان، عميد كلية الشريعة سابقا بجامعة الملك سعود، استصعب عملية تنظيم الفتوى وحصرها في أشخاص معينين في ظل التقنية الحديثة وعصر الفضائيات والإنترنت، مضيفًا في حديث خاص لـ"إسلام أون لاين.نت": "من كان عنده علم يجب عليه أن يؤدي علمه، فإذا سؤل فعليه أن يجيب، وإذا لم يجب أُلجم بلجام من نار يوم القيامة، أما الجاهل في المسألة وإن كان يعلم مسائل أخرى فحرام عليه أن يفتي فيها أو أن يجيب السائل بجواب لا علم عنده فيه".

 

وأكد الفنيسان أن ضبط الفتوى لا يستقيم إلا بتربية الضمير لدى الفقهاء وطلاب العلم، لافتًا إلى أن خطأ الفتوى الصادر من أهل العلم  يصحح ممن هو أعلم منهم، أما من كان يتصدر الفتوى وهو جاهل لا يعرف له علم ولا ينتسب إلى أهله، فينبغي حينئذ على الجهة الإدارية وليست العلمية أن تمنعه وأن تتخذ الإجراء المناسب بحقه، كأي مخطئ ارتكب خطأ بحق الأمة، مثله مثل السارق والغشاش، وذلك لأنه تصدى لما ليس له علم به، وشكك الناس في دينهم، فيجب على السلطة أن تمنعه كما تمنع المجرمين والمفسدين.

 

لا يجوز شرعًا

أما الدكتور يوسف الأحمد، عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض، فقال في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت": "إن الضابط في مرجع الفتوى هو الكتاب والسنة وفق فهم صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)" وأضاف: "أما منع أهل العلم من بيان الحق فلا يجوز شرعًا لما يترتب عليه من كتم الحق"، لافتًا إلى أن قصر الفتوى على الجهات الرسمية فيه مفاسد كثيرة، كعدم تلبية حاجة الناس، واختيار ما يناسب الساسة وليس الأعلم الأورع، وقال: "نحن نعلم أن غالب الدول العربية لا تحكم بالشريعة، فكيف نستأمنها على الفتيا؟!!".

 

وأضاف الأحمد: "إن الإشكال إنما هو في تلاعب غير المختصين كالذين يسمون أنفسهم بالليبراليين وأهل الأهواء، ويهدمون بكلامهم أصول الاستدلال، ويصادمون نصوص الكتاب والسنة، وقال: "نلحظ الآن أن الفتوى تخرج من صحفيين وكتاب أعمدة، وهم من أبعد الناس عن العلم الشرعي، ومع ذلك يردون على العلماء وعلى أساتذة الشريعة  بغير علم"، وأردف قائلاً: "هذا الذي يحتاج إلى ضبط".

 

ومن المقرر أن يشهد مجلس الشورى السعودي في الفترة القادمة نقاشًا نيابيًّا بعد أن تقدم أحد أعضائه بتوصية تطالب الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، بسن مشروع يضبط إصدار الفتاوى، هذا وينتظر أن يناقش مجلس الشورى قريبًا التوصية التي تتضمن إصدار تراخيص رسمية للمفتين الرسميين، وأن تكون رئاسة الإفتاء مرجعية في القضايا الحساسة والمصيرية، وأن تتولى مهمة محاسبة بعض من يصدر حكمًا وهو غير أهل للفتوى.

   
 


اجمالي القراءات 3135
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عبدالمجيد سالم     في   الجمعة ٠٩ - يوليو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
[49112]

ضبط الفتوي يستلزم ضبط المرجعية ..!!

للأسف كل هؤلاء يدورون في حلقة مفرغة .. وكلما داروا كلما بعدوا عن المركز .. وسيظل البعد يزداد كلما لفوا وداروا .. ولنقل لهم للمرة الألف أنه لن يضبط حال الفتوى إلا إذا حددت مرجعية الفتوى بكل دقة .. هل هي قرآنية فقط ..!! أم انها ستعتمد على العنعنات وأقوال ما أنزل الله بها من سلطان .. لذلك ندعوهم لأن تكون مرجعيتهم القرآن فقط .. إن أرادوا ان يضبطوا حال الفتوى ..إلا ستتحول الفتوى إلى فتة ...

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق