ثلاثة أسئلة

الإثنين ١٨ - مارس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السؤال الأول : أهلا دكتور صبحي منصور، لم أر في القرآن سببا يمنعني إذا مات أحد، مثلا أن أساعد فقيرا أو يتيمًا أو محتاجًا وأطلب منه ذلك لهذا الشخص المتوفي . اسأل الله الخير والبركة . ولم أرى في القرآن أي تحريم لذلك . وصدقت أن هذا الدعاء ليس له أثر في حسنات الإنسان، ولكن كون الميت قد نال محبة من يتصدق عليه بعد موته. كسب حب هذا الشخص هو عمل صالح . وهذا هو السبب في أنه ممكن . بارك الله فيه أيضا . إعطاء مكافأة جيدة . ويعني أن الشخص المتوفى يحصل على حب الشخص قبل وفاته ، هو الذي على استعداد للتصدق لهذا الشخص الذي نال حبه . حسنًا، إن الحصول على محبة هؤلاء الأشخاص هو عمل صالح، وله أجره عند الله . السؤال الثانى ما معنى ( الركن ) فى قول لوط لقومه ( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) هود ) السؤال الثالث : هل الكلمتين القرآنيتين ( قبائل ) و ( قبيل ) بمعنى واحد ؟
آحمد صبحي منصور :

 إجابة السؤال الأول :

الانسان فى حياته مأمور بالايمان بالله جل وعلا مخلصا له الدين ، وأن يعمل صالحا . والعمل الصالح ليس العبادات فقط ، ولكن تشمل أيضا كل عمل أو قول نافع يُفيد الناس . بموت الانسان تعود نفسه الى البرزخ وتبقى فيه الى قيام الساعة والبعث . فى البرزخ لا شعور بالزمن ، ولا تدرى النفس الميتة بالأحياء ، ولا يتصل بها الأحياء . وحين البعث تأتى ومعها كتاب سعيها فى الدنيا . لا يتضمن كتاب سعيها دعوات الآخرين لها ، وحتى لا يتضمن كتاب الأعمال نتائج أو عواقب عملها الصالح أو عملها الضار الذى عملته فى حياتها . فمن أنشأ بيتا للفجور أو مسجد ضرار يتم تسجيل هذا وقتها وزرا عليه . مواصلة بيت الفجور عمله بعد موت صاحبه لا يضيف سيئات لصاحبه الميت ، وكذا إضلال مسجد الضرار لا يضيف سيئة بعد موت منشئه . ونفس الأعمال الصالحة . من بنى مستشفى لعلاج الفقراء أو دار رعاية للايتام يتم كتابة عمله حينها ثوابا له. إذا مات إنقطعت علاقته بهذا العمل الصالح ، سواء إستمر المستشفى فى العلاج واستمرت دار الأيتام فى عملها أو حدث فساد . نتذكر قوله جل وعلا عن سعى الانسان فى حياته وأنه ليس له سواه وأنه سوف يراه :( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) النجم ) ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة )  

إجابة السؤال الثانى :

قال جل وعلا : ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77) وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) هود ) المفهوم هنا إنهم إقتحموا عليه بيته يريدون الفسق بضيوفه فتمنى أن تكون له قوة أو ركن شديد يأوى اليه . أى أن كلمة ( ركن ) تعنى القوة . ونعلم أن لوطا وفد الى هذا المكان مهاجرا من العراق ، وعاش بين أولئك الناس ، وأرسله الله جل وعلا رسولا لهم وكانوا قدإعتادوا الشذوذ الجنسى . 

2 ـ وجاءت كلمة ( ركن ) أيضا عن فرعون . قال جل وعلا : ( وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) الذاريات ). فرعون تولى بركنه أى بقوته وجنوده ، وإنتهى مصيره وجنود الى الغرق.

إجابة السؤال الثالث :

( قبيل )

جاءت هذه الكلمة مرتين فى القرآن الكريم . قال جل وعلا :

1 ـ عن طلب الكفار آيات حسية كان منها : ( أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) الاسراء ). أى أن يؤتى بالله جل وعلا وبالملائكة قبيلا أى ضامنين ومصدقين .

2 ـ عن الشيطان الذى يرانا ولا نراه : ( يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ  ) (27) الاعراف ). الشيطان كائن برزخى مثل الجن . كان إبليس من الملائكة من الملأ الأعلى منهم ، وعندما عصى طرده الله جل وعلا من الملائكة فأصبح إسمه الشيطان وفى درجة الجن . ونحن لا نرى عوالم البرزخ من الملائكة والجن والشياطين . وقد كان آدم وزوجه يريانه وهما فى الجنة البرزخية . وقد أغواهما فأكلا من الشجرة المحرمة ، فأهبطهما الله جل وعلا الى الأرض المادية التى نعيش فيها . ولا يستطيع أبناء آدم رؤية الشيطان وذريته وعوالم البرزخ أى (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ  ). ( القبيل ) هنا تعنى النوع المتشابه .

(قبائل )

مفردها ( قبيلة ) ، وجاءت مرة واحدة فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1121
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   حمد حمد     في   الإثنين ١٨ - مارس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95145]

كل عام وانتم بخير د أحمد المحترم


جزاك الله خير الجزاء بالدنيا والآخره وبارك بعمرك وعلمك. لدي سؤال الله جل وعلا عندما جعل ابليس من الجن وطرده من رحمته كيف دخل جنة المأوى التى عاش فيها آدم وزوجه ، وهل لازال ابليس يستطيع دخول جنة البرزخ التي تعيش فيها من يقتل في سبيل الله جل وعلا مع خالص التقدير لكم. 



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ١٩ - مارس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95148]

جزاك الله جل وعلا خيرا استاذ حمد ، واقول :


بطرد إبليس من الملأ الأعلى صار أو أصبح فى برازخ الأرض حيث يعيش الجن . ومنها كان البرزخ الذى فيه الجنة التى عاش فيها آدم وزوجه ، وباسمه الجديد الشيطان كانت قصته معهما وخداعه لهما. كانا يريانه ويراهما . بهبوطهما الى الأرض المادية لم يعودا يريانه . ونفس الحال مع ابناء آدم . ولكنه فى البرزخ ـ ونحن نتكلم ليس عنه بالذات بل عن ذريته ـ لهم إتصال بالبرزخ الذى جاءت منه الأنفس . فالنفس كائن برزخى . والنفس إذا عميت عن ذكر الرحمن يتوظف لها قرين من الشيطان يضلها ويقنعها أنها على هدى . وهناك بالطبع ملائكة كتابة الأعمال ( رقيب وعتيد ) موكلان بكل نفس . ثم يكونان من يقبض النفس عند موتها ، ثم يوم القيامة يكون أحدهما سائقا والآخر شهيدا . 

أما عن الجنة البرزخية لمن يقتلون فى سبيل الله جل وعلا فلا أعتقد أن الشياطين يدخلونها . لأن إتصالهم بالأنفس البشرية هى للوسوسة والغواية لمن لا يزالون يعيشون فى الدنيا . أما الذين انتهت حياتهم الدنيوية وإجتازوا إختبارهم فلا شأن للشيطان بهم .  

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 4985
اجمالي القراءات : 53,492,733
تعليقات له : 5,329
تعليقات عليه : 14,629
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


النسخ وتنويه هام : السلا م عليكم ورحمت ه الواس عة, رجاء ممكن...

الدعاء بلا صوت: هل ممكن الدعا ء لله فى نفسى بدون صوت وهل من...

مستحقو صدقاتك: من حين لآخر أقوم بدفع الصدق ات لبعض الأقا رب ...

المقام المحمود: قرات فى موقعك م عن معنى مقاما محمود ولكن لم...

معنى اطيعوا الرسول: معنى اطيعو ا الرسو ل ان كلمة الرسو ل هى...

الوشم حلال أم حرام ؟: هل الوشم حرام ؟ علما بأن هناك وشوم جميلة...

كثرة الملحدين: • است اذ احمد الملح دين بقوا كتير في الوطن...

تعدد الزوجات من تانى: لا أوافق ك على ان التعد د فى الزوج ات مباح...

الرسول والرسالة: سؤالي هو حول قوله تعالى ما غنمتم من شيء فان لله...

لا تناقش الكافرين : كنت اناقش احد البخا ريين في موضوع الصلا ة ...

المهر والتركة.: كان العرف في الارد ن قبل مءة عام مهر البنت...

لا يجوز ..: هل يجوز لي من فضلك قراءة من المصح ف في...

المسلم الظاهرى: هل مسلم ينطق بشهاد ة هو کافرا ذا لم يصلي حسب...

الاستخارة : احببت ان اسئلك عن الاست خاره التي اذا هم...

السلفيون : Hi Dr. Mansour, I just read your article about Al Salafeyyou n. It is a great...

more